عودة إلى المعارض

معروضتي الغالية


المقدمة والمفهوم بقلم:

رافائيل تشاناي
مدير المعارض والتفسير

متحف التاريخ الطبيعي، لندن
لندن، المملكة المتحدة

Twitter

 

  وجهات نظر  

معروضتي الغالية

العاملون بمراكز العلوم ومتاحفها يتحدثون عن العلاقة المميزة التي تجمعهم
بغرضٍ أو معروضة ما أثرت فيهم بعمق

 

| الوقت المُقدر للقراءة: 22 دقيقة (1–3 دقائق لكل حوار)

 

هذه المقالة منشورة في مجموعة مقالات سبوكس Spokes بعنوان «مجموعات» Collections

 

لتتبع صدى موضوع المعروضات وكيفية إدراك الزوار لأصالتها، كما استكشفه آن، وديلان، وويلوميت في بحثهم في مركز ناتشوراليز (Naturalis)، تركز الحوارات التالية على العلاقة اليومية بين العاملين بالمراكز والمتاحف العلمية مع الأشياء والمعروضات التفاعلية وغيرها من التحف الفنية الموجودة في معارضنا. بالنسبة إلى الزوار، فإن هذه المعروضات هي ما قد تجعل زيارتهم مميزة جدًّا؛ وبالنسبة إلينا، فهي ما نعمل معها، ونقدرها، أو نعاني من صداع يومي بسببها، نظرًا لتعقيد عمليات صيانتها.

لقد أرسلنا نداءً بنهاية العام الماضي، داعين قراء مجلة سبوكس أن يخبرونا قصة علاقتهم مع معروضتهم المفضلة التي يتفاعلون معها بصورة يومية. وقد تسلمنا مشاركات من أمناء ومساعدي معارض، وتقنيين، ومطوري معارض، ومفسرين، ومديرين: قصص من حول العالم، تتراوح بين الشاعرية المثيرة للاهتمام لغرفة السحاب ومعناها الكوني، وبين بهجة إعادة بناء معرض تفاعلي مرارًا وتكرارًا، والرسالة السياسية التي تحملها قطعة فنية، أو حتى المعنى النسبي الجديد الذي اكتشف لمثقاب الأسنان الذي يدار بالقدم ويعود إلى القرن التاسع عشر...

 


باتريشا سترازيلسكا
محررة بقسم المعارض

مركز كوبرنيكوس العلمي
وارسو، بولندا

Email

 

تستخدم غرفة السحاب لكشف الإشعاع النووي عن طريق رصد آثار الجسيمات الأولية. صممها الفيزيائي الإسكتلندي تشارلز ويلسون عام 1900.
تصوير: أجاثا شتيفر.

 

أريد أن أخبركم عن معروضة معروفة منذ 118 عامًا؛ وأنا متأكدة أنكم أيضًا تعرفونها جيدًا. ستجدونها في معظم مراكز العلوم ومتاحفها المعنية بالتكنولوجيا؛ بل وربما بنيت واحدة في المدرسة. غرفة السحاب معروضة بسيطة، عبارة عن حوض مائي كبير يتطلب مكانًا مظللًا؛ فتسمح لك برؤية ما لا تراه العين عادةً: أثار تركتها جسيمات أولية. تلك الإشعاعات الكونية التي لا نشعر بها، ولا ندرك وجودها عادة. لماذا تشغل تلك المعروضة مكانًا مميزًا في قلبي؟ أفضل ألا أطير فوق الغلاف الجوي للأرض، لذا لن أتمكن مطلقًا من رؤية الكون بعيني. الشيء الوحيد المتبقي لي هو مراقبة النجوم؛ ولكن الماضي هو ما أراه بسماء الليل. ربما بعض النجوم لم تعد موجودة اليوم؛ فأنا أرى ضوءها فحسب، والذي استمرت رحلة سفره لعدة سنوات ضوئية قبل الوصول إلى الأرض.

 

  تسمح غرفة السحاب بالشعور بحقيقة الكون  

 

إلا أن غرفة السحاب هي شيء يجعلني أدرك – هنا والآن – مكاني بالنسبة إلى الكون، ويسمح لي بالشعور بحقيقته. بالإضافة إلى ذلك، فإن آثار الإشعاعات الكونية مرتبة بتصميم جميل إلى حدِّ لا يُصدق؛ فتثبت تلك المعروضة أن العلم مصدر إلهام فني، ويجب أن يكون كذلك. عادةً، خلال استراحة الغداء، أفر إلى المعارض وأحدِّق في غرفة السحاب؛ تلك العادة اليومية تعيد إليّ نسب المقاييس والمعاني، فتعطيني المنظور الصحيح.

 


مايف ماكجراث
مساعد عمليات وموظف استقبال وخدمة عملاء

معرض علوم دابلن
دابلن، أيرلندا

Twitter

 

«كرامات» (Dignities) من أعمال ثمبينكوسي جونوي، من معرض «التصميم والعنف»
بمعرض العلوم بجامعة ترينتي، دبلن.

 

معروضة «كرامات» مبنية على مفهوم بسيط؛ صورتان لشخصين جالسين يضعان ضمادتين لاصقتين على وجهيهما. أما بالنسبة إلى الرجل الأبيض، فلون الضمادة متوافق جدًّا مع لون بشرته الطبيعي، إذ تكاد تكون غير ملحوظة؛ وأما بالنسبة إلى الرجل الآخر، فإنها ملحوظ بدرجة كبيرة، وهو أول ما تقع عليه عيناك. المعروضة تسلط الضوء على العنصرية الممنهجة التي يواجهها ذوو البشرة الملونة، حتى في الأشياء البسيطة جدًّا. عندما صادفت هذا العمل لأول مرة، فكرت في ملايين اللاجئين الذين فروا من منازلهم التي دمرتها الحروب، باحثين عن مأوى؛ فقط حتى يُتركوا ليغرقوا على بوابات قلعة أوروبا.

 

  في بادئ الأمر، أغضبني هذا العمل  

 

أغضبني العمل لأنني شعرت أن هناك مسائل أكثر أهمية جراء العنصرية. وبينما كنت أمرُّ بالمعروضة يوميًّا في أثناء تأديتي لروتيني اليومي لتشغيل باقي المعرض قبل أن نفتح أبوابنا، أو إطفاء الآلات الطنانة لتعمل فور إغلاق الأبواب، بقيت أعين الشخصين في ذهني. هذان الصديقان، معلم وطالب، تفرق بينهما فجوة اصطناعية أنشأها المجتمع، بغرض التماس العذر للعبودية أولًا، واليوم لتبرير إطلاق الأعيرة النارية على الأبرياء ذوي البشرة الملونة. بقيت النظرة المضطربة للشاب الأصغر سنًّا معي بعد إغلاق الأضواء وذهابي إلى المنزل؛ فأفكر كيف أن العنصرية هي غيمة فوق كل نفس وكل خطوة يأخذها كثيرون.

 


أرنفين ستيندال روكن
المدير والرئيس التنفيذي

مركز تروندهايم العلمي
تروندهايم، النرويج

Twitter | LinkedIn

 

مثقاب أسنان قديم يُدار بالقدم يعود إلى النصف الثاني للقرن التاسع عشر.
تصوير متحف سفيريسبورج ترونديلاغ الشعبي

 

في عام 2012، استضاف متحف الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا في تروندهايم بالنرويج المعرض المتنقل «أفغانستان – كنوزٌ مخبأة»، وعملت مديرًا محليًّا للمشروع. وقد بقي أمينان من المعرض الأفغاني في تروندهايم بالنرويج خلال العرض؛ ولأنهما كانا سيمكثان في تروندهايم لمدة أربعة أشهر، أردنا إتاحة المجموعات والمعارض المحلية لهما.

عندما يأتيني زوار في تروندهايم، أحب أن آخذهم إلى مكتب طبيب الأسنان الذي يعود إلى القرن التاسع عشر في متحف سفيريسبورج، لإلقاء نظرة على أدوات طب الأسنان القديمة. إنها مجموعة لطيفة، ولكن الأهم من هذا أنه موضوع عالمي. فدائمًا ما يتشارك الناس قصصًا بينما نناقش الأدوات، وبالنسبة إلى الزوار الذين يعيشون في مجتمع من الرفاهية الحديثة، نستنتج عادةً أن التكنولوجيا جعلت حياتنا أفضل ويجب أن نكون ممتنين لأننا على قيد الحياة اليوم، على الأقل فيما يتعلق بطب الأسنان.

لذا، فقد أخذت ضيفي الأفغانيين إلى مكتب طبيب الأسنان في المتحف، وأريتهم مثقاب الإسنان القديم الذي يُدار بالقدم ويعود إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر. الفكرة هي أن تحرك قدمك بوتيرة ثابتة ليبدأ عمل المثقاب؛ وسيشعر المريض بأي خطأ في توقيتك، فيمكنك فعليًّا الشعور بهذا الإحساس في أسنانك عند دراسة المعروضة. وقد أصبح زائري مهتمين جدًّا بالجهاز، وبدءا مناقشته بلغتهما؛ وحيث أنني لم أكن أفهم ما كانا يقولان، فقد افترضت أنهما يجريان المحادثة المعتادة التي استمعت إليها مرات عديدة من قبل حول المثقاب. بعد عدة دقائق، أشركوني في المناقشة، ودُهشت أنهما كانا يتناقشان في مدى عملية وذكاء مثل هذا الجهاز إذا استخدم في المناطق الشمالية لأفغانستان؛ فهذه المناطق تعاني من نقص الكهرباء، ومن مشكلات عديدة تتعلق بصحة الأسنان. فمن شأن مثل هذا المثقاب مساعدة عديد من الأشخاص، وإراحتهم من الألم، وتحسين ظروف الصحة العامة؛ وفي لحظة، تغير مفهومي عن المعروضة. فما اعتبرته معروضة من حقبة أخرى ليس لها تطبيقًا عمليًّا معاصرًا أصبح أداة فعالة؛ حلاّلًا للمشكلات؛ جهاز يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالعالم اليوم، ولكن ليس «جزئي» من العالم. شعرت بالإحراج؛ فأنا متخصص في تنظيم المتاحف وإدارتها، وقد عملت بالمتاحف لمدة اثني عشر عامًا، ولا أعلم كم مرة رأيت فيها تلك المعروضة، ولكنني لم أستطع فهمها خارج سياقي الخاص – نرويجي في القرن الواحد والعشرين – أعيش في مجتمع مرفه ذي معايير تكنولوجية عالية. في الوقت نفسه، كانت لحظة من الوضوح المبهج؛ فقد تعلمت حقًّا شيئًا عن القصص المحتملة التي تنطوي عليها المعروضات. وقد بين لي النقاش مع ضيفي الأفغانيين احتمالية وجود تفسيرات وتوسيع نطاق التفاهم الثقافي الذي لم أعيه إلى تلك اللحظة؛

 

  لقد ساعدني ذلك في النظر إلى معروضات المتاحف بحس أكبر من النسبية  

 

لقد ساعدني هذا المثقاب على سدِّ فجوة في فهمي للمعروضات؛ فأعطتني تلك الدقائق القليلة التي نظرت خلالها إلى معروضة بالمتحف من منظور مختلف القدرة على رؤية معروضات المتحف بحس أكبر من النسبية، وأقل من التحيز الثقافي.

لا زلت آخذ الزوار إلى مكتب طب الأسنان، ولكني متأكدًا أن نقاشاتنا عن الجهاز أصبحت أغنى وأكثر تحفيزًا من السابق، عندما كنا نكتفي بالضحك والارتجاف لما رأيناه جهازًا بشعًا من الماضي.

 


ريبيكا بوتيجيج
مفسرة

مركز إسبلورا التفاعلي العلمي
كالكارا، مالطا

 

معروضة «شكل أقوى». استعمل الصامولة والبراغي والقطع الخشبية لبناء الهياكل؛
تذكر أن المثلث أقوى من المربع!

 

معرض الهندسة لدينا هو المفضل بالنسبة لي، لأنه مليء بالاحتمالات، وأنا أستمتع بمعروضة البناء «شكل أقوى» بشكلٍ خاص لأنها تجمع شيئين أكن لهما حبًا جمًّا: الهندسة والتعلم. هناك شيء مميز حول تعليم طفل كيفية استخدام برغى وصامولة لوصل قطعتين خشبيتين، إذ تلمع عيناه ويبدأ فورًا في تكوين تحف فنية. أستمتع بالمساعدة على تكوين الهياكل الكبيرة، وشرح كيفية استخدام المثلثات لتثبيت هيكل متأرجح، أو كيف يمكن لمسمارٍ في المكان الصحيح أن ينقذ الموقف، ولكن أكثر ما أحبه هو بريق الفخر في عيني بنّاءٍ صغير.

 

  إنها تجمع شيئين أكن لهما حبًا جمّا: الهندسة والتعلم  

 

في الأوقات الهادئة، أحب إخراج القطع من صندوق التخزين والبناء بنفسي... ما الهيكل الأكثر ثباتًا الذي يمكنني بناءه؟ والأطول؟ إلى أي مدى يمكن أن تصل وصلتي المقصية؟ لهذا أحب الهندسة؛ فهناك دومًا بناء جديد لعمله سعيًّا وراء الإجابة!

يمكن أن يكون تفكيك هيكل ما أمرًا محزنًا، ولكن من المريح أيضًا التفكير في أن كل قطعة تجلس بصندوق التخزين إلى جانب جارتها، وأن تلك الصفوف الخشبية المرتبة تحمل وعودًا بالبناء التالي. وهي لا تُخزن في الصندوق طويلًا؛ فلا أستطيع مقاومة إخراج بعض القطع وبناء «دعوة للعب» من أجل الزائر التالي!

 


هيلجان فان دير مير
مركز نيمو العلمي
أمستردام، هولندا

Twitter | LinkedIn

 

نسخة من تلسكوب بلانك. تصوير: متحف نيمو العلمي / ديجيدان

 

افتتح معرضنا الجديد «الحياة في الكون» في أكتوبر عام 2017، ويضم نسخة طبق الأصل من تلسكوب بلانك؛ إحدى المعروضات المفضلة لدي. إنها النسخة التجريبية التي استخدمتها وكالة الفضاء الأوروبية لتطوير التلسكوب؛ لأن كل معدات الفضاء يجب أن تكون نظيفة للغاية ولا يمكن المخاطرة بحدوث تلف ما، أُجريت جميع الاختبارات على تلك النسخة بدلًا من التلسكوب الحقيقي الذي أُطلق بالفعل. لقد أُطلق تلسكوب بلانك الأصلي بنجاح عام 2011 ليقيس أول ضوء أُنتج بعد الانفجار العظيم، واستخدم العلماء «صورة الطفولة» تلك لكوننا لحساب عمره بدقة: 13.82 مليار سنة. أعتقد أنه من المذهل أن هذا التلسكوب استطاع التقاط تلك الصورة، وأنه يمكننا تعلم كثيرًا عن كوننا فقط من خلال «النظر إليه»!

 

  لقد سعدت لحصولي على الفرصة لعرض تلسكوب بلانك،  

  حتى وإن كان ذلك يمثل تحديًّا أيضًا بسبب حجمه الكبير جدًّا  

 

بحكم عملنا مُطوري معارض، كنت أنا وزملائي في غاية السعادة لحصولنا على فرصة عرض تلسكوب بلانك ضمن معرضنا الجديد. ولكن الأمر شكل تحديًّا أيضًا بسبب حجمه الكبير جدًّا؛ فهو كبير لدرجة أنه لا يتسع للدخول من الأبواب أو في المصعد. لذلك، وفرنا رافعة لحمله إلى داخل المبنى عبر النافذة التي بالكاد اتسعت له. وليكون التحدي أصعب، ضربت أول عاصفة خريفية في اليوم الذي قررنا رفعه فيه... كنا جميعًا متوترين ومتحمسين عندما رُفع تلسكوب بلانك من على الأرض لأول مرة. وبفضل سائق الرافعة الماهر، وصل التلسكوب سريعًا إلى الطابق الثالث لمتحفنا؛ حيث يتدلى الآن من السقف كجاذب رائع للأنظار.

 


أندريه جرانوم
معلم متحفي

المتحف النرويجي للعلوم والتكنولوجيا والطب، ومركز أوسلو العلمي
أوسلو، النرويج

Email

 

نسخة طبق الأصل صنعت حديثًا من غرفة «تيريلا» الشهيرة للعالم النرويجي كريستيان بيركلاند
التي تعود إلى نحو عام 1913، والتي يمكن إظهار مختلف الظواهر الفيزيائية الفلكية
وغيرها من الظواهر الكهرومغناطيسية داخلها ودراستها.

 

هناك غمغمة منخفضة في الغرفة شبه المظلمة، وفي مركزها يقف جسم كبير براق، وهو مصدر الصوت. أضغط على الزر الذي يشبه عيش الغراب لثوانٍ قليلة قبل أن أرفع يدي؛ حول القطبين الشمالي والجنوبي للكرة المصقولة، داخل الخزانة الزجاجية والمعدنية، يظهر الشفق الوردي الجميل. وعندما تصبح هذه الأضواء القطبية مرئية، ينخفض ​​جهد البدء من 1500 إلى 340؛ فيضيء القطب الكهربائي الذي يمثل الشمس ببراعة، مطلقًا مليارات الإلكترونات في الفراغ. تحاول عدة أطنان من الضغط الجوي تحطيم النوافذ الزجاجية السميكة، ولكنني أعلم أنها آمنة، بمعدل عشرة أضعاف.  أفكر بكريستيان بيركلاند، الذي يُحتفى به على نطاق واسع هذا العام؛ لقد مر بالضبط 150 عامًا على ميلاده، ومائة عام على وفاته، وربما 104 عام منذ آخر مرة شاهد فيها تلك الظاهرة نفسها داخل آلته «تريلا»، التي ألهمت هذا المعرض الجديد.

 

  اشتركت في عملية تصميم الآلة  

 

هذا المشروع الممتد لعدة سنوات قد آتى ثماره، وأصبحت قادرًا أخيرًا على عرض الشفق تمامًا كما كان البروفيسور بيركلاند سيراه منذ وقت طويل. زوارنا الأطفال مسرورون، ويلتقطون صورًا للتفريغات الكهربائية الحيوية بهواتفهم الخلوية، متلهفون لمشاركة معرفتهم الجديدة مع أصدقائهم. وللسنوات القليلة المقبلة، سأكون مسئولًا عن صيانة الآلة، وأنا أتطلع قدمًا لإصلاحها. ربما يجب أن أرتدي خُفين وقبعة مصرية، كما كان كريستيان بيركلاند يفعل غالبًا في معمله، أو ربما يجب السماح له باحتكار تلك الأفعال البسيطة غريبة الأطوار.

عندما يذهب الجميع، أفتح درع الأمان في الجزء الخلفي للآلة، وأضبط تدفق الهواء في الغرفة لأجعله أكبر قليلًا، لتصبح أضواء الشفق البيضاوية أكثر إشراقًا. ما زلت أتعلم.

 


إيما بيرنز
أمينة معارض، علوم طبيعية

متحف أوتاجو
نيوزيلاندا

 

حجر «توهورا موري» (Tūhura mauri) يظهر مع «واكابابا» (whakapapa) (عِلم الأنساب)،
يصف المنظر الكوني لشعب كاي تاهو (Kāi Tahu)، سكان الجزيرة الجنوبية لنيوزيلندا.
تصوير: متحف أوتاجو

 

حجر «توهورا موري» – يرحب الحجر بالزوار عند دخولهم مركز مجتمع توهورا أوتاجو العلمي، أول مركز علمي ثنائي الثقافة بنيوزيلاندا. في ثقافة «الماوري» (Māori)، تحمل أحجار الموري هدفًا وقوة للحياة. فيرسخ هذا الحجر الطابع المستتر والطبيعة الخفية للإطار كوني المنشأ لشعب «كاي تاهو»، سكان الجنوب في الجزيرة الجنوبية في نيوزيلندا المعروفة باسم «تي واي بونومو» (Te Wai Pounamu)، ويجسد مبادئ النهج الثنائي المشترك بين العلوم/ والمعارف التقليدية في ثقافة الماوري المعروفة بماتوراكا ماوري (mātauraka Māori) في المركز الجديد.

عادة ما تكون أحجار الموري مصنوعة من البازلت، أو الحجر الأخضر، أو الأرجليت؛ فيؤكد اختيار حجر السارسن الخرساني القادم من وسط أوتاجو على الابتكار ضمن التقاليد. وهو يوفر انعكاسًا قويًّا، ويثير مجموعة من المحادثات العلمية ومحادثات المعارف التقليدية في ثقافة الماوري تتعلق بالجيولوجيا، وتغير المناخ، والطقس، والكيمياء، والتكنولوجيا، والفضول، وعلم الفلك، والانقراض، والتماسك الثقافي.

 

  ولأن المقصود هو لمس حجر الموري، فإنه سيتغير بشكل تدريجي  

 

ولأن المقصود لمس حجر الموري، فإنه سيتغير بشكل تدريجي؛ حيث سيزول السطح البرتقالي الخارجي، كاشفًا عن جزء أكبر من النواة الرمادية السلسة، ويعكس هذا التغيير ذلك الإطار الثنائي مجددًا. من منظور ثقافة الماوري، ينمو حجر موري كلما لمسه مزيد من الناس؛ وهذا تعبير مجازي من وجهة نظر علمية، يذكرنا أنه بمرور الوقت يتغير ما كنا نعرف بأنه الحقيقة أيضًا: العلم يتعلق بالسؤال واختبار الحقيقة، وكشف مزيد من المجهول.

 


ماي مارمان
مطورة معارض

إكسبيريمنتاريوم
هيليروب، الدانمارك

Email

 

أحواض التدفق في البابليريوم (Bubblearium) – معرض فقاعات الصابون الجديد في مركز الإكسبيريمنتاريوم
تصوير: الإكسبيريمنتاريوم

 

أستطيع رؤية البابيلريوم من مكتبي، وهو معرض فقاعات الصابون الجديد في الإكسبيريمنتاريوم. أحب النظر إليه لأسباب عدة. أحب رؤية الدهشة في أعين الأطفال عندما يفرقعون فقاعة صابون أو عندما يصنع أحد الراشدين فقاعة هائلة حول مجموعة من الأطفال.

والمشهد الذي أحبه حقًّا هو الأحواض شديدة التدفق التي طورها فريقنا التقني. فالأحواض كبيرة ومستديرة وتعطي مساحة لكلٍ من أدوات فقاعات الصابون والأيدي، ما يسمح للزوار بتعلم حيل متنوعة لعمل فقاعات الصابون وإتقانها. وتجري مياه فقاعات الصابون الخضراء بتيار مستمر أسفل الأحواض، خالقةً تجربة بصرية جمالية.

 

  طور فريقنا التقني أحواض شديدة التدفق بهدف تحسين تجربة الزوار بشكلٍ كبير  

 

وكما يعلم محبو فقاعات الصابون، فإن الرغوة هي أسوأ عدو لها، إذ ستفرقع الفقاعة قبل أن تصبع كبيرة وجميلة. فإذا امتلأ حوض ماء صابون بالرغوة، يكون رد الفعل البديهي لمعظم الزوار أن نخفق الماء، ما سيتسبب فقط في خلق مزيد من الرغوة. وهذا غالبًا سيترك الزائر مع إحساس بالفشل، وبالتالي عدم الرغبة في استكشاف الظاهرة أكثر. تساعد الأحواض شديدة التدفق على تجاوز هذا، إذ تتدفق الرغوة من سطح الحوض وتختفي. ومع سطح خالٍ من الرغوة، يمكن دومًا للزوار صنع فقاعات كبيرة ورائعة. بفضل تلك التجربة الأولى الناجحة، لدينا فرصة جذب انتباه زوارنا وإمدادهم بأنشطة أكثر متعة في إطار علم فقاعات الصابون. وهذا مثال على قدرة الحلول التقنية على تحسين معروضة ما بشكلٍ رائع، ومدِّ الزوار بتجربة ناجحة مع العلوم، وهو أحد الأسباب التي تجعلني أستمتع بشكلٍ خاص بمشاهدة الزوار يتفاعلون معها.

 


لويجي أموديو
مدير

مؤسسة IDIS - مدينة العلوم
نابولي، إيطاليا

 

معروضة «فريهاند (اليد الحرة)» (FREEHAND) هي يد كهروميكانيكية تتحكم فيها إشارات كهرومغناطيسية.
كان التصميم تعاونيًّا، واعتمد على الإنترنت وإمكاناته.
وبفضل الطباعة ثلاثية الأبعاد، يستطيع كل من يُحمِّل الملفات طباعة نسخة.

 

تُعرض يد «فريهاند» الكهروضوئية في مركز علوم كوربوريا المعني بالجسم البشري، وهي أحد أكثر المعروضات المفضلة بالنسبة لي. أعتقد أن لكل معروضة حياتها وقصصها الخاصة، مع اختلافات تعتمد على السياق والسرد.

 

  إنها تمثل الأمل والاحتمالات في حين تستهدف الأسئلة والحوارات  

  بين الزوار في الوقت نفسه  

 

بالنسبة لي، تمثل «فريهاند» تطلعًا إلى مستقبل إيجابي ومبتكر. إنها نموذج للقدرات التي تظهر ثورة الذكاء الاصطناعي؛ ممثلة لمحة من الأمل والاحتمالات، وتستهدف الأسئلة والحوارات بين الزوار في الوقت نفسه. وتاريخ تلك اليد جزء ممتع آخر من القصة؛ فهي نتاج مبادرة الطب الحيوي المفتوحة التي استخدمت تكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد في دريم فابلاب (D.RE.A.M. FabLab) وهو معمل الصنع التابع لنا. وأخيرًا وليس آخرًا، يأتي استخدام تلك المعروضة وقيمتها. ففي مثل تلك اللحظة من التاريخ حيث ما زالت النزاعات قائمة، تستطيع تلك اليد الاصطناعية تغيير حياة عديد من الأشخاص. وأشعر بالذهول كلما مررت بتلك المعروضة، إذ أشعر بدفعة أمل تنطلق منها في إشارة إلى مستقبل متفائل يستخدم تكنولوجيا الثقافة المفتوحة والتصنيع الرقمي بشكل أخلاقي لحل المشكلات وتوفير الفرص بطريقة فعّالة.

 


نُشر المقال الأصلي باللغة الإنجليزية في العدد رقم 37 (يناير، 2018) من مجلة «سبوكس» Spokes الإلكترونية التي تصدرها رابطة مراكز ومتاحف العلوم الأوروبية Ecsite تحت عنوان:  Authenticity، ويمكنكم الاشتراك مجانًا في مجلة «سبوكس» من هنا.

قامت رابطة المراكز العلمية بشمال أفريقيا والشرق الأوسط NAMES بترجمة المقال ونشره باللغة العربية بتصريح من رابطة مراكز ومتاحف العلوم الأوروبية ومن المؤلف/المؤلفين، وتتحمل NAMES مسئولية هذه الترجمة.

لا يجوز إعادة إنتاج هذا المحتوى، سواء بالإنجليزية أو العربية، بأي شكل من الأشكال، دون الرجوع إلى رابطة مراكز ومتاحف العلوم الأوروبية Ecsite.