إذًا أنت تريد أن تبني مركزًا علميًّا جديدًا


بقلم: لي سكولنيك


نُشر المقال الأصلي باللغة الإنجليزية تحت عنوان So You Think You Want to Build a New Science Center في عدد يوليو-أغسطس 2019 من مجلة «دايمنشنز» Dimensions التي تصدرها جمعية مراكز العلوم والتكنولوجيا ASTC. قامت رابطة المراكز العلمية بشمال أفريقيا والشرق الأوسط NAMES بترجمة المقال ونشره باللغة العربية بتصريح من جمعية مراكز العلوم والتكنولوجيا ومن المؤلف/المؤلفين، وتتحمل NAMES مسئولية هذه الترجمة.

لا يجوز إعادة إنتاج هذا المحتوى، سواء بالإنجليزية أو العربية، بأي شكل من الأشكال، دون إذن كتابي صريح من جمعية مراكز العلوم والتكنولوجيا ASTC.


 

توضيح العرض الشامل للإكسبلوريوم Explorium،
وهو مركز علمي جديد أنشأته «شراكة سكولنيك للعمارة والتصميم»SKOLNICK Architecture + Design Partnership في إسطنبول، تركيا؛
حيث يعرض يقدم عرضًا وصفيًّا للمبنى والموقع، وصمم لتنمية الدعم المالي والعام.

تصوير «شراكة سكولنيك للعمارة والتصميم»

 

على مدار أكثر من ثلاثة عقود، حظيت «شراكة سكولنيك للعمارة والتصميم» بامتياز مساعدة عشرات المتاحف والمراكز العلمية في الانخراط في عمليات لتصميم والبناء المعقدة، وتوجيهها بأمان إلى وجهاتها المرجوة. وخلال هذه الرحلة، تعلمنا مجموعة هائلة من الدروس حول الإمكانات والعثرات، وحول ما يفترض أن ينجح ولكن في الواقع لا ينجح، وحول ما يبدو مستحيلًا ولكنه في النهاية يتجاوز كل توقعاتنا. لقد كانت تجربة دافعة إلى التواضع، وليست لضعاف القلوب. ولكن في النهاية، تشاركنا وعملاؤنا الشركاء في هذه المغامرات التي غالبًا ما تكون أبرز ما في حياتنا المهنية.

لا يوجد سبب للحفاظ على سرية المعرفة التي اكتسبناها على طول الطريق. فبصفتنا مصممين ومعلمين ملتزمين، وباعتبارنا من «أناس المتاحف» المتأصلين، فإن مسؤوليتنا المقدسة مشاركة ما تعلمناه لمساعدة زملائنا في التعرف على العملية التي سيشاركون فيها، والنجاح إلى أعلى درجة ممكنة. وبغض النظر عن التدريب وحتى الخبرة التي قد يمتلكها كبار المديرين التنفيذيين ومجالس الإدارة، هناك القليل مما يؤهلهم للمتطلبات الخاصة لمشروع التصميم والبناء الشامل.

ما يلي مجموعة منظمة (ولكنها عشوائية نوعًا ما) وشخصية بالضرورة من الوصفات، والتحذيرات، والنصائح حول ما يجب أن تفكر فيه، ومن يجب أن يُشارِك، وما الذي يجب أن تتوقع مواجهته، وكيفية تجنب العثرات وقياس المرتفعات. وتذكر أنه بغض النظر عن كم «تظن» نفسك مستعدّا بشكلٍ جيد، فإنها ستكون رحلة جامحة.

 

لماذا تفعل هذا؟

متى يكون المركز العلمي جاهزًا للتفكير في إنشاء بيتٍ جديد؟ يعد إنشاء مبنى جديد لمؤسسة قائمة، أو إطلاق وإنشاء مؤسسة جديدة تمامًا، بمثابة تعهدات ضخمة إلى حد ما على أي نطاق؛ لذلك من المهم أن تكون واضحًا تمامًا بشأن ما تأمل تحقيقه من خلال المشروع. هل يتعلق الأمر بتوسيع دائرة جمهورك؟ أو إعادة ابتكار علامتك التجارية؟ أو مراجعة مهمتك؟ أو إظهار رؤيتك للمستقبل؟ أو ربما يكون الدافع الرئيسي هو أنك تجاوزت حجم منشأتك ونفدت المساحة المتاحة للمعارض أو المكاتب أو التخزين أو الأماكن العامة أو تداول الزوار بشكل مناسب. وفي حين أن معالجة مخاوف المساحة العملية ستكون ذات أهمية حاسمة في أثناء عملية التخطيط، يجب أن تهيمن الأسئلة الوجودية على المناقشات والاستكشافات في بداية المشروع. فنحب أن نقول إننا نصمم «من الداخل إلى الخارج»، وهذا لا يشير حقًّا إلى ظاهرة مادية. ما نعنيه هو أنه من خلال فهم كل من الرؤية والرسالة الجوهرية، والأنواع الناتجة المقصودة من الخبرات والعروض المؤسسية، يمكننا تصميم مبنى يجسد الصفات الفريدة – الجوهر – التي ستساعد على ضمان أن ينتهي بك الأمر بنتيجة مناسبة وناجحة في نهاية المطاف.

لذا كن مستعدًا للتعمق، والبحث في الذات، والتشاور مع الآخرين، وربما الانخراط في التصور والتخطيط الاستراتيجي الميسر. وبقدر الإمكان، استمع إلى آراء مجتمعك المكون من الناخبين وأصحاب المصلحة، ثم استجيب لمصالحهم. فقط ضع في اعتبارك أنه كلما كانت أهدافك أوضح، زادت إمكانية تحقيقها فعليًّا.

 

في متحف الاستكشاف الابتكاري Creative Discovery Museum في تشاتانوغا بولاية تينيسي،
يضمن التوضيح الجيد لمكتب الدخول ومدخل متجر الهدايا، 
بالإضافة إلى نقاط البيع الثلاث، تدفقًا سلسًا لحركة المرور في البهو.
تصوير بيتر آرون/إستو

 

من الذي يمكنني أن أتوجه إليه؟

يفترض عديد من قادة المتاحف (أعضاء مجلس الإدارة والمديرين التنفيذيين على حدٍّ سواء) أنه لجذب الدولارات الكبيرة لدفع تكاليف مشروع رأسمالي كبير، يجب أن يكون لديهم «معماري نجم» لجعل مشروعهم أكثر بريقًا. وفي حين أنهم قد يكونون على حق إلى حدِّ ما، فإن نصيحتي هي: توعية المشتري (مصطلح قانوني يعني أنه على المشتري أن يعي وجود احتمال أن يكون الغرض المُشتَرى غير صالح أو لا يفي بغرض المشتري). وعلى الرغم من أنني أرغب عن تشويه سمعة مهارات أو ذكاء أي من زملائي، إلا أن تجربتي تفيد بأن المتاحف والمراكز العلمية تتمتع بدرجة أعلى من النجاح عندما تتعاون مع مهندس معماري يفهم كيفية عمل هذه المؤسسات، ذي تجربة إيجابية في تخطيط وتصميم هذه المرافق الفريدة. فأنت تريد شخصًا يساعدك في التنقل خلال العملية المعقدة، ليوجهك حول الحفر، ويكون على دراية بالمعالم المهمة، ويتحكم في سرعة الرحلة واتجاهها. هناك عديد من المزايا للقدرة على تجنب أنواع الأخطاء التي تحدث لمجرد أن فريقك المحترف لم يتعامل مع خصوصيات تصميم المتحف مرات كافية لإرشادك وحمايتك.

لا يمكنني إخبارك بعدد المرات التي رأيت فيها أبهية ومناطق دخول غير مصممة للتحكم المناسب في الحشود، والمباني التي لا تسمح باستقبال وتنظيم المجموعات المدرسية، وصالات العرض التي تفتقر إلى الإدارة السليمة للضوء الطبيعي والاصطناعي، وتجاهل متطلبات المساحات المرنة، والزوايا والمنحنيات التي تجعل تركيب المعروضات شبه مستحيلًا. وليس هناك ما هو أسوأ من اكتشاف وجود فجوات مكلفة و/أو ازدواجية بين الخطط والمواصفات المعمارية وتلك الخاصة بتصميم المعارض لأنها لم تكن متكاملة بشكل صحيح.

لذلك، سواء تواصلت مع بعض الشركات وأجريت معها المقابلات أو قدمت طلبًا كاملًا للمؤهلات (RFQ) وطلب عروض (RFP)، فاحرص على البحث عن المعماريين أصحاب الخبرة الكبيرة في إنتاج المساحات الوظيفية. ثم ابحث عن الأشخاص ذوي قيمة مضافة لعمل تصميم جميل يحترم احتياجات زوارك ورغباتهم. ولا تقلق، في هذه الأيام، يمكن لمعظم المعماريين إنتاج عروض مثيرة ومقنعة ستساعدك على بيع مشروعك.

 

عندما يدخل الزواربهو «موزايكو» Muzeiko، وهو مركز علمي للأطفال في صوفيا، بلغاريا، فإنهم يقابلون «شجرة» أيقونية عملاقة ومرحة.
تتحول هذه المرساة البصرية من الطبيعة في قاعدتها في المستوى الأدنى إلى التكنولوجيا العالية بينما تنفجر نحو الكوة على ارتفاع ثلاثة طوابق؛
حيث تعمل كأداة فعلية لإيجاد الطريق للتنقل في صالات عرض المعارض المختلفة.
تصوير رولاند هالبي

 

حتى الدرج في موزايكو يفَعَّل بشكل تفسيري.
فتدعو الرسومات المرحة الزائرين إلى حساب السعرات الحرارية التي يحرقونها في أثناء صعودهم الدرج ومقارنتها بالأنشطة الشائعة الأخرى.
تصوير رولاند هالبي

 

اجعله أفضل – التحسينات التي يجب مراعاتها

يمكنك الحصول على الأساسيات بشكل صحيح ومع ذلك لا تحقق نتيجة فائقة. ضع هذه الأشياء القليلة في الاعتبار وفكر في طرق أخرى يمكنك من خلالها وضع مشروعك «فوق القمة»:

  • فكر في نوع من الأيقونات الكبيرة الحجم التي تعلن عن هويتك بطريقة قوية، حتى بدون لافتات. ويفضل أن تكون هذه الأيقونة «المذهلة» تفاعلية، سواء في الخارج أو في الداخل، أو كليهما. فنعتبر دائمًا هذا جزءًا مهمًا من موجز التصميم الخاص بنا.
  • كن طموحًا في تصميمك التفسيري. ادرك أنه لا توجد مساحة محصنة ضد التسريب الإيجابي للتعليم والمرح: الحمامات، والبهو، والخزائن، والمقهى، والدرج، والمصاعد. اكتشف الفرص لإثراء التجربة.
  • أظهرت الدراسات أن تقديم نوع من الطعام يطيل مدة الزيارات بنسبة تصل إلى 100٪. ولكن هل تريد أن تكون في مجال المطاعم؟ هل تريد التعامل مع مجموعة كاملة من لوائح إدارة الصحة وتقسيم المناطق؟ فكر في تأجير المساحة لمورد واحصل على نسبة صغيرة من الإيرادات إذا استطعت.
  • إذا كان موقعك يسمح بذلك، فكر في فوائد تقديم العروض والبرمجة الخارجية: أجنحة الظل، والمعارض الخارجية، وحدائق المنحوتات، والمناطق الطبيعية، ومناطق بناء المهارات الحركية الإجمالية، وما إلى ذلك.
  • كن نموذجًا يحتذى به للاستدامة البيئية في التخطيط والتصميم، واختيار المواد والأنظمة، واستخدام الطاقة والموارد، وتشغيل المرافق والعمليات البرامجية. لا ينبغي أن يُنظر إلى هذا على أنه تعزيز بل ضرورة أساسية. إذا لم يكن أنت، فمن؟

 

تصميم مبنى «موزايكو»: مع تحقيق هدف العميل المتمثل في تقديم شخصية حديثة تمامًا، إلا أنه يتضمن إشارات إلى هوية بلغارية فريدة.
فتشير «الجبال الصغيرة» الثلاثة إلى السلاسل الجبلية الثلاث التي تحيط بالعاصمة صوفيا، وكل جبل مُغلف بنمط مشتق من الحرف البلغارية التقليدية.
تصوير رولاند هالبي

 

من خلال توفير طعام عالي الجودة ومغذي للزوار وتصميم المقهى كجزء لا يتجزأ من المتحف، يقدم موزايكو تجربة شاملة وممتعة للزوار.
تصوير رولاند هالبي

 

أيضًا دمج متجر الهدايا في موزايكو بشكل كبير في مفردات التصميم؛ فموقعه بين مكتب الدخول والمقهى يعزز الجاذبية القوية والرعاية.
تصوير رولاند هالبي

 

بناء جديد مقابل التجديد / الاستخدام التكيفي

من المثير تصور مبنى من الصفر – مبنى يعمل بشكل مثالي لتلبية احتياجاتك وفي الوقت نفسه يوفر فرصة لابتكار شيء جميل وقوي ولامع وجديد. ولكن ضع في اعتبارك أيضًا أنه من وجهة نظر الاستدامة البيئية الحقيقية (وفي بعض الحالات، من أجل الحفاظ على التراث التاريخي)، يمكن أن تكون استراتيجية مجزية للغاية ومفيدة من الناحية الأخلاقية إعادة تصور وإعادة صياغة هيكل قائم لاستخدامك. ففي المواقف الحضرية، ستجد غالبًا أن الهيكل الحالي هو أفضل بديل لك (أو بديل معقول فقط)، وقد تعمل أيضًا كمحفز للتنمية الاقتصادية لحي مقوم بأقل من قيمته الحقيقية.

قد تكون هناك أيضًا فوائد مالية لهذا الاتجاه، ولكن لا تفترض أن هذا صحيح دائمًا. أجرِ تحليل للتكلفة والعائد قبل اتخاذ القرار، خاصة إذا كان هذا هو الدافع الرئيسي لديك للنظر في هذا النهج. وتذكر أن مشروعك قد يكون مثقلًا بعديد من متطلبات التعليمات البرمجية الإضافية، والترقيات الضرورية، وقيود المعالم، وعقبات الموافقات الإضافية؛ وكلها يمكن أن تضيف تكاليف وتأخيرات في الجدول الزمني.

 

يهدف الشكل الحديث الشامل للجناح الرئيسي لمتحف «فورتيكس» Vortex، وهو متحف للابتكار في دايتون بولاية أوهايو،
إلى إيصال رسالة واضحة عن الإبداع والتفكير المستقبلي.
تصوير «شراكة سكولنيك للعمارة والتصميم»

 

هنا مقابل هناك – ما الفرق؟

لقد كان لنا شرف التعاون في مشروعات التصميم مع منظمات في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وكذلك في البلدان الأخرى. فغالبًا ما يسأل الناس عن الاختلافات بين المشروعات الأمريكية مقابل المشروعات غير الأمريكية. بالطبع، هذا سؤال معقد وغالبًا ما يتلخص في أمور فردية متعلقة بالموقع المحدد للمشروع. على سبيل المثال، اضطرينا في بعض الأحيان إلى تكييف تصميمنا وتفاصيلنا مع القدرات المحلية واتفاقيات البناء في المنطقة المحلية المعينة. وعندما نتأقلم مع هذه المعايير، نجد غالبًا أن عملية تطوير المشروع، والمراحل، ومنهجيات تسليم المشروع تختلف اختلافًا كبيرًا عن تلك التي نعرفها. عامل آخر هو التكلفة؛ فسواء كنا نعمل في أجزاء مختلفة من الولايات المتحدة، أو أي مجموعة واسعة من الأماكن حول العالم، ستندهش من التباين في تكاليف البناء. كان البناء في بعض المناطق أقل بأربع مرات مما هو عليه في مدينة نيويورك، على سبيل المثال. وبالطبع، تختلف قوانين البناء على نطاق واسع أيضًا، على الرغم من اعتماد «قانون البناء الدولي» بشكل متزايد في عديد من الأماكن.

 

صمم مبنى العلوم البيئية والاستدامة الجديد التابع لمركز روبر ماونتن العلمي لتمثيل رسالة المؤسسة،
التي مفادها أننا يجب أن نعيش مهمتنا المتمثلة في حماية الأرض في كل ما نقوم به –
وبالتأكيد في إنشاء منشأة مخصصة صراحة لهذا الموضوع.
تصوير «شراكة سكولنيك للعمارة والتصميم»

 

مع ذلك، فإن الاختلاف الأكبر غالبًا لا يكون تقنيًّا أو ماليًّا، بل ثقافيًّا. فيمكن أن يختلف دور المتاحف والتعليم والعلوم في مختلف المناطق والأمم اختلافًا كبيرًا.  أحد أكثر الأجزاء إفادة في عملنا هو غمر أنفسنا بشكل كامل قدر الإمكان في قيم وممارسات ومعتقدات هذه الثقافات المختلفة. وحتى مع العولمة المتزايدة التي أحدثتها التكنولوجيا والقوى الأخرى، لا تزال هناك سمات مميزة رئيسية يجب أن تكون على دراية بها. ومن ثم يجب أن تترك تحيزاتك وافتراضاتك عند الباب (أو الحدود) وأن تتعامل مع الموقف بانفتاح تام، ولكن دون التخلي عما علمتك إياه تجربتك وخبراتك.

 

في إكسبلوريوم، استفادت «شراكة سكولنيك للعمارة والتصميم» من الموقع الطبيعي السخي لتصميم مجموعة واسعة من المعروضات التفاعلية.
فتسمح هذه الإضافات إلى عروض المتحف بالتجارب التي لم تكن ممكنة لولا ذلك (تلك التي تشمل البيئة الطبيعية، والمهارات الحركية الإجمالية، والعبث!).
تصوير «شراكة سكولنيك للعمارة والتصميم»

 

كيف (ولماذا) تدخلت في هذا الأمر؟

كثيرًا ما نُسأل عن كيفية وصولنا إلى العمل في عديد من المشروعات الثقافية والتعليمية؛ فما الذي قادنا إلى أن نصبح منغمسين في تصميم ما نسميه أماكن التعليم غير الرسمي ؟ ربما يكون من السهل تخمين الأسباب التي تجعلنا ننجذب إلى هذه المساعي. فبالتأكيد أن استخدام تدريبنا ومهاراتنا للمساعدة في التنوير وتحسين حياة الناس حافزًا قويًّا. ثم هناك حقيقة أننا نعمل مع شركاء أذكياء ومبدعين ومتحمسين، يفكرون خارج الصندوق، ويدركون ويريدون الأفضل، ويقدرون العمل الذي نقوم به لتحقيق ذلك معهم. ولكن، إذا كنت محقًّا في افتراضاتي وأصدق ما سمعته، فإن سبب دعوتنا للتعاون مع عديد من هذه المنظمات يكمن جزئيًّا على الأقل في حقيقة أننا استوديو متعدد التخصصات بشكل كبير. فندمج عديدًا من تخصصات التصميم بطريقة فريدة وتركيبية للغاية من أجل استغلال كل الوسائل الممكنة لتجسيد المحتوى في كل جانب من جوانب المشروع. ويعمل مهندسونا المعماريون ومصممو المعارض ومصممو الديكور الداخلي ومصممو الجرافيك والمتخصصون التربويون والتفسيريون معًا لضمان إنشاء تجارب زوار ثرية ومتماسكة وسلسة.

منذ بداية تأسيس الشركة، وأنا أؤمن بحماسة وثقة أن «كل تصميم هو تفسير». ويعتبر هذا النهج أكثر فاعلية وفائدة بشكل خاص عند العمل في مجال المتاحف؛ حيث يمكن تنظيم المحتوى في شكل سرد​​، ويمكن أن يصبح هذا السرد أساسًا للتصميم. هذه القصة المختصرة – هذا الجوهر – تُعلم كل قرار تصميم، بدءًا من الأيقونات المعمارية الرئيسية، إلى تخطيط المساحة وتنظيمها، وصولاً إلى كيفية استخدامنا للمواد والألوان والرسومات وأدق التفاصيل.

 

يشمل تصميم مركز لوكسمبورج العلمي قاعة توربينات الغاز التي تعود إلى مطلع القرن ومحطة التدفئة لمصنع للصلب في منشأته الجديدة.
فإلى جانب ترميم المباني ذات الجودة العالية، تضيف أصالة هذه الهياكل وقوتها إلى التأثير التفسيري لتجربة الزائر الإجمالية.
تصور شركة «كرافت ستوديو» Craft Studio، LLC

لا يكفي بناء مبنى – لماذا تفشل بعض المتاحف

بالطبع، هناك خيار آخر: لا تبني مبنى على الإطلاق. لمَ لا؟ لأنه يتطلب أكثر بكثير من مجرد هيكل لامع لضمان مستقبل مشرق ومنتج لمؤسستك. فإذا لم تكن قد استعددت بعناية وبشكل استباقي للتغيرات الهائلة التي ستواجهها – التكاليف المتزايدة المحتملة للعاملين، والصيانة، والتسويق، والبرمجة الإضافية، وما إلى ذلك – فقد تجد نفسك أمام صحوة مالية وقحة. لذا تأكد من أنك قد خصصت أموالًا وخصصت ميزانية مناسبة لعملياتك الجديدة. ونأمل، بالإضافة إلى جمع التمويل على أساس التوقعات المالية الدقيقة، أن يكون لديك وديعة توفر بعض الدخل الثابت لتكملة هذه النفقات. وينبغي أن تدرك دون أن نقول: لا تنفق وديعتك (رغم أنه يمكنك الاقتراض بضمانها).

بنى أحد عملائنا مبنى جديد مذهل على موقع جميل، به معروضات مثيرة وغنية بالمعلومات. وعلى الرغم من أن المعروضات كانت تفاعلية للغاية، إلا أنها صممت خصيصًا ليحييها تيسير العاملين لتعزيز المحادثة بين الزوار. لذلك، عندما احتاجت المؤسسة إلى خفض النفقات بسبب الزيادة غير المتوقعة في تكلفة العمليات (وتجاوزات تكلفة البناء) ثم قررت تسريح جزء كبير من طاقم التيسير/التعليم، وجدوا أنفسهم بتجربة زائر لا تعمل على النحو المنشود (أو على الإطلاق). لحسن الحظ، وقفوا على أقدامهم مرة أخرى وهم يزدهرون، إلا أن ذلك الإخفاق لم يكن تجربة ممتعة – بل كان أشبه بتجربة مروعة.

هل تفترض أنه «إذا بنيته فإنهم سيأتون»؟ قد يحدث هذا، ولكن هناك احتمال أكبر بكثير لذلك إذا قمت بواجبك التحضيري. سَوِّق للافتتاح بشكلٍ مكثف؛ نمي دعم الصحافة والانفتاح؛ قدم خصومات خاصة وخطط لكثير من الأحداث المستهدفة لمختلف الفئات (ونأمل بعض الجهات الجديدة أيضًا) وأصحاب المصلحة. فلا يوجد شيء محبط مثل مبنى جديد ولكن فارغ. بافتراض أنك فعلت كل شيء آخر بشكلٍ صحيح، فهذا شيء يمكنك التحكم فيه، لذلك ليس هناك عذر لإسقاط الكرة، بغض النظر عن مدى إرهاق الجميع بحلول الوقت الذي تفتح فيه.

ضع في اعتبارك أيضًا أنه، كما هو الحال عند إنجاب مولود جديد إلى العالم، فإن قدرًا معينًا من اكتئاب ما بعد الولادة ليس بالأمر غير المعتاد. فإثارة الحمل، والاستعداد للولادة وتوقعها، ولحظات النشوة التي تلي الولادة تفسح المجال حتمًا أمام التحديات والتغيرات والعفوية في رعاية هذه الحياة الجديدة المحتاجة؛ فيبدأ انعدام الأمن. «هل أنا قادر حقًا على فعل هذا؟» «هل قضمت أكثر مما يمكنني مضغه؟» «لماذا اعتقدت أن هذه فكرة جيدة في المقام الأول؟» لا شيء من هذه أسباب جيدة لعدم بناء مرفق جديد؛ فهي مجرد أشياء يجب أن تكون مستعدًا لها. فيجب أن تساعد القيادة العليا في توجيه العملية، وتوفير التدريب اللازم والدعم العاطفي للعاملين حتى لا يغرقوا كثيرًا، والحفاظ على المعنويات العالية عند مواجهة ظروفًا جديدة ومختلفة. كن مستعدا لترك عدد من العاملين؛ فبعض الأشخاص بارعون في التطوير الإبداعي لمشروع ما ولكنهم غير مناسبين للمهام اليومية للحفاظ على تشغيل المكان. وبالمناسبة، يمكن أن يكون هذا صحيحًا بالنسبة للرؤساء التنفيذيين والرؤساء والمديرين أيضًا.

 

يخلق تجاور القديم والجديد حوارًا يربط بين سرد العلم عبر القرون في مركز لوكسمبورج العلمي.
تصور شركة «كرافت ستوديو» Craft Studio، LLC

 

بالتوفيق!

إذا لم يمنعك أي مما سبق (وهذا بالتأكيد لم يكن هدفي)، إذًا انطلق واحلم. فعلى الأرجح أنك تفكر في هذه المهمة الرئيسية لجميع الأسباب الصحيحة، ويمكنك التأكد أن المساعدة والتوجيه الذي ستحتاج إليهما موجودان في انتظار الانضمام إليك في هذه الرحلة. ويمكن للنتائج أن تكون مذهلة – إعادة تأكيد حياتية لمجتمعك ومُرضية بشكل كبير شخصيًّا ومهنيًّا.

 


لي سكولكينك (lskolnick@skolnick.com) الرئيس المؤسس والمصمم الرئيسي في «شراكة سكولنيك للعمارة والتصميم» SKOLNICK Architecture + Design Partnership في مدينة نيويورك، وعُين زميلًا للمعهد الأمريكي للمهندسين المعماريين.