التخلي عن ساحة اللعب: تغيير تجربة الزائر


بقلم: كاثي هاماكر وسوزان فوتز وكريغ ويتلي


نُشر المقال الأصلي باللغة الإنجليزية تحت عنوان Leaving the Playground Behind: Shifting the Visitor Experience في عدد يوليو-أغسطس 2019 من مجلة «دايمنشنز» Dimensions التي تصدرها جمعية مراكز العلوم والتكنولوجيا ASTC. قامت رابطة المراكز العلمية بشمال أفريقيا والشرق الأوسط NAMES بترجمة المقال ونشره باللغة العربية بتصريح من جمعية مراكز العلوم والتكنولوجيا ومن المؤلف/المؤلفين، وتتحمل NAMES مسئولية هذه الترجمة.

لا يجوز إعادة إنتاج هذا المحتوى، سواء بالإنجليزية أو العربية، بأي شكل من الأشكال، دون إذن كتابي صريح من جمعية مراكز العلوم والتكنولوجيا ASTC.


 

في عام 2016، افتتح متحف الأطفال في إنديانابوليس نسخة معاد تصورها من معرضه العلمي الذي يبلغ من العمر 20 عامًا «ساينس ووركس (أعمال العلم)» Science Works. عند تطوير المعرض الجديد وتصميمه، انتهزنا الفرصة لإلقاء نظرة جديدة على إمكانية الوصول، وسلوك الزائر، والاتجاهات التعليمية لمواءمة المعرض مع تركيز المتحف على تجارب المستخدم الغامرة التي يحركها المحتوى للعائلات والمجموعات المدرسية. وبعد عملية تصميم دقيقة، أصبح المعرض الجديد الآن يعزز مزيدًا من التفاعل بين البالغين والأطفال، ويدعم الروابط بين المجالات العلمية والحياة اليومية.

 

بداية بنائية

أنشئ معرض «ساينس ووركس»الأصلي في عام 1996، وقد تتبع عن كثب الاتجاهات المعاصرة في هذا الوقت فيما يتعلق بنظرية التعلم البنائية (Hein & Alexander, 1998; Jeffery-Clay, 1998). فقدم المعرض أنشطة بسيطة تعتمد على الآلة، وطاولة ماء متعددة المحطات، ومتاهة زحف، وبركة للحيوانات الحية بها بعض الأنواع المحلية في إنديانا، وجدار تسلق الصخور؛ الأمر الذي تطلب بيع التذاكر وتيسير العاملين. حظي المعرض بشعبية كبيرة للغاية طوال عمره البالغ 20 عامًا؛ حيث استقبل في المتوسط 780.000 زائر سنويًّا خلال السنوات الثلاث الأخيرة من تشغيله.

على الرغم من أننا أكملنا عددًا من التجديدات الصغيرة على مر السنين، تمسك معرض «ساينس ووركس» برسالة شعاره الأصلي – «العلم في كل مكان حولك» – ونهجه البنائي؛ حيث قدم بيئة استكشافية مع قليل جدًّا من اللافتات السياقية. وكان من المتوقع أن يبني الأطفال معانيهم الخاصة واستنتاجاتهم حول مفاهيم العلوم من خلال التجارب الموجهة ذاتيًّا. عند طاولة الماء، على سبيل المثال، يمكن للزوار تحريك تدفق المياه وتحويله وتعديله من خلال سلسلة من العقبات؛ ولكن لم تقدم أي علامات توجيه فيما يخص الأهداف أو الرؤية في عمل هذا. احتوت متاهة الزحف على صناديق من الحفريات المخفية تحتوي على أشياء يمكن للمرء أن يجدها تحت الأرض (على سبيل المثال، عش دبور أصفر، وبقايا هياكل عظمية للحيوانات، وحيوانات خلد وسناجب محنطة)، وذلك بدون ملصقات تعريفية أو محتوى داعم. وفي حين احتوى المعرض على مناطق موضوعية، فقد حددت تلك من خلال عناصر العرض الرئيسية، مثل طاولة الماء أو الرافعة أو البركة، عوضًا عن الرسائل المتماسكة.

 

الاتجاه الجديد

في التخطيط للمراجعة، سعى المصمم والمطور إلى إنشاء معرض يتماشى مع الاتجاه الحديث للمتحف. فقد أنتج متحف الأطفال في إنديانابوليس مجموعة من المعارض الجديدة في العقد السابق لتجديد معرض «ساينس ووركس»، مع التركيز على المعروضات القائمة على المحتوى التي تنظمها فكرة كبيرة وتقع في بيئة غامرة غنية بالأغراض. كذلك انتقل المتحف من التصميم للأطفال إلى التصميم للعائلات، وهو نهج يشكل الآن أساس إطار التعلم المؤسسي لدينا (Foutz & Thoma Emmons, 2017). كان تصميم معرض يسمح للمجموعات العائلية بالتفاعل والتعلم معًا أولوية قصوى للفريق. كان هذا التركيز العائلي متوازنًا مع إدراك أن المعرض الأصلي قد زارته المجموعات المدرسية بشكلٍ كبير، فكان من المعقول افتراض أن المعرض الجديد سيكون كذلك.

بالإضافة إلى ذلك، خططنا لتغيير الفئة العمرية المستهدفة لمعرض «ساينس ووركس». ففي عام 2013، افتتح المتحف معرضًا جديدًا للأطفال الذين تبلغ أعمارهم خمس سنوات أو أقل؛ وبأخذ ذلك في الاعتبار، خطط فريق العمل لإدخال تنقيحات على معرض «ساينس ووركس» على وجه التحديد لعرض المحتوى العلمي للأطفال الذين تبلغ أعمارهم سبع سنوات أو أكثر.

 


عائلة تجثو لمشاهدة الأسماك في البركة في معرض «ساينس ووركس» الأصلي.
تصوير: متحف الأطفال في إنديانابوليس

 


يستخدم الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة معدات بحجم الأطفال في معرض «ساينس ووركس» الأصلي
في منطقة لا تفي بمعايير إمكانية الوصول الحديثة.
تصوير: متحف الأطفال في إنديانابوليس

 

تصميم بيئي غامر

كان التصميم البيئي الغامر اعتبارًا آخر لفريقنا. فكان لدينا ثلاثة أهداف رئيسية أردنا مخاطبتها من خلال مزيج من الالتزام بالمتطلبات والتفكير الإبداعي:

 

  • إمكانية الوصول: سبق المعرض القديم إرشادات معينة من قانون الأمريكيين ذوي الإعاقة (ADA)، ما طرح تحديات تتعلق بإمكانية الوصول. على سبيل المثال، لا يمكن الوصول إلى مساحة البرمجة التي تستخدمها العائلات والمجموعات المدرسية إلا من خلال رحلتين من الدرج أو مصعد لا يمكن لأحد تشغيله إلا الموظفين. وطوقت مناطق عديدة بأرصفة خرسانية ارتفاعها أربع بوصات لاحتواء المياه أو النشارة، بإمكانية وصول (من خلال المنحدرات) محدودة أو معدومة.

ولم تكن مساحات التسلق والزحف صديقة للزوار ذوي القدرات البدنية المحدودة؛ كما أن بعض العروض، مثل حيوانات البركة وصناديق الحفريات، تطلبت من الزائرين الانحناء أو الركوع لاستعراضها. كذلك لم تتفق إمكانية الوصول للتلاعب بالمتفاعلات مع معايير اليوم لاستيعاب مجموعة متنوعة من الأعمار والقدرات.

كان لدى معرض «ساينس ووركس» أيضًا مشكلات جدية في الصوت والأمور الحسية. فأدت الأسطح والأسقف الصلبة، إلى جانب وجود أداة بكرة صاخبة على غرار آلة روب جولدبرج، إلى مستوى ضوضاء محيطة مرتفع للغاية.

كذلك كانت الخطوط البصرية رديئة؛ حيث كانت هناك عديد من الهياكل الكبيرة التي تمنع أفراد الأسرة من رؤية بعضهم بعضًا بسهولة إذا انفصلوا. اعتمادًا على مبادئ التصميم العالمية، صممنا معرض جديد يسهل التنقل فيه جسديًّا، بدون حواجز مادية وحواجز بصرية أقل. ونقلت الأداة المحبوبة ذات الكرة إلى مكان آخر، خارج المعرض، للتخفيف من مستويات الصوت.

 

  • سلوك الزائر: في الفترة التي سبقت إعادة التصميم، رصد المقيمون سلوك الأسر مع التفاعلات الموجودة (مثل طاولة المياه) التي اعتزمنا تكرارها في المعرض الجديد. على عكس عديد من صالات العرض الجديدة بالمتحف، حيث ينتقل الكبار والأطفال معًا خلال المعرض، عادة ما امتنع الكبار عن التفاعل مع أطفالهم بينما يستكشفون في معرض «ساينس ووركس»، . ويبدو أنه كان هناك أسبابًا متعددة وراء ذلك، بما في ذلك ظروف الازدحام، وانتشار معدات «بحجم الأطفال» لا يمكن للبالغين استخدامها، والأبعاد الصغيرة للمناطق مثل متاهة الزحف.

فأبلغ العاملون عن رؤية البالغين، وخاصة المرافقين، يقضون كل وقتهم على المقاعد البارزة بالقرب من مدخل المعرض. وفي محادثة غير رسمية مع عاملي المتحف، ذكر أحد المعلمين أن المقاعد كانت بمثابة وسيلة «لحراسة المدخل» (بمعنى أنهم كانوا يتوقعون قضاء الزيارة جالسين بجانب الباب حتى يستعد الأطفال للمغادرة). كان هذا ممثلاً لعقلية الملعب المترسخة.

وفي المراجعة، أزال فريق التصميم المقاعد وحاول إنشاء محتوى وبيئات من شأنها أن تكون جذابة للبالغين وكذلك الأطفال. فتوقع الفريق أن المدرسين وأولياء الأمور سيكونون أكثر إقبالًا على استكشاف المعرض مع أطفالهم إذا شعروا أن البيئة ليست مجرد «ملعب» وأنها أكثر موضوعية. أظهرت المشروعات السابقة أن التصميم المتعمد للمساحات الخاصة بنا لتعزيز مشاركة البالغين والأطفال (باستخدام مقاعد بحجم البالغين، مع مساحة لعدد من أفراد الأسرة للجلوس معًا) وتضمين محتوى تفاعلي يثير اهتمام كل من البالغين والأطفال (مثل نشاط يدور حول تشخيص مشكلات نباتات الطماطم المريضة) ستؤدي إلى زيادة مشاركة البالغين.

 


يتولى طفل دور عالم الأحياء في بيئة الكهف الغامرة في المعرض الجديد.
تصوير: متحف الأطفال في إنديانابوليس

 

  • اتجاهات في تعليم العلوم: صمم معرض «ساينس ووركس» الأصلي في فترة تحكمها الفكرة البنائية للتعلم، عندما كان هناك حد أدنى من اللافتات التي توجه الزوار إلى ما عليهم فعله أو ربط ما يفعلونه بالمفاهيم العلمية. وبينما كان هناك بعض الموضوعية البيئية، لم يكن للمعرض مظهر متماسك. كجزء من إعادة التصميم، واجه الفريق التحدي المتمثل في وضع العلم في بيئات سياقية. من وجهة نظر المحتوى، كان هذا يعني ربط العمليات العلمية، مثل المراقبة والتجريب، بوظائف العالم الحقيقي، مثل المهندس والمزارع وعالم الهيدرولوجيا وعالم الأحياء وعالم الأرصاد الجوية والجيولوجي. ومن خلال هذا التحول، أصبحنا ندعم عن كثب معايير العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات للمدارس الوطنية، بالإضافة إلى وضع الأساس لمساعدة الأطفال على تطوير هويات علمية (Bell et al., 2009).

سمح هذا التركيز القائم على المهنة للفريق بوضع التفاعلات ضمن سياق مادي ومفاهيمي. على سبيل المثال، في منطقة الكهف، يشجع الزائرين على تولي دور عالم الأحياء في الكهوف (أي عالم أحياء الكهوف) بارتداء السترات والإمساك بألواح الكتابة في أثناء استكشافهم لتكاثر بيئة الكهف. في منطقة الطقس، يصبح الزوار خبراء أرصاد جوية، يراجعون صور الرادار وتقارير وسائل التواصل الاجتماعي للتنبؤ بالطقس.

 

التقييم والتأمل

أكملنا تقييمًا تلخيصيًا للمعرض الجديد وسعدنا برؤية الأدلة التي تشير إلى أننا حققنا أهداف إعادة تصميمنا. فأظهرت العائلات سلوكيات تعليمية أكثر في المعرض الجديد مقارنة بالمعارض الأخرى التي تم الانتهاء منها مؤخرًا في المتحف – وهو مؤشر على أن العائلات كانت تتحرك في المعرض معًا. ووجد تحليل المحادثة نسبة أعلى من المحادثات في المعرض الجديد مقارنة مع معرض «ساينس ووركس» الأصلي.

عند التفكير في محتوى المعرض في أثناء المقابلات، أوضحت المجموعات العائلية الفكرة الكبيرة للمعرض من خلال التركيز على موضوعات مثل «كيف يعمل العالم»، والصلات بين العلم والحياة اليومية، ودعم المواقف الإيجابية تجاه العلم. في مقابلة منفصلة، أجاب عديد من البالغين أن معرض «ساينس ووركس» قدم تجارب قابلة للتطبيق وغنية بالمعلومات وواقعية شعروا أنها قد تؤدي إلى الاهتمام بالمهن العلمية.

كانت إحدى المفاضلات في التصميم الجديد هي انخفاض العدد الإجمالي للزوار بعد التجديد. ونعزى هذا الانخفاض، جزئيًّا، إلى تضييق النطاق العمري للمعرض؛ فالتصميم الجديد أقل تركيزًا على الأعمار من ثلاث إلى ست سنوات. وعلى الرغم من عدم وجود بيانات مؤكدة لدعم هذه الفرضية، نعتقد أن عديد من عائلاتنا الأعضاء التي لديها أطفال في سن ما قبل المدرسة يختارون عدم زيارة معرض «ساينس ووركس» الجديد. بشكل عام، هذا ليس بالأمر السلبي لأنه يعني أن المعرض ببساطة مشغول وليس مزدحمًا؛ كما أنه يمنح هذه العائلات مساحة «للنمو» مع دخول الأطفال إلى المدرسة الابتدائية، وهو عمر تتوقف فيه عديد من العائلات عن زيارة متاحف الأطفال.

 


تشجع الملصقات الموجودة في مدخل معرض «ساينس ووركس» المحدث الأطفال على
التفكير في الوظائف المتعلقة بالأنشطة التي سيشاركون فيها.
تصوير: متحف الأطفال في إنديانابوليس

 

في النهاية، كان فريق المعرض فخورًا بإنشاء بيئة غامرة لدعم محتوى العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) الذي يركز على الحياة المهنية في العالم الحقيقي، مع تلبية احتياجات إمكانية الوصول وتشجيع المشاركة العائلية الكاملة في عملية التعلم.


يفسر شخص بالغ وطفلان صور الرادار للتنبؤ بأحداث الطقس.
تصوير: متحف الأطفال في إنديانابوليس

 

 

دعم الراعي الرئيسي «كورتيفا أجريساينس» Corteva Agriscience إعادة تصميم معرض «ساينس ووركس».


كاثي هاماكر (cathyh@childrensmuseum.org) مطورة معارض، سوزان فوتز (susanf@childrensmuseum.org) مديرة البحث والتقييم، كريج ويتلي (craigw@childrensmuseum.org) مصمم معارض أول في متحف الأطفال في إنديانابوليس.