تصميم المركز العلمي وإعادة تصميمه


بقلم: مات فلوري


نُشر المقال الأصلي باللغة الإنجليزية تحت عنوان Designing and Redesigning the Science Center في عدد يوليو-أغسطس 2019 من مجلة «دايمنشنز» Dimensions التي تصدرها جمعية مراكز العلوم والتكنولوجيا ASTC. قامت رابطة المراكز العلمية بشمال أفريقيا والشرق الأوسط NAMES بترجمة المقال ونشره باللغة العربية بتصريح من جمعية مراكز العلوم والتكنولوجيا ومن المؤلف/المؤلفين، وتتحمل NAMES مسئولية هذه الترجمة.

لا يجوز إعادة إنتاج هذا المحتوى، سواء بالإنجليزية أو العربية، بأي شكل من الأشكال، دون إذن كتابي صريح من جمعية مراكز العلوم والتكنولوجيا ASTC.


 

استلزم موقع البناء الصغير نسبيًّا لمركز كونيتيكت العلمي مفاهيم بناء عمودية لاستيعاب مواقف السيارات والبرامج المقصودة.
تصوير مركز كونيتيكت العلمي

 

يحتفل مركز كونيتيكت العلمي في هارتفورد بالذكرى العاشرة لتأسيسه هذا العام (2019)، إلا أن خيارات التخطيط الحاسمة التي أدت إلى نجاح المؤسسة تمت في السنوات التي سبقت فتح أبوابها في عام 2009. ومنذ ذلك الوقت، أدى التقدم الطبيعي للتحديثات على المساحات المادية والتجارب التفاعلية التي تتيحها إلى تعزيز فصل مهم بالقدر نفسه في خدمة المتحف لمجتمعنا.

 

مرحلة تخطيط المركز العلمي

 عند بزوغ فكرته لأول مرة، استُدعيَ المركز العلمي ليصبح وجودًا مغناطيسيًّا من شأنه الإدلاء ببيان قوي حول مستقبل مجتمعه في سياق التنشيط الحضري في مدينة هارتفورد. وقد عنى الموقع رفيع المستوى للمركز العلمي أنه سيصبح محورًا جديدًا لأفق عاصمة الولاية الأنيق، فكان البيان المعماري المناسب أمرًا ضروريًّا. رافق كثير من الإثارة منافسة عامة بين المهندسين المعماريين المشهورين عالميًّا. وفي نهاية المطاف، اختار المركز العلمي رؤية سيزار بيلي التي تضم مجموعة درامية من متوازي الأضلاع وسقفًا ساحقًا يصل إلى نهر كونيتيكت. فيحتفي مفهوم البناء الفريد بتاريخ الاختراع في ولاية كونيتيكت وحضورها الجديد النابض بالحياة، الذي من شأنه أن يلهم الأمل والاستثمار. تجسد هندسة المبنى أيضًا إعادة اكتشاف العلوم والهندسة لجميع الأعمار، والتي تشتعل من خلال التجارب بالداخل.

 


بينما تتميز المعارض على طول الجدران الخارجية بنوافذ كبيرة تساعد الزائرين على الربط بين العالم الخارجي والمعارض حول البيئة المحلية،
تطلبت صالة عرض معرض استكشاف الفضاء ظلمة المساحة الخالية من النوافذ.
تصوير: مركز كونيتيكت العلمي

 

أدركنا أن بيان المبنى سيكون فارغًا إذا لم نأخذ في الاعتبار الاحتياجات التشغيلية والبرمجية للمركز العلمي، فصممنا المعارض بالتوازي مع المبنى. فأخبر كل منظور الآخر. فالمعروضات التي تتطلب إضاءة طبيعية كاملة تقع بالقرب من نوافذ كبيرة جدًّا، بينما توضع المعروضات التي تتطلب الظلام في مناطق بدون نوافذ لا يصل إليها الضوء الطبيعي. على سبيل المثال، تتميز صالة عرض معروضات حول مستجمعات المياه المحلية بإطلالة غير عادية على نهر كونيتيكت أدناه، بينما تشغل عناصر التحكم في الإضاءة اللازمة لإنشاء معرض غامر حول استكشاف الفضاء منطقة لا يُضحى من أجلها بالمناظر الخارجية البارزة. صاغ فريق التخطيط في المركز العلمي، بمساعدة خبراء تخطيط المتاحف في شركة «شركاء وايت آوك»، عديد من هذه الشروط في وثيقة مفصلة عن مساحات البرامج المطلوبة. فقدمت هذه الوثيقة للمهندسين المعماريين المرشحين في مرحلة الاقتراح النهائية للمسابقة بحيث تستجيب جميع تصميمات المباني للاحتياجات الأساسية، بداية من ارتفاع سقف المعرض البالغ 24 قدمًا إلى أماكن انتظار السيارات.

على الرغم من أن متطلبات مساحة البرامج كانت محددة بوضوح، إلا أن التوفيق بينها وبين مخططات البناء على المستوى المفاهيمي كان مسعًى صعبًا بقدر ما كان بالغ الأهمية. وبصفتنا مؤسسة ناشئة لم تشغل مطلقًا منشأة أو تخدم أي زائر، وظفنا في طاقم الإدارة لدينا متخصصين ذوي خبرة في المتاحف وطلبنا المشورة التفصيلية من الاستشاريين، مع إيلاء اهتمام خاص إلى حركة الزوار خلال المبنى الرأسي الذي يمليه موقع المبنى الصغير نسبيًّا الذي تبلغ مساحته 2.4 فدانًا. في الواقع، تطلب التوتر الطبيعي بين تصميم تجربة المتحف الداخلي ومتطلبات موقع مميز ذي أهمية معمارية تفكيرًا جديدًا من كلا المنظورين. وقدم أعضاء مجتمع جمعية مراكز العلوم والتكنولوجيا والمؤتمر السنوي للجمعية موارد قيمة على مدار العملية، ما جعل الأمر مثيرًا بشكل خاص عندما استضاف مركز كونيتيكت العلمي المؤتمر السنوي للجمعية في عام 2018.

 

تنقيحات في الحركة

في السنوات العشر التي انقضت منذ افتتاحه، أجرى مركز كونيتيكت العلمي برنامجًا طموحًا لتحسين رأس المال والتشغيل. إلى حدٍّ ما، تضمنت هذه التطويرات الإضافية للمساحات الحالية. وشملت المشروعات الأخرى تطوير المساحات البور التي لم تكتمل في المشروع الأصلي. فأجرينا تحسينات عالجت الاحتياجات التي حددت على الفور، مثل بناء حواجز أعلى على درج رئيسي لمنع الزوار من إسقاط العناصر. كذلك تناولنا مشروعات مثل إعادة تشكيل منطقة التذاكر الرئيسية لتوفير تفاعلات أكثر راحة للزوار وإضافة سعة؛ كما أعدنا توجيه نقطة الدخول إلى المعارض لتعزيز الرؤية واستكملنا نظام التدفئة في البهو. كانت التحسينات من هذا النوع مدفوعة بملاحظات دقيقة لتجارب الزوار والعاملين، بالإضافة إلى تعليقات الزائرين الموثقة. وأثر فريق العمليات الذي يواجه الزوار بشدة في هذه التحسينات؛ حيث وجهنا الملاحظات من إصدار التذاكر في الخطوط الأمامية وعاملي خدمات الزوار إلى عملية التصميم.

على نحو أكثر وضوحًا للجمهور العام، تحولت مساحة البهو الرئيسية التي يبلغ ارتفاعها 140 قدمًا من مكان فاخر معماريًّا إلى بداية تجربة متحفية تستفيد من حجم المساحة وتلبي بشكل أفضل توقعات الجمهور الباحث عن الخبرة. وفي حين اقترح المهندس المعماري رؤى عامة لقطع فنية معلقة، فإننا لم نطور هذه الفكرة في الوقت المناسب لافتتاح المركز العلمي. وكما هو الحال مع الجوانب الأخرى للمشروع التي تم الانتهاء منها أو إعادة تصورها بعد الافتتاح، فقد اعتنقنا ذلك كفرصة لمراقبة التجارب الملموسة في بيئة التشغيل بطرق غير ممكنة حتى في أكثر مراحل التصميم صرامة. بعد أن تأملنا الفضاء في هذا السياق، قررنا إنشاء قصة مناسبة للمهمة ترافق الزائر عبر التدفق الرأسي للمدخل الرئيسي. فيرحب بالزوار الآن من خلال عرض مبسط للعلوم الطبيعية والاصطناعية والاختراعات من أعماق المحيطات إلى الفضاء الخارجي، ما يثير ترقب ما سيشاهدونه في المعارض.

داخل صالات العرض، نراجع بعناية اعتبارات متعددة قبل التخطيط لمعارض جديدة أو منقحة. فيحدد فريق متعدد الوظائف الفرص لتعزيز تغطية مجالات الموضوع. على سبيل المثال، طور الفريق «ملتقى فراشات» جديد لتقوية عروض علوم الحياة في المركز ولأن بحثنا أظهر أن معروضات الفراشات نقطة جذب للجمهور. «التحول»، وهي قصة تعليمية قوية لدورة الحياة، تشارك الأضواء مع بيئة استوائية حية؛ حيث يأخذ الزوار درسًا لا يُنسى في العلوم الطبيعية. يحتل «ملتقى الفراشات» مساحة مخصصة أصلًا لمفهوم الدفيئة ويعكس تطور أفكار المعرض نحو فكرة تستجيب لأولويات متعددة.

 

 

 

كانت مساحة البهو الذي يبلغ ارتفاعه 140 قدمًا في مركز كونيتيكت العلمي مثيرة من الناحية المعمارية ولكنها بسيطة.

فحوَّله التصميم الداخلي الجديد إلى شريحة عمودية من العلوم الطبيعية والتكنولوجيا التي صنعها الإنسان، والتي من شأنها أن ترحب بالضيوف وترافقهم طوال زيارتهم. تصوير: مركز كونيتيكت العلمي


التصميم لخدمة المعلمين

مثل الإضافات الأخرى، يلبي مشروع «ملتقى الفراشات» أولويات المناهج المدرسية، ويدعم عشرات المفاهيم المهمة المضمنة في أكثر معايير العلوم الحديثة في الفصول الدراسية في ولاية كونيتيكت. ويحظى «ملتقى الفراشات» بشعبية بين مجموعات الرحلات الميدانية المدرسية، مما يؤدي إلى حركة جماعية قوية. بالمثل، يرتبط معرض جديد عن الأرض والتأثير البشري بموضوعات المناهج الدراسية المحددة التي ستجذب المعلمين في جميع أنحاء ولاية كونيتيكت، الذين يستخدمون المركز العلمي كمورد لتكملة عملهم في الفصل الدراسي.

 

التصميم لخدمة الاقتصاد المحلي

يأخذ الفريق أيضًا في الاعتبار المسار الاقتصادي للسوق لتلبية جانب تنمية القوى العاملة لمهمة المركز العلمي. ففي حالة حديثة، طورنا معرض جديد عن الهندسة لزيادة الوعي حول الاتجاهات في مجال البرمجيات، والتصنيع المتقدم، والوظائف الأخرى في ولاية كونيتيكت. كذلك افتتحنا مؤخرًا مختبرًا لبرنامج عام ونطور حاليًّا معرضًا لإلقاء الضوء على فرص العلوم الوراثية المتزايدة في مجالات التكنولوجيا الحيوية والرعاية الصحية في المنطقة. غالبًا ما تكون هذه المشروعات مستوحاة من مدخلات أعضاء مجلس أمناء المركز العلمي، وكثير منهم لديهم رؤى خاصة حول اتجاهات الصناعة واحتياجات المواهب الحالية والمتوقعة. اعتمد مجلس الإدارة خطة إستراتيجية محدثة تضع الوعي الوظيفي في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات كأولوية محددة.

يجب أن توازن المراكز العلمية باستمرار بين الحاجة إلى جذب الجماهير والوعد بالمتعة والإلهام في أثناء تقديم الخبرات والبرامج التي تجذب الزوار إلى العلم. وتعد عدسات العلوم والتعليم والبرامج وتنمية التمويل وتنمية الجمهور والتسويق والعمليات جزءًا من كيفية تصور الأماكن العامة والمعارض التي تخدم مجتمعاتنا وتطويرها. فيمكن لوجهات النظر هذه أن تتنافس في بعض الأحيان، وهذا يؤدي بالفعل إلى خلق ديناميكية نشطة يمكن أن تثري التفكير والتخطيط. إن مهمتنا هي التوفيق بين هذه المصالح في أثناء تطوير المشروعات وتنفيذها بحيث تكون هذه التوترات المتأصلة متوازنة بشكل مناسب لصالح من نخدمهم.

 


ينخرط الزوار في واحدة من التفاعلات المتعددة التي تشجع على مشاركة كل من البالغين والأطفال.
تصوير: مركز كونيتيكت العلمي

 


مات فلوري (Mfleury@ctsciencecenter.org) هو الرئيس والمدير التنفيذي لمركز كونيتيكت العلمي في هارتفورد.