القيلولة؛ تعزيز للإبداع؟


بقلم: إيناس عيسى

 

بينما قد نعتقد أن النوم هو وقت راحة تامة، تحدث عمليات بيولوجية مختلفة خلال هذه الفترة. فيقوم الجسم بإصلاح الخلايا واستعادة الطاقة؛ ويقوم الدماغ بعمل شاق لتخزين المعلومات والذكريات؛ وتتواصل الخلايا العصبية وتعيد تنظيم نفسها، مما يدعم صحة وظائف الدماغ. وبينما يبدو أن النوم العميق ليس له منافس في العمليات البيولوجية المهمة، فإن للغفوة دورًا حاسمًا في تعزيز الإبداع.

 

الدور السحري لبداية النوم

لطالما كانت الفترة القصيرة بين اليقظة والنوم نقطة بحث ثرية؛ فيحاول عديد من العلماء فك شفرتها الغامضة وما يحدث خلالها.

وهذه ليست قضية حديثة؛ فعرف أن توماس إديسون وسلفادور دالي كانا مشغولين بالتقاط الإبداع الناتج عن هذه الفترة. كان لديهما إيمان عميق بأهميتها كأرضية خصبة للاكتشافات والإبداع؛ نتيجة لذلك، طورا طريقة لالتقاط الأفكار المختصرة التي تخرج منها.

تضمنت طريقتهما أخذ قيلولة في أثناء حمل شيء في أيديهما. مع استرخاء العضلات في أثناء الانتقال إلى النوم، يسقط هذا الجسم ويحدث ضوضاء، مما يؤدي إلى إيقاظهما في الوقت المناسب لكتابة الأفكار التي خطرت في أذهانهما خلال فترة ما قبل النوم.

 

 

فوائد مثبتة للقيلولة

القيلولة أو الغفوة كلاهما يصف المنطقة الرمادية بين اليقظة والنوم؛ حيث يتقلب وعينا، وتقل استجابتنا، ويبدأ إدراكنا للعالم الحقيقي في الذوبان، والاستسلام لأحاسيس عفوية قريبة من الحلم. ووفقًا لبحث سابق، فإن للقيلولة فوائد عدة، منها:

  • ترسيخ الذكريات والتعلم من خلال الاحتفاظ بالمعلومات التي تم تعلمها للتو.
  • زيادة اليقظة والانتباه.
  • تعزيز الأداء الرياضي.
  • تحسين المزاج والمساعدة على التعافي من المشاعر السلبية.

 

الغفوة وحل المشكلات

في البحث الأخير الذي درس ما يحدث خلال هذه الفترة القصيرة وما إذا كان له تأثير حقيقي في الأفراد، قارن العلماء قدرة المشاركين على حل مشكلة بعد الغفوة مقارنة بالمشاركين الآخرين الذين ظلوا مستيقظين.

في الدراسة، استخدم الباحثون مهمة اختزال الأرقام (NRT)؛ حيث يجب على المشاركين حل سلسلة من المسائل الحسابية بأسرع ما يمكن باتباع قاعدتين بسيطتين. في حين أن هذه الطريقة قد تبدو صعبة، إلا أن إيجاد الحل سهل ويمكن العثور عليه من خلال المضي قدمًا بثبات. وهذا لوجود اختصار مخفي؛ إذا وجد، سيجد المشارك الحل دون عناء.

في أثناء الدراسة، خضع المشاركون أولًا لستين محاولة مقدمًا؛ للتعرف على الطريقة المستخدمة للمهمة. منذ البداية، وجد 16٪ منهم الاختصار لذلك استبعدوا من التحليلات الإضافية. ثم سُمح للمشاركين بأخذ استراحة لمدة 20 دقيقة في ظروف تسهل بدء النوم، مثل الجلوس في غرفة مظلمة على كرسي مريح وأعينهم مغلقة. كذلك طُلب منهم حمل زجاجة بلاستيكية في أيديهم، حتى يوقظوا أنفسهم بإسقاطها قبل أن يناموا نومًا عميقًا.

كان القصد من ذلك مساعدة المشاركين على البقاء في المرحلة الانتقالية بين اليقظة والنوم؛ لاختبار التأثير المحدد لهذه المرحلة في الإبداع. بعد هذا الاستراحة، عمل المشاركون على 330 محاولة جديدة لمهمة اختزال الأرقام ذاتها. خلال التجربة، وضع الباحثون مستشعرات على رؤوس المشاركين وأذقانهم وحول أعينهم؛ لمراقبة نشاطهم الدماغي والعيني والعضلي.

ساعدت هذه الإشارات العلماء في مراقبة حالة نوم المشاركين في الوقت الفعلي وتقسيمهم إلى ثلاث مجموعات:

  1. أولئك الذين ظلوا مستيقظين طوال فترة الراحة؛
  1. أولئك الذين ناموا ودخلوا فقط المرحلة الأولى من النوم التي تسمى N1؛
  1. أولئك الذين وصلوا إلى المرحلة الثانية من النوم: N2

 

 

الغفوة: تحفيز الإبداع

وجد الباحثون أن 83٪ من المشاركين الذين غافوا وجدوا الخدعة الخفية، مقارنة بـ31٪ فقط من المشاركين في المجموعة الذين ظلوا مستيقظين، بينما اختفى تعزيز الإبداع لدى المشاركين الذين وصلوا إلى N2؛ حيث وجد 14٪ فقط الحيلة.

باختصار، يشير هذا البحث إلى أن هناك أرضًا خصبة للإبداع في أثناء بداية النوم؛ للوصول إليه، يجب على المرء أن ينام بسهولة ولكن ليس بعمق شديد. إذا كنت ترغب في تجربته، فأنت بحاجة إلى الاسترخاء على كرسي أو أريكة مريحة بذراع ممدودة في أثناء حمل شيء زلق خفيف من شأنه أن يصدر ضوضاء كافية عند السقوط لإيقاظك قبل أن تنام عميقًا.

 

 

مراجع

neurosciencenews.com
healthline.com