أصداء من القمة العالمية


حوارات أجرتها:

جولي بيكر
مدير الاتصالات والفعاليات
رابطة مراكز ومتاحف العلوم الأوروبية «إكسايت»

Ecsite

بروكسل، بلجيكا

  وجهات نظر  

أصداء من القمة العالمية

سبع قصص من القمة العالمية لمركز العلوم التي انعقدت في اليابان في نوفمبر 2017

 

| الوقت التقريبي للقراءة: 25 دقيقة (2-5 دقيقة لكل حوار)

 

اجتمع عددٌ من القائمين على مراكز العلوم من جميع أنحاء العالم في نوفمبر 2017 في العاصمة اليابانية طوكيو لحضور القمة العالمية لمراكز العلوم على مدار ثلاثة أيام؛ حيث قام باستضافة القمة المتحف الوطني للعلوم والتكنولوجيا الناشئة «ميرايكان» Miraikan. وفي رحاب المتحف العظيم، أسفل الكرة الأرضية الأيقونية الضخمة التي تدور متدلية من سقفه، قمنا بمناقشة كيفية تنفيذ التعهد العالمي الذي تعهدنا به للمساهمة في تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. (للحصول على معلومات عن القمة اضغط هنا)

بالنسبة لي، فإن توجه مجالنا الآن نحو دور أكثر عالمية واجتماعية هو علامة على النضج؛ إلا أن النضج يعني مزيدًا من المسئولية، ومع المسئولية يزداد الشعور بالقلق. قد يبدو أن ترك معروضاتنا التفاعلية ذات الأزرار لنتطرق إلى الموضوعات العالمية المعقدة طامحين في تغيير العالم فعليًّا أمرًا شاقًا. فكنتُ أرى عند طرح الأمر للنقاش في المحاضرات والجلسات وجوه عابسة، وملامح مشدودة في تركيز، وأيدي تكتب بسرعة. إلا أن المسئولية يصاحبها أيضًا شعورٌ بالتمكن. وفي أحيانٍ أخرى، في بعض المحادثات والمناقشات الدائرة في استراحات القهوة، كنت أجد إجماعًا وإصرارًا، ذلك الإصرار الذي يميز مجالنا الذي يجمع بين حماس الشباب وتاريخ طويل يتسم بالقوة.

كيف يمكنَّا أن نغيّرَ العالم إذًا؟ كيف يمكنَّا تحويل اتفاقية طوكيو إلى واقع؟ وما هي الأدوات والمناهج التي نحتاج إليها؟ وما هي العادات القديمة التي يجب أن نتخلى عنها؟ أقدم لكم دعوة للبدء، دعوة أستند فيها إلى القمة وإلى تحليلي للمناقشات المكثفة التي دارت هناك؛ فإذا كنا جادين في رغبتنا في حشد الأفراد لجعل كوكبَنا مكانًا أكثر استدامة وعدلًا، فإننا في حاجة للكف عن اعتقادنا بأن المعرفة العلمية بوسعها القيام بذلك وحدها. إننا في حاجة إلى تناول علم النفس وراء تغير السلوك بشكل جاد (انتظروا مقالي عن هذا الموضوع)؛ فنحن في حاجة إلى التركيز على المشاعر، وأن نبدأ في التخطيط معًا مع رفع سقف توقعاتنا، وأن نكون على استعداد كامل للتغير أثناء خوض تلك التجربة. إننا بحاجة أيضًا إلى أن نتحد، كما أننا بحاجة إلى اتخاذ مواقف صارمة أحيانًا، والاستماع في تواضع أحيانًا أخرى. إننا بحاجة إلى أن نتعاون، وأن ننحي خلافاتنا جانبًا، وأن نفسح لجيل الألفية مكانًا على سفينتنا، أو بالأحرى أن نقفز لنكون معهم على سفينتهم التي بنوها بالفعل.

لا أعتقد أنني بإمكاني أن أقدم تقريرًا شاملًا عن القمة والفعاليات المصاحبة لها، ولكنني استمعتُ إلى كثير من المتحدثين الملهمين هناك، وسوف أقدم لكم سبعة من أفضل قصص التمكين التي تقدم منظورًا غير أوروبي عن بعض القضايا التي أعرف أن القارئ على دراية بها. أقدم لكم بروكتي التي أعطت لكلمة «الضعف» معنى جديدًا تمامًا؛ كما أقدم لكم ياسوكي وتوموكازو اللذيْن يراهنان على جعل الصراع أكثر وضوحًا قبل الوصول إلى اتفاق. كذلك أقدم لكم لويزا التي تشجع مُوصِّلي العلوم على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتغلب على الخلل الذي تعاني منه وسائل الإعلام الرئيسية، وشادراك الذي يرى البحث والابتكار المسئول جزء من الثقافات المختلفة. وأيضًا أقدم ألفريدو الذي يعيد صياغة الأسئلة المتعلقة بالاستدامة لتتناسب مع تفكير الأنظمة، وسيلفيا التي تعتقد أن جيل الألفية بإمكانه قيادة الثورة الصناعية الرابعة لتحقيق الاستدامة الاجتماعية والبيئية.


بروكتاويت تيجابو
المدير التنفيذي وشريك مؤسس
ورشة عمل «أطفال نابغون» Whiz Kids

إثيوبيا

Twitter |  LinkedIn | Email

 

بروكتاويت، في الكلمة التي ألقيتِها بالأمس رويتِ قصة جميلة عن التمكين، والريادة المجتمعية، والتصميم التشاركي؛ ولكن، هل يمكنك في البداية أن توضحي لقراء مجلة سبوكس كيف بدأتِ الشركة الإذاعية الخاصة بكِ بصفتِك أستاذة في مدرسة ابتدائية في إثيوبيا؟

لقد كنت مدرسة متحمسة ذات طموح كبير؛ ليس فقط فيما يتعلق بالأطفال الذين أدرس لهم في فصلي، وإنما لكل أطفال بلدي. وكانت إحدى الأشياء التي تؤرقني رؤيتي «تأخر» الأطفال عند التحاقهم بفصلي في الصف الأول الابتدائي دون الالتحاق برياض الأطفال أولًا. كان هؤلاء الأطفال يفتقرون إلى أبسط المهارات التي يكتسبها الأطفال في مرحلة رياض الأطفال، وقد تسبب افتقارهم إلى تلك المهارات في عجز عند الالتحاق بفصلي، وذلك نتيجة لأن كثير من الأطفال في بلادي ليس لديهم رفاهية الالتحاق برياض الأطفال أولًا.

لم أستطع بناء كثير من مدارس رياض الأطفال؛ فكان علي اتخاذ خطوة قوية تمكنني من تحويل الموارد الشحيحة إلى شيء عظيم التأثير، ولكن كيف؟ هكذا بدأنا أنا وزوجي المشروع الأول لورشة «أطفال نابغون» بعنوان «تسيهاي تحب التعلم» Tsehai Loves Learning في عام 2005، وهو برنامج يستهدف الأطفال من سن 3 إلى سن 8 سنوات، ويذاع على التليفزيون المحلي؛ حيث حصد عدة جوائز منذ ذلك الحين. وننتج الآن حلقات يتم بثها عبر الراديو، كما نصدر قصص للأطفال، وقد وسعنا نطاق نشاطنا ليشمل الأطفال الأكبر سنًا أيضًا. 

 

أنتِ من أشد المؤيدين لمنهج العمل القائم على التكلفة المنخفضة–التأثير الكبير، وكذلك تؤيدين بشدة «التصميم التشاركي الحقيقي». هل يمكنك التوضيح أكثر؟

مناهج العمل من أعلى إلى أسفل لا تفيد. فدائمًا ما أروي تلك القصة عن مجتمع ريفي عملت فيه لفترة. كان سكان ذلك المجتمع يجمعون بحماس الناموسيات التي كانت تُعطى لهم باعتبارها جزءًا من مشروع لمكافحة الملاريا، وقد لفت ذلك انتباهي بشدة، إذ لم أرَ أية ناموسية معلقة في أي منزل في الفترة التي قضيتُها معهم. وعندما سألت من حولي، اكتشفتُ أن تلك الشِباك كانت شديدة الأهمية بالنسبة لهم لأنهم كانوا يستخدمونها... كشِباك لصيد السمك. لقد كان من الواضح أن مشروع مكافحة الملاريا يفتقر إلى وجود بطل محلي.

 إذا أردنا أن يمتد تأثيرنا لوقتٍ طويل فإننا بحاجة إلى تمكين الأبطال المحليين بحيث يصبح ما نفعله معًا ملكًا لهم. فالتحول لا يحدث من خلال الأخذ فقط: على المجتمعات استغلال الأدوات من أجل استيفاء باحتياجاتها وتحقيق طموحاتها. ليس هذا بالأمر السهل، ونحن بصفتِنا مساعدين، يتعين علينا أن نكون على استعداد للاستماع بشكل حقيقي وأن نتحول نحن أنفسنا. فيتعين علينا أن نكون على استعداد للشعور بالضعف وللتغير أثناء خوض التجربة مثلما يتغير الآخرون عند خوضها.

 

  الابتكار التشاركي: كُن على استعداد للشعور بالضعف وللتغير  

  أثناء خوض التجربة مثلما يتغير الآخرون عند خوضها.  

 

عملنا منخفض التكلفة؛ ليس فقط لأننا مضطرون لذلك، ولكن لأنني أؤمن أيضًا بضرورة الاقتصاد في النفقات، والابتكار المحلي، والأثر المضاعف. على سبيل المثال: في مشروعنا المسمى «أشركني» نقوم بتدريب الأطفال الذين يعيشون في المناطق المحرومة على صناعة الأفلام؛ فنمنحهم الفرصة لتصوير فيلم مدته دقيقة واحدة عن آمالهم وتساؤلاتهم حول المستقبل. ونقوم بعد ذلك بعرض أفلامهم القصيرة، بالإضافة إلى فيلم عن الرحلة التي خاضوها، على شاشة التليفزيون. ولهذا المشروع أثر كبير على المجتمعات التي ينتمي إليها هؤلاء الأطفال؛ حيث تدرك الإمكانيات التي يكنها الصغار، سواء كانوا فتيان أو فتيات. فغالبًا ما تكون الأفلام شخصية للغاية وعالمية للغاية على حدِ سواء؛ فتعكس موضوعات تمس الأطفال في إثيوبيا اليوم، بما فيها موضوعات نادرًا ما تناقش في المجال العام، مثل الزواج القسري.

 

إن التنازل عن المراقبة التحريرية في سبيل التصميم التشاركي ليس بالأمر السهل... فماذا تفعلين إذا قرر أبطالك المحليون التخلي عن مبادئك أو أهدافك؟

لا أقول إنه أمر سهل؛ فلا أعتقد أن هناك إجابات جاهزة للجميع. وهذا هو ما أقصده جزئيًّا بقولي إننا يجب أن نكون على استعداد للشعور بالضعف؛ فليس بوسعك أن تعرف مسبقًا إلى أين ستأخذك الرحلة التي سوف تقوم بها مع الأبطال المحليين، كما أنك لا تستطيع أن تكون مراقبًا صامتًا في عملية التصميم التشاركي لأنك جزء من تلك العملية.

لقد مررتُ بأوقاتٍ عصيبة وأنا أعمل في سلسلة «أشركني» Involve me؛ فبعد أن أصرت الفتيات الصغيرات اللاتي كنتُ أعمل معهن على أن أقسم بأنني لن أخبرَ أحدًا، اعترَفنَ لي بأن إحداهن كانت ستتزوج رغمًا عن إرادتِها. ماذا كان بوسعي أن أفعل؟ لقد أقسمتُ بأنني لن أندد بالأمر حتى لا أضعَها في موقف حرج، ولكنني لم أستطع الصمت! فنظرت في عدة اختيارات، ولكنني لم أستطع تنفيذ أيًا منها؛ بمنتهى الصراحة، خفت.

عندما انتهينا من المشروع، التفّ الجميع حول الأفلام لمشاهدتها في جو من السرور. شعرت بالحزن لأنني لم أستطع إلقاء المقدمة كالمعتاد، وطلبتُ من الفتيات أن يقمن بتقديم المشروع بأنفسهنّ. وفي نهاية العرض، تقدمتُ لأتحدث؛ لأعبّرَ عن مشاعر الحزن والغضب التي كانت تعتريني تجاه هذا المجتمع الذي يقدّمَ مثل هؤلاء الفتيات المُلهِمات في الوقت الذي يسمح فيه بالزواج القسري. فتحدثتُ عن رغبتي في أن يتصدى المجتمع لهذه الزيجة، وأن يبحث عن حل مع أسرة الفتاة.

لقد كنتُ محظوظة، فنجحتُ؛ وكلما فكرتُ فيما كان قد يحدث إذا لم أنجح، أرتعد خوفًا. قد يسبب لك التصميم التشاركي كثير من القلق، ويجب أن تكون مستعدًا لهذا.  

 

يهدف عملَكِ أيضًا إلى تحقيق المساواة بين الجنسيْن. حدثينا عن برنامجك القادم الذي يستهدف تقديم بطلات خارقات مراهقات.

«فتيات تيباب (الحكمة)» Tibeb Girls هن ثلاث بطلات خارقات مراهِقات يحاولن إنقاذ الفتيات الإثيوبيات اللاتي يعانين من مشكلات على غرار الزواج القسري، أو الأمية، أو التهديدات الصحية. ويسعى هذا البرنامج إلى تعزيز المساواة بين الجنسين والسلوك الصحي وبناء الشخصية، وهي ثلاثة من المبادئ التي نسعى إلى نشرها. وسوف تكون «فتيات تيباب» مثلًا أعلى للفتيات، ولكننا نعتقد أن هذا لا يكفي؛ فعلى الفتيان (والآباء والأمهات!) أيضًا أن يستمعوا إلى تلك القصص عن تمكين الفتيات.

 

 

وأخيرًا، فإننا نهدف في هذه القمة إلى مناقشة ما تعنيه أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة بالنسبة لنا، وكيف يمكننا أن نقوم بدورنا في تحقيق تلك الأهداف. ما دوركم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة؟

ما نقوم به يهدف إلى تحقيق كثير من تلك الأهداف؛ فلدينا رؤية قوية وأدوات قيّمة تمكننا من التواصل مع صناع السياسات وشرح ما نقوم بعمله لهم.

 

  تقدم أهداف التنمية المستدامة لغة مشتركة لنطاق كبير من أصحاب المصالح  

  الذين يعملون من أجل تحقيق التغير المجتمعي والديمقراطية.  

 

أعتقد أيضًا أن أهداف التنمية المستدامة تمنح لغة مشتركة لنطاق كبير من أصحاب المصالح الذين يعملون من أجل تحقيق التغير المجتمعي والديمقراطية، كما تمنحهم طريقة لتحديد أوجه الالتقاء بين جهودهم. لأكن صادقة، عندما دُعيت للتحدث في هذه القمة فكرتُ في بادئ الأمر أن أرفض؛ فقد كنتُ أعتقد أن قصتي لا علاقة لها بموصّلي العلوم. إلا أنني أدركت تلك العلاقة عندما سمعتُ المزيد عن موضوع القمة المتمثل في «ربط العالم من أجل مستقبل أفضل» وعن ارتباط مجالكم المباشر بأهداف التنمية المستدامة؛ فأدركت أن بيننا كثير من الأشياء المشتركة.


د. توموكازو فوكوي
موصل للعلوم
المتحف الوطني للعلوم
والتكنولوجيا الناشئة «ميرايكان»
طوكيو، اليابان
د. ياسوكي إيكيبي
موصل للعلوم - باحث رئيسي
المتحف الوطني للعلوم
والتكنولوجيا الناشئة «ميرايكان»
طوكيو، اليابان
البريد الإلكتروني

 

د. إيكيبي، ماذا كان رد الفعل الأول لميرايكان تجاه الحادث النووي الذي حدث في مدينة فوكوشيما في مارس 2011 ضمن توابع الزلزال وأمواج التسونامي التي ضربت بلادك في ذلك اليوم؟

د. إيكيبي: كنا نعرف أن الناس سوف يبحثون عن معلومات علمية موثوق بها؛ ولذلك، نشرنا في الأيام والأسابيع التي أعقبَت الحادث سلسلة من المقالات عن الإشعاع، والزلازل، وأمواج التسونامي على موقع مخصص لتلك المقالات، كما فتحنا «صندوق أسئلة» إلكتروني يستطيع الجمهور من خلاله طرح الأسئلة وتلقي الإجابات.

كان المبنى الخاص بنا من المباني التي تأثرت تأثرًا كبيرًا؛ فظل مغلقًا لثلاثة أشهر. وترتب على ذلك أن أضحى خمسين من موصلي العلوم (وهو المصطلح الذي نطلقه على الشارحين) بلا عمل؛ فاستغلينا وقتهم في كتابة المقالات للجمهور. بالإضافة إلى ذلك، أقمنا ورش عمل لمخاطبة أمر ملح للغاية: فهم الإشعاع ومحاولة قياسه. وقد شرحنا للجمهور كيفية استخدام أجهزة كشف الإشعاع، بالإضافة إلى كيفية تحويل وحدات قياس الإشعاع في الساعة إلى وحدات قياس الإشعاع في السنة حتي يستطيعوا تحديد ما إذا كانوا معرضين للخطر.

 

من المؤكد أن الطاقة النووية قد أصبحت فجأة على رأس قائمة اهتمامات موصلي العلوم في اليابان...

د. فوكوي: بدأ الناس يفكرون في «الطرف الآخر لكابل الطاقة» ويحاولون الموازنة بين مخاطر الطاقة النووية وفوائدها بحذر أكبر. فبدأ اليابانيون بعد الحادث في مناقشة خيارات الطاقة بكثافة، خاصة في ظل عملية تحرير سوق الطاقة التي تمت بعد الحادث بوقتٍ قصير. هناك كثير من الآراء المتعارضة حول الطاقة النووية.

 

يبدو الأمر كما لو أن أحدهم قد بدأ حوارًا ولم ينهِه؟

د. إيكيبي: في بعض الأحيان أشعر بأن كثير من الناس قد «نسوا» الحادث والآثار التي ترتبت عليه بسرعة شديدة؛ فبالنسبة لبعض الناس، عادت الكهرباء لكونها أمر مسلم، متاح كالهواء في كل مكان وللجميع. في رأيي، من الضروري تذكير الناس بما حدث طوال الوقت، كما أنه من الضروري رواية القصة للأجيال الأصغر لأن ما حدث منذ ست سنوات ونصف يبدو بالنسبة لهم وكأنه قد حدث في عصر ما قبل التاريخ. لقد أثر الحادث تأثيرًا كبيرًا على رؤيتي لرسالتي بصفتي موصل للعلوم؛ فقد صرتُ أراها مسئولية تتضمن المساعدة في دراسة المخاطر التي من الممكن أن تتهددنا في المستقبل، ومحاولة الحد منها.

د. فوكوي: لقد قررنا في ميرايكان توسيع نطاق السؤال وإعادة صياغته، وذلك بهدف رفع الوعي بخيارات الطاقة في المستقبل؛ فنود أن نقوم بدور في الوصول إلى اتفاق مجتمعي في هذا الشأن. إننا مقتنعون بأنه يمكن الوصول إلى ذلك الاتفاق المجتمعي من خلال التفاهم المتبادل، وذلك بالنظر إلى الأمور من منظور أصحاب المصالح الآخرين.

وعليه، أقمنا ورشة تمثيل أدوار تستهدف طلاب المدارس الثانوية، باعتبارهم قادة المستقبل. وفي هذه الورشة، يقوم الطلاب بتحديد مزايا المصادر المختلفة للطاقة وعيوبها، وذلك من منظور أصحاب المصالح المختلفين. من ثم، يقدم الطلاب البيانات التي قاموا بجمعها إلى أساتذتهم وإلى المسئولين في مدينتهم؛ وبناءً على ذلك، يفتح حوار عام. وتوضح بيانات التقييم أن عدد الطلاب الذين صار لديهم وعي بالأمور المتعلقة بالطاقة قد تضاعف بعد المشاركة في تلك الورشة.

كذلك أقمنا معرض مؤقت باسم «الدرس رقم 3.1» يهدف إلى دراسة الكوارث الطبيعية، والحوادث النووية، والآثار الصحية الناجمة عن الإشعاع والطاقة المتجددة.  وقد قمنا باستغلال الفرصة لجمع آراء الزوار؛ فوجدنا، على سبيل المثال، أنه لم يهتم بالربح سوى القليل جدًا من الزوار، بينما تصدرت بعض الأمور – مثل التلوث الضوضائي الناتج عن طواحين الهواء، والآثار الصحية المحتملة، والتكاليف التي سيتكبدها دافعو الضرائب – قائمة الأولويات. بالإضافة إلى ذلك، وجدنا أن كثير من الزوار لم يثقوا في قدرة الطاقة المتجددة على توفير ما يكفي من الكهرباء لليابان.

 


معدل تطور الخطر – المتحف الوطني للعلوم والتكنولوجيا الناشئة «ميرايكان»

 

أرجو أن تعذرا صراحتي، ولكنني أعتقد أنه يوجد ما يشبه اتفاقًا عامًا في اليابان على عدم المجاهرة بالاختلافات...

د. إيكيبي: تختلف الآليات التي نستخدمها في اتخاذ القرارات الجماعية عن الآليات التي تستخدمونها في أوروبا؛ فصحيح أن اتباع رأي القائد جزءًا أصيلًا من ثقافتنا، ولكن، هذا لا يعني أن يتفق الفرد مع الآخرين جميعًا: هناك كثير من الآراء المتعارضة حقًا حول الطاقة النووية اليوم.

قد لا نعبر عن خلافاتنا بوضوح كما تفعلون، ولكنها قائمة. فبعد الحادث مباشرة، على سبيل المثال، أرادت كثير من الأمهات اللاتي يعشن بالقرب من المحطة النووية ولديهن أطفال صغار أن يرحلن إلى أماكن بعيدة، خوفًا على صحة أبنائهن؛ إلا أن بعض الأزواج والأسر رفضوا مغادرة الأرض التي عاشوا يزرعونها لعقود. فرحلت بعض الأمهات مع أطفالهن، مما أسفر عن حدوث حالات طلاق.

 

  ترك «الأنشين» Anshin، وهو مفهوم مطمئنٌ يدعو الأفراد إلى الثقة بالنظام الاجتماعي،  

  تاركين المسئوليات والأسئلة في أيدي الآخرين.  

 

لدينا هنا مفهوم «الأنشين»، ويصف «الأمان» أو «الرخاء» الذي يحققه لنا النظام الاجتماعي؛ ويدعو هذا المفهوم الأفراد إلى الثقة بالنظام الاجتماعي وترك المسئوليات والأسئلة في أيدي الآخرين. وإنني أطمح إلى القضاء على مفهوم «الأنشين» ودعوة الناس إلى طرح الأسئلة بشأن من الذي يجب أن يكون مسئولًا عن تقليص المخاطر في المجتمع وتحقيق الأمان لأفراده.


لويزا ماساراني
مديرة - باحثة وموصلة للعلوم
الرابطة اللاتينية والكاريبية لنشر العلوم RedPOP / مؤسسة أوزوالدو كروز

البرازيل

 

لويزا، لقد وصفتِ اليوم وسائل التواصل الاجتماعي بأنها «فرصة فائتة» بالنسبة لتوصيل العلوم في البرازيل، في الجلسة التي كانت بعنوان «السياسة ووسائل التواصل الاجتماعي». هل من الممكن أن توضحي ذلك أكثر؟

لقد أوضح استقصاء أجري حديثًا أن ألفًا من العلماء البرازيليين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن 63٪ منهم لم يكونوا يستخدمونها لتشجيع الجمهور على الاندماج مع العلوم. وهذه فرصة كبيرة فائتة بكل تأكيد؛ فالبرازيليون بشكل عام يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي طوال الوقت: 80٪ من مستخدمي الإنترنت في البرازيل نشيطون على مواقع التواصل الاجتماعي.

دعوني أشارككم قصة لأوضح لكم لماذا نحتاج إلى أن يكون صوت العلماء وموصلي العلوم أعلى على مواقع التواصل الاجتماعي. منذ سنوات، قام عالم برازيلي بتطوير «حبة لعلاج السرطان» بناءً على نتائج أولية بدَت مبشرة، وقام بتوزيعها من خلال معمله الموجود في إحدى الجامعات المهمة في البرازيل. وعندما تقاعد هذا العالِم في عام 2015، قررت الجامعة وقف توزيع الحبة متعللة بأنها لم يتم اختبارها بشكلٍ كافٍ؛ فلجأ بعض المرضى إلى القضاء، وقد حكَمَت المحكمة بأن تقوم الجامعة بإعادة توزيعها. في تلك الأثناء، تم إجراء أربع دراسات مستقلة لاختبار الحبة، وقد أثبتت تلك الدراسات أن تلك الحبة لا تعالج السرطان؛ بل أثبتت إحداها أنها من الممكن أن تؤدي إلى انتقال السرطان إلى عضو آخر. وعليه، قرر بعض أعضاء البرلمان في مدينة ساو باولو تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق (غالبا ما يتم تشكيلها في حالة وقوع الجرائم، وحالات الاحتيال، إلخ) في محاولة لفحص هذه الدراسات العلمية. أثناء تلك العملية، كان المؤيدون لإنتاج تلك الحبة يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي؛ فكان صوتهم أقوى من صوت العلماء.    

 

تحدثتِ أيضًا عن وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها وسيلة لمحاربة الإعلام التقليدي المتحيز...

من المعروف أن تغطية الصحافة الرسمية لمحاكمة الرئيسة ديما روسيف كانت متحيزة تحيزًا سلبيًا، بينما استفاد مايكل تيمير، الذي حل محلها، من التحيز الإيجابي. ولا أذكر ذلك الدليل في سياق سياسي، ولكنني أريد أن أوضح أن الإعلام الرسمي يخذل الديمقراطية في البرازيل، وبصفتنا مجتمع لتوصيل للعلوم يجب أن نقوم بدور في هذا الصدد.

 

  الإعلام الرسمي يخذل الديمقراطية في البرازيل،  

  وعلى مجتمع توصيل العلوم أن يقوم بدور في هذا الصدد.  

 

لقد كان للأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البرازيل تأثير كبير وسريع على العلوم؛ فبعد مرور أقل من أربع وعشرين ساعة على اتهام رئيسة البلاد، أعلن تيمير دمج وزارتي العلوم والاتصالات، لتصبح الأولى جزءًا من الأخيرة. وفي عام 2016، نجح في تمرير قانون يحد من الميزانية المقررة للعلوم والتعليم والصحة لعشرين عامًا قادمة! في عام 2017، كانت ميزانية العلوم أقل ميزانية للعلوم على مدار العقدين الماضيين؛ فبلغت حوالي ثلث الميزانية المقدرة للعلوم في عام 2013.

لم تفقد العلوم في البرازيل فقط الميزانية المقدرة لها، وإنما فقدت مكانتها أيضًا؛ ولذلك فقد أصبح لزامًا على العلماء أن يعيدوا التفكير فيما يتعلق بمدى تفاعلهم (أو عدم تفاعلهم) مع الجمهور. تستطيع وسائل التواصل الاجتماعي أن تقوم بدور كبير في هذا السياق، مما قد يساعد العلماء على التواصل مع المجتمع من خلال وسيلة سريعة ومنخفضة التكلفة.


شادراك مكانسي
مدير منصة الوعي العلمي
الوكالة الجنوب إفريقية للتقدم العلمي والتكنولوجي SAASTA

جنوب إفريقيا

 

شادراك، تشارك الوكالة الجنوب إفريقية للتقدم العلمي والتكنولوجي، وهي الهيئة الحكومية التي تعمل بها، في مشروع «نيوكليوس (النواة)» Nucleus الذي يموله الاتحاد الأوروبي، وذلك بهدف «إعادة البحث والابتكار المسئول إلى الجامعات والمؤسسات العلمية». لقد كنت أظن أن البحث والابتكار المسئول مفهومًا أوروبيًا للغاية... حدثني عن هذا المفهوم في جنوب إفريقيا.

لا يختلف وضع توصيل العلوم في جنوب إفريقيا كثيرًا عنه في أوروبا. فتأثر كل من نظام التعليم في المدارس والبنية التحتية للبحث العلمي لدينا قد بأماكن أخرى من العالم؛ مثل أوروبا وبريطانيا. وبالإضافة إلى ذلك، فإن كثير من الأوروبيين اليوم يعملون في جنوب إفريقيا.

لقد نظمنا رحلات ميدانية في أوروبا وجنوب إفريقيا باعتبار ذلك جزءًا من المشروع، وكانت الاستجابات التي تلقيناها شديدة التشابه. وعلى غرار أوروبا، فقد بدأ توصيل العلوم في جنوب إفريقيا في التخلي عن قصوره ونقل المعلومات في اتجاه واحد، متبنيًّا أسلوب الحوار المتبادل.

وقد قمنا بإجراء دراسة تكيفية عبر الثقافات باعتبار ذلك جزءًا من المشروع، ووجدنا أننا ربما لا نستطيع أن نصف الدراسة بأنها نوع من «البحث والابتكار المسئول»، إلا أن كثيرًا من سمات البحث المسئول والابتكار قد صارت موجودة بالفعل في جنوب إفريقيا؛ مثل وجود نظام لأخلاقيات البحث العلمي، والاهتمام بالمعرفة المحلية.

 


اجتماع مشروع «نيوكليوس»

 

في عرضك التقديمي تهكمت على «الطريق الطويل إلى البحث والابتكار المسئول»...

سوف أعطيك مثالًا حديثًا: التلسكوب الراديوي «مصفوف الكيلومتر المربع» Square Kilometer Aray (SKA)، وهو مشروع دولي مخطط له مرصد في جنوب إفريقيا. عند اختيار الموقع المستقبلي، كان المجتمع المحلي متفائلًا بالمشروع، ظنًا منه أن هذا المشروع سوف يوفر فرص عمل ويحقق الرخاء للمنطقة. إلا أن مفاجأة سيئة كانت في انتظار الناس؛ فقد فوجئوا بأن المشروع يحتم عدم استخدام أجهزة الراديو أو الهواتف المحمولة أو أجهزة الاتصال اللاسلكي في نطاق معين. ولماذا حدث ذلك؟ لأن الصحفيين الذين «توسطوا» لدى الناس لم يكونوا صادقين بشأن النتائج المتوقعة للمشروع عندما قاموا بشرحه للناس؛ فلو اتبع منهج البحث والابتكار المسئول لأتاح فرصة للحوار المباشر بين العلماء والسكان المحليين.

أنا نفسي تعلمتُ أهمية الحوار من خلال درسٍ قاسٍ،؛ فمنذ عدة سنوات، كنتُ أدير برنامجًا لإنشاء معامل كمبيوتر في المدارس، ولم تكن الأقراص الصلبة توضع في الحجرات التي كنا نجهزها، فلم نكن نضع في تلك الحجرات سوى شاشات تستخدم نظام «العميل النحيف» – وهي أجهزة حاسوبية تعتمد على الخوادم المركزية عوضًا عن الأقراص الصلبة. ومع ذلك، فقد تعرضنا لعديد من السرقات؛ فكان اللصوص يسرقون أجهزة لا تمثل وحدها أية قيمة. وقد أدركنا أن ذلك كان يحدث لأن أحدًا لم يكن يعرف ما نفعله في تلك الحجرات، ولا حتى الأساتذة المشاركين في المشروع!  

 

  لا يتعلق الأمر بمفهوم البحث والابتكار المسئول بقدر ما يتعلق باندماج الناس في المشروع.  

 

باختصار، لا يتعلق الأمر بمفهوم البحث والابتكار المسئول بقدر ما يتعلق باندماج الناس في المشروع.

لابد وأنك على دراية بمشكلة مؤشر الأداء لدى العلماء،؛ فهم لا يلاحظون مرور الوقت الذي يقضونه في مبادرات العلوم والمجتمع على سبيل المثال. في جنوب إفريقيا، تعمل المؤسسة الوطنية للبحوث مع الحكومة من أجل تحديث القانون الحالي الذي تأسست بموجبه المؤسسة الوطنية للبحوث ليتضمن أيضًا الاندماج مع العلوم، مما يضمن مشاركة باحثينا في الاندماج العلمي.


ألفريدو تولماسكيم
مدير
تنمية العلوم / متحف الغد

ريو دي جانيرو، البرازيل

البريد الإلكتروني

 

ألفريدو، تحدثتَ في جلسة بعنوان «تفكير الأنظمة من أجل الاستدامة» عن تفعيل دور مراكز العلوم ومتاحفها في العلاقات المتشابكة بين بعض القضايا وأصحاب المصالح. منذ سنوات مضت، لم يكن من السهل أن نلاحظ دور مؤسساتنا في تحقيق التغير الاجتماعي...

نعيش حاليًا فترة حرجة للغاية؛ فنحن نستهلك حاليًا ما يقرب من 1.7 كوكب في كل عام: هذا يعني أننا نستهلك أكثر مما يستطيع الكوكب توفيره، وهو ما يعني أن ديوننا تزداد في كل عام، وسوف يكون على الأجيال القادمة تسديد تلك الديون. ويؤكد العلماء أنه إذا استمر هذا النمط الاستهلاكي، فسوف نحتاج إلى ثلاثة كواكب بحلول عام 2050. لدينا عديد من الجزر البلاستيكية المتناثرة عبر المحيطات، والاحتباس الحراري أمرٌ واقع، ونحن نعلم أننا إذا لم نستطع إيقاف انبعاث الغازات الدفيئة المستمر بحلول عام 2020، فإننا لن يكون بوسعنا منع زيادة متوسط درجة الحرارة على الكوكب بأكثر من درجتين مئويتين. ويطلق كثير من الباحثين على الحقبة الحالية «الأنثروبوسين» Anthropocene، وهي حقبة جيولوجية جديدة تشكلها تصرفات البشر؛ فنحن نتسبب في تغيرات عميقة ولا رجعة فيها على كوكبنا، ومن الممكن أن نعتبر أنفسنا قوة كوكبية جديدة.

باعتبارها أماكن مميزة تسهم في توصيل العلوم تقوم مراكز العلوم ومتاحفها بدور كبير في إجراء تلك المناقشات وغرس تلك الأفكار في المجتمع. ويعكس كل من موضوع القمة هذا العام هو «ربط العالم من أجل مستقبل مستدام»، بالإضافة إلى موافقة اتفاقية طوكيو على التزام مراكز العلوم ومتاحفها بتحقيق السبعة عشر هدفًا للتنمية المستدامة التي أقرتها الأمم المتحدة، التزام مراكز العلوم ومتاحفها بتلك الموضوعات.

والسمة الحالية لمراكز العلوم ومتاحفها لم تعد فقط التركيز على التنوير العلمي، أو الاندماج العلمي، أو توضيح المبادئ والمعرفة العلمية، وإنما صارت تهتم أيضًا بالتفاعل بين العلوم والمجتمع، وذلك لاهتمامها ببعض القضايا مثل قضية الاستدامة. وفي «متحف الغد» شعارنا الأساسي هو «الغد هو اليوم، واليوم هو وقت العمل».

 

«الغد هو اليوم»: كيف تنعكس هذه الفكرة فيما يقدمه متحف الغد للجمهور؟

إن زيارة متحف الغد لها ترتيب معين: فنبدأ بمناقشة أصل المادة، والحياة، والفكر، وما يميز الإنسان، وأين نعيش اليوم، وما هي الاتجاهات المستقبلية على مستوى الإنسان، والمجتمع، والكوكب. بشكل عام، نحاول دفع الزوار للتفكير في أمرين: ما شكل المستقبل الذي يتمنونه؟ وما الذي يستطيعون تقديمه من أجل ذلك؟

فعلى مدار العرض، يواجه الزوار بعض الأسئلة؛ مثل: هل هم على استعداد لتغيير عاداتهم الاستهلاكية لضمان استدامة الكوكب؟ ماذا هم على استعداد لتقديمه لمنع زيادة الاحتباس الحراري؟ هل هم على استعداد لتقليل استهلاكهم للحوم؟ هل يرغبون في اختيار لون عيون أطفالهم؟

وغالبًا ما تكون المعروضات التفاعلية غامرة، مما يشعر الزوار أحيانًا بالقمع؛ فبالفعل نرغب في بعض الأحيان أن نشعر الزائر بقليل من عدم الراحة. وحتى نستطيع تحقيق ذلك، نقوم بالجمع بين بعض الأمور الفلسفية والمحتوى العلمي، وتقديم ذلك باستخدام بعض الوسائل الفنية؛ فالفن وسيلة قوية للغاية للتواصل مع الجمهور، وأحيانًا يكون أكثر فاعلية من لغة العلم وحدها.

 

  لا يوجد بمتحف الغد إدارة للحفظ، وإنما يوجد به إدارة «للتجديد».  

 

لأننا نحاول دومًا أن نعرض ما وصلنا إليه اليوم، بالإضافة إلى الاتجاهات المستقبلية، فإننا لا نعمل سوى باستخدام الأجهزة الرقمية، والتي يسمح لنا بالتحديث المستمر؛ وعليه، يضم المحتوى الموجود في متحف الغد معلومات تتغير باستمرار. فليس لدينا إدارة للحفظ، وإنما لدينا إدارة «للتجديد»،: بالنسبة لنا، فإن تنسيق المحتوى يعني مواكبة التقدم العلمي المستمر. ومنذ أن افتتح المتحف منذ عامين، قمنا بعمل أكثر من 230 تغيير في عروضنا بالفعل؛ واليوم نفكر في كيفية إجراء المزيد من التصميم التشاركي عند إجراء مزيد من التحديثات.

 

إنكم تؤيدون الاستدامة، ولكن في الوقت نفسه لديكم مبنى جديد ضخم من تصميم كالاترافا، ولديكم شاشات في كل مكان في المعرض...

إن مسألة الاستدامة تثير كثيرًا من الأسئلة الجديدة طوال الوقت. فكان من الممكن أن نرفض المشاركة في هذه القمة نظرًا لأن الكثيرين اضطروا إلى ركوب الطائرات للسفر إليها، مما يؤدي إلى زيادة انبعاث الغازات الدفيئة – أو ربما كان علينا أن نأتي إليها على ظهور الحمير والأحصنة. وبالطبع فإن هذه الخيارات ليست منطقية بالنسبة لنا. تغيير أنماط الاستهلاك الخاصة بنا لا يعني التخلي عن التقدم العلمي والتكنولوجي أو عن الصحة والأريحية.

فقد كان معمار كالاترافا المتميز من أهم عوامل ظهور المتحف بشكل جذاب للجمهور، وقد سمح لنا ذلك بجذب كثير من الزوار (أكثر من مليون زائر سنويًا)، وخاصة بعض الأفراد الذين لم يزوروا أية متاحف في حياتهم.

 


متحف الغد تصوير بايرون - بروجانسكي

 

علاوة على ذلك، فإن لسطح المبنى جناحين لهما خلايا ضوئية تتحرك في اتجاه الشمس للاستفادة بأكبر قدر من الطاقة الشمسية. كذلك نقوم باستخدام المياه الباردة من أسفل خليج جوانابارا لتشغيل نظام تكييف الهواء؛ فنعيد استخدام المياه ومياه الأمطار، ما مكنَّا من الحصول على شهادة الريادة في تصميمات الطاقة والبيئة للبناء المستدام. وعلاوة على ذلك، فإننا نعد أيضًا بيان سنوي بمقدار انبعاثات الغازات الدفيئة لنا، ونقوم بتعويض ذلك.

نحن على دراية بأنه إذا نجح مبنانا المبهر ومعارضنا عالية التقنية في إثارة حماس الزوار وإلهامهم لإعادة النظر في استهلاكهم للطاقة، أو ابتكار تقنيات مستدامة جديدة، أو تقليل كمية اللحوم التي يستهلكوها، فإننا بذلك نكون قد استغلينا الطاقة استغلالًا جيدًا. وفي رأيي أن إحدى نقاط القوة في تفكير النظم تتمثل في رؤية تأثيرنا على مساحة أكبر، وذلك من خلال استثمار الموارد من أجل مضاعفة الآليات.


سيلفيا سينجر
المدير التنفيذي والمدير العام
المتحف التفاعلي للاقتصاد «ميدي» MIDE

المكسيك

Twitter |  LinkedIn | Email

 

سيلفيا، لقد كنتِ واحدة من المتحدثين في الجلسة التي كانت بعنوان «مراكز العلوم في عام 2026 وما بعد ذلك». ما توقعاتك بالنسبة للمستقبل؟

في عام 2026، سيكون متبقي أربع سنوات فقط على الموعد النهائي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة الذي حددته الأمم المتحدة ليكون في عام 2030؛ ولذلك فسوف تضطر المتاحف إلى مواجهة بعض الأمور الملحة التي لم تُحل بعد على المستويين المحلي والعالمي. 

إنني أرى أن الثورة الصناعية الرابعة تؤثر على المحتوى وإستراتيجيات التواصل الخاصة بنا: في عام 2026، سوف تؤثر الثورة الصناعية الرابعة على حياة كل فرد، وسوف نحتاج في بعض الدول إلى التعويض عن عدم المساواة بين الأفراد في قدرتهم على الاستفادة من تلك الثورة.

سيكون جيل الألفية والجيل الذي يليه آباء وأمهات بحلول عام 2026، وسوف يُحضرون أطفالهم إلى متحفنا. وهم جيل لا يُحب أن يتلقى الأوامر، وأنا لا أعتقد أن الحكومات تفهم دوافعهم جيدًا بعد، ولكن لديهم كثير من الإمكانيات الرائعة، وهم يشكلون جزءًا كبيرًا من السكان في كثير من أرجاء العالم.

 

  جيل الألفية سوف يصبحون آباء وأمهات، وسوف يحضرون أبناءهم لزيارة  

  متحفنا بعد عشر سنوات من الآن؛ وهم جيل لا يحب أن يتلقى الأوامر.  

 

مرت علينا لحظة «إدراك» في المكسيك في سبتمبر الماضي عندما ضرب مركز البلاد زلزال قوي. ففي غضون دقائق، نظم آلاف الشباب أنفسهم، وراحوا يعملون في الشوارع لإنقاذ الأرواح ومساعدة الآخرين. كان بعضهم يعمل بيديه العاريتين، بينما راح البعض الآخر يعمل باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات والهواتف الذكية.

إن جيل الألفية جزء من القوى العاملة لدينا بالفعل (فيشكلون 50٪ على الأقل من الموظفين لدينا)؛ وبحلول عام 2026، سيكونون في مواقع مسئولية في كل مكان حول العالم، وأنا متأكدة من أنهم سيهتمون بالتصميم التشاركي وبأثر عملهم على المجتمع.

هذا يعني أننا نحتاج إلى أن نبدأ العمل الآن على تحويل متاحفنا من متاحف للأفراد إلى متاحف من الأفراد، وعلى أن يصبح ما لدينا من محتوى وإستراتيجيات تواصل أكثر ديناميكية، وأن نصبح أكثر سرعة في ردود أفعالنا، وأن تصبح تكلفة ما نقدمه أقل، وألا نظل قائمين بذاتنا ونصبح متواصلين، وأن نصبح منصات للمعلومات بدلًا من مقدمي معلومات. وهناك بعض الأماكن التي استطاعت النجاح في ذلك، ومنها على سبيل المثال معرض العلوم في دابلن.

 

قلتِ في الجلسة إن جيل الألفية يتوقعون من المنظمات أن تتحلى بالشجاعة وأن «تتقبل الاختلافات». كيف يمكنك إقناع بعض أصحاب المصالح المحافظين بتبني تلك المبادئ في مؤسستك؟

في حالة المتحف التفاعلي للاقتصاد حجتي هي أن المتاحف التقليدية القائمة على عرض المجموعات تستمد سمعتها من تلك المجموعات. إذًا، من أين نستمد سمعتنا في متحف الاقتصاد التفاعلي؟ نستمدها من مصداقية المعلومات ومن جودة المناقشات التي نقدمها؛ فيجب أن نعرض وجهات نظر مختلفة ذات أهمية بالنسبة للجمهور، وأن نحترم ذكاء الزوار، وأن نثق في قدرتهم على تبني وجهات النظر الخاصة بهم.

ولكن إذا حاولنا تصدير تلك الفكرة إلى أي متحف علمي، فسنجد أننا في فترة «ما بعد الحقيقة» نحتاج إلى تعزيز مصداقيتنا بنفس الشكل؛ فلنكن نشطاء وقادرين على الاستجابة إلى احتياجات جمهورنا الجديد.

 

سيستضيف متحفك القمة العالمية لمراكز العلوم 2020 تحت رعاية الشبكة اللاتينية والكاريبية لنشر العلوم RedPop. ماذا يمكننا أن نتوقع؟

إنه ليدهشني أن البلاد المتقدمة والنامية والمتخلفة تواجه اليوم تحديات شديدة التشابه؛ مثل: الفقر المدقع وعدم المساواة، والشعبوية، والهجرة... ونعمل الآن على الموضوع؛ فنحاول تشكيل القمة بالاشتراك مع زملاء لنا من جميع أنحاء أمريكا اللاتينية. لا أريد البوح بالكثير، ولكنني لن أندهش إذا أكدنا على الجانب المجتمعي للتنمية المستدامة، ودور المساواة والتنوع في بناء عالم أفضل.

 


معرض الكون في متحف الغد تصوير بايرون-بروجانسكي

متحف الغد تصوير بايرون - بروجانسكي

معدل تطور الخطر – المتحف الوطني للعلوم
والتكنولوجيا الناشئة «ميرايكان»

اجتماع مشروع «نيوكليوس»

معرض مؤقت: «الدرس رقم 3,11» – المتحف الوطني للعلوم
والتكنولوجيا الناشئة «ميراياكان»، اليابان

معرض مؤقت: «الدرس رقم 3,11» – المتحف الوطني للعلوم
والتكنولوجيا الناشئة «ميراياكان»، اليابان

مشروع «أشركني» الذي نظمته ورشة «أطفال نابغون»:
أطفال من خلفيات محرومة يقومون بتصوير فيلم
مدته دقيقة واحدة يُعرض على التليفزيون المحلي.

مشروع «أشركني» الذي نظمته ورشة «أطفال نابغون»:
أطفال من خلفيات محرومة يقومون بتصوير فيلم
مدته دقيقة واحدة يُعرض على التليفزيون المحلي.

المعارض الدائمة في المتحف الوطني للعلوم
والتكنولوجيا الناشئة «ميراياكان» الذي استضاف
القمة العالمية لمراكز العلوم 2017.

زلزال المكسيك

 


نُشر المقال الأصلي باللغة الإنجليزية في العدد رقم 36 (ديسمبر، 2017) من مجلة «سبوكس» Spokes الإلكترونية التي تصدرها رابطة مراكز ومتاحف العلوم الأوروبية Ecsite تحت عنوان: «مد نطاق الاستفسار» Inquiry, Stretched، ويمكنكم الاشتراك مجانًا في مجلة «سبوكس» من هنا.

قامت رابطة المراكز العلمية بشمال أفريقيا والشرق الأوسط NAMES بترجمة المقال ونشره باللغة العربية بتصريح من رابطة مراكز ومتاحف العلوم الأوروبية ومن المؤلف/المؤلفين، وتتحمل NAMES مسئولية هذه الترجمة.

لا يجوز إعادة إنتاج هذا المحتوى، سواء بالإنجليزية أو العربية، بأي شكل من الأشكال، دون الرجوع إلى رابطة مراكز ومتاحف العلوم الأوروبية Ecsite.