التنكرة في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات؛ أكثر من متعة فحسب!


قلمإيناس عيسى

 

قد تتذكر الجسر المكسور الذي أنشأته وأنت لا تزال طفلاً لحمل شاحنة ضخمة، حتى تحطم. ربما تكون قد جربت آخر، ببناء أفضل ليكون أكثر صلابة؛ مرة ومرتين وأكثر. لكي تكون أكثر وعيًا وثقة في بنائك، ربما تكون قد استخدمت حواسك لاستكشاف الخصائص الفيزيائية للمواد، وتفكيك الأشياء ثم تجميعها لمعرفة كيفية عملها.

سواء نجح الأمر أم لا، ليس هذا هو الهدف؛ إن فكرة إنشاء مثل تلك التصميمات بأدوات بسيطة وامتلاك عقلية الإبداع تلك هما ما يكمن وراء مفهومين مهمين جدًّا في تعلم العلوم: التنكرة والصنع.

اللعب وتطوير مهارات التعلم

لم يكن اللعب عديم الفائدة أبدًا حتى لو بدا الأمر كذلك بالنسبة إلى بعض الناس؛ فمن خلال هذه العملية، يتعلم الأطفال أكثر بكثير مما يعتقده الكبار. يطور هذا اللعب عديد من المهارات التي يبنى عليها مستقبل الأطفال ومعرفتهم الأكثر تعقيدًا.

عندما يواجه الأطفال مشكلات في أثناء اللعب والتنكرة، فإنهم يطرحون أسئلة حول الخطأ الذي حدث، ويضعون الخطط، ويختبرون أفكارهم لحل المشكلة والعمل على تحسين ذلك في المستقبل. هذا هو بالضبط ما يستخدمه العلماء والمهندسون في عملهم وأبحاثهم؛ محاولة تطوير الحلول، حتى مع محدودية المواد والوقت والأموال.

 

 

التنكرة والصنع في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات

في تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، صيغت التنكرة والصنع لشرح المراحل الأولى من التصميم.

تشير التنكرة إلى عملية يكتشف من خلالها الأطفال كيفية عمل المواد والأدوات، حتى لو كانت بسيطة جدًّا. وعندما لا تعمل الأشياء، يتشجع الأطفال على تجربة استراتيجية أخرى أو استخدام مواد أو أدوات مختلفة. لنكون أكثر دقة، تعد التنكرة شكلًا أكثر تطورًا من اللعب؛ فهي دمج اللعب مع الاستفسار، مما يمكّن الأطفال من أن يكونوا أكثر وعيًا بالعمل مع مواد مختلفة، وتطوير الأفكار، وبناء مهارات جديدة.

من ناحية أخرى، يشير الصنع إلى ذلك الموجه لصنع شيء يساعد في حل مشكلة باستخدام المواد المتاحة، جنبًا إلى جنب مع الإبداع والخيال. بعبارة أخرى، تتعلق التنكرة باستخدام الأشياء، بينما يتعلق الصنع باستخدام الأشياء لصنع شيء يمكن أن يتبعه خطوة أكثر تعقيدًا: الهندسة، وهي عبارة عن استخدام الأشياء لعمل أشياء تنفذ المهام.

 

 

تعليم الصنع

إلى جانب التعليم الرسمي النموذجي، يعد تعليم الصنع منهجًا للتعلم يركز في اهتمامات الطلاب ويوجههم إلى الوعي بالتصميم. يعتمد هذا النوع من التعليم على عقلية «الصنع»، التي تنطوي على الرغبة المستمرة في التعلم وتطوير المهارات. 

على الرغم من أن الأطفال قد يتنكرون بالمواد والأدوات بمفردهم في بيئة آمنة، إلا أن الصنع يستلزم مراقبة من الميسرين وموصلي العلوم لتزويد الأطفال بالتلميحات والنصائح. بينما يعد التصميم خطوة أكثر تقدمًا؛ حيث يزود المعلمون الأطفال والشباب بالتعليمات اللازمة للتوصل إلى تصميمات ملموسة.

بالحديث عن ذلك، هناك ثلاث طرق مشتركة لاستكشاف الطلاب للتصميم في الفصل الدراسي:

  • التصنيع (الطباعة ثلاثية الأبعاد، القطع بالليزر، إلخ).
  • الحوسبة (الروبوتات).
  • البرمجة (الترميز، النمذجة الحاسوبية، إلخ).

 

 

فوائد التعلم العملي

إلى جانب الفوائد المذكورة سابقًا للتنكرة والصنع في مساعدة الأطفال على تطوير مهارات مهمة، يتيح لهم هذا التعليم العملي توسيع نطاق تعلمهم من خلال تجارب تفاعلية مفتوحة النهاية متعددة التخصصات ويقودها الطلاب. يؤدي هذا أيضًا إلى نتائج أكاديمية أفضل من خلال السماح للمتعلمين بالإنشاء والاكتشاف بأنفسهم. بالإضافة إلى ذلك، يولد تعليم الصنع فوائد عديدة، منها:

التذكر

يساعد هذا النهج من التعلم العملي على زيادة الاحتفاظ بالمعلومات لأنه يُشرك جانبي الدماغ بشكل أفضل . وهذا يؤدي إلى اتصالات عصبية أقوى والقدرة على تخزين مزيد من المعلومات.

الانتباه

يتحسن انتباه المتعلمين من خلال الخبرة العملية؛ حيث يسمح لهم الاهتمام الناتج عن الإبداع والتحرك بدلاً من الجلوس خلف مكتب بالاهتمام أكثر بمشروعهم. لذلك، يصبحون أكثر حماسًا ورغبة في تعلم مفاهيم جديدة.

التجريب

يسمح هذا النوع من التعليم للمتعلمين بالتجربة واستكشاف مجالات جديدة، بدلاً من التعلم من المحاضرات، ويمكنهم التعرف بشكل أفضل على نقاط القوة والضعف لديهم من خلال التجربة والخطأ.

الوظائف المستخدمة في التنكرة والصنع

من خلال عملية التنكرة والصنع هذه، يطور الأطفال ويطبقون مهارات عديدة في الرياضيات والعلوم. فيصبحون أكثر وعيًا باستخدام وتعزيز المهارات الوظيفية التنفيذية المهمة، مثل التخطيط وتنظيم المعلومات والمثابرة والتفكير بمرونة وحل المشكلات. 

تعد هذه المهارات مجتمعة مهمة في المدرسة والحيا؛ إذ يساعد تنفيذ تلك التحديات على إعداد الأطفال لحل مشكلات المستقبل. تشمل هذه المهارات:

  • طرح الأسئلة.
  • صياغة الخطط.
  • عمل رسومات رصدية.
  • قياس النتائج وتسجيلها. 
  • تقييم النتائج.
  • إنشاء الرسوم البيانية.
  • استخدام الفن ومواد البناء (مثل: الأسلاك، والأشرطة، والطين، والمقص، والكرتون).
  • التعامل مع الأدوات الحقيقية (على سبيل المثال: المفكات، ومسدسات الغراء ذات درجة الحرارة المنخفضة، والموقتات).

كلما أتيح وقتًا أطول للأطفال لممارسة هذه المهارات، زاد شعورهم بالثقة في تطبيقها في أثناء مرحلة التصميم.

 

 

المواد المستخدمة في مساحة الصنع

في المكان الذي يمكن للأطفال فيه التنكرة والإبداع والاستكشاف والاكتشاف، هناك حاجة إلى بعض المواد والأدوات،منها على سبيل المثال لا الحصر:

  • نظارات أمان تناسب مقاس الأطفال.
  • قواطع كرتون آمنة للأطفال.
  • مساطر وفرش ومقصات وملاقط.
  • نظارات مكبرة.
  • مشاعل.
  • مرايا غير قابلة للكسر.
  • أقماع، وأكواب قياس، وصواني، ومغناطيسات، ومقاييس توازن.

بالإضافة إلى ذلك، هناك بعض الأشياء التي يمكن البناء بها، مثل:

  • العصي الحرفية.
  • خلات الأسنان.
  • أنابيب من الورق المقوى.
  • ماصات الشرب ومنظفات الأنابيب.
  • مكبات خشبية، وأكواب بلاستيكية، وألواح ورقية، وعيدان طعام.

وبعض الأدوات الإلكترونية والتقنية مثل:

  • البطاريات وحامل البطارية.
  • كشافات ومصابيح LED.
  • معدات لبدء الدوائر، ومفاتيح التشغيل/ الإيقاف، والصفارات.

 

 

التأمل ضروري

بعد الانغماس في أعمال التنكرة والصنع، هناك خطوة واحدة أهم في تعليم الصنع: التأمل. هذا أمر أساسي في تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات الحديث لأسباب عدة.

أولاً، يمكن أن يكشف عن نتائج التعلم وما يفهمه الأطفال عن تجاربهم، وما الأكثر أهمية والذي لا ينسى بالنسبة لهم. يمكن أن يؤدي التأمل أيضًا إلى توسيع التعلم الأولي من خلال النشاط العملي لدعم إنشاء تمثيل أكثر ثراءً وذا مغزى للتجربة.

العملية وليس المنتج النهائي

الأطفال المنخرطون في أعمال تنكرة وصنع مفتوحة النهايات يمارسون المهارات التي سيستخدمونها طوال حياتهم. فالمنتج النهائي لخبرات للتنكرة والصنع ليس بذات أهمية العملية. 

مع نمو الأطفال، قدرتهم على استخدام الأدوات، والتعاون مع الآخرين، والرصد، وتوصيل معارفهم وخبراتهم ونقلها ستستمر في التطور وتحقيق نتائج رائعة.

 

 

مراجع