يعزز اللعب الموجه تعلم الأطفال


بقلم: إيناس عيسى

أول ما يخطر على بالنا عندما نسمع كلمة «اللعب» هو وقت الفراغ والمتعة، ومزيد من المرح بدون تعليمات. ومع ذلك، يمكن أن يكون للعب الموجه فوائد أكثر وأن يعزز تعلم الأطفال، وذلك وفقًا لدراسة جديدة أظهرت أن اللعب الموجه حتى سن 8 سنوات يحسن مشاركة الأطفال ويعزز قدراتهم التعليمية.

كان هناك نقاش متزايد في تعليم الطفولة المبكرة بشأن الفوائد المحتملة للعب الحر والتوجيهات المباشرة لتعلم الأطفال ونموهم. واشتمل هذا الطيف بين اللعب الحر والتعليمات المباشرة على حجج عديدة، خلصت إلى أن «التعلم القائم على اللعب»، بما في ذلك دمج درجة عالية من استقلالية الطفل وتوجيه الكبار، بمثابة «أرضية وسط» بين الأفكار المتناقضة ظاهريًّا للعب الحر والتعليمات المباشرة.

لذلك يعد اللعب الموجه وسيلة قوية للتعلم المبكر؛ إذ يسخر الدافع والاستكشاف الذي يستفيد منه الأطفال في أثناء اللعب الحر جنبًا إلى جنب مع الدعم أو التوجيه من الشريك ذي الخبرة.

 

الدليل

حتى وقت قريب، كان هناك نقص في الأدلة الواضحة بشأن فوائد اللعب الموجه لدعم الفكرة المقبولة عمومًا حول كيفية دعم اللعب لتنمية الأطفال وتعلمهم.

يُعتقد على نطاق واسع أن المساعدة في أثناء اللعب تعزز تعلم الأطفال من خلال تزويدهم بفرص للمشاركة النشطة والتأمل الذاتي أكثر من تلك التي توفرها طرق التدريس التقليدية. بالإضافة إلى ذلك، تهدف إلى السماح للأطفال بالتفاعل مع بيئتهم والتعلم منها في أثناء تلقي الدعم من الكبار الذي يعتمد على احتياجاتهم الفردية.

وجدت دراسات عديدة روابط إيجابية بين التوجيه في أثناء اللعب والنتائج الأكاديمية والاجتماعية والعاطفية للأطفال، بما في ذلك تنمية المفردات والمهارات الاجتماعية الإيجابية ودعم تنمية القدرة المعرفية للأطفال على التبديل بين المهام. ومع ذلك، كان من الصعب استخلاص استنتاجات قوية حول الفوائد الإجمالية.

جمعت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة كامبريدج وقيمت البيانات من عدة دراسات واسعة الانتشار ومصادر معلومات حول هذا الموضوع. فتوصلت إلى استنتاج مفاده أن تعليم الأطفال الصغار من خلال اللعب الموجه يدعم تعلمهم واكتسابهم لمهارات الرياضيات المبكرة المهمة على الأقل، وأحيانًا أفضل من التعليم المباشر التقليدي الذي يتلقونه في المدرسة.

 

المفهوم

يشير مصطلح «اللعب الموجه» عمومًا إلى الأنشطة التعليمية المرحة التي -على الرغم من إشراك شخص بالغ باستخدام أسئلة ومحفزات مفتوحة- تمنح الأطفال حرية استكشاف هدف التعلم بطريقتهم الخاصة.

فأظهرت الدراسة الأخيرة الصلة بين فاعلية اللعب الموجه وكيف يمكن أن يكون بمثل فاعلية الأساليب التقليدية للتعليم المباشر في تطوير مهارات القراءة والكتابة والحساب والمهارات الاجتماعية، إلى جانب اكتساب الوظائف التنفيذية (مهارات التفكير الأساسي). قد تشمل هذه الأنشطة إنشاء ألعاب قائمة على الخيال تتطلب من الأطفال القراءة أو الكتابة أو استخدام الرياضيات، أو دمج مهارات التعلم المبكر البسيطة، مثل العد، في اللعب.

على الرغم من أن هذه الأساليب شائعة في التعليم قبل المدرسي، إلا أنها تستخدم بشكل أقل في التدريس الابتدائي؛ مثل هذا العجز الذي انتقده بعض الباحثين.

 

 

التفسير

قالت د. إليزابيث بيرن، المؤلفة المشاركة في الدراسة: «لم يبدأ الباحثون إلا مؤخرًا في تصور التعلم من خلال اللعب كشيء موجود في الطيف. فعلى أحد طرفيه يوجد اللعب الحر؛ حيث يقرر الأطفال ما يفعلوه بأقل قدر من مشاركة الكبار. ومن ناحية أخرى، يوجد تعليم تقليدي مباشر؛ حيث يخبر شخص بالغ الطفل بما يجب أن يفعله ويتحكم هذا الشخص في نشاط التعلم».

وأضافت: «اللعب الإرشادي يقع في مكان ما بين هذا وذاك. فيصف أنشطة مرحة تدور حول هدف تعليمي، ولكنها تسمح للأطفال بتجربة الأشياء بأنفسهم. فإذا مُنح الأطفال حرية الاستكشاف، ولكن مع بعض التوجيه اللطيف، يمكن أن يكون ذلك مفيدًا جدًّا لتعليمهم، وربما يكون في بعض الحالات أفضل من التوجيه المباشر».

بالإضافة إلى ذلك، قال بول رامشانداني، أستاذ اللعب في التعليم والتنمية والتعلم في جامعة كامبريدج: «يُقال أحيانًا إن اللعب، على الرغم من كونه مفيدًا، لا يضيف إلا قليلًا لتعليم الأطفال. في الواقع، على الرغم من أنه لا تزال هناك بعض الأسئلة الكبيرة حول كيفية استخدام اللعب الموجه في الفصول الدراسية، إلا أن هناك أدلة واعدة على أنه يعزز التعلم والتطوير بنشاط».

تشير النتائج إلى تفسيرات محتملة مختلفة لأسباب إمكانية تحسين يؤدي اللعب الموجه للحساب على وجه الخصوص. أحد الاحتمالات هو أن التحفيز اللطيف الذي ينطوي عليه اللعب الموجه قد يكون طريقة فعالة بشكل خاص لتعليم الأطفال العمل من خلال الخطوات المنطقية التي تنطوي عليها المهام القائمة على الرياضيات في كثير من الأحيان.

وبالمثل، قد تكون حقيقة أن اللعب الموجه غالبًا ما يتضمن التعلم العملي أمرًا مهمًا. قالت بيرن: «غالبًا ما يعاني الأطفال المفاهيم الرياضية؛ لأنها مجردة. فيصبح فهمها أسهل إذا كنت تستخدمها بالفعل في لعبة خيالية أو سياق مرح. قد يكون أحد أسباب أهمية اللعب هو أنه يدعم التخيل العقلي».

علاوة على ذلك، يقترح الباحثون أن اللعب الموجه قد يؤثر في الخصائص الأخرى التي لها تأثير إيجابي في التقدم التعليمي من خلال تعزيز تحفيز الأطفال ومثابرتهم وإبداعهم وثقتهم.

قالت د. كريستين أوفاريللي، كبيرة الباحثين المشاركين في كلية التربية: «من المحتمل أن يكون للأنشطة المرحة نوع من التأثير الإيجابي الذي رأيناه في تحليلنا جزئيًا؛ لأنها تعمل على المهارات والعمليات الأخرى الداعمة للتعلم . إذا تمكنا من فهم مزيد حول كيفية تشكيل اللعب الموجه للتعلم بهذه الطريقة، فسنكون قادرين على تحديد كيفية استخدامه بدقة أكبر لإحداث فرق حقيقي في المدارس».

 

مراجع

srcd.onlinelibrary.wiley.com

sciencedaily.com