دروس تعلمناها من الجائحة


حوارات أجرتها:

ماريا زانثوداكي

مديرة التعليم ومركز بحوث التعلم غير الرسمي

المتحف القومي للعلوم والتكنولوجيا «ليوناردو دافينشي»

ميلانو، إيطاليا

Email

حوارات أجراها:

فيكتور جاجيوسكي

مدير الفعاليات

مركز كوبرنيكوس العلمي

وارسو، بولندا

Twitter | Email

 

  وجهات نظر  

دروس تعلمناها من الجائحة

تحديات الإغلاق والحياة الطبيعية بصورتها الجديدة والفرص التي يقدماها

 

| الوقت التقريبي للقراءة: 40 دقيقة (5–7 دقائق لكل حوار)

 

اجتمعت لجنة تحرير مجلة سبوكس في يناير الماضي لتقييم مقترحات المقالات، وتحديد الموضوعات التي تستحق الكتابة عنها، ووضع خطة لمحتويات المجلة الشهرية. لم نكن لنتخيل قط أنه بعد شهر واحد فقط سنكون جميعًا، في جميع أنحاء العالم، عالقين في منازلنا فيما أضحى بداية لواقع جديد لحياتنا. فلم نتخيل أبدًا أن مقالات مثل ذلك عن انعدام اليقين، والذي اقتُرح في يناير الماضي وكتبه فرانك كوبر، سيكون على صلة وثيقة بالظروف والتأملات الحالية. كذلك لم نتصور أن تظهر أجندة جديدة بالكامل للمجلة تحث على معالجة ما يبدو الآن أنه أولوية لمؤسساتنا؛ على سبيل المثال: كيف (ينبغي أن) ندافع عن العدالة الاجتماعية والإنصاف (بقلم إميلي داوسون وباربرا سترايكر، ونشر في أبريل)، أو ما تعلمناه من هذه الفترة التي حددها الفيروس مثلما تحاول هذه السلسلة من المقابلات جمعها.

فقررت لجنة مجلة سبوكس إعداد وجهات نظر جماعية؛ حيث تقاسمنا مهمة تحديد ومحاورة الخبراء الذين يمثلون ليس فقط خبرات مختلفة ولكن أيضًا حالات ورسائل مختلفة. هنا سيلتقي القراء بميزوكو إيتو، مدير مختبر التعلم المتصل في جامعة كاليفورنيا بإيرفاين، وجيفري شناب، مدير ميتالاب في جامعة هارفارد، ومارجريت هوني، الرئيس والمدير التنفيذي لقاعة العلوم في نيويورك، وجوليا باجيل، سكرتير عام شبكة منظمات المتاحف الأوروبية، وأخصائي المتاحف إد رودلي، وميكو ميليكوسكي، مدير هيوريكا مركز العلوم الفنلندي، وبرونو ماكارت، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي ليونيفيرسيونس.

وجميعهم ينظرون إلى ما فعلوه خلال فترة الإغلاق، وإلى ما أُجبروا أحيانًا على التعامل معه، أو إلى ما تعلموه؛ ولكنهم أيضًا ينظرون إلى الأمام، محاولين التفكير فيما سيأخذونه من تلك التجربة، وفيما سيعززونه ويستفيدون منه لجعل مجالهم أفضل، وأقوى، وأكثر انفتاحًا لاستيعاب التغيير الحتمي.

فلتستمتعوا!


مارجريت هوني

الرئيس والمدير التنفيذي لقاعة العلوم بنيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية

Facebook | Instagram | Website

 

هل يمكنك قول بضع كلمات لقرائنا عنكِ وعن الوضع الحالي لمؤسستك؟

أنا مارجريت هوني، الرئيسة والمديرة التنفيذية لقاعة العلوم بنيويورك. اُنشئت مؤسستنا من أجل المعرض العالمي لعام 1964؛ فنفتخر بأن تكون كوينز، وهي المجتمع الأكثر تنوعًا في بلدنا، هي موطننا. مهمتنا هي رعاية أجيال من المتعلمين المتحمسين، والمفكرين النقديين، والمواطنين النشطاء من خلال نهج نسميه «صمم، اصنع، العب»؛ فالمساواة والشمول من صميم مهمتنا. نحن نصمم التجارب بحيث نضمن أن يشعر كل شاب بالثقة والتمكين كمتعلم للعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. ومثل غالبية المؤسسات الثقافية في مدينة نيويورك، فقد أغلقنا أبوابنا بسبب الجائحة في 14 مارس.

 

ما الذي قادكم لاتخاذ هذا القرار؟

مزيج من العوامل: فرض كل من حاكم ولاية نيويورك وعمدة المدينة قيودًا تصعب علينا العمل. كذلك تحققنا من المؤسسات النظيرة لنا في كوينز وعبر مدينة نيويورك، فعلمنا أنها تخطط للإغلاق؛ فأصبح من الواضح تمامًا أن هذا هو الشيء الصحيح الذي علينا عمله أيضًا.

وسرعان ما نظرنا إلى التأثير المادي لهذا القرار، فقدرنا خسارتنا بما يعادل ثلاثة ملايين دولار إذا استمررنا في الإغلاق حتى شهر سبتمبر. فتبين فيما بعد أننا كنا متفائلين حول الموعد الذي سيمكننا إعادة الفتح فيه؛ فما نزال مغلقين للجمهور ونخطط للاستمرار هكذا حتى وقتٍ ما في عام 2021. وبالطبع، فإن الخسائر المادية فادحة.

 

في النهاية، أعلنتم أنكم ستستمرون في الإغلاق حتى ربيع عام 2021 على الأقل؛ فما هي استراتيجيتكم لتحديد هذا الموعد؟

في الأوقات الجيدة، نخدم حوالي 500.000 زائر سنويًّا، ولكن نصف زوارنا فقط يدفعون مقابل التذاكر؛ فبصفتنا مؤسسة مدنية، نقدم عديدًا من البرامج المجانية والمخفضة، وهذا يعني أننا أقل اعتمادًا على الإيرادات المكتسبة. في الواقع، نموذجنا المالي غير معتاد بطريقةٍ ما في عالم مراكز العلوم؛ إذ أن تقريبًا نصف ميزانيتنا الكلية تأتي من تمويل البرامج، والمعروضات، والأبحاث. ويتماشى عملنا الممول بشكلٍ وثيق مع مهمتنا الأساسية؛ فكان هذا الجزء من أعمالنا الذي مكننا من الاستمرار في أداء المهمة في ظل إغلاق أبوابنا أمام الجمهور.

 

  لدينا برامج تخدم مجتمعنا؛ لذا يمكننا الإغلاق أمام الزوار  

  مع الاستمرار في أداء مهمتنا  

 

قبل الجائحة كنا في المراحل الأولى من حملة مدتها خمس سنوات صُمِّمت لإنجاز ثلاث مهام رئيسية؛ هي: مواصلة تحويل المتحف بهدف تطبيق نهج «صمم، اصنع، العب» على جميع جوانب تجربة الزائر؛ واستكمال مدرسة مختصة بالعلوم للأطفال في سن الرابعة في المجمع الخاص بنا؛ وتطوير نهج لقياس تأثيرنا في الفعالية العلمية الذاتية بين الشباب الذين نتعامل معهم.

ومن خلال هذه الحملة، جمعنا تبرعات لدعم المعروضات الجديدة، بالإضافة إلى إعادة تصميم بعض أعمالنا الكلاسيكية المحبوبة.

فنستخدم هذه الفترة الزمنية لتسريع هذا العمل، بحيث يشعر الزوار عندما نعيد فتح أبوابنا أنهم يدخلون مكانًا أعيد إحيائه، يمثل نهجنا في تعلم العلوم والمشاركة فيها. هدفنا هو الخروج بشكل أقوى وبمنتج مميز وجديد.

وعلى صعيد عملي بحت، فإن المتاحف المعتمدة بشكل كبير على اللمس مثل متحفنا في حاجة إلى التفكير بشكل مختلف في تدابير السلامة. فنستخدم هذا الوقت أيضًا لتحسين السلامة العامة في المبنى؛ فنجعل دورات المياه لدينا بلا لمس، ونجري إصلاحات وتحسينات أخرى يصعب تحقيقها عندما يكون هناك آلاف الزوار في المبنى. ومثل المتاحف الأخرى، نعيد التفكير في تجربة الزائر الرقمي لأعمالنا الأساسية؛ للتأكد من أنها على قدم المساواة مع منافسينا، ويمكن استخدامها لتحسين رحلة العميل بشكل شامل ابتداءً مما قبل الزيارة إلى ما بعدها. فيتمثل جزء أساسي من هذه العملية في إعادة التفكير في كيفية تشغيل عمليات المتحف بحيث نصبح منظمة أكثر مرونة وفعالية من حيث التكلفة. كذلك نشكل إستراتيجية رقمية تمكننا من الوصول إلى الجماهير خارج جدراننا بمنتج يعتمد على نقاط قوتنا الأساسية ويمثل نهجنا المميز «صمم، اصنع، العب».

 

لقد ذكرتِ خسارة المال، ما الذي خسرتموه أيضًا بجانب الإيراد؟

لقد اضطررنا إلى صرف نحو 55٪ من طاقم العمل لدينا، مزيج من موظفينا بدوام العمل الجزئي والكلي؛ فبعد أن كنا 130 موظفًا، أصبحنا حوالي 65. إن عملنا البحثي الممول بمنحة هو ما يبقينا على قيد الحياة؛ فيعمل واحد وخمسون من زملائنا المتبقين على جانب الأبحاث، والمعروضات، والبرامج من الأعمال، بينما يعمل الأربعة عشر المتبقين بالتسويق، والشئون المالية والعملية، والتطوير والإدارة. نحن محظوظون لأن نموذج عملنا جعل خسائرنا أقل حدة من مراكز علوم أخرى بالولايات المتحدة. ونظرًا لأن غالبية فريقنا يعمل في عن بُعد، أفتقد أيضًا المحادثات غير الرسمية والتواصل اليومي؛ فالآن يجب جدولة كل تفاعل، ويجب الإعداد مسبقًا للاجتماعات عبر تطبيق زووم أو للمكالمات الهاتفية، أفتقد الصدفة التي تأتي مع اللقاءات غير الرسمية.

 

هل هناك أي شيء تعلمتيه خلال هذا الوقت من الجائحة، وتعتزين به كدرس شخصي؟

بصرف النظر عن الجائحة العالمية، تشهد أمريكا تصفية حسابات لما يُشار إليه أحيانًا بجائحة العنصرية الأمريكية. فحركة «حياة السود مهمة» تصر بحق على أن كل واحد منا يجب عليه أن يواجه قضايا العنصرية النظامية. لقد كان هذا وقتًا عصيبًا يعج بالتحديات بالنسبة لنا في قاعة العلوم بنيويورك؛ ولكني أظن أنه أيضًا الوقت الذي أصبح فيه الموظفون الذين شعروا بالتهميش قادرين على التحدث عن المشكلات والمخاوف. فأجرينا كثيرًا من المحادثات الصعبة، ولكننا ملتزمون بأن تكون ثقافة قاعة العلوم بنيويورك شاملة ومنصفة على نطاق واسع، وتقدر التنوع عبر ممارساتنا الداخلية إلى جانب تأثيراتنا الخارجية. وهدفنا هو قضاء فترة ممتدة من الوقت في العمل مع استشاريين مطلعين يمكنهم مساعدتنا في معالجة قضايا التنوع والمساواة والشمول ومواجهتها بشكل بنّاء.

 

  أعتقد أننا جميعًا ملتزمون بتنحية الذات المؤسسية جانبًا  

 

كيف ترين مستقبل مؤسستك الآن؟

نحن بالتأكيد لا نتراجع عن فلسفتنا في التعلم ونهجنا «صمم، اصنع، العب» للمشاركة العلمية. فنرغب في الاستمرار في إشراك الشباب في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات بطرق تمكّنهم وتجلب الفرح والإبداع لمغامرة العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.

 

وماذا عن الوقت الذي ستغلقون فيه؟

بعض مما نفعله قد شرحته مسبقًا في هذا الحوار؛ ما لم أذكره هو العمل الذي نقوم به مع مجتمعاتنا المحلية. كورونا وإلمهرست حيَّان قريبان منا، وهما من المجتمعات الأكثر إصابة بكوفيد-19؛ فجمعنا مجموعة من المنظمات غير الربحية المحلية بهدف الاستفادة من تأثيرنا الجماعي وتوسيعه.

نحن الآن في وضع أفضل بكثير لنعي ما سنفعله؛ فمعًا ندير بنوك الطعام التي توزع آلاف الوجبات. كذلك أدرنا مواقع اختبار متنقلة، وقدمنا خدمات اجتماعية ودعمًا للصحة العقلية، ووفرنا مساحة للفنانين لعمل معروضات خارجية مصممة لتكريم العمال الأساسيين الذين كان لهم الفضل في تمكين كثير منا من تحمل هذه العاصفة. وفي قاعة العلوم بنيويورك ندير أيضًا دار سينما سيارات؛ حيث نقدم نسبة من العائدات إلى المنظمات المجتمعية.

 

حقوق الصورة لقاعة العلوم بنيويورك

 

جزء كبير من تلك الأعمال يعني وضع العلم جانبًا والقيام بأشياء مثل المساعدة في الواجبات المنزلية بعد الظهر أو السماح للمجموعات الأخرى باستخدام مساحتنا لتجميع حزم الطعام أو إجراء تدريبات التعداد. فلدينا أشخاص يديرون حصص اللغة الإنجليزية للآباء الآن في بنايتنا، وهي حاجة كبيرة أخرى في مجتمعنا. إذا أردنا دعم مجتمعاتنا المحلية حقًّا، فعلينا التأكد من أننا نلبي احتياجات الناس.

هذا النوع من العمل يجعلني أشعر بالأمل لأننا جميعًا نطور عضلات واستراتيجيات جديدة وفهمًا غنيًّا لكيفية العمل معًا.

 

هل ترين هذا جزءًا دائمًا من برنامجكم المستقبلي؟

في بعض النواحي على الأقل، نحن على استعداد تام للتخلي عن كوننا السلطة العلمية؛ فعندما تستمع إلى الناس وتدرك مقدار ما فقده المجتمع ومقدار معاناة الناس، تدرك بسرعة أن البقاء في السلطة والالتزام ضروريان. يوجد في واحدة من المدارس المحلية أكثر من مائة طفل فقدوا أحد ذويهم أو كليهما؛ فسيكون الشفاء والتعافي جزءًا من نسيج حياة الجميع لفترة من الوقت.

 

حقوق الصورة لقاعة العلوم بنيويورك

 

في قاعة العلوم بنيويورك، نفكر في طريقة يمكننا بها المساعدة باستخدام استراتيجيات لبناء كفاءتنا الأساسية؛ فأجرينا سلسلة ثنائية اللغة لكيفية القيام بأنشطة مبتكرة يمكن للعائلات القيام بها في منازلهم. نعتقد أن مساعدة الناس على الشعور بالثقة والتمكين أمر ضروري في عملية الشفاء.

في عملنا، نحاول أن نتبنى فكرة أن الأهم هو ليس أن يتركنا شخص ما بالإجابة الصحيحة أو الفهم المثالي، بل أن يتركنا بشعور من الدهشة. فنريد أن يتمكن الناس من البناء على مهاراتهم وكفاءاتهم الموجودة بالفعل، وهذا مبدأ مهم للتعلم الفعَّال – الاستفادة مما تستطيع عمله وتوسيع قدراتك في اتجاهات جديدة تجعلك تشعر بالقوة؛ هذا جوهر ما نعنيه بنهج «صمم، اصنع، العب».


برونو ماكارت

الرئيس والمدير التنفيذي

يونيفيرسيونس

باريس، فرنسا

Email

 

ما الذي فعل يونيفيرسيونس خلال الأشهر السبع الماضية؟

لقد حشدت فرق يونيفيرسيونس بشكلٍ خلاق لضمان استمرارية مهماتنا تجاه الجمهور. في بداية فترة الإغلاق، أنشأنا بسرعة وفي ظل ظروف تقنية محددة للغاية سلسلة لتصميم المحتويات الأصلية وإنتاجها وتوزيعها عبر الإنترنت تحت عنوان «العلم هنا» La Science Est Là، ومن ثم دمجنا برنامج وزارة الثقافة الفرنسية «الثقافة عندنا» Culture Chez Nous.

كان هدفنا الحفاظ على الرابط بيننا وبين الجمهور عن طريق توفير محتوى وأنشطة يومية من خلال مواقعنا الإلكترونية: cite-sciences.fr / palais-decouverte.fr / leblob.fr، بالإضافة إلى شبكاتنا الاجتماعية الإلكترونية. وارتبط موضوع المحتوى في كثير من الأحيان، ولكن ليس دائمًا، بموضوعات متعلقة بكوفيد-19، ووجه لجميع جماهيرنا: الأطفال، والمدارس والعائلات – أنشطة مجتمعية لجميع الأعمار. كذلك أولينا اهتمامًا خاصًا لمتحدي الإعاقة وتأكدنا من إتاحة الموارد المهمة عبر الإنترنت للجميع، وذلك بإضافة الترجمة المكتوبة، والترجمة بلغة الإشارة، والمحتوى الصوتي المحدد. لقد عشنا لحظة حقيقية من الانفعال والاختراع.

أريد أن أضيف نقطة مهمة: لقد اختبرنا وبشدة فرحة التبادل مع زملائنا في فرنسا وأوروبا؛ وهذا حقيقي في الأوقات الطبيعية، ولكنه أكثر في أوقات الأزمات. فشعرنا من خلال مشاركة أفكارنا والصعوبات التي نواجهها مع نظرائنا أننا أقل وحدة من السابق؛ ويالها من متعة أن تشعر بأنك جزء من مجتمع متحد ومتقارب مثل المجتمع الذي نحن فيه! إن رابطة إكسايت كنز قيم! أعتقد أن الجميع أدرك هذا خلال الأشهر القليلة المنصرمة.

 

ما الشيء الذي علمتك إياه تلك التجربة، وتقدره كدرسٍ مهم؟

بطبيعة الحال، وضعت تلك الأزمة الصحية العلم في قلب الأحداث؛ وبينما انتشرت الجائحة وازدادت المعرفة حول الفيروس في الوقت ذاته، شهد العالم أجمع حلقة معولمة من «العلم في طور التكوين». حدث هذا تحت مراقبة عين الصحافة وشبكات التواصل الاجتماعية؛ فلم تكن أصوات العلماء أقوى من الآن قط، ولكنهم أيضًا تعرضوا للتحدي، والتحريف، والتشويه... وفي هذا السياق، وعينا تمامًا بالمسئولية التي تتحملها المراكز العلمية – ليس فقط لنشر نتائج الأبحاث، ولكن أيضًا لتطوير التفكير النقدي. فنحن وسيلة إعلامية، ولكننا وسيلة متميزة ومصفية: الأصول التربوية في المنهج العلمي، ومحاربة الأخبار المزيفة، والمساعدة في تحديد التحيزات المعرفية هي عناصر أساسية. بتلك الروح، وعلى سبيل المثال، يشارك يونيفيرسيونس في إنتاج سلسلة الإنترنت «علم البيانات في مواجهة الزيف» لعدة سنوات حتى الآن. وأرغب في تسليط الضوء على الحلقة الخاصة حول كوفيد-19، والمتوفرة باللغات الفرنسية، والإنجليزية، والألمانية؛ وقد كرمت هذه السلسلة العام الماضي في حفل توزيع جوائز إكسايت ماريانو جاجو في كوبنهاجن.

 

ما الذي تعتقد أنه سيتغير خلال الأشهر و/أو السنوات القادمة نتيجة لجائحة فيروس كورونا المستجد؟

طريقتنا في العمل تتغير للتكيف مع وضع على الأرجح سيستمر أطول مما توقعنا. كمواقع مادية نفضل بطبيعة الحال أن نستقبل جماهيرنا داخل جدراننا، وما كان حقيقيًّا بالأمس يظل حقيقيًّا اليوم. مع ذلك، قررنا في يونيفيرسيونس أن نستكشف طرقًا جديدة للربط بين العروض المادية والرقمية؛ ويتضمن هذا تنظيم إنتاج المحتوى الهجين للمعارض من خلال «التوائم الرقمية» وتحويل فعالياتنا واحتفالياتنا بشكلٍ جذري.

 

  نحن نحاول إعادة اختراع أنفسنا  

 

جربنا للتو في مدينة العلوم والصناعة Cité des sciences et de l'industrie تنسيقًا جديدًا لفعالية نهاية أسبوع؛ إذ جمعنا بين كل من ورش العمل في الموقع وورش العمل عن بعد. وقد بُثت التقارير الحية والمحادثات مع العلماء في وقت واحد على عدة قنوات في مركز موقع YouTube الخاص بنا. وكانت المناقشة حول موضوع ليس الأفضل في التفاعل عن بعد، ألا وهو حاسة الشم؛ فلم تنشأ بعد واجهة شخصية تسمح لنا بتعبئة حواسنا الخمس عن بعد: لا تزال الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية تخدم الاحتياجات البصرية والسمعية بشكل أساسي، ولكن ليس حاسة الشم! إذًا، كيف يمكننا صنع عطر عن بعد؟ للالتفاف حول الصعوبة، أتينا بفكرة إرسال عدة صُنع عطور مقدمًا لجمهورنا المسجل إلكترونيًّا؛ ليتمكنوا من متابعة ورش العمل من منازلهم تمامًا كما لو كانوا موجودين بالموقع. باختصار، نحن نحاول إعادة اختراع أنفسنا.

 

حقوق الصورة: E-Laurent-EPPDCSI

 

هل يمكن العودة إلى عملنا وحياتنا مثلما كانت قبل الجائحة؟

غالبًا ما يقال أنه من الصعب أن كسر العادات... ولكن، بأيدينا نحن تحويل الأزمة إلى فرصة عن طريق البناء على قوة حياتنا. في العام المقبل، سوف نقدم معرض بعنوان «نهضات». وقد أنشئ المعرض قبل الأزمة التي مررنا بها توًا (والتي لم نخرج منها بعد)، ويعالج مسألة الانهيارات: طريقة للقول أن تلك الأزمة الصحية انهيار، وأننا سنعيش أزمات أخرى؛ وأن ما بعد الأزمة يختلف بالضرورة عما قبلها، وأن هنالك أشكال متعددة للمستقبل وأن الأمر متروك لنا لنتخيلها ونتحداها.

 

  يجب أن تكون الاستدامة في قلب أفعالنا  

 

ما هو أبعد من ذلك، وأكثر من أي وقت مضى، يجب أن تكون الاستدامة في قلب أفعالنا، كما هو موضح بالفعل في يونيفيرسيونس في الموسم الثقافي 2020/2021 من خلال معرض دائم جديد حول المحاكاة الحيوية بعنوان «المستوحى من الحيوية، نهج آخر»، ومساحة جديدة للوساطة باسم «معمل الأحياء»، ومعرض عن الجينز يوضح الطريقة التي يعمل بها العالم اليوم. إنه عمل طويل الأمد، وفي الوقت نفسه، نعمل على جعل مواقعنا مؤسسات مستدامة حقًّا من وجهة نظر اجتماعية ومالية وبيئية، بالطبع، من خلال استهداف محايدة الكربون في جميع أنشطتنا: يمكنك تخيل مدى صعوبة الأمر عندما تعلم أن حوالي نصف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري تُعزى إلى السفر والتنقل – الخاصة بموظفينا، ولكن فوق كل شيء، تلك الخاصة بزوارنا! فإذا لم تقود مراكز العلوم الطريق، فما الجدوى مما نفعله؟

 

ما الشيء الذي تعتقد أنه يجب عمله الآن؟

المستقبل موضوع يتم التفكير فيه؛ فيبنى بمناقشة الأفكار ومن خلالها. فدعونا نفتح أبوابنا للمثقفين، ودعونا نعطي أجيالنا الشابة كلمة في مؤسساتنا، حتى تستمر أصواتهم لما هو أبعد. ودعونا نظهر كم يمكن للعلوم المساهمة في تقدمنا الجماعي، بدءًا بتطبيقها في مهننا: هذا هو المعنى الكلي للمشروع، الذي يتوق إلى إنشاء مركز بحوث للوساطة العلمية التي نطلقها كجزء من تجديد قصر الاستكشاف Palais de la découverte.

 

ما المستقبل بالنسبة لمجتمع المشاركة العلمية الأوروبي؟

أكرر: وجود رابطة إكسايت في حدِّ ذاته أصل قيم؛ فالرابطة التي نشكلها هي في المقام الأول مجتمع من القيم، ليس أقلها التعامل بين أعضائه. فالوضع صعب بالنسبة إلى كل من مؤسساتنا؛ بل إنه حرج بالنسبة لبعض؛ لذا، دعونا لا نخذل أحدًا ودعونا نجد طرقًا لمساعدة بعضنا بعضًا بشكلٍ فعّال.

 

  رابطة إكسايت هي مجتمع من القيم، ومن أهمها التضامن بين أعضائه  

 

أخيرًا، دعونا لا نخاف مما نحن عليه: مجتمع دوره بين العلم والمواطنين ضروريًّا لتنشيط النقاش الديموقراطي المعاصر. إن الخطاب الذي أرسلته الرابطة للمفوضية الأوروبية في العام الماضي في برنامج «أفق أوروبا» الجديد، الذي وقعته 135 منظمة من 28 دولة، علامة على التوعية الصحية: لدى مراكز العلوم أشياء تريد قولها وتنوي جعلها مسموعة.


جوليا باجيل

الأمين العام لشبكة منظمات المتاحف الأوروبية، برلين، ألمانيا

Twitter | Facebook | Website

 

هل يمكنك تقديم نفسك في بضع كلمات؟

أنا جوليا بايجل، الأمين العام لشبكة منظمات المتاحف الأوروبية (نيمو). نحن شبكة مقرها برلين، وندَّعي أننا صوت المتاحف في أوروبا.

 

خلال الأيام الأولى من الجائحة بدأتم مبادرة بحثية عن ردود أفعال المتاحف الأوروبية فيما يتعلق بالإغلاق، والتي لخصت في تقرير؛ فما هي التأملات الصادمة التي استنتجها هذا البحث؟ وهل ترون أي ميول تبلورت؟

أعتقد أن أحد الأشياء الصادمة أننا ما زلنا نفتقر إلى الإطارات القوية والشاملة لقياس أداء المتاحف. فلم تتمكن عديد من المتاحف من إعطائنا بيانات أو مؤشرات على أسئلة معينة؛ أسئلة مثل: ما مقدار الدخل الذي تخسروه أسبوعيًّا؟ وما مقدار زيادة زواركم الرقميين؟ ما زلنا بحاجة إلى بيانات كثيرة... ومع ذلك كان أول الأمرين الرئيسيين اللذين كانا في غاية الوضوح الخسارة في الدخل. فتخسر المتاحف التي تقع في المناطق السياحية في المدن الكبرى ما يصل إلى 80% من دخلها؛ ولكن المتاحف الصغيرة، مثل تلك التي تقع في الأرياف، هي الأكثر معاناة. ويرجع هذا بشكل رئيسي إلى أن تلك المتاحف يديرها شخص واحد أو شخصان، ما يصعب عليهما عملية إعادة التنظيم أو إعادة الفتح.

 

  ما زلنا نفتقر إلى الإطارات القوية والشاملة لقياس أداء المتاحف  

 

الأمر الثاني هو الموجة الرقمية الكبيرة التي سمعنا عنها جميعًا؛ فأعتقد أن عديدًا من المتاحف تغيرت بسرعة كبيرة لخلق حضور رقمي. لقد نقلوا كثيرًا من الأشياء التي كانوا يفعلونها عادة بعيدًا عن الإنترنت إلى الرقمية، وهذا يثير سؤالًا مهمًّا لا يمكنني الإجابة عليه في الوقت الحالي: كيف يمكننا الحفاظ على هذا الاتجاه؟

إذا أردنا الاستمرار، فنحن بحاجة إلى مزيد من الأبحاث المتعلقة بالزوار، والمقاييس، والأدوات الرقمية لمعرفة المحتويات الناجحة. ومن المؤكد أن هناك منافسة كبيرة الآن في العمل الرقمي، لأن كل من كان بإمكانه فعل ذلك حرفيًّا بدأ بفعله.

 

هل ترون أي مؤشرات على أن الأشخاص بدأوا يملون المحتوى الإلكتروني؟

أعتقد أن المفتاح هو أن نفهم بشكل أفضل ما يريده جمهورنا الرقمي وما الأمور التي يهتمون بها أكثر، وليس ما نعتقد أنه يجب أن نقدمه لهم. فمنذ فترة طويلة نناقش فكرة التخلي عن السلطة وتبني الإبداع المشترك في عمل المتحف التقليدي – ومن المثير حقًّا أن نرى المبادرات الرقمية على وسائل التواصل الاجتماعي مثل #museumfromhome، التي نسقها بالكامل الجمهور الأكثر نجاحًا على الإطلاق– والديناميكية ذاتها تحدث في العالم الرقمي أيضًا.

إلى جانب وسائل التواصل الاجتماعي، يبحث الزوار عن مواد وفيديوهات تعليمية؛ فعلينا الاستجابة لتلك الاحتياجات. عندما تنظر إلى المجموعات الموجودة على الإنترنت، تجدها رائعة، ولكنها تحتاج إلى بعض القيمة المضافة لكي تكون أكثر من انعكاس رقمي فحسب للغرض الحقيقي (التناظري). فإذا قدمنا للأشخاص محتوى يمكنهم اللعب به، فقد لا يملونه.

 

لقد قلتِ إن المتاحف تخسر مبالغ طائلة من المال، ولكن ما الذي يخسره مجالنا إلى جانب الإيرادات؟

كثير. فقد اختفى الإقراض والاقتراض من الصورة تمامًا، وسوف يستمر هذا لأن مفهوم المعرض الرائج، ووجود أكبر عدد ممكن من الأشخاص في المتحف لم يعد قابلًا للتطبيق.

جميع مشروعات البنية التحتية الكبيرة التي نعرفها معلقة حاليًّا. ومن ثم، نظرًا لانخفاض الدخل وقلة الموارد، تقلل معظم المشروعات الخاصة، ومبادرات التوعية، والأنشطة التي تستخدمها المتاحف للتواصل مع أنواع مختلفة من المجتمعات.

ما خسرناه أيضًا هو العاملين، بما في ذلك المستقلين، والذين اضطرت المتاحف إلى التخلي عنهم والعقود التي لزم تأجيلها.

بشكل عام، تفقد المتاحف كمؤسسات قدرتها، وتفقد المهارات، وتفقد الذاكرة والمعرفة المؤسسية. وأعتقد أن هذا قد لا يكون مرئيًّا الآن، ولكنه سيكون مؤثرًا حقًّا في المستقبل.

 

ما الذي سيكون ضروريًّا لإعادة بناء هذا في اعتقادك؟

تتجاوز الإجابة الاستثمار في البنية التحتية التي تسمح بزيارة آمنة للمتحف، كما أنها تعيد التفكير في كيفية عمل متحف ناجح إذا لم يجتذب السياح، ولكن يجتذب الناس من مجتمعاتها المباشرة، لأن هؤلاء سيكونون الزوار في المستقبل.

عندما أنظر إلى مخططات الدعم الوطنية، أرى أنواعًا مختلفة من المساعدة؛ فلدينا دعم لضمان رواتب العاملين، ولدينا أيضًا أدوات دعم لتغطية التكلفة الثابتة والخسارة في الدخل. وفي بعض الدول مثل ألمانيا أو المملكة المتحدة، لدينا أيضًا دعم للاستثمار؛ على سبيل المثال، الاستثمار في التطوير التكنولوجي، وليس فقط التطبيقات الجديدة الرائعة، بل بناء السعة كذلك، وهذا أمر بالغ الأهمية.

 

وماذا عن العلاقات مع المجتمع التي ذكرتيها والتي تم التخلي عنها الآن؟ هل ترين أي مخططات دعم لإعادة بناء ذلك؟

لأكون صادقة، لم أسمع عن برامج تمويل محددة من شأنها إحياء هذه الروابط، ولكن ما رأيته كثيرًا في المتاحف المختلفة هو التفكير الحقيقي فيمن يزور المتاحف الآن. على سبيل المثال، توفر المتاحف أقنعة وقائية مصنعة خصيصًا باستخدام الأعمال الفنية الخاصة بالمتحف؛ فيعلم المتحف أننا في وضع محدد يعيد اختراع الفن الخاص به. وتعيد المتاحف التفكير حقًّا في كيفية دعوة جماهيرها مجددًا، وكيف تظهر لهم أن التجربة مختلفة وتجعل الزيارة سهلة بقدر الإمكان لهم.

 

© نيمو. تصوير: سارة هيرلاندر

 

يبدو أن بعض الدعم من الحكومة يحاول بطريقة ما تجميد المؤسسات «لتعود إلى وضعها الطبيعي» في أقرب وقت ممكن، بينما يساعد بعض آخر المؤسسات على إعادة ابتكار نفسها. في رأيك، ما الطريق الذي ستسلكه المتاحف في النهاية؟

هل يمكنني القول: الطريقين؟ إنه سؤال معقد جدًّا، فهذه ليست تأثيرات عمليات قصيرة المدى ولا توجد إجابة واحدة صحيحة. أعتقد أن المساعدة في دعم الهيكل العام وعمليات المتحف العامل أمر جيد؛ فنحن بحاجة إلى أساس متين للعمل عليه. ولكننا بحاجة إلى مواصلة المناقشات حول ماهية المتحف الناجح في الوقت الحاضر. وحتى من قبل، لم تكن أعداد الزوار مؤشرًا مثاليًّا على النجاح؛ والآن، في خضم الجائحة، نرى أنها تخبرنا أقل. فدعونا نناقش كيف يمكننا تضمين القيمة المضافة للمحتوى الرقمي والقيمة الاجتماعية التي تدَّعي المتاحف أنها تمتلكها في إطار التقييم الجديد.

يتمثل التحدي الكبير في أن معظم المحادثات حول تغيير كيفية أداء المتحف مع المجتمعات وتأثيره تتوقف عند حد المستوى الهيكلي بعبارات مثل: «لا يمكننا عمل هذا لأن المؤسسة لا تسمح بذلك، لأن الميزانية لا تسمح بذلك».

ولكن، إذا ذهبت إلى الهيكل الأساسي لأي مؤسسة وحاولت تغيير الأشياء، فهو في الواقع أمر صعب لأن الطبيعة البشرية ترى أي نوع من التغيير بمثابة تحديًّا. إذًا، فالأمر لا يتعلق بالتغيير على المستوى الهيكلي فقط، بل يتعلق بكل فرد في تلك المؤسسة يقول لماذا علي أن أفعل كل شيء بشكل مختلف الآن؟ وفي بعض الأحيان يكون الأمر غير عادل لأن المتاحف ليس لديها من يساعدها على تغيير ثقافتها التنظيمية بشكل احترافي؛ فيوجد في شركات القطاع الخاص فرق فعلية لإدارة التغيير لمساعدتها على التحول. ولهذا السبب تُعد المتاحف أحيانًا وبشكل غير عادل «ديناصورات»!

 

كيف تقيّمون فرص «الديناصورات» في أثناء هذه الجائحة إذًا؟

أعتقد أن المتاحف الكبيرة التقليدية ستنجو؛ حيث أنها مؤسسات ناجحة للغاية. ولكن سيضطر عديد من المتاحف الأخرى إلى إعادة تحديد معنى النجاح. أعتقد أن هذه واحدة من تلك الدفعات التي يمكننا التحدث عنها كثيرًا ولا نفعل شيئًا؛ ولكن يمكننا أيضًا اختيار الفعل إذا تذكرنا أننا لا نحدث تغييرًا كبيرًا في يوم. كذلك علينا الأخذ في الاعتبار أنه بدون مدخلات لا تكون هناك مخرجات – نحتاج موارد للتغيير؛ فلن يحدث هذا بالنية الحسنة للأشخاص فقط.

 

  لدى القطاع الفرصة لاستغلال اللحظة لإعادة تعريف معنى النجاح بشكل نشط  

 

هذه هي رسالتي إلى صانعي السياسات والممولين – إذا أردتم أن تتغير المتاحف، ادعموا التغيير.

 

ما الذي تريدين معرفته في متابعة البحث الخاص بك؟ وكيف يمكننا الانضمام إليه؟

كما قلت سابقًا، هناك شيء واحد يجب أن ألقي نظرة عليه وهو المقاييس؛ خاصة إذا أدركت المتاحف أنها تستطيع قياس نجاحها بما يتجاوز أعداد الزوار.

نود أيضًا متابعة موضوعات خفة الحركة في المتاحف، وإذا كان هناك أي تغييرات دائمة في تعيين المهام، أو إذا كان هناك شيء يعمل بشكل أفضل في أثناء الأزمة. ومن وجهة نظر تجارية، هل ابتكرت المتاحف طرقًا جديدة لتوليد الدخل إلى جانب إيرادات التذاكر.

سيبدأ البحث الجديد قريبًا ونأمل الحصول على نتائج أولية في نوفمبر؛ وأود أن أدعو جميع قراء مجلة سبوكس للانضمام وإعطائنا لمحة عن مؤسساتهم.

 

من المؤكد أننا سنوصل الأمر إلى قرائنا.


إد رودلي

متخصص متاحف،
والمدير المشارك السابق لوسائل الإعلام المتكاملة في متحف بيبودي إسيكس،
سالم، ماساتشوستس، الولايات المتحدة الأمريكية

Twitter | Website

 

من فضلك، أخبرنا عنك وعن وضعك الحالي في سياق الجائحة.

اسمي إد رودلي، وأنا مصمم تجارب متحفية. لقد عملت إلى حدٍّ كبير طوال حياتي الراشدة في متاحف العلوم والفنون؛ وفي الآونة الأخيرة، كنت المدير المساعد لوسائل الإعلام المتكاملة في متحف بيبودي إسيكس. اعتبارًا من منتصف يونية 2020، ومثل آلاف العاملين بالمتاحف الأمريكية الآخرين، أصبحت عاطلًا عن العمل.

 

لقد كتبت منشور مدونة مؤثر للغاية حول تجربتك؛ فهل كان تسريحك من العمل مفاجئًا حقًّا كما وصفته؟

نعم ولا. لقد رأيت علامات إنذارية في شهر مارس عندما بدأت الجائحة تنتشر فعليًّا؛ فأغلقت كثير من المتاحف بسرعة، ولم يكن هناك وقت للتخطيط لاستراتيجيات طويلة الأمد للحفاظ على تشغيل تلك الأماكن. وبالنسبة لمعظم المتاحف الأمريكية التي لا تحصل على تمويل حكومي كبير، فمن الضروري المحافظة على الدخل لمواصلة دفع رواتب الناس. بالنسبة لتلك المؤسسات، ساء الوضع بسرعة كبيرة؛ ومن المفارقات أنه بعد فترة وجيزة من الإغلاق، بدأت المتاحف الفنية الأغنى في تسريح أعداد ضخمة من العاملين أو اعتبارهم في إجازة بدون راتب.

في حالة المتحف الذي عملت به، كان مديرنا واضحًا جدًّا في أنه إذا استمرت هذه الجائحة لفترة طويلة من الوقت، فسيكون تسريح العمال أمرًا مؤكدًا. وبهذا المعنى، لم يكن تسريحي من العمل مفاجئًا، بل كان لا بد أن يحدث في مرحلة ما.

ثم جاء اليوم الذي اكتشفوا فيه أنهم بحاجة إلى التخلص من 15٪ من العاملين لتقليل العجز والحفاظ على عمل المؤسسة. في الأيام التالية، دعي الجميع إلى اجتماع للموظفين؛ حيث أعلن عن تسريح العمال، وبعد ساعة بدأت تصل رسائل البريد الإلكتروني الفردية.

 

هل ترى أي نوع من الإستراتيجيات قرر المتحف إتباعها فيما يتعلق بحالات التسريح؟

لا أعلم إذا كنت سأسميها استراتيجية، ولكن كان هناك نمطًا بالتأكيد، كما كان هناك في جميع أنحاء الولايات المتحدة؛ حيث حدث تسريح للهيكل التنظيمي. يمكنك في الواقع رؤية نمط فقدان الوظائف في جدول بيانات جماعي حول تأثير كوفيد-19 في موظفي المتحف.

كبار المديرين التنفيذيين لا يفقدون وظائفهم، ويبقى منسقو المتاحف كذلك؛ فعلى سبيل المثال، في حالتي، كان هناك تخفيض بنسبة 15٪ في عدد العاملين في كل إدارة باستثناء إدارة التنسيق. كل شخص دون ذلك ولديه دور مباشر أكثر في خدمة الجمهور – مثل: إدارات التعليم، وإدارات التفسير، وخدمات الزوار الرقمية، والأمن – كلهم ​​يتعرضون للفصل.

وقد ظهرت بعض هذه الوظائف – مثل التعليم، والتفسير، والتقييم، والوظائف الرقمية – مؤخرًا في أدوار مؤسسية مهمة؛ إلا أنهم اليوم يسرحون، ويبدو الأمر كما لو كنت تشاهد انهيار آخر 30 عامًا من التقدم.

 

وماذا تخسر المتاحف غير الناس نتيجة الجائحة؟

أتصور أن الخسارة الكبرى ستتضح في غضون عام تقريبًا. بالنسبة للمتاحف في الولايات المتحدة، كانت الصلة بالأمور الحياتية قضية رئيسية، وجميع الأشخاص الذين يسرحون هم الأشخاص الذين لديهم خبرة مباشرة في خدمة المجتمعات ويعرفون ما تحتاج إليه.

إن سبب تركيزنا الشديد على المجتمع في الولايات المتحدة هو أنه إذا لم يأتي إلى المتحف ويدفع رسوم الدخول، فسيغلق المتحف أبوابه. ولا تحتاج المتاحف إلى حضور الناس فقط، بل تحتاج أيضًا إلى معرفة كيف يمكنك حث الناس على العودة بين الحين والآخر؛ لهذا، يجب أن يشعروا بالترحيب والأمان، وأن يشعروا بأن التجربة مرتبطة بهم شخصيًّا.

هناك انقسام بين المتاحف التي كانت تركز بشكل واضح على المهمة والأماكن التي كانت في الأساس مناطق جذب سياحي. فيمكن لمتحف المتروبوليتان للفنون تسريح العاملين ثم توظيف أشخاص جدد عند إعادة فتحه؛ ذلك لأن ستة ملايين سائح سيأتون إلى نيويورك بمجرد أن يصبح السفر آمنًا مرة أخرى.

في الوقت الحالي، يريد الجميع أن يكونوا مثل نسخة مصغرة من متحف المتروبوليتان أو المتحف البريطاني. فأشعر بالحزن لأنني لا أرى مزيدًا من الأدلة حتى الآن على أن عددًا كافيًا من الأماكن قد بدأ في التفكير فيما يعنيه أن تكون مؤسسة ترتكز على المهمة كيفما سيجب أن تكون في مرحلة ما بعد الجائحة.

 

  يبدو الأمر كما لو كنت تشاهد انهيار آخر 30 عامًا من التقدم  

 

إذًا، من وجهة نظرك، ما الخطوات الفورية التي يجب أن تتخذها المتاحف الآن؟

الانطلاق داخل المجتمعات وإرسال العاملين إلى هناك.

من الأمثلة التي أحبها ما فعلته جمعية مينيسوتا التاريخية؛ فقد سرحت العاملين وفي الوقت نفسه بدأت برنامجًا جديدًا حيث علقت قلوبًا خشبية صغيرة في جميع أنحاء المدينة ليكتب عليها الناس، فيتشاركون تجاربهم الشخصية مع الجائحة. هكذا، أصبحت جمعية مينيسوتا التاريخية مرئية بطريقة لم تكن عليها خلاف ذلك؛ فعوضًا عن التركيز على كيفية استعادة الناس، فإنها موجودة بالفعل على الرصيف حيث يوجد الناس. أعتقد أننا لا نفعل ما يكفي من ذلك.

 

علقت جمعية مينيسوتا التاريخية (MNHS) قلوبًا خشبية صغيرة في جميع أنحاء المدينة لكي يكتب عليها الناس، فيتشاركون تجاربهم الشخصية مع الجائحة.
حقوق الصورة: جينيفر أومالي

 

على الرغم من كل ذلك، هل ترى أي جوانب مشرقة لكيفية تغيير الجائحة لمجالنا؟

أنا دائمًا متفائل. في البداية، اعتقدت أنه يمكن لبعض النظر إلى الجائحة على أنها فرصة لإعادة التفكير في كل شيء.  فكم مرة تسنح الفرصة لمتحف ما إغلاق أبوابه لأسابيع؟

فلا يأتي أحد، ولا يمكن لأحد رؤية أي شيء. يمكنك استغلال تلك الفرصة لإعادة التفكير بشكل أساسي في العملية التجارية بأكملها. أردت أن أرى الناس يقولون: فلننسى كل ما فعلناه سابقًا ودعونا نفكر بشكل كبير، وعندما نعيد فتح أبوابنا، فلنكن مؤسسات مختلفة تمامًا. وللأسف، لم يحدث ذلك؛ فانشغل الجميع بمحاولة العودة إلى الوضع الطبيعي القديم بأسرع ما يمكن.

 

  يمكن لبعض النظر إلى الجائحة على أنها فرصة لإعادة التفكير في كل شيء  

 

إن نماذج عمل المتاحف وهياكلها التنظيمية متينة بشكل لا يصدق؛ فحتى عندما يزعم الأشخاص أنهم يريدون تغييرها، وحتى مع الدعم الكامل من العاملين، يصعب حقًّا تغيير الطرق التي تجري بها الأمور. ومع ذلك، وعلى الرغم من هذا، فإني ما زلت متفائلًا.

 

ماذا ستكون نصيحتك للأشخاص في وضعك، والذين يريدون البدء في شيء جديد ومختلف؟

السؤال هو ما إذا كانت هناك طريقة لتسخير كل هذه العمالة المتاحة فجأة وبناء شيء يقدم خدمات لعديد من المتاحف المختلفة. فهل يحتاج كل متحف إلى إدارة رقمية تضم عدد قليل من الموظفين الذين يفعلون كل شيء، أم أن هناك بعض النماذج الأخرى الممكنة؟ لقد وجدت تشبيهًا كبيرًا في هذا المقال حول تحويل اقتصاد العمل المؤقت الاستغلالي الحالي؛ حيث يقارن المؤلف الوضع بنقابات القرون الوسطى. فدعونا نتحد معًا ليوفر بعضنا لبعض الدعم، والتطوير المهني، والقدرة على أن نكون أكثر من مجموع الأفراد فحسب. وبالأخص في الولايات المتحدة مع الدافع إلى تكوين نقابات، هناك بالفعل فكرة مفادها أننا كقوة عاملة نحتاج إلى صوت، ونحن أقوى معًا مما نحن عليه كمجموعة من العاملين غير المنظمين.

 

في مدونتك، تكتب أيضًا عن تشبيه مجازي آخر يلهمك – تشبيه الجائحة ببوابة يجب على المرء التخلص من بعض الأشياء غير الضرورية حتى يتمكن من العبور خلالها. فما الأمتعة التي تود تركها خلف هذه البوابة؟

كنت أعمل على متابعة لهذا المنشور بالفعل قبل التحدث معك. الشيء الرئيسي الذي أود تركه هو الطبقية المتأصلة في النموذج غرب الأوروبي القديم لكيفية عمل المتاحف، القائل بإن نحن في المتاحف نعلم أكثر منك وأنك مدعو للحضور ولكن بشروطنا. سنرشدك إلى كيفية تقدير الفن، أو فهم العلم، أو ماهية تاريخك، وستتركنا أكثر غنى بالمعلومات.

هذا النموذج معيب بشكل أساسي ويجب أن ينتهي؛ فأود أن أكون جزءًا من بداية معالجة هذا الأمر بشكل مباشر.

 

إذا كنت ستبني مؤسسة محور تركيزها، على سبيل المثال، فكرة أن وجهات نظر السكان الأصليين مهمة – بغض النظر عن مكانك – كيف ستبدو هذه المؤسسة؟ ماذا سيفعل متحف مناهض للعنصرية بشكل صريح؟

أعتقد أن أحد أسباب صعوبة تصور التغيير للغاية هي صعوبة حصول النماذج البديلة على أي نوع من العرض. فيجب أن نبحث عن الأماكن التي لن تعود إلى طبيعتها، وتحديد مثيري الشغب الجيدين الذين يريدون إحداث فرق بغض النظر عن مكان عملهم. إن إدراك هذه الأماكن وهؤلاء الأشخاص ودعمهم هو شيء يمكن للجميع عمله.

يوضح هذا العدد من مجلة سبوكس أن كثيرين يحاولون معرفة ما يجب فعله بعد ذلك؛ فآمل أن يغتنم الناس الفرصة للتفكير في «أننا ربما لا نحتاج إلى العودة إلى ما كانت عليه الأمور في فبراير 2020».


ميزوكو إيتو

أستاذ بجامعة كاليفورنيا في إيرفاين ومدير مختبر التعلم المتصل

كاليفورنيا، الولايات المتحدة الأمريكية

Twitter | Website

 

من فضلك أخبرينا بعض الأشياء عنك وعن أسئلة البحث التي تعني لك كثيرًا في عملك.

أنا عالمة أنثروبولوجيا ثقافية وعالمة تعلُّم بحكم التدريب؛ تتركز معظم أبحاثي حول كيفية استخدام الشباب للتكنولوجيا الرقمية عند الانخراط في الاهتمامات والعلاقات التي تعنيهم. كنت أكثر فضولًا حول كيفية حدوث التعلم في هذه السياقات، وكيف يختلف هذا النوع من التعلم المدفوع بالاهتمام والذي يحدث من نظير إلى نظير، عن التعلم الذي يحركه الكبار والذي يحدث في السياقات الرسمية. وقد درست أشياء مثل المراسلة النصية للمراهقين، ومجتمعات الألعاب عبر الإنترنت، والقواعد الجماهيرية لوسائل الإعلام اليابانية. في الآونة الأخيرة، كنت أحاول شرح هذه العملية للآباء والمعلمين؛ فقمت وزملائي في «شبكة أبحاث التعلم المتصل»، بتجميع الأبحاث وعرض إطارات عمل للمعلمين للتواصل مع اهتمامات الشباب والمشاركة الرقمية عند تصميم بيئات التعلم. شاركت أيضًا في تأسيس منظمة غير ربحية، تدعى «مخيمات متصلة» Connected Camps، التي تضع هذه الأفكار موضع التنفيذ من خلال تقديم برامج في ألعاب مثل «ماينكرافت» Minecraft و«روبلوكس» Roblox؛ حيث يعلم الشباب الأطفال الأصغر سنًا في بيئة اجتماعية عبر الإنترنت.

 

أول مستشاري وفرق «مخيمات متصلة» Connected Camps في الحياة الواقعية

 

أول مستشاري وفرق «مخيمات متصلة» Connected Camps في اللعبة

 

ما الذي فعلتيه خلال السبعة أشهر الماضية؟

مثل غيري، أنا عالقة بالمنزل خلال الأشهر السبعة الماضية، وأنا محظوظة جدًّا لوجود زوجي وأبنائي الجامعيين معي في المنزل. وتجتمع جميع فرقي بشكل افتراضي؛ ولم يكن ذلك انتقالًا صعبًا.

بعض أبحاثنا التي أجريت مع المدارس والمكتبات وشركاء المجتمع الآخرين، وجب أن تتوقف. فكان من المحزن رؤية النضالات التي واجهها الشباب والمعلمون والمؤسسات التعليمية في هذا الوقت؛ حيث فقدوا روابطهم القائمة على المكان.

على الجانب الإيجابي، رأينا ابتكارًا واستيعابًا هائلاً للتعلم عبر الإنترنت، واعترافًا مفاجئًا بأن التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت مفيد. لقد ضاعفنا عدد العاملين في «مخيمات متصلة» ثلاثة أضعاف، ويسعدنا توفير فرص عمل لمائة شاب للتدريس عبر الإنترنت، كما وسعنا برامجنا عشرة أضعاف. إن الحاجة إلى خبرات التعلم المتصلة اجتماعيًّا عبر الإنترنت هائلة في الوقت الحالي، ويسعدنا أن نتمكن من القيام بدورنا في ركننا من الإنترنت.

 

  رأينا ابتكارًا واستيعابًا هائلاً للتعلم عبر الإنترنت  

 

ما هو الشيء الرئيسي الذي علمتكِ إياه هذه التجربة وتأخذيه معك إلى المنزل وتعتزين به كدرس مهم؟

لطالما آمنت أن المراهقين والشباب من أعظم أصولنا التي لا تحظى بالتقدير الكافي في وقت التسارع الرقمي؛ وسلطت جائحة كوفيد-19 الضوء على ذلك. إن مشاهدة المراهقين والمتحمسين الآخرين وهم يشاركون معرفتهم وشغفهم مع الأطفال الصغار أحد أكبر مصادر الفرح لي؛ فأشعر بالامتنان الشديد لقدرتي على نشر هذا النوع من التعلم والفرح بين الأطفال والعائلات الذين لم يكونوا ليحظوا بتلك التجربة لولا ذلك. إنها بقعة مضيئة في الأوقات الصعبة.

 

وبأي طريقة تعتقدين أن تلك التجربة أثرت في مجال التعلم؟ المتعلمين والمعلمين على حدٍّ سواء؟

في خلال فترة وجيزة من الإغلاق، رأيت صحفيين ممن كانوا يقودون الحملات الضارية ضد جلوس الأطفال أمام الشاشات يغيرون نبرتهم. فكانت التكنولوجيا الرقمية بمثابة شريان الحياة للتواصل الاجتماعي والتعلم أثناء الإغلاق، وقد رأى الآباء ذلك على الفور. وأتوقع أن يعود معظمهم إلى التعلم الشخصي بشكل أساسي بعد كوفيد-19، ولكنني آمل أن يظل الوعي بقيمة الاتصالات الرقمية قائمًا. لقد رأينا أيضًا تقديرًا متزايدًا لمدى أهمية سياق المنزل للتعلم، وأوجه عدم المساواة العميقة هناك؛ ففجأة أصبح على المعلمين والمدارس مواجهة حقائق الحياة المنزلية لطلابهم، وأصبح لديهم قدرة على رؤية أوجه عدم المساواة بطرق لم يواجهوها مسبقًا.

 

ما الشيء الذي طرأ في أثناء هذه الفترة وتعتقدين أنه يجب على مجال التعلم فعله الآن لمنعه أو تحسينه أو اغتنام فرصته؟

علينا أن نتذكر أن التعلم الرقمي الجيد يعني أكثر من مجرد وضع المحتوى والمحاضرات على الإنترنت – يجب أن يكون هناك معنى وتواصل اجتماعي ومجتمع. ونحن بحاجة إلى التأكد من أنه يجب أن يكون شيئًا لا يصلح فقط للعائلات ذات الامتيازات أو حيث يمكن لأحد الوالدين الجلوس مع طفله وإدارة تعليمه المدرسي. فتحتاج المدارس العامة والمؤسسات الثقافية إلى دعم البنية التحتية التي تضمن لجميع الأطفال إمكانية الوصول إلى الثقافة والتعلم عبر الإنترنت من المنزل.

ويجب اعتبار هذا من ضروريات التعليم العام.

 

  تحتاج المدارس والمؤسسات الثقافية إلى دعم البنية التحتية التي تضمن  

  لجميع الأطفال إمكانية الوصول إلى الثقافة والتعلم عبر الإنترنت  

 

ما هو مستقبل التعلم؟

آمل أن تدعم التكنولوجيا في المستقبل التعلم المتصل اجتماعيًّا والعادل؛ حيث يكون الشباب ليس فقط في مركز التعلم، بل في مركز التعليم والقيادة والابتكار.


ميكو ميليكوسكي

مدير

هيوريكا – مركز العلوم الفنلندي

فانتا، فنلندا

Twitter

 

ميكو، لقد كانت تلك أشهر صعبة، كيف تعامل مركز هيوريكا مع الجائحة؟

لقد عملنا جميعًا من المنزل؛ فكان هناك منحنى تعلم حرج باستخدام تطبيقات مثل «زووم» و«تيمز» وما إلى ذلك للعمل معًا. كانت مدة الإغلاق في هيوريكا 88 يومًا – ثلاثة أشهر تقريبًا – فمثل ذلك أيضًا خسارة كبيرة في الدخل.

في غياب الدخل ومع الإغلاق كان علينا أن نسأل أنفسنا: هل نحن موجودون؟ الجواب الطبيعي هو أنه يمكننا أن نكون موجودين رقميًّا، لذلك بدأنا في وضع مزيد من المحتوى على الإنترنت.

مثل عديد من المؤسسات الأخرى، ألغينا معسكراتنا الصيفية؛ ومع ذلك، كان فريقنا ملتزمًا للغاية لدرجة أننا أعدنا تصور المعسكرات في شكل رقمي، فأفتخر أن أقول إن تجربتنا كانت رائعة – فقد وصلنا إلى نطاق أوسع كثيرًا، بما في ذلك عديد من العائلات الناطقة باللغة الفنلندية في جميع أنحاء أوروبا!

لدينا الآن مخططات لإدارة معسكرات الخريف رقميًّا، كما سنحافظ على العرض الرقمي للمعسكرات في المستقبل.

 

ما الذي علمتك إياه هذه التجربة وسوف تعتز به كدرس مهم؟

يوجد الآن فهم عام لمدى أهمية العلم – فيبحث الجميع الآن في الإحصائيات ودراسات علم الأوبئة، إلخ. العلم على شفاه الجميع؛ وبطبيعة الحال، فإن المفارقة الكبرى هي أن العلم في المقدمة، ولكن أبواب مركزنا العلمي مغلقة! نحن بحاجة إلى إيجاد طرق للاستفادة من هذا الوضع الجديد.

 

  العلم على شفاه الجميع  

 

كذلك، عندما تمكنا من إعادة الفتح أخيرًا، عاد جمهورنا بطريقة رائعة وحماسية – لقد افتقدونا! فلدينا ما نقوله!

 

هل يمكن العودة إلى عملنا وحياتنا مثلما كانت قبل الجائحة؟

هنا أود أن أقتبس من الفيلسوف اليوناني هرقليتس: «لا يمكنك أن تخطو مرتين في ذات النهر؛ لأن مياه أخرى تتدفق إليك».  يجب أن نتابع حياتنا. لقد علمتني الجائحة كثيرًا عن قوة المقابلة وجهًا لوجه وآمل أن نعود إلى هذا بشكل ما.

ومع ذلك، حتى لو عدنا إلى أوقات أكثر استقرارًا، أعتقد أننا ما زلنا بحاجة إلى فهم أكثر دقة لكيفية استخدام الوسائط والعالم الرقمي. فلدينا أجهزة محمولة في كل جيب وحقيبة يد – هل يمكننا بطريقة ما الاستفادة من هذه الفرصة الفريدة؟

 

لم يكن ممكنًا عقد مؤتمر رابطة إكسايت لعام 2020 في لوبيانا في يونية، ومع ذلك نجحت لجنة برنامج المؤتمر السنوي في جلب روح المؤتمر إلى المجتمع على أي حال؛ فبصفتك رئيس اللجنة، أخبرنا المزيد!

يعد مؤتمر رابطة إكسايت وقتًا مهمًّا جدًّا بالنسبة لنا ولمجالنا، ولأننا لم نتمكن من الاجتماع فعليًّا كان علينا التخطيط لبديل مناسب. ولقد تأثرت حقًّا بحماس مجلس إدارة الرابطة، ولجنة البرنامج، وفريق عمل الرابطة لعقد نوع من المؤتمرات لجمع المجتمع. فخصص عديد من الأشخاص ساعات وأيام وأسابيع لتصميم «يوم إكسايت» وتشكيله وإطلاقه في 11 يونية 2020، وكذلك «يوم إكسايت للأعمال» والندوات عبر الإنترنت – كان ذلك مذهلًا! لقد أثبت مجتمعنا أنه مرن ومبدع ومتفاني، حتى في خضم جائحة عالمية؛ وقد شكلنا معًا في «يوم إكسايت» فعالية ليوم كامل عبر الإنترنت من خلال محاضرة رئيسية، وحلقات نقاش، وألعاب تفاعلية، وجميع العناصر الرائعة والروح التي عادة ما تكون موجودة في مؤتمر إكسايت. بالنسبة للقراء الذين فاتتهم هذه الفعاليات، ندعوهم لإلقاء نظرة على هذا المقال القصير، وإعادة مشاهدة جميع فعاليات إكسايت عبر الإنترنت.

 

ما المستقبل بالنسبة لمجتمع المشاركة العلمية الأوروبي؟

لقد تضررت بعض المعاهد بشدة وبعض آخر لم يصبه شيء. فما زلت متفائلًا وأعتقد حقًّا أن هذه الأزمة قد سلطت الضوء على أهمية العلم وأتصور فرصًا جديدة في هذا لمجتمع المشاركة العلمية. نحن نمر بأوقات عصيبة ولكننا سنخرج أقوى وبفهم أفضل لمواهبنا وطرق المضي قدمًا.


جيفري شناب

مؤسس ومدير الكلية في ميتالاب بجامعة هارفارد

ماساتشوستس، الولايات المتحدة الأمريكية

Website

 

من فضلك أخبرنا بعض الشيء عنك وعن عملك.

أنا مؤرخ ثقافي بحكم التدريب، ولكن لأكثر من ثلاثة عقود كنت منخرطًا في العمل على الحدود التجريبية للتكنولوجيا، والوسائط الرقمية، والفنون والعلوم الإنسانية، وعلم المتاحف. بين عامي 1983 و1985 قدت أول مشروع للعلوم الإنسانية الرقمية ممول على الصعيد الوطني في الولايات المتحدة، وهو مشروع «دارتموث دانتي» Dartmouth Dante؛ وبين عامي 1999 و2009 كنت في ستانفورد وقدت مختبر ستانفورد للعلوم الإنسانية. ومنذ عام 2011، كنت رئيسًا لمنصتي البحثية الحالية، ميتالاب metaLAB في هارفارد، بعد أن انتقلت إلى جامعة هارفارد في عام 2009. ميتالاب جزء من مركز بيركمان كلاين للإنترنت والمجتمع، وهو مجتمع متعدد التخصصات من الباحثين في مجالات مثل القانون، والسياسة العامة، والدراسات الأمنية، والاتصالات، وعلم الاجتماع، وعلوم الكمبيوتر.

كذلك نشرت على نطاق واسع في مجال النظرية النقدية والدراسات الإعلامية (بما في ذلك الكتاب التعاوني «إنسانيات_رقمية» Digital_Humanities [MIT Press] وكتاب «عصر المعلومات الكهربائية» The Electric Information Age Book [Inventory Press]). في عام 2015، وبقيادة «جروبو بياجيو» Gruppo Piaggio وشريكي المؤسس جريج لين، أسست شركة «بياجيو بسرعة إلى الأمام» Piaggio Fast Forward الناشئة في مجال الروبوتات في بوسطن. وسواء كان في المجالات الثقافية التاريخية أو العلمية أو التنظيمية، أو في مجالات ريادة الأعمال، يتأرجح عملي ذهابًا وإيابًا عبر الانقسامات النقية، والتطبيقية، والنظرية، والعملية.

أؤمن بالصنع بصفته تفكير، والتفكير بصفته صنع.

 

ما الذي فعلته خلال السبعة أشهر الماضية؟

لقد انتقلت جميع التعاونات تقريبًا لتصبح عبر الإنترنت على مدار الأشهر الماضية؛ فلم يكن تغييرًا كبيرًا حيث اشتمل عملي دائمًا على مزيج من المحادثات في الموقع وعبر الإنترنت. في ميتالاب، ما يقرب من نصف مديري المختبرات والمتعاونين ليسوا موجودين فعليًّا في حرم جامعة هارفارد؛ فيعمل بعضهم عبر نهر تشارلز في بوسطن، بينما يعمل بعض آخر من أماكن بعيدة مثل برلين أو طوكيو. وبالمثل/، أعمل أنا وزملائي في «بياجيو بسرعة إلى الأمام» عن كثب مع مقر قيادة مجموعة بياجيو في ميلان؛ فكان العمل كله عبر الإنترنت خلال أشهر الجائحة.

ومع الانتقال إلى محادثات الفيديو، انتقلت من كامبريدج بولاية ماساتشوستس (حيث أعيش عادًة) إلى مكتبي في منزلي بوودستوك في ولاية فيرمونت (حيث أمتلك منزلًا ريفيًّا). فأقمت وعملت من هناك خلال الأشهر الأربعة الماضية؛ وبدلًا من السفر، ألقيت عددًا أكبر من المحاضرات للعمل عبر الإنترنت على جانبي المحيط الأطلسي، وشاركت في عديد من ورش العمل والندوات، وكتبت عن موضوع تأثيرات الجائحة في المجتمع المعاصر، والهندسة المعمارية، والتصميم. من الغريب أن هذا الوضع أثبت أنه مثمر للغاية في عديد من النواحي، حتى لو فاتني حافز السفر والفروق الدقيقة في الاتصال والتواصل وجهًا لوجه.

أخيرًا وليس آخرًا، تعلمت (بنجاح) فن خبز الخُبز؛ لطالما كنت أطبخ (وأخي طاهٍ محترف)، ولكن الجائحة دفعتني إلى توسيع حدود ممارستي لفنون الطهي.

 

ما الشيء الرئيسي الذي علمتك إياه هذه التجربة وتأخذه معك إلى المنزل وتعتز به كدرس مهم؟

دروس أساسية عدة. أولاً، ذُكرت تكرارًا بأنني أنتمي إلى قلة مميزة؛ فلم يزعزع الحجر الصحي، ناهيك عن المعارك المضطربة من أجل العدالة الاجتماعية التي عانى منها وطني خلال الأشهر الأخيرة، من أساس وجودي. وقد عزز هذا من التزاماتي طويلة الأمد تجاه أشكال إنشاء المعرفة، والممارسات الثقافية والتنظيمية، والمشاركة التي تواجه الجمهور.

 

  كيف نجعل الصفحة الرئيسية homepage تضفي شعور المنزل،  

  بينما تضفي صفحة العمل work page شعور العمل؟  

 

ثانيًا، عززت تلك التجربة شعوري بالحاجة الملحة إلى صياغة نماذج جديدة للممارسة الثقافية عبر الإنترنت. فنحن على مشارف بداية ثورة كبيرة في عادات العمل، والتفاعل الاجتماعي، والترفيه، بينما بنيت معظم الأنظمة التي نستخدمها بالنظر إلى الوراء وليس إلى الأمام. لقد كتبت في مكان آخر: «بينما توسع المنصات على الإنترنت للعمل، والتبادل الاقتصادي، والتفاعل الاجتماعي، والتواصل الثقافي إمبراطورياتها، ستزداد الضغوط لإلغاء المعايير. ستسعى مجتمعات الإنترنت إلى صياغة بنى متباينة أكثر من أي وقت مضى مع سمات مثل المثابرة، والشخصية، والاستجابة في الوقت الفعلي، والتمييز الوظيفي (بين غرف الانتظار الافتراضية، والفصول الدراسية، والعيادات، والممرات، والمطابخ، وغرف المعيشة، وغرف النوم). فكيف نجعل الصفحة الرئيسية homepage تضفي شعور المنزل، بينما تضفي صفحة العمل work page شعور العمل؟»

 

ما الذي خسرناه؟

جزء مهم من أجهزة الاستشعار لدينا (خاصة الأدوار الرئيسية التي يلعبها اللمس والشم في معرفتنا وخبرتنا بالعالم)؛ والفروق الدقيقة في المحادثة (منصات مؤتمرات الفيديو هي بيئات بدائية ومختزلة تخضع لأوقات اختفاء الشبكة)؛ وقوام التجربة الاجتماعية الجسدية والمتجسدة وأعماقها. فقد يكون لتوجيه كل أشكال الحياة من خلال الشاشات، سواء كانت بحجم الجيب أو الجدار، عديد من المزايا العملية، ولكنه في النهاية يؤدي إلى إفقار الإدراك البشري.

 

ما الذي تعتقد أنه سيتغير في مجال المتاحف في الأشهر و/أو السنوات القادمة نتيجة لجائحة فيروس كورونا المستجد؟

أود أن أصدق أن التوجهات المتمحورة حول الأشياء والمجموعات لدى عديد من المتاحف ستتعرض لضغوطات متزايدة، فستسرع بالتغييرات التي تجري بالفعل خلال نصف القرن الماضي. فبدلاً من التفكير في أنفسها كحصون مكرسة للحفاظ على المجموعات، ستضطر بالتالي إلى تصور نفسها بشكل متزايد كمحفزات ومضيفات للروابط: الاجتماعية، والثقافية، والتعليمية، والتاريخية. فإن التراث الثقافي المحبوس في غرف التخزين التي لا يزورها سوى المطلعين في المتحف ليس تراثًا حيًّا بغض النظر عن مقدار حديثنا عن «الدفاع عنه» و«حمايته».

 

حقوق الصورة لجيفري شناب

 

  التراث الثقافي المحبوس في غرف التخزين  

  التي لا يزورها سوى المطلعين في المتحف ليس تراثًا حيًّا  

 

ما الفرصة التي نشأت خلال هذه الفترة، والتي تعتقد أنه يجب علينا اغتنامها بطريقة بناءة؟

لدينا التزام بالتواصل في تنسيقات جديدة، وخفيفة، وثابتة عبر الإنترنت مع الجماهير خارج الموقع، بدلاً من مجرد الاحتفاظ بالمجموعات ومحاولة جذب جماهيرنا إلى الموقع. ولا يوجد نزاع بين جهود التواصل تلك والبرمجة في الموقع؛ فبدلًا من هذا، فإن الفرصة هي استكشاف اختلاطات منتجة.

فيمكن أن يأخذ التواصل أشكالًا متعددة: مقطع فيديو لمنسق يعود إلى غرف التخزين ويسحب شيئًا ويخبر قصة شيء لن يُعرض أبدًا؛ أو مشروعات معمل الحفظ أو الاستعدادات لمعرض قيد التنفيذ؛ أو حديث الفنانين أو زيارة الاستوديو؛ أو موضوع اليوم الذي يظهر في موجز منصة تويتر الخاص بك؛ أو مشاركة المشكلات وأسئلة البحث بدلاً من الترويج للإجابات والحلول فقط. لقد ظللت أقول هذا لأكثر من عقدين من الزمن: الواجهة الحقيقية لكل مؤسسة ثقافية في القرن الحادي والعشرين هي الواجهة التي تنفتح على شبكة الويب العالمية. هذه هي المساحة العامة التي يتعين علينا تنمية شريحة أكبر من جمهورنا فيها، ورعايته، والحفاظ عليه؛ حتى ونحن ننشئ ونرعى وندعم أساليب جديدة لتنظيم المعارض في الموقع وتصميمها وتركيبها.

 

من وجهة نظرك، ما هو مستقبل المتاحف؟

يتمثل مستقبل المتاحف في أن تصبح منصات متعددة الوظائف للمشاركة؛ حيث تعمل المجموعات كمحفزات بدلاً من أن تبقى أغراض للتبجيل مدفونة في مخازن عميقة. ويستلزم ذلك هوية مختلطة تستفيد من القوة التي لا تضاهى للتجربة المتجسدة في الموقع جنبًا إلى جنب مع أنماط الاتصال والتجربة الافتراضية خارج الموقع بطرق تضيف قيمة على جانبي «الانقسام». إنها ليست فجوة حقيقية أو معارضة ثنائية؛ فهذان بمنتهى البساطة وجهان لنفس العملة.

 

حقوق الصورة لجيفري شناب


 

 

دروس مستفادة


نُشر المقال الأصلي باللغة الإنجليزية في العدد رقم 66 (سبتمبر، 2020) من مجلة «سبوكس» Spokes الإلكترونية التي تصدرها رابطة مراكز ومتاحف العلوم الأوروبية Ecsite تحت عنوان: «انعدام اليقين» Uncertainty، ويمكنكم الاشتراك مجانًا في مجلة «سبوكس» من هنا.

قامت رابطة المراكز العلمية بشمال أفريقيا والشرق الأوسط NAMES بترجمة المقال ونشره باللغة العربية بتصريح من رابطة مراكز ومتاحف العلوم الأوروبية ومن المؤلف/المؤلفين، وتتحمل NAMES مسئولية هذه الترجمة.

لا يجوز إعادة إنتاج هذا المحتوى، سواء بالإنجليزية أو العربية، بأي شكل من الأشكال، دون الرجوع إلى رابطة مراكز ومتاحف العلوم الأوروبية Ecsite.