التحية في زمن كوفيد-19


بقلم: بول دانكستب - 1 أبريل 2020

رسوم: راي لارسن

 

تمتلئ حياتنا الاجتماعية بالملامسات الطقسية؛ من الأحضان، لصفق الكفين، لقسم الخنصر. وتنتج أفعال التواصل الإنساني تلك شعورًا بالترابط بين الناس، حرفيًّا ونفسيًّا؛ ولكنها أيضًا تعطي للجراثيم طريقة فاعلة للتحرك من شخص لآخر.

في أوقات التباعد المجتمعي التي نعيشها الآن، ما أنواع التحية التي علينا استخدامها؟ وما الذي يجعل نوعًا معينًا من التحية أكثر سببًا في العدوى من نوع آخر؟ وما الأفعال التي يمكننا من خلالها الشعور بالقرب، حتى وإن وجب علينا البعد؟ دعونا نتجول سريعًا بين الاختيارات أمامنا.


 

 

مصافحة اليد التقليدية (لا تفعلها!)

تلك هي الجاني الرئيسي.

فالفيروس ينتقل من يد شخص إلى يدك. وأنت تلمس وجهك؛ فتصاب بالعدوى.

يجب علينا ترك هذه العادة.


 

 

مصافحة اليد البوتسوانية

في كثير من الدول الأفريقية توجد مصافحات محلية معقدة؛ مثل مصافحة الطقطقة الليبيرية (إذ يطقطق المشاركان أصابع بعضهما بعضًا!) أو المصافحة البوتسوانية، وهي مصورة جزئيًّا هنا، إذ تلتقي اليدان في قبضة عالية الاتصال. فهل المصافحة الأقوى أسوأ من المصافحة التقليدية؟

الإجابة: نعم؛ المصافحة قوية القبضة تنقل حوالي ضعف كمية البكتيريا للمساحة نفسها مقارنة بالمصافحة المتوسطة.

(يمكنك قراءة المزيد حول هذا البحث هنا. فقد أعطوا الناس قفازات مغطاة بالبكتيريا القولونية، وجعلوهم يصافحون أناسًا يرتدون قفازات معقمة، ومن ثم قاسوا كمية الانتقال.)


 

 

صفق الكف عاليًّا

يظهر البحث نفسه أن صفق الكف عاليًّا ينقل نصف كمية الجراثيم التي تنقلها مصافحة اليد التقليدية؛ وهذا تحسن كبير!

قد يبدو أن صفق الكف عاليًّا موجود منذ القدم، ولكنه لم يظهر سوى في أواخر سبعينيات القرن الماضي، أو أوائل ثمانينياته. ويبدو أن تلك الممارسة قد تطورت من صفق الكف على مستوى الجذع التقليدية أكثر، ولطالما كانت جزءًا من الثقافة الأفريقية الأمريكية منذ عشرينيات القرن الماضي على الأقل.


 

 

طرق القبضة

لأصل تلك التحية قصص متنوعة. فيقول البعض إنها تطورت من طرق الملاكمين قفازاتهما قبل المباراة. بينما يقول آخرون إنها ظهرت في عالم رشق السهام الاحترافي؛ إذ يرغب اللاعبون في تفادي مصافحة اليد مع شخص يحمل حزمة من المقذوفات المدببة.

وقد وجدت الدراسة المذكورة أعلاه أن طرق القبضة هي أكثر تحيات الاتصال اليدوي صحية؛ فتنقل حوالي 10٪ فقط من الجراثيم التي تنتقل من مصافحة اليد التقليدية. فيختتم مؤلفو الدراسة بالآتي: «... نحن نشجع التوسع في استخدام طرق القبضة بصفتها بديلًا بسيطًا، وحرًّا، وصحيًّا أكثر من مصافحة اليد».


 

 

طرق الكوع

ينصح جراح الولايات المتحدة الجنرال جيروم آدامز بطرق الكوع بديلًا لمصافحة اليد.

وقد شاعت طرقة الكوع أول مرة في ستينيات القرن الماضي، في مستوطنة الجذام كالوبابا بجزيرة مولوكاي في هاواي. ولتفادي العدوى، أصبحت طرقة الكوع الطريقة المفضلة لتحية المستوطنين المصابين بالجذام.

وطرق الكوع حتمًا يقلل من العدوى بفعل الجراثيم؛ وذلك لأن كوعك لا يقترب بالمرة من وجهك. ولكن، أليس من المفترض أن نكح في تجويف الكوع؟


 

 

الهونجي

تشيع تحيات التواصل وجهًا لوجه حول العالم. وأحد الأمثلة هي تحية الهونجي، وهي تلامس الأنوف والجبهات بين شعب الماوري في نيوزيلاندا. يشبه ذلك تحية أينويك كونيك (أو قبلة الإسكيمو)، وكذلك تلامس الأنوف الشائع في بلاد الخليج العربي. وعبر أوروبا من المعتاد تحية الأشخاص بعدد من القبلات الهوائية على الوجنتين.

قد يبدو أن مثل هذا التواصل القريب للغاية أسوأ ما يمكنك عمله في الوقت الحالي. إلا أن الدراسات العلمية تشير إلى أن حتى التقبيل الحميمي ينقل جراثيم أقل من مصافحة اليد. فيداك تتواصل مع أسطح أكثر كثيرًا مما يتواصل معه وجهك، كما أن يديك تفتقد تأثيرات اللعاب المضادة للبكتيريا.

مع ذلك، يجب تفادي ذلك التواصل القريب؛ ولكن كونه أكثر أمنًا من مصافحة اليد، يجب على الأقل أن ينبهنا لحقيقة أن أيدينا تتسخ اتساخًا فظيعًا.


 

 

مصافحة ووهان

تظهر الفيديوهات المنتشرة على شبكة الإنترنت من الصين، وإيران، ولبنان الأشخاص يتصافحون بملامسة الأقدام (أحيانًا بمصاحبة صوت التقبيل)، وهو ما يعرف الآن بمصافحة ووهان.

ومثل طرقة الكوع، تنقل هذه التحية نقطة التواصل بعيدًا عن اليدين والوجه؛ مما يقلل من خطورة التلوث، كذلك فإنها تقدم فرصًا أكبر للزخرفة.


 

 

مصافحة الكعب كلوتز ®Klutz

إذا رغبت في تحية مرحة بالأرجل، يمكنك محاولة مصافحة الكعب كلوتز الشهيرة:

  1. اقترب وكأنك مقبل على المصافحة التقليدية باليد.
  2. مد يدك، ولكن مررها من ناحية الخارج.
  3. انحنِ وأمسك كعب الشخص الآخر، ثم هزه بقوة. بالتزامن، ارفع كعبك حتى يتسنى للطرف الآخر عمل الشيء نفسه.

قد يكون أداء هذه التحية مبالغًا فيه، ولكنها تمنح شعورًا بالرضا، والذي يأتي مع مصافحة جزء من جسم الشخص الآخر، مع تحديد فرصة انتقال العدوى (فليس من المرجح أن تلمس وجهك بكعبك).


 

 

الحضن الهوائي

التحية بدون أي تلامس هي على الأرجح الأنسب في هذه الفترة، ولفترة ممتدة. مسافة مترين هي مسافة آمنة من خطر التعرض لقطرات رذاذ الأنف، التي يحملها الهواء من الشخص المصاب. فعن بعد مترين، يعبر عن الحضن الهوائي بفتح الذراعين واسعًا في شكل مقوس، ثم ضمهما إلى الداخل مرة أو مرتين، وعادة ما يصاحب ذلك عبارة «حضن هوائي!».

ويطلق على هذه التحية أحيانًا «حضن السمكة» أو «حضن السلمون»؛ وذلك لأن الطرفين يكون شكلهما أثناء تأديتها مشابهًا لسمكتين تلوحان بزعانفهما بعضهما لبعض في مودة.


 

 

حرف V رمز النصر

الإشارة باليد هي شكل آمن ويسهل تعديله للتحية.

ولإشارة حرف V رمز النصر تاريخ طويل؛ فعلى الأرجح أنها تعود في الأصل إلى إشارة كان الرماة الإنجليز يستخدمونها في القرن الخامس عشر، للدلالة على استعدادهم للمعركة (فأنت لا تحتاج سوى لهذين الإصبعين لرمي سهم). وقد استخدمت الإشارة بكثرة في أمريكا أثناء الحرب العالمية الأولى، ومن ثم تبنتها الحركة المناهضة للحرب في ستينيات القرن الماضي للدلالة على السلام. ويشيع استخدام الإشارة الآن للدلالة على البهجة عند التقاط صورة شخصية «سيلفي».


 

 

ناماستي

من إشارات التحية المهذبة المعروفة في جميع أنحاء العالم تقريبًا، وضع اليدين على مستوى الصدر بحيث يكون الكفان ملاصقين بعضهما لبعض، وتشير الأصابع إلى أعلى.

تسمى تلك الإشارة بعدة مسميات؛ ولكن يشيع تسميتها بإشارة ناماستي الهندوسية، أو بشكل أكثر رسمية «أنجالي مودرا». وفي تايلاند تسمى «واي»، وفي كامبوديا تسمى «سامبيه»، وفي البوذية زن اليابانية تسمى «جاسهو».


 

 

إشارة القلب بالأصابع

في هذه الإشارة، يشكل طرفا الإبهام والسبابة شكل قلب صغير، وتأتي من كوريا الجنوبية؛ حيث نشرها لأول مرة نجوم البوب الكوري.

يكون القلب صغيرًا بما يكفي كي لا يحمل أي دلالات رومانسية صريحة. فهذه الإشارة مناسبة للاستخدام حتى بين الأصدقاء غير المقربين.


 

 

الشاكا

جاءت الشاكا من ثقافة ركوب الأمواج في هاواي، وتعرف أيضًا بإشارة «الاسترخاء». مدد إبهامك وخنصرك، ثم لف يدك إلى الوراء وإلى الأمام للتأكيد.

وتحمل هذه الإشارة دلالات إيجابية قوية على الصداقة، والتضامن، والاسترخاء.


 

 

تحية اللسان التبتية

هذه تحية مرحة: عادة أهل التبت بإخراج اللسان للتحية.

وهناك بعض القصص المتنافسة حول أصل تلك العادة، وكلها تشمل فكرة أن ممارسة نوع معين من السحر الأسود تتسبب في تلون لسان ممارسها باللون الأسود. فبإظهار لسان لونه طبيعي، تثبت أن نواياك حسنة.


 

هذه فترة غير عادية. ففي حين تكون كارثة طبيعية، أو حادثة إرهابية سببًا في اجتماعنا والتفافنا معًا، فإن جائحة فيروس كورونا المستجد تستلزم أن نعزل أنفسنا، وأن نبقى متباعدين. فمن المهم أن نطبق أقصى درجات الحرص والحذر لحماية أنفسنا والآخرين؛ ولكن من المهم أيضًا أن نتذكر أن التواصل الإنساني لا غنى عنه لنصمد معًا. ومثلما كتب الحبر يوسف كانفسكي مؤخرًا: «كل يد لا نصافحها يجب أن تتحول إلى مكالمة هاتفية. وكل عناق نتفاداه، يجب أن يتحول إلى تعبير شفهي عن الدفء والاهتمام. وكل بوصة وكل قدم نضعها بيننا وبين شخص آخر يجب أن تتحول لفكرة لكيفية مساعدتنا لهذا الآخر إذا لزم الأمر».


 

Exploratorium, 2020 

by the Exploratorium 2020 ©