لماذا يتفوق تفاعل الزوار مع الميسرين على اللافتات والكتيبات الإرشادية


بقلم: إيناس عيسى

إن التفاعل كلمة رئيسية في أثناء البحث عن النجاح في سياقات الحياة المختلفة. قد يكون التعلم من خلال الكتب ومقاطع الفيديو وما إلى ذلك  مفيدًا لاكتساب المعرفة، إلا أن التفاعل يخلق قناة تواصل بين المرسل والمستقبل. من خلال هذه القناة، يمكن توصيل واستيعاب سيل من المعلومات بشكل أفضل، خاصة مع الأطفال الذين لا يزالون غير قادرين على معرفة طريقهم، بالمعنيين الحرفي والمجازي.

بينما حلت الآلات محل البشر في إكمال بعض الوظائف، لا يزال للإنسان دور فريد في إنشاء بعض المهام وإنجازها، خاصةً تلك التي تتطلب التفاعل لتتم بشكل فعال. أحد الأدوار التي يتغلب فيها البشر على الآلات دور الميسر في المتحف أو المركز العلمي. فلا يمكن تفويض هذا الدور ببساطة إلى آلة؛ لأهميته الكبيرة في إحداث تأثير إيجابي في الزوار.

دُرِس دور الميسرين في تعزيز المشاركة مرارًا وتكرارًا؛ وهنا، نسلط الضوء على هذا الدور وما يجعل تفويض هذا الدور صعبًا.

أهمية التفاعل في المراكز العلمية

غني عن القول أن مراكز العلوم ومتاحفها توفر للزوار فرصًا لمعرفة مزيد عن مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات وتزويدهم بتجربة مفيدة، من خلال المشاركة والمرح خارج الإعدادات الرسمية. فتوفر مساحات التعلم المجانية هذه رحلة تعلم غير خطية مدفوعة باحتياجات المتعلم واهتماماته، مما يسمح له باختيار متى وماذا وأين يتعلم.

تتميز مساحات التعلم غير الرسمية تلك بخصائص خاصة للمعلمين والميسرين الذين يقودون تجربة تعلم يكون فيها النهج المتمحور حول المتعلم، جنبًا إلى جنب مع المشاركة والتفاعلات الاجتماعية الحقيقية مع المشاركين الآخرين، أمرًا حيويًّا. فيتجاوز التفاعل بين الزوار والميسرين حدود تقديم المفاهيم والمعرفة؛ حيث تكون إثارة الحماس والتحفيز والاهتمام بالتغذية أمرًا مُهمًّا أيضًا في هذه العملية.

 

 

تحليل رحلة الزوار في متاحف العلوم

تتضمن رحلة الزوار في المركز العلمي أو متحف العلوم تفاعلًا ماديًّا مع المعروضات العملية، عادةً كجزء من مجموعة؛ إلا أن هذا لا يُكوِّن التجربة كاملةً.

فسلط البحث الضوء على التأثير الكبير للمشاركة في تجربة الزائر. هنا، يظهر دور الميسرين لمساعدة الزوار على استكشاف واكتشاف البيئة المادية للمعرض، وخلق فرص للتفاعلات الاجتماعية التي تعالج السياق الشخصي وتؤدي إلى صنع معنى للزائر.

يمكن أن يكون هذا التفاعل أسهل في مثل هذا المكان غير الرسمي الذي يتيح ويوفر مساحة للتفاعلات الاجتماعية غير المنظمة، سواء بين الأفراد في مجموعات من الزوار، أو بين الزوار والميسرين.

يولد التفاعل مشاعر إيجابية

أظهرت الأبحاث حول تجربة تعلم الزوار في مراكز العلوم ومتاحفها ثلاث نتائج رئيسية لتفاعل الميسرين مع الزوار:

  1. مزيد من المشاعر الإيجابية من جانب الزوار حول التعامل مع طاقم المتحف.
  1. حصول أفضل على المعلومات من الميسرين بدلاً من الحصول عليها من اللافتات ومواد القراءة.
  1. التعلم بشكل متكرر من خلال التفاعل مع الميسرين.

نظرًا لأن هذه الكيانات غير الرسمية لتعلم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات تتبع نهجًا غير خطيًّا، فإن قياس نجاح رحلة الزوار لا يعتمد بشكل أساسي على المكاسب المعرفية، بل إن الظروف والعمليات والمشاركة التي تفضي إلى التعلم هي الأكثر أهمية.

بناءً على ذلك، صمم الباحثون أداة تعليمية قائمة على الزائر لتحليل سلوكيات التعلم السبعة المنفصلة التي يظهرها الزوار عند الانخراط في المعروضات. جمعت هذه السلوكيات في ثلاث فئات من المشاركة تعكس زيادة مستويات المشاركة وعمق تجربة التعلم.

  1. سلوكيات المبادرة: يحدث هذا عندما يتخذ الزائرون الخطوات الأولى في المشاركة في معرض، ومع ذلك لا يشاركون بشكل كامل.
  1. سلوكيات الانتقال: تتميز بلغة الجسد الإيجابية والانفجارات العاطفية التي تشير إلى مستوى مشاركة الزائر وتظهر أنه مرتاح وقادر ومستعد للانخراط في النشاط.
  1. سلوكيات الاختراق: تعكس التزام الزائر بالمشاركة الكاملة في فرص التعلم التي يوفرها المعرض، إلى جانب إظهار رغبة الزائرين في المعنى وراء التفاعل المادي البحت؛ فيبنون على تجربتهم السابقة ويشاركون في مزيد من الاستكشاف والتساؤل.

 

 

أثر الميسرين في تفاعل الزوار

كشفت دراسة دور الميسرين في مساعدة الزوار على اجتياز مراحل المشاركة هذه عن نتائج مثيرة للغاية. فدرس الباحثون تأثير تفاعلات الزائر والميسر في تفاعل الزائر وكيف سيؤدي هذا التفاعل إلى زيادة عدد الزوار الذين يصلون إلى أعلى مستوى من التفاعل: الاختراق.

أظهرت النتائج أن نسبة الزائرين الذين تفاعلوا مع الميسر مقابل أولئك الذين لم يفعلوا كانت أكبر في المبادرة والانتقال وصولًا إلى الاختراق. علاوة على ذلك، كان الوصول إلى مستوى الاختراق أعلى عندما يكون هناك تفاعل بين الزائر والميسر. ويتميز هذا التفاعل ببعض السلوكيات التي تسهل الرحلة على الزائر. أبعاد التيسير هذه هي: الراحة، والمعلومات، والتفكير، واستخدام العرض.

ترتبط الراحة بالخطوة الأولى في رحلة الزوار وهي الترحيب بهم في مساحة المعرض. إذا شعر الزائرون بعدم الارتياح أو عدم الأمان أو عدم الترحيب بهم، فبالكاد سيتفاعلون مع المعروضات، مما قد يؤدي إلى تجربة تعليمية أقل فاعلية تتحول إلى تحدٍ بالنسبة لهم لعدم تلبية احتياجاتهم الأساسية.

يأتي بعد ذلك إبلاغ الزائر بكيفية استخدام المعرض، أو استخدام المعرض معه، أو إعطائه نصيحة أو تلميحًا، أو تقديم المساعدة الفنية. سيؤدي ذلك إلى قضاء الزائرين وقتًا أطول في المعرض والحصول على تجربة أعمق وأكثر جدوى من خلال تقديم المساعدة الفنية أو شرح كيفية القيام بذلك.

يأتي بعد ذلك تيسير التفكير، الذي يتضمن الاستراتيجيات والتقنيات التي يستخدمها الميسرون لمساعدة الزوار على الانخراط بعمق في المعرض، من خلال التفكير والتواصل. فيدعو هذا البعد الزوار إلى التفكير في الفرضيات المقترحة والانخراط في التفكير النقدي الذي يمكن أن يتجسد في التفكير في السبب وراء المفاهيم والأداء عوضًا عن التفكير فيما هي عليه أو كيف تبدو.

باختصار، يعد دور الميسرين في مراكز العلوم ومتاحفها أمرًا حيويًّا لتحسين مشاركة الزوار ورحلتهم. فالتفاعل الذي ينشئونه مع الزوار لا يسهل رحلتهم فحسب، بل يساعدهم على الوصول إلى مستويات أعلى من المشاركة، مما قد يولد تجارب خاصة للزوار.

 


مراجع