العلاقة بين اللغة والتطور الإدراكي تحت المجهر


بقلم: إيناس عيسى

هناك ارتباط قوي بين اللغة والإدراك يؤدي دورًا مهمًّا في التطور المعرفي الذي يبدأ مبكرًا في الطفولة. وعلى الرغم من أن اللغة المنطوقة تبدو رائدة في مثل هذه العملية بالنسبة إلى الرضع الذين يتمتعون بحاسة السمع، إلا أن الأبحاث الجديدة تشير إلى أنها ليست الطريقة الوحيدة؛ لأن لغة الإشارة، وهي لغة مقدمة مرئيًّا، يمكن أيضًا أن تؤدي الدور نفسه.

في دراسة رائدة أجريت في جامعة نورث وسترن، وجد الباحثون أن لغة الإشارة، تمامًا مثل اللغة المنطوقة، تدعم التطور الإدراكي لدى الرضع الذين يسمعون ولم يتعرضوا أبدًا للغة الإشارة. وأشار الباحثون في بيانهم الصحفي إلى أن اكتشافهم يوسع من فهم العلاقة القوية والراسخة بين اللغة ولغة الإدراك لدى البشر.

 

الرابط بين لغة الإنسان والإدراك

تعتمد الدراسة الجديدة على بحث سابق يُظهر أن الرضع الصغار جدًّا، الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و4 أشهر، مستعدون لاكتساب أي لغة بشرية، سواء قدمت مرئيًّا أو سمعيًّا، ويمكنهم بناء رابط بين تلك اللغة وبين العمليات الإدراكية الأساسية.

«لقد وجدنا سابقًا رابطًا مبكرًا بين الإشارات الصوتية وبين إدراك الرضع. ولكننا لم نثبت بعد ما إذا كان هذا الرابط الأولي واسعًا بما يكفي ليشمل لغة الإشارة، حتى عند الرضع الذين لم يتعرضوا أبدًا للغة إشارة»، هكذا قالت ساندرا واكسمان، الباحثة الرئيسية في الدراسة.

بناءً على ذلك، استندت فرضية الباحثين إلى الاشتباه في أن الرضع الذين يسمعون يمكن أن يربطوا في البداية أي لغة، سواء كانت منطوقة أو بالإشارة، بالإدراك. لذلك، كان مجالهم هو العثور على إجابة على: إذا كان الرابط الأولي بين الإدراك واللغة لدى الرضع محجوزًا خصيصًا للغة المنطوقة، فيجب أن يفشل الأطفال الذين يراقبون لغة الإشارة في تكوين فئات للأشياء. ولكن، إذا كان الرابط الأولي للرضع واسعًا بما يكفي ليشمل جميع اللغات البشرية، فإن الأطفال الذين يراقبون لغة الإشارة، مثل أولئك الذين يستمعون إلى اللغة المنطوقة، يجب أن يكونوا تلك الفئات بنجاح.

 

التجربة

أجرى الباحثون التجربة على 113 رضيعًا يسمعون، تتراوح أعمارهم بين 4 و6 أشهر، ممن سبق أن تعرضوا للغة الإشارة الأمريكية ASL أو أي لغة إشارة أخرى؛ لمقارنة أداء تصنيف الرضع في حالة لغة الإشارة مع الأداء في حالة التحكم غير اللغوي.

في البداية، عُرِّف الأطفال بسلسلة من أمثلة الفئات (على سبيل المثال ثمانية أسماك)، كل واحدة قدمتها امرأة إما باستخدام لغة الإشارة في أثناء لفت النظر إلى الأغراض والتحديق (حالة لغة الإشارة الأمريكية) أو لفت النظر والتحديق بدون لغة (شرط تحكم غير لغوي). بعد ذلك، شاهد جميع الأطفال صورتين ثابتتين: عضو جديد من نفس الفئة (مثل سمكة جديدة) أو كائن جديد من فئة مختلفة (مثل ديناصور).

 

الكشف عن اتصال أعمق

وجد الباحثون أنه في عمر 3 و4 أشهر، نجح الأطفال في حالة لغة الإشارة الأمريكية، وليس في حالة التحكم، في تشكيل فئة الكائن (مثل الأسماك). فميزوا بين كائني الاختبار، مما يشير إلى أنهم شكلوا بنجاح فئة الكائن؛ كذلك كانوا ناجحين مثل زملائهم في العمر الذين استمعوا إلى لغتهم الأم (المنطوقة). إلا أنه بحلول 5-6 أشهر لم تعد مجموعة لغة الإشارة الأمريكية نفسها تقدم هذه الميزة الإدراكية.

«أكثر ما أدهشنا هو أن العناصر اللغوية للغة الإشارة تحديدًا هي التي أدت الغرض – وليس مجرد لفت النظر والإيماء. من المؤكد أن لفت النظر والإيماء إشارات تواصل، ولكنها ليست إشارات لغوية»، هكذا شرحت واكسمان.

تسلط هذه النتائج الضوء على مدى اتساع الصلة المبكرة بين اللغة والإدراك لدى الرضع وكيف أنها تدعم التطور المعرفي.

 

المراجع

Sign_language_promotes_object_categorization_in_young_hearing_infants

news.northwestern.edu/infants-link-language-and-cognition-whether-the-language-is-spoken-or-a-sign-language