عمودي أم أفقي: أيهما طريقة العدِّ الفضلى بالنسبة إلى العقل البشري؟


بقلم: إيناس عيسى

لا يستخدم العد في المدرسة فقط، بل يستخدم على نطاق واسع في حياتنا. والعد الأفقي هو ما يستخدم في معظم الدول الغربية، وكذلك بعض الدول الشرقية. يُعرف هذا النوع من النظام باسم «خط العدد العقلي»؛ حيث يصف طريقة مهمة لتمثيل الأرقام والكمية في الفضاء. وقد صمم لمساعدة الناس على فهم الأرقام إذا تم تمثيل الكميات مكانيًّا؛ حيث إن الفجوة الأكبر بين الأرقام يجب أن تجعلها أقل إرباكًا.

مع ذلك، على الرغم من استخدامه على نطاق واسع، لا يبدو أن العد الأفقي الطريقة الفضلى. فيمكن لعقولنا في الواقع معالجة الأرقام أسرع عندما تعرض الأرقام عموديًّا، وليس أفقيًّا، مع وجود العدد الأصغر في الأسفل والأكبر في الأعلى، وفقًا لدراسة حديثة أجراها باحثون من أستراليا وكندا.

أظهرت الأبحاث السابقة أن البشر يفضلون وضع الأعداد الأكبر على اليمين والأرقام الأصغر على اليسار لفهم الأرقام، مما يساعدهم على مقارنة الأرقام. ومع ذلك، فقد استكشفت دراسات قليلة كيف تتفاعل عقولنا مع ترتيب الأرقام الرأسي مقارنةً بالأفقي، وأيهما أفضل بالنسبة لنا في الارتباط بالأرقام. سلطت الدراسة الأخيرة الضوء على هذه النقطة من خلال دراسة كيف يمكن أن يكون العد العمودي أدق. فأظهرت النتائج أن البشر يعالجون الأرقام أسرع عندما تعرض عموديًّا –مع وجود الأعداد الأصغر في الأسفل والأرقام الأكبر في الأعلى.

كيف يعالج الناس الأرقام بترتيبات مختلفة؟

في الدراسة الأخيرة، أجرى الباحثون تجربة حيث عرضت أزواج من الأرقام من 1 إلى 9 على الشاشة أمام الأفراد، الذين استخدموا عصا التحكم للإشارة إلى مكان وجود الرقم الأكبر. على سبيل المثال، إذا عُرض رقمي 6 و8 على الشاشة، ستكون الإجابة الصحيحة هي 8 ويجب على المشارك الإشارة إلى ذلك بتحريك عصا التحكم في اتجاه الرقم 8 بأسرع ما يمكن.

وجد الباحثون أن المشاركين استجابوا بشكل أسرع عندما كانت الأرقام مشتتة عموديًّا وليس أفقيًّا. يشير هذا إلى أنه عندما أتيحت للمشاركين الفرصة لاستخدام إما التمثيل العقلي الأفقي أو الرأسي للأرقام في الفضاء، فقد استخدموا التمثيل الرأسي فقط.

بالإضافة إلى ذلك، أظهرت النتائج أنه عندما كان العدد الأكبر أعلى من العدد الأصغر، استجاب المشاركون أسرع كثيرًا من أي ترتيب آخر للأرقام. يشير هذا إلى أن خط الأعداد الذهني ينتقل من الأسفل (الأرقام الصغيرة) إلى الأعلى (الأعداد الكبيرة)، وليس من اليمين إلى اليسار أو من اليسار إلى اليمين.

 

 

تطبيق العد العمودي في مجالات مختلفة

يمكن أن تستفيد المجالات المختلفة من هذه النتائج، من الصيادلة الذين يستخدمون العد لقياس جرعات الأدوية بشكل صحيح، والمهندسين الذين يعملون مع قياس الضغوط على الأبنية والهياكل، والطيارين الذين يستخدمون ذلك في معرفة سرعاتهم وارتفاعاتهم، وعديد من المهنيين الآخرين في عملهم اليومي، إلى الأطفال في بيئات التعلم المختلفة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن استخدام العد العمودي بدلاً من الأفقي لعرض المعلومات الرقمية يمكن أن يكون له أيضًا آثار مهمة في كيفية اتخاذ قرارات سريعة ودقيقة.

باختصار، بعد عقود من التفكير في أن عقولنا مرتبطة بالعد الأفقي، تلقي هذه الدراسة الجديدة الضوء على كيف يمكننا الاستفادة أكثر من العد العمودي.

 


مراجع