بقلم: إيناس عيسى
بينما يتحدى طفلك عدوه في لعبة فيديو ويركز على كيفية هزيمته والفوز بمزيد من الاهتمام، قد تجد أن هذا مجرد متعة وترفيه للطفل. ولكن، هل يمكن أن تتخيل أن ألعاب الفيديو يمكن أن تؤدي دورًا في تحسين مهارات القراءة؟
تؤكد دراسة جديدة أن هذا هو الحال بالفعل. تُظهر الدراسة الجديدة من جامعة جنيف أنه يمكن تحسين قدرات القراءة عند الأطفال، فضلاً عن مهارات الانتباه والتخطيط، من خلال لعبة فيديو حركية جديدة صديقة للأطفال.
قراءة عدة وظائف تنفيذية
القراءة جزء أساسي من معرفة القراءة والكتابة التي لا تعتمد فقط على القدرات اللغوية الشفهية؛ كما تتطلب وظائف تنفيذية أخرى. يعد التحكم في الانتباه والمرونة من العناصر الأساسية في القراءة لتصفية المشتتات وفك شفرة النص بنجاح في الصفحات المزدحمة. على هذا النحو، يعد التحكم في الانتباه أمرًا مهمًّا للغاية لتجميع الحروف في كلمات وعبارات، إلى جانب الانتقال بسرعة من سطر إلى آخر، والتبديل المرن بين المعلومات المختلفة لاستخراجها من نفس سلسلة الحروف.
«تتطلب القراءة عديدًا من الآليات الأساسية الأخرى التي لا نفكر فيها بالضرورة، مثل معرفة كيفية تحريك أعيننا على الصفحة أو كيفية استخدام ذاكرتنا العاملة لربط الكلمات معًا في جملة متماسكة،» هكذا أشارت دافني بافيلير، الأستاذ في قسم علم النفس بكلية علم النفس والعلوم التربوية في جامعة جنيف. وتشرح أنجيلا باسكوالوتو، المؤلف الأول للدراسة الحالية: «هذه المهارات الأخرى، مثل الرؤية، وتعبئة الانتباه، والذاكرة العاملة، والمرونة المعرفية، من المعروف أنها تتحسن من خلال ألعاب الفيديو الحركية».
أظهرت دراسة سابقة أن ضعاف القراءة يواجهون مخاطر أكبر في المعاناة في المدرسة وفي الحياة. لذلك، في العقود الماضية، ظهرت عديد من نماذج اكتساب القراءة، التي تسلط الضوء على أهمية المهارات اللغوية الشفوية، من أجل التنمية المناسبة لمهارات القراءة في أثناء الطفولة.
.png)
تطوير ألعاب الفيديو التي تدعم التعلم
حدد بحث سابق كيف يمكن لألعاب الفيديو القائمة على الحركة أن تفيد الأطفال الذين يعانون عسر القراءة في زيادة سرعة القراءة دون تغيير دقة القراءة بشكل ملحوظ. لذا، ركزت الدراسة الجديدة التي تضمنت 151 طفلًا يقرؤون بشكل نموذجي في تقييم تأثير ألعاب الفيديو في الأطفال الذين ينمون بشكل نموذجي وكيف أن تدريب التحكم في الانتباه سيؤدي إلى تحسين قدرات القراءة.
طور الباحثون تدخلاً معرفيًّا قائمًا على ألعاب الفيديو يتكون من ألعاب فيديو وألعاب مصغرة تهدف إلى تحسين قراءة الوظائف التنفيذية المختلفة، مثل الذاكرة العاملة والتثبيط والمرونة المعرفية. تتكون هذه اللعبة من ألعاب مصغرة تطبق إصدارات مُلعبة من التدريبات السريرية القياسية المرتبطة من خلال بيئة اللعبة، دون دمج العنف، مع ديناميكيات ألعاب الفيديو الحركية.
توضح أنجيلا باسكوالوتو: «عالم هذه اللعبة هو عالم بديل؛ حيث يجب على الطفل –برفقة الراكو الخاص به وهو كائن طائر– القيام بمهام مختلفة لإنقاذ الكواكب وإحراز تقدم في اللعبة. على سبيل المثال، يطير الراكو خلال زخات الشهب ويتحرك لتجنبها أو يستهدفها لإضعاف تأثيرها، بينما يجمع الموارد المفيدة لبقية اللعبة، مثل ما تجده في ألعاب الفيديو الحركية».
قسم المشاركين، الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و12 عامًا، إلى مجموعتين: الأولى لعبت لعبة الفيديو التي طورها الفريق، والأخرى لعبت «سكراتش» Scratch، وهي لعبة تعلم الأطفال كيفية البرمجة. بينما تتطلب كلتا اللعبتين تحكمًا متعمدًا، فإنهما تختلفان بعضهما عن بعض. فتتطلب لعبة فيديو الحركة من الأطفال أداء المهام في إطار زمني محدود، مثل تذكر سلسلة من الرموز أو الاستجابة فقط عندما يصدر الراكو صوتًا معينًا. ولكن لعبة سكراتش تتطلب التخطيط والتفكير وحل المشكلات.
تقول دافني بافيلير: «أولاً، اختبرنا قدرة الأطفال على قراءة الكلمات وغير الكلمات والفقرات، كما أجرينا اختبارًا للانتباه يقيس قدرة الطفل على التحكم في الانتباه، وهي قدرة نعلم أنها تتدرب من خلال ألعاب الفيديو الحركية». بعد ذلك، لمدة ستة أسابيع، ساعتان في الأسبوع، تابع الأطفال التدريب إما بلعبة فيديو الحركة أو لعبة التحكم. وأخيرًا، اختبر الأطفال في المدرسة من قبل الأطباء في مختبر المراقبة والتشخيص والتعليم.
.png)
الفوائد القريبة والبعيدة
تظهر نتائج البحث أن مجموعة ألعاب الفيديو الحركية استفادت أكثر مقارنة بالمجموعة الأخرى التي لعبت سكراتش. فأظهرت مجموعة ألعاب الفيديو الحركية تحسينات أفضل في التحكم في الانتباه، بالإضافة إلى تحسينات أكبر في سرعة القراءة والدقة. علاوة على ذلك، تم الحفاظ على هذا التقدم بعد ستة أشهر من انتهاء التدريب. الشيء الأكثر إثارة للاهتمام في هذا الأمر هو أنه في حين أنيمكن لألعاب الفيديو الحركية تحسين مهارات القراءة، إلا أنها لا تتطلب أي نشاط قراءة.
مراجع
Nature.com
unige.ch