المتاحف تحضر «الصناعة» لمعلمي فترة ما بعد الدوام المدرسي


بقلم: باتي كورتيس


نُشر المقال الأصلي باللغة الإنجليزية تحت عنوان Museums Bring Making to Afterschool Educators في عدد نوفمبر-ديسمبر 2019 من مجلة «دايمنشنز» Dimensions التي تصدرها جمعية مراكز العلوم والتكنولوجيا ASTC. قامت رابطة المراكز العلمية بشمال أفريقيا والشرق الأوسط NAMES بترجمة المقال ونشره باللغة العربية بتصريح من جمعية مراكز العلوم والتكنولوجيا ومن المؤلف/المؤلفين، وتتحمل NAMES مسئولية هذه الترجمة.

لا يجوز إعادة إنتاج هذا المحتوى، سواء بالإنجليزية أو العربية، بأي شكل من الأشكال، دون إذن كتابي صريح من جمعية مراكز العلوم والتكنولوجيا ASTC.


«إنها تعمل! انظر! إنها تعمل! مرحى!» تكررت تلك العبارات كلما نجح طاقم عمل مركز العلوم في غرفة التدريب في إنارة الفوانيس الصغيرة بعد بناء دائرة كهربائية بسيطة. اجتمع عاملو المتاحف – وأغلبهم من أخصائيي التعليم – من ثمانِ مراكز علمية ومتاحف أطفال من مختلف أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية في قاعة العلوم في نيويورك (وتعرف عادةً بمسمى NYSCI)، وذلك في إطار ورشة عمل مدتها ثلاثة أيام لتطبيق مشروع الصناعة المفعمة بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في فترة ما بعد الدوام المدرسي، وهو مشروع لمراكز التعلم المجتمعية في القرن الواحد والعشرين.

وهذا المشروع تعاون مشترك بين وزارة التعليم الأمريكية، ومعهد خدمات المتاحف والمكتبات، وقاعة العلوم في نيويورك؛ لجلب أنشطة صناعة العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات للطلاب الذين يحضرون برامج فترة ما بعد الدوام المدرسي التابعة لمراكز التعلم المجتمعية. وبرنامج مراكز التعلم المجتمعية في القرن الواحد والعشرين ممول من الحكومة الفدرالية بمنحة إجمالية مقدمة إلى الولايات بهدف توفير خدمات أكاديمية وغيرها لفترة ما بعد الدوام المدرسي من خلال مراكز مجتمعية تخدم الطلاب محدودي الدخل — وعادةً ما تؤسس بالمدارس، أو نوادي الفتيان والفتيات، أو جمعيات الشبان المسيحيين. والمختارون من عاملي المتاحف خبراء في العمل مع معلمي الفصول ومعلمين غير مدرسيين. على الرغم من الحرارة والرطوبة بالخارج، إلا أن هؤلاء المحترفون المخلصون صنعوا مشروعات رائعة وتعلموا كيفية تدريب معلمين آخرين لعمل نفس الشيء مع طلابهم.

وقد اشتركت وزارة التعليم الأمريكية في أربع اتفاقيات بين الوكالات لدعم واحدة من أولوياتها العشر العليا: تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، بما في ذلك علوم الكمبيوتر. تستند الاتفاقيات الأربع لى ثلاث سنوات من الاختبار التجريبي والتقييم لأربعة برامج مختلفة قائمة على العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، والتي تُشرك الطلاب في محتوى طورته الهيئة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء NASA، والهيئة الوطنية لدراسة المحيطات والغلاف الجوي NOAA، ومعهد خدمات المتاحف والمكتبات IMLS، وخدمات المتنزهات الوطنية NPS.

 

أدوات وخامات لورشة عمل صناعة. تصوير باتي كورتيس

 

معهد خدمات المتاحف والمكتبات: قاعة العلوم في نيويورك وعقلية الصانع

مشروع معهد خدمات المتاحف والمكتبات في مرحلته الثالثة من التطبيق هذا العام، ويتم من خلال اتفاق تعاوني مع قاعة العلوم في نيويورك. وقد توسع نطاق المشروع التجريبي الذي بدأ عام 2014 مع الإكسبلوراتوريوم تدريجيًّا على مر السنوات عبر البلاد. باولا جانجوبادياي، نائب مدير خدمات المتاحف في معهد خدمات المتاحف والمكتبات، صرحت بأن هذا المشروع المشترك بين الوكالات مع وزارة التعليم الأمريكية قد سمح لمعهد خدمات المتاحف والمكتبات بالتقييم الاستراتيجي لمبادرة القيادة الوطنية تلك، وذلك من خلال مراحل النضوج المختلفة. استشير طاقم عمل معهد خدمات المتاحف والمكتبات وقاعة العلوم في نيويورك لتحديد الولايات والمؤسسات بعناية، بموازنة خليط من الموقع الجغرافي، والحجم المؤسسي، والمجالات، وتضم كل من متاحف الأطفال ومراكز العلوم. كذلك تضمنت المجموعة شركاء عائدين وشركاء جدد من المتاحف. ستعمل فِرق من معهد فرانكلين في فيلادلفيا، ومركز أريزونا العلمي، وساينسووركس في أوريجون، ومتحف فيليب وباتريشيا فروست للعلوم في ميامي، ومتحف أطفال بيتي برين في ميلووكي، ومتحف عائلة سكوت في بنتونفيل بولاية أركانساس، ومتحف أطفال هيوستن مع معلمي الفصول ومعلمي مراكز التعلم المجتمعية للقرن الواحد والعشرين؛ لغرس عقلية الصانع في فصول ما بعد الدوام المدرسي خلال العام الدراسي 2019—2020.

 

مدونات يدوية الصنع وألعاب ناعمة ذات دوائر كهربية بسيطة أُنشئت في ورشة صناعة. تصوير باتي كورتيس

 

ما عقلية الصانع؟ وفقًا لما قاله ديل دوغيرتي، مؤسس مجلة «مايك :Make (اصنع)» ومخترع مايكر فاير Maker Faire، ولدت عقلية الصانع من نظريات تعليمية عدة وردت في الكتب التالية: كتاب جون بياجه «الفهم هو الاختراع»، و«العقلية» لكارول دويك، و«اللعب: كيف يشكل الدماغ، ويفتح المخيلة، وينشط الروح» لستيوارت براون. في الأساس، يستطيع الصناع/ الطلاب استكشاف واستخدام خامات وأدوات متنوعة، ومن ثم تصميم وصنع شيئًا يلهمهم، أو يخدم هدفًا ما، أو يعبر عن مفهوم ما. تكون الموارد محدودة والفشل يحتفى به، هكذا شرح دوغيرتي في «عقلية الصانع» في:
llk.media.mit.edu/courses/readings/maker-mindset.pdf.

لهذا المشروع، صقلت قاعة العلوم في نيويورك ستة من أشهر أنشطة الصنع المفعمة بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات لفترة ما بعد الدوام المدرسي؛ مما يتيح للصناع استخدام أدوات وخامات متنوعة لعمل سقالة لتصنيع مدونة يدوية حتى بناء روبوت فني بمحرك. اختبر المنهج المفعم بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات وروجع باستخدام خامات متاحة بسهولة لدمج الفن، والعلوم، والتكنولوجيا. وتوفر كل وحدة نصائح للنقاش، وقائمة بالخامات، وفيديوهات جديدة تساعد على توضيح بناء المشروع. تتضمن العناصر الرئيسية لأصول التربية والتعليم مفاهيم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، والتعاون، والتكرار للطلاب، والتأمل. ويُشَجَّع الطلاب على المثابرة والتعلم من الفشل.

 

معلمو المتاحف يناقشوا نشاط كسر الجليد لورشة صناعة. تصوير باتي كورتيس

 

«يوفر حزب الدائرة Circuit Party منصة للأطفال ليعملوا بشكل مستقل»، وفقًا لما قاله دايفيد ويلز، مدير برنامج الصنع في قاعة العلوم بنيويورك. «إانها اللحظة التي يجمعون فيها كل ما تعلموه حتى الآن؛ ليبتكروا ما يريدونه بالأدوات والخامات المتوفرة لهم. وهذا يتيح لهم فرصة، ليس فقط لمشاركة ما تعلموه، بل لتطبيقه على أفكارهم الخاصة أيضًا.»

يقول دانييل كيرك، مدير برامج مايكرسبايس في قاعة العلوم بنيويورك: «بالنسبة لي، لحظات الفرح والحماس التي يختبرها الطلاب أثناء ممارستهم أنشطة الروبوت الفني وآلة الخربشة هي أكثر ما يلفت انتباهي». بنيويورك. «ولأن المحرك غير المتزن لا يمكن توقعه، فإن النتاج الفني دائمًا ما يكون فريد». يمكن تنزيل المناهج من موقع وزارة التعليم الإلكتروني «يو فور يوث You for Youth» للمساعدة التقنية، تحت مبادرات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات STEM Initiatives Initiatives, at y4y.ed.gov/stem-initiatives.

 

يقدم طلاب من نيوجيرسي مظلاتهم لعلماء ومهندسي وكالة ناسا. تصوير وكالة ناسا

 

العمل مع مراكز التعلم المجتمعية للقرن الواحد والعشرين

بعد ورشة العمل المهنية التي استغرقت ثلاثة أيام سيجتمع الحضور من العاملين بالمتاحف بالإدارات التعليمية التابعة لكل ولاية على حدى؛ لتحديد أعلى إحتياجات مراكز التعلم المجتمعية للقرن الحادي والعشرين للمشاركة في البرنامج. خلال فصل الخريف، سيوفر عاملو المتاحف التطوير المهني لمراكز التعلم المجتمعية للقرن الحادي والعشرين المرصودة؛ حيث تحاكي نموذج مناهج معلمي المراكز؛ ومن ثم في الربيع، سيقوم عاملو مراكز التعلم المجتمعية للقرن الحادي والعشرين بتدريس المناهج، في ظل وجود عاملو المتاحف كداعم لهم.

سيكون هناك تقييمات تلخيصية وبنَّاءة يعدها مركز تطوير التعليم وجهة تقييم خارجية؛ حيث تتضمن الرصد، والمقابلات، والاستبيانات، والتي تجرى في أثناء التطبيق. وسيستخدمون «أبعاد النجاح» التي طورها معهد البرنامج في التعليم، وفترة ما بعد الدوام المدرسي، والتأقلم PEAR بجامعة هارفارد. «تقييم تأثير هذا المشروع الضخم على الطلاب والعائلات، وهم المستفيدون الرئيسيون، كان أساسيًّا بالنسبة إلى مؤسسة خدمات المتاحف والمكتبات؛ لذا شجعت الوكالة تطوير أداة استبيان جديدة تقوم لأول مرة بتقييم التغيرات والنتائج التي تطرأ على سلوك أو عقلية الأطفال حول صنع العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. وهذا العام، يطمح البرنامج لإشراك ما يصل إلى ألف طالب محروم والتأثير عليهم عن طريق التجارب المفعمة بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات؛ وهو تقريبًا ضعف عدد الطلاب المتأثرين بآخر تجربة. وبصفتنا وكالة تعليمية، نتطلع قدمًا لرؤية النتائج»، هكذا قال جانجوبادياي.

علوم العالم الحقيقي مع وكالة ناسا

يركز تعاون وزارة التعليم مع وكالة ناسا على توصيل تحديات التصميم الهندسي من الصف الثالث وحتى الصف الثامن في أكثر من 200 مركز تعلم مجتمعي للقرن الحادي والعشرين في 25 ولاية. وبوسع المعلمون اختيار أي من سبع وحدات ستمكن الشباب من تطوير حلول للمشكلات العلمية والهندسية في العالم الحقيقي، والتي يواجهها علماء ومهندسو ورواد فضاء وكالة ناسا اليوم. فأجرى معلمو ناسا ورش عمل للتطوير المهني في جميع أنحاء البلد في الصيف الماضي، وسيقومون بنفس الشيء مجددًا في صيف 2020. وخلال الأعوام الدراسية 2019-2020 و2020-2021، ستتضمن تحديات التصميم اتصالات افتراضية مع خبراء وكالة ناسا، وستنتهي بفعالية على مستوى الولاية تعرض فيها فيديوهات طورها الشباب؛ حيث سيعرضون حلولهم.

تجارب مستجمعات المياه القائمة على المكان

لإدارة الوطنية لدراسة المحيطات والغلاف الجوي (نوا) ستركز شراكة نوا على توصيل نموذج تجربة مستجمع المياه التعليمية ذات المغزى والتي تخص تدريب وتعليم مستجمع مياه الخليج. تجربة تعليمية ذات مغزى وستصل المنح التنافسية التي تصدرها جمعية أمريكا الشمالية للتعليم البيئي موفري التعليم البيئي ذوي الخبرة بمواقع مراكز التعلم المجتمعية للقرن الحادي والعشرين لتوصيل خبرات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات التي تبرز الأصول العلمية الفريدة لنوا. وسيشرك كل موقع الشباب في تجارب العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات التفاعلية والقائمة على مكان، والتي تركز على مستجمعات المياه؛ ليجريها الطلاب في فترة ما بعد الدوام المدرسي أو كجزء من من برامج التعلم الصيفية.

هناك قرابة 28 ولاية مؤهلة للمشاركة، وستعقد المؤسسات ذات السعة المرتبطة بالتعليم البيئي لنوا شراكات مع مواقع مراكز التعلم المجتمعية للقرن الحادي والعشرين المحلية؛ لتتقدم بطلب للحصول على تمويل من رابطة أمريكا الشمالية للتعليم البيئي. وسيكون بوسع المشروعات المختارة العمل سويًّا خلال فترة تستمر لعامين تبدأ في أوائل عام 2020.

مشروعات التشجير مع خدمات المتنزهات الوطنية

أخيرًا، ستتعاون وزارة التعليم مع خدمات المتنزهات الوطنية والمؤسسة الوطنية للتعليم البيئي؛ لتطبيق مشروعات تعلم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات المكانية المعنية بالتشجير. وسيشارك على الأقل 20 موقع لخدمات المتنزهات الوطنية مراكز التعلم المجتمعية للقرن الحادي والعشرين التابعة لوزارة التعليم؛ للتعاون في توصيل برامج ما بعد الدوام المدرسي أو برامج خارج الدوام المدرسي لبناء مهارات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات وتزويد الطلاب بتجارب العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات الحقيقية في المتنزهات الوطنية. سيوفر كل موقع لخدمات المتنزهات الوطنية فرصًا فريدة لتعلم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، والتي تخص البيئة المحلية والموارد الطبيعية للمتنزه. وستطور عديد من مواقع خدمات المتنزهات الوطنية مشروعات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات المعنية بالتشجير الخاصة بها، والتي تدور حول برامج علم المواطنين التي تُشرك الطلاب في الجرد ومراقبة نباتات وحيوانات المتنزه، وتحليل مجموعات البيانات، وافتراض ما تشير إليه البيانات المجمعة عن الأنواع التي تدرس. وباستخدام مزيج من مناهج التدريس المكانية، والمطابقة للمعايير، والقائمة على المشروعات، والقائمة على المجتمع، توفر هذه التعاونات بين خدمات المتنزهات الوطنية، والمؤسسة الوطنية للتعليم البيئي، ومراكز التعلم المجتمعية للقرن الحادي والعشرين، تجارب واقعية ذات علاقة، باستخدام البيئة كسياق لتعلم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.

من خلال تلك العلاقات التعاونية مع مؤسسة خدمات المتاحف والمكتبات، ووكالة ناسا، وإدارة نوا، وخدمات المتنزهات الوطنية، يتعرض الشباب لفرص تفاعلية لتعلم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات من خلال تجارب تعلم قائمة على المشروعات في أكثر من 420 مركز في أنحاء البلاد. ومن المتوقع لتلك الشراكات أن تؤثر إيجابًا في أكثر من 35.000 شاب من خلال العام الدراسي 2019—2020 وأثناء العطلات الصيفية. بناءً على نتائج البرامج التجريبية، من المتوقع أن يشارك معلمو مركز التعلم المجتمعية للقرن الحادي والعشرين والشباب المشاركون بصورة عالية وحماسية ستفتح أعينهم وعقولهم على تأثيرات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في المجتمع وفيض فرص العمل في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في مستقبلهم.

 

شارك طلاب قبليون من مدرسة سانتا روزا النهارية في مشروع «مفترسون ضائعون» في متنزه ساجوارو الوطنية في أريزونا؛
فجمعوا بيانات الحياة البرية بكاميرات استشعار الحركة. تصوير باتي كورتيس


باتي كورتيس (pcurtis@stemnext.org) هي زميلة نويس/ إلين ليتفين لتعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات غير الرسمي في وزارة التعليم الأمريكية.