دروس مستفادة من صيف جائحة كوفيد


بقلم: سوزان سترايت

9 ديسمبر 2020


 

منحت الأنشطة المتنوعة التي أدارها أعضاء جمعية مراكز العلوم والتكنولوجيا (آستك) ASTC في صيف جائحة كوفيد-19 دروسًا قيّمة لجميع أعضاء مجتمع الجمعية. فبعد مرور بعض الوقت للتأمل في النجاحات والأنشطة غير الناجحة المتعلقة بالمخيمات الصيفية، شاركنا بعض أعضاء جمعية آستك في الولايات المتحدة منظورهم إلى ما قد نجح، وما لم ينجح، وكيف استطاعوا استخدام الدروس التي تعلموها من خلال برامج المخيمات الصيفية من أجل إعادة فتح مقاراتهم أو في إدارة أنشطة أخرى على مدار العام.

 

وتأتي جائحة عالمية

لم يخطط أحد لجائحة تمتد على مدار الصيف. في بداية ومنتصف شهر مارس 2020 أغلق جميع أعضاء جميعة آستك في الولايات المتحدة مقارهم للجماهير استجابة لتزايد حالات الإصابة بكوفيد-19 في البلاد، مع استمرارهم في مشاركة مجتمعاتهم افتراضيًّا (أغلق جميع أعضاء جميعة آستك عالميًّا للجمهور على مدار فترات طويلة من عام 2020). وبنهاية فصل الربيع كانت أغلبية مقار الأعضاء ما تزال مغلقة، وإن قدم بعضها خدمات حيوية لمجتمعاتها؛ مثل: المساعدة الغذائية، وأسواق الفلاحين، ورعاية أطفال أسر العاملين الأساسيين. مع اقتراب فصل الصيف، خطط أعضاء جميعة آستك في أنحاء البلاد للمخيمات الصيفية، آملين في إعادة فتح مقارهم، وفي الوقت نفسه استعدوا لعدة سيناريوهات.

شاركنا عديد من أعضاء جمعية آستك مخططاتهم الصيفية وتعاونوا في وضع الاستراتيجيات من خلال سلسة مناقشات افتراضية أدارتها جمعية آستك لإعادة التفكير، وإعادة التأطير، وإعادة الفتح Re-think, Re-frame, Re-open. وقد تراوحت مخططات الأعضاء للمخيم الصيفي ما بين المخيمات الافتراضية كليًّا، مرورًا بالمخيمات الهجينة، وانتهاءً بالمخيمات العادية. فاختلفت المخططات كثيرًا حسب موقع المنشأة، ودرجة الخطر على المجتمع وطاقم العمل، والاحتياجات المحلية، وغيرها من العوامل. وتواصلت جميعة آستك مع عدد من الأعضاء بالولايات المتحدة لمعرفة مزيد عن تجربتهم مع المخيم الصيفي، وماذا تعلموا، وكيف يستفيدون مما تعلموه.

في ظل المنهج غير المركزي إزاء الجائحة في الولايات المتحدة، وجد أعضاء جمعية آستك أنفسهم يتبعون إرشادات المسئولين على مستويات مختلفة فيما يتعلق بالمخيمات الصيفية. فاتخذ حكام الولايات بعض القرارات، بينما تُركت قرارات أخرى للمدن، والأقاليم، وحتى المؤسسات بشكل منفرد. هكذا، جاءت النسخ الثلاثة المختلفة للمخيمات أدناه حسب إرشادات السلامة الخاصة بجائحة كوفيد-19 التي أقرتها كل ولاية في ذلك الوقت.

 

الشيء ذاته، ولكنه مختلف

قدم مركز البحيرات العظمى العلمي في مدينة كليفلاند بولاية أوهايو خدمة ريادية في مجتمعه بفتحه مخيم فعلي كامل لمدة 12 أسبوع لألف ومائة مشارك فعلي. قضى المركز شهرين فقط في التخطيط لموسم تخييم بالغ التعقيم ومتباعد اجتماعيًّا؛ فحقق نجاحًا ساحقًا. «إنه لمن دواعي سروري أن أخبركم أنه لم يصب بالمرض أي من طاقم العمل أو المخيمين على مدار الصيف بأكمله» هكذا قال سكوت فولمر، نائب رئيس تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات بمركز البحيرات العظمى العلمي.

يستطرد فولمر موضحًا أن أحد الأمور التي ساعدت على تأمين ثقة الجمهور بشكل عام في المخيم كان تقديمه الشخصي لآباء المخيمين الجدد كل أسبوع. «حرصت على مقابلة كل أسرة عند وصولها من أجل الفحوصات الصحية المطلوبة ولطمأنتهم أنهم يتركون أبنائهم في أيدٍ آمنة. فقاد ذلك التفاعل والانفتاح للحوار مع كل شخص إلى اختيار أسر عديدة للاشتراك في أسابيع إضافية بمرور الصيف. لقد عرفنا أنه علينا كسب ثقة أسرنا في كل يوم من أجل استمرار البرنامج ونجاحه؛ حيث عُدَّت الهفوة الواحدة كارثة للبرنامج بأسره».

 

حقوق الصورة لمركز البحيرات العظمى العلم

 

حقوق الصورة لمركز البحيرات العظمى العلم


تمثلت بعض التحديات التي واجهها المخيم في الحصول على «كميات أكبر من الإمدادات الاستهلاكية، لأننا كنا نمد كل مُخيِم بالمواد الخاصة به للحد من احتمالية العدوى»؛ فاضطرنا شُح بعض الإمدادات جرَّاء الجائحة إلى إدخال تعديلات متأخرة في المنهج التعليمي، حسبما قال فولمر. لقد انخفض الدخل من المخيم الصيفي هذا العام عن العام الماضي، كما كان متوقعًا، ولكن بالأخذ في الاعتبار الوضع العام، «فأنا فخور لأننا استطعنا تحقيق دخل ما بين شهري يونية وأغسطس».

بفضل الدروس التي تعلمناها من استضافة مخيم فعلي في أثناء الصيف، استطاع المركز فتح برنامج فعلي جديد للطلاب في الخريف. فيقول فولمر: «يوفر معمل التعلم Learning Lab للأسر العاملة فرصة إرسال أبنائهم إلى المركز العلمي للمشاركة في الدروس الافتراضية الخاصة بهم».

 

منهج هجين

قدم مركز فليت العلمي في سان دييجو بولاية كاليفورنيا نسخة معدلة من مخيمهم الفعلي، بالإضافة إلى عرض مخيم افتراضي. «قبل الجائحة خططنا لإدارة مخيمات على مدار تسعة أسابيع سواء نصف يوم أو يوم كامل حسب اختيار الأسر. مع تطور الوضع عدلنا مخيماتنا متبعين توصيات مراكز الأمراض المركزية بالولايات المتحدة وإدارة الصحة العامة بولاية كاليفورنيا»، هكذا قالت آنديا بيبداني، مدير مشاركة الشباب في مركز فليت العلمي.

بالإضافة إلى تخفيض أعداد المخيمات الأسبوعية في المكان من تسعة إلى ستة، خفضنا أيضًا أعداد الطلاب في كل جلسة وقدمنا خيارًا واحدًا فقط، هو اليوم الكامل. هذا، وقد دخل المركز المنطقة الجديدة تمامًا لبرمجة المخيمات الصيفية الافتراضية بتسع جلسات تخييم افتراضي كانت كل منها على مدار أسبوع.

في ظل انعدام الخبرة في مجال المخيمات الافتراضية كان على الفريق العمل سريعًا على بناء الجلسات، بالتواصل بين جميع الإدارات والتواصل الخارجي لمعرفة ما قد ينجح. «كان فريق التعليم لدينا مسئولًا عن توصيل المحتوى وإدارة المخيمات، إلا أن الإسهامات والمحادثات مع الإدارات الأخرى في مبنانا أدت دورًا محوريًّا في جعل برنامجنا الصيفي ممكنًا» حسبما قالت بيبداني. وأضافت أنه، علاوة على ذلك، «استطلعنا آراء الأسر التي شاركت سابقًا في برامجنا وسألناهم كيف يمكن أن يلبي برنامج افتراضي احتياجاتهم بأفضل شكل ممكن؛ فساعد مردود الاستطلاع على إرشادنا في أثناء اتخاذ القرارات».

 

حقوق الصورة لمركز فليت العلمي

 

وبناءً على ذلك المردود، طور الميسرون محتوًا جديدًا؛ مثل الفيديوهات التي يمكن مشاهدتها في أي وقت والمواد المغلفة سابقًا للأنشطة، وتقابل المخيمون في أوقات محددة «للتشجيع على المشاركة والتواصل الاجتماعي». فكانت النتيجة ناجحة – وكان للتحفيز الاجتماعي الممنوح للمخيمين الذين بقوا في المنزل منذ غلق المدارس في مارس دور كبير في هذا النجاح. الأسر «سعدت لاستطاعة طلابهم التفاعل مع طلاب آخرين».

لقد بيعت جميع الأماكن، إلا أن 40 طالبًا في الفصل الافتراضي كان عددًا كبيرًا بعض الشيء لتحقيق مشاركة فعالة – هكذا قالت بيبداني. وأكملت قائلة إنه «أصبح من الصعب السيطرة على الفصل عندما أتى وقت المناقشة في وجود طلاب تراوحت أعمارهم ما بين الصفين الأول والسادس».

بفضل الدروس المستفادة من المخيمات الصيفية، أطلق مركز فليت العلمي مراكز التعلم عن بعد Distance Learning Hubs؛ حيث يمكن للطلاب المشاركة في التعلم عن بعد للمدرسة والأنشطة مع معلمي العلوم التابعين لمركز فليت بعد الانتهاء من يوم التعلم عن بعد المدرسي.

يمكنكم الاطلاع على القائمة الكاملة لإجراءات التباعد الاجتماعي والسلامة التي طورها مركز فليت للمخيمات الصيفية والمستخدمة الآن في مراكز التعلم عن بعد.

 

حقوق الصورة لمركز فليت العلمي

 

صيف افتراضي تمامًا

قرر مركز الأطفال العلمي في فيرفاكس بولاية فيرجينيا تنظيم مخيمًا صيفيًّا افتراضيًّا بشكل كامل للضرورة؛ فلم تكن التشديدات محكمة في الولاية فحسب، بل كذلك كان من الصعب تحقيق التباعد الاجتماعي بسبب حجم المركز، حسبما قالت المديرة التنفيذية، آدالين «نيني» سبيفي. أضافت سبيفي أن المركز أطلق برنامجًا أوليًّا في الربيع حتى يتمكن طاقم العمل من تطوير مهارات البرمجة الافتراضية وليبني المركز سجلًا من «التزكيات القوية».

نتيجة لذلك كان صيف المركز حافلًا وناجحًا بمشاركة أكثر من 500 مخيِّم – وزيادة 40٪ في الدخل عن الصيف التقليدي. تحقق هذا الإنجاز المذهل لصيف كوفيد-19 لأن المنشأة الصغيرة عادة لا تستطيع استضافة أكثر من 150 مخيِّم على مدار فصل الصيف؛ لذلك جاء التحول إلى البرمجة الافتراضية بمثابة دفعة سمحت للمركز بمشاركة مزيد من المخيمين. فسُجلت عشرات الفيديوهات في المعمل وكانت تلك هي نقطة ارتكاز مخيمات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات الافتراضية، وكان باستطاعة الأسر أيضًا استلام لوازم الأنشطة المنزلية.

بالإضافة إلى ذلك، تواصل المركز خارجيًّا في حدود المسموح به: «انتقلنا بعلمنا على الطريق لتوصيل البرامج إلى المؤسسات القليلة التي قدمت مخيمات صيفية فعلية في المنطقة، من أجل عرض علوم متباعد اجتماعيًّا»، قالت سبيفي.

تشمل الدروس المستفادة من هذا الصيف الحاجة إلى التأمين ضد الدخلاء على منصة زووم، والمرونة مع الجمهور، والتأكد من وجود عدد مناسب من طاقم العمل في كل جلسة افتراضية. وأضافت سبيفي: «استعد مسبقًا لتجهيز منصة بث مباشر رقمية خاصة بك لتفادي المتنمرين الإلكترونيين؛ فالأمر يستحق إنفاق المزيد لرفع الكفاءة والحصول على المنصة المناسبة». بالإضافة إلى ذلك: «سمحنا للإخوة المشاركة في الشاشة نفسها وشراء معدات تخييم إضافية للإخوة. وبينما لم تكن المشاركة التجربة المثالية لهم، إلا أن المرونة أتت بالجمهور إلى بابنا (الافتراضي) إذا جاز التعبير». وجدنا أنه من الضروري أن يكون هناك اثنان من طاقم العمل في كل مكالمة لإدارة اللوجستيات والبرنامج بشكل فعَّال.

الآن، وبما أن الأطفال يتعلمون عبر الشاشات للمدرسة، أشارت سبيفي إلى أن الرغبة في البرامج الإلكترونية خارج ساعات الدراسة قد قلت؛ فيعمل المركز على برنامج إضافي (خارج نطاق الافتراضية الكاملة) بناءً على ما تعلمناه من موسمي الربيع والصيف. تؤمن سبيفي أن أحد العوامل الأساسية في استمرارية النجاح هو تشجيع طاقم العمل على الابتكار؛ فتقول: «مَكِنوا طاقم العمل ليصبح مبدعًا وليكن له ملكية في عملية تطوير البرامج الجديدة، فهذا وقت رائع للنمو المهني بتجربة برامج جديدة لم تختبر سابقًا قط».

 


نُشر المقال الأصلي باللغة الإنجليزية تحت عنوان Lesson Learned from a COVID Summer في مجلة «دايمنشنز» Dimensions الرقمية التي تصدرها جمعية مراكز العلوم والتكنولوجيا ASTC. قامت رابطة المراكز العلمية بشمال أفريقيا والشرق الأوسط NAMES بترجمة المقال ونشره باللغة العربية بتصريح من جمعية مراكز العلوم والتكنولوجيا ومن المؤلف/المؤلفين، وتتحمل NAMES مسئولية هذه الترجمة.

لا يجوز إعادة إنتاج هذا المحتوى، سواء بالإنجليزية أو العربية، بأي شكل من الأشكال، دون إذن كتابي صريح من جمعية مراكز العلوم والتكنولوجيا ASTC.