بقلم: إيناس عيسى
يُعَد اضطراب طيف التوحد تحديًّا للأطباء من حيث تشخيصه، وذلك لعدم إمكانية رصده من خلال التحاليل والاختبارات الفيزيائية مثل معظم الأمراض الأخرى، ولكنه يرصد من خلال ملاحظة تاريخ تطور الشخص وسلوكه.
حسب تقرير حديث لمنظمة الصحة العالمية فإن واحد من كل 160 طفل يُشَخَص بالتوحد؛ وهذا أمر مقلق للغاية ويؤكد وجود حاجة ملحة إلى وسائل تشخيص وعلاج متطورة. إلا أن هناك عدة عقبات تحول دون القدرة على تشخيص هذا الاضطراب سريعًا وبدقة، وذلك حسب ما أشارت إليه مراجعة نظامية لعدد من الدراسات المنشورة ما بين عامي 2009 و2019 عن التوحد، وهو ما يمكن تلخيصه في الآتي:
- الملاحظة البصرية للطفل وذويه أمر مكلف ويستهلك وقتًا كثيرًا؛
- صلابة النتائج المستخلصة من الملاحظات السريرية وصلاحيتها قد تكون غير موضوعية، ويرجع ذلك إلى الاختلافات في التدريب المهني والموارد والسياقات الثقافية.
من هنا تأتي أهمية دراسة حديثة أجراها باحثون بجامعة ديوك في الولايات المتحدة الأمريكية، ونشرت في دورية الجمعية الطبية الأمريكية لطب الأطفال. فتظهر نتائجها نجاحًا في استخدام تطبيق رقمي حديث في رصد أحد أهم الأعراض المرتبطة بالتوحد في الأطفال.
تتبع نظرة العين
يجمع التطبيق بين تتبع نظرة العين ولوغاريتمات تعلم الآلة، ويمكن أن يكون أداة جديدة دقيقة وغير مكلفة تساعد على تشخيص الأعراض المبكرة للتوحد. وهو ما يؤدي إلى التدخل النفسي والاجتماعي المثمر في الوقت المناسب، ما يحسن من قدرة الأطفال المصابين بالتوحد على التواصل بشكل فعًّال.
«نحن نعلم أن الأطفال المصابين بالتوحد يعيرون انتباهًا إلى البيئة بشكل مختلف ولا يعيرون الانتباه نفسه إلى الأشخاص؛ فيمكن تتبع أنماط نظرة العين في الأطفال الصغار لتقييم خطر الإصابة بالتوحد»، هكذا قالت الدكتورة جيرالدين داوسون، مديرة مركز ديوك للتوحد وتطور المخ، ومؤلفة مشاركة رئيسية في الدراسة.
وعلى الرغم من أن تتبع العين استخدم سابقًا في تقييم أنماط نظرات عين الأشخاص المصابين بالتوحد، إلا أن هذا تطلب معدات وخبرة خاصة لتحليل أنماط نظرات العين. فتضيف الدكتورة داوسون «هذه هي المرة الأولى التي نستطيع تقديم هذا النوع من التقييم باستخدام هاتف ذكي أو جهاز لوحي فقط».
التطبيق في أثناء العمل
في هذه الدراسة استخدمت الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية فقط لرصد نظرات عين الأطفال الصغار المصابين باضطراب طيف التوحد، وفحصها مقارنة بنظرات عين الأطفال ذوي التطور التقليدي. يظهر المقطع المعروض على التطبيق عشر دقائق فقط للتطبيق ويستخدم الكاميرا الأمامية لتسجيل سلوك الطفل. وقد أظهرت نتائج التجربة أن الأطفال المصابين بالتوحد يتسمون بانتباه منخفض للمحفزات الاجتماعية وعجز في التنسيق بين النظرة وأصوات الخطاب.
«إلى أي مدى وصلنا في تحقيق هذه القدرة على تقييم نظرة العين دون الحاجة إلى المعدات المتخصصة وباستخدام جهاز شائع لدى كثيرين يُعَد أمر مدهش»، هكذا قال الدكتور زوكينج تشانج، مساعد ما بعد الدكتوراه بقسم الهندسة الكهربائية والحاسوبية بجامعة ديوك، والمؤلف الرئيسي للدراسة.
يأمل الباحثون أن يكون لتلك النتائج الجديدة احتمالية تطوير أدوات قابلة للتطوير لرصد التوحد بشكل أكثر فاعلية وأكثر إتاحة؛ حيث يمكن استخدامه في أماكن الرعاية الأساسية وكذلك يمكن استخدامه في المنزل. وهكذا، قد يساعد على الحصول على نتائج أفضل من خلال التدخل في الوقت المناسب.
المراجع
jamanetwork.com/jamapediatrics
nature.com
corporate.dukehealth.org
who.int/fact-sheets
الوسائط
تطبيق رصد التوحد
عينة مقطع من التجربة