بقلم: إيناس عيسى

في كل يوم نواجه مواقف، من البسيطة إلى المعقدة، تتطلب تصرفًا فوريًّا. ومن خلال المشاركة الكاملة في العملية، تميل أدمغتنا إلى تطوير طريقة نموذجية للتعامل مع هذه المواقف لتجنب الانغماس في كثير من الأفكار أو الحلول.

فأظهرت دراسة جديدة أنه في حين تبدو «الإضافة» حلاً أكثر إيجابية وتهدئة قد يأتي بنتائج جيدة، إلا أنها قد تمنعنا من الحصول على حلول أفضل من خلال تجاهل الخيار الأفضل: «الطرح».

الإضافة مقابل الطرح

إذا لم يكن التحول الإضافي هو الأفضل دائمًا في كل موقف، فلماذا تميل أدمغتنا إلى تطبيقه بدلاً من الطرح؟

أجرى باحثون في جامعة فيرجينيا دراسة جديدة، نشرت نتائجها في مجلة «نايتشر» Nature؛ حيث حققت فيما إذا كان الناس عرضة للتفكير في إمكانيات طرح مكونات من جسم أو فكرة أو حالة بينما يفكرون في حلول الإضافة في الحالات نفسها.

كما هو مذكور في الورقة البحثية، فقد تمنعنا طريقتنا المعتادة في التفكير في الحلول المحدودة من الحصول على نتائج أفضل. فنميل إلى التفكير في عدد محدود من الأفكار التي تساعدنا في إدارة العبء المعرفي للبحث من خلال مجموعة واسعة من الأفكار الممكنة. وعند الحديث عن ذلك، لا يبدو أن الطرح هو الخيار الأول الذي يتبادر إلى الذهن؛

فعلى سبيل المثال، نعتبر إضافة مزيد من المهام إلى قائمة المهام الخيار الأفضل للتحسين والإنتاجية. مثال آخر هو استخدام عجلات إضافية في تعليم الأطفال ركوب الدراجة بدلاً من الدواسات ذات العجلتين التي تساعدهم على تطوير التنسيق والتوازن المطلوبين لركوب الدراجات.

الزناد: هيكل ليجو

ما أثار هذا السؤال المثير للاهتمام حول مثل هذا السلوك البشري المهم كان هيكل ليجو. ففي أثناء اللعب مع ابنه لبناء جسر من المكعبات، فكر ليدي كلوتز، أستاذ مشارك كوبنهافر في قسم النظم الهندسية والبيئة في جامعة فيرجينيا، في سبب ميلنا إلى تبني التحول الإضافي بينما يمكن أن يكون الطرح هو الخيار الأفضل.

ففي أثناء إنشاء الهياكل بالمكعبات، كانت هناك أبراج من المكعبات بارتفاعات مختلفة تحتاج إلى دعم؛ وحاول ليدي أن يضيف إلى البرج الأقصر لجعله مستقرًا، إلا أن ابنه الصغير أزال كتلة من البرج الطويل، ما كان وسيلة أسرع وأكثر فعالية لإنشاء جسر مستوي.

لمتابعة مزيد حول هذا الموضوع، تواصل ليدي مع جابرييل آدامز، أخصائية علم النفس الاجتماعي في الجامعة لمعرفة «السبب» وراء هذه الطرق المختلفة في التفكير. افترض الباحثون أنه قد يكون هناك تفسير نفسي لهذه الطريقة في التفكير، وهو أنه عندما نواجه مشكلة، فإننا نميل إلى اختيار الحلول التي تتضمن إضافة العناصر بدلاً من طرحها. تقول آدامز: «أردنا أن نتحرى ما إذا كان الناس قد أغفلوا عملية الطرح بالفعل، وإلى أي مدى، عندما كلفوا بتغيير الأشياء».

طريقة تفكير تثقل كاهلنا

لتقديم التمييز بين حل المشكلات من خلال سلوكيات الإضافة والطرح في التصميم وحل المشكلات، والتعلم والتواصل، واتخاذ القرار، والتحفيز، لاحظ الباحثون سلوكيات المشاركين البالغ عددهم 1585 مشاركًا من خلال سلسلة من التجارب؛ حيث طلبوا منهم معالجة الألغاز والمشكلات التي يمكن حلها إما عن طريق الإضافة أو الطرح.

في واحدة من الأحجيات، طُلب من المشاركين جعل النمط المقدم متماثلًا إما عن طريق تظليل المربعات أو محوها. وكانت النتيجة أنه من بين 94 مشاركًا أكملوا المهمة، أضاف 73 منهم مربعات، بينما طرح 18 منهم مربعات، وأعاد الثلاثة الآخرون صياغة العدد الأصلي للمربعات.

بعد ذلك، من خلال التجارب الخاضعة للرقابة، كان هناك دليل موجود وهو إمكانية الطرح. في إحدى التجارب طُلب من المشاركين تثبيت سقف هيكل مكعبات ليجو؛ حيث كان هناك تمثال يقف فوق منصة مع عمود كبير خلفها، وفوق هذا العمود كانت هناك كتلة واحدة في إحدى الزوايا تدعم سقفًا مسطحًا.

هنا، زود الباحثون ما يقرب من نصف المشاركين بتلميح مفاده أن: «كل قطعة تضيفونها ستكلفكم 10 سنتات». وحتى مع هذه العقوبة المالية، فكر 40 فقط من أصل 98 مشاركًا في إزالة الكتلة المزعزعة للاستقرار ووضع السقف فوق العمود العريض. من ناحية أخرى، أعطى الباحثون للمشاركين الباقين موجهًا أوضح: «كل قطعة تضيفها تكلف 10 سنتات، ولكن إزالة القطع مجانية»؛ فدفعت هذه الإشارة 60 من أصل 99 مشاركًا إلى إزالة الكتلة.

إذا كان الطرح بديلاً أفضل، فلماذا لا يطبق؟

عند تحليل هذه النتائج، وجد الباحثون أن تفضيل المشاركين للإضافة كان ملحوظًا في ثلاث حالات: عندما كانوا تحت عبء إدراكي أعلى، وعندما كان هناك وقت أقل للنظر في الخيارات الأخرى، وعندما لا يحصل المتطوعون على تذكير محدد بأن الطرح يمكن أن يؤخذ بعين الاعتبار.

تقول آدامز: «عندما يحاول الناس تحسين شيء ما ... فإنهم لا يعتقدون أنه يمكنهم الحذف أو الطرح ما لم يُطلب منهم بطريقة ما القيام بذلك». في ذات السياق، يقول بنجامين كونفيرس، عالم النفس الاجتماعي والمؤلف المشارك للدراسة، «الحلول الإضافية لها نوع من الوضع المتميز – فهي تميل إلى أن تتبادر إلى الذهن بسرعة وسهولة. حلول الطرح ليست بالضرورة أكثر صعوبة في التفكير بها، ولكنها تتطلب مزيد من الجهد لإيجادها».

كفى تفكيرًا في «الأكثر»؛ وفكر في «الأقل»!

يأمل الباحثون في الدراسة أن تساعد النتائج الأشخاص في مجالات مختلفة، مثل الهندسة والعمارة والطب؛ للنظر في الخيارات التي من شأنها أن تساعد على إلهام بعض عمليات الطرح المهملة.

ويمكن لمراكز العلوم أن تأخذ إشارة من هذه الدراسة من خلال حث زائريها والمشاركين فيها على النظر في مثل هذا المفهوم؛ ومكافحة الرغبة في الإضافة والنظر في حلول فرعية يمكن أن تكون هي الحلول الحقيقية والأكثر فعالية. الهدف هو تعليمهم مفهوم «الأقل أكثر» بطريقة أكثر واقعية من خلال الخبرة العملية مع مكعبات ليجو أو غيرها من المواد، وأن «أقل» ليست كلمة سلبية تشير إلى نقص أو شيء يتطلب فعل أو تفكير أقل؛ في بعض الأحيان يعني ذلك بذل مزيد من الجهد والتفكير للحصول على نتائج أفضل.

وأخيرًا، إذا كانت بنية ليجو هي الدافع لمثل هذه الدراسة المهمة التي ساعدت على تعلم مزيد عن علم النفس السلوكي البشري، فهل يمكن أن يكون لها دور ملموس في تعليم الأطفال مفاهيم معقدة أخرى في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات؟

المرجع

scientificamerican.com

behavioralscientist.org

sciencenews.org

sciencealert.com

Why Our Brains Struggle to Subtract Video

The Power of LEGO Education