حوارات أجراها:
داني براون
مدير التكنولوجيا العالمية
جاليري العلوم الدولي
دابلن، أيرلندا
Twitter
وجهات نظر
مستقبل التكنولوجيا في المتاحف
ستة منظورات حول التكنولوجيا المتنقلة والرقمية في المتاحف
الوقت المقدر للقراءة: 25 دقيقة (5–3 دقائق لكل حوار)
هذه المقالة منشورة في مجموعة مقالات سبوكس بعنوان «الوسائط الرقمية والبيانات» Digital media and data
بشر إطلاق أول هاتف «آي-فون» iPhone في عام 2007 بعصرٍ جديد متصل. فتضع الهواتف الذكية الإنترنت في متناول الجميع، وفي الآونة الأخيرة، أضحت مجموعة مذهلة من الأجهزة المحمولة الأخرى – من الساعات الذكية إلى أجهزة القراءة الإلكترونية – جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية.
منذ البداية، اعتبرت تلك الأجهزة والمنصات الرقمية التي مكنتها حلاً سحريًّا لإشراك الجماهير بطرق جديدة ومثيرة. ولطالما كانت مراكز العلوم ومتاحفها ملعبًا للمناهج التي تعتمد على التكنولوجيا للمشاركة العامة، فكان هذا المشهد الرقمي الجديد أرضًا جديدة خصبة للاستكشاف. وعلى مدار العقد الماضي، ابتكرت مجموعة رائعة من التجارب والطرق الجديدة للنظر إلى التكنولوجيا داخل مؤسساتنا، مما يمهد الطريق أمام الأساليب الحديثة المتطورة التي أصبحت مألوفة لنا جميعًا.
مع دخولنا عقدًا جديدًا من التجارب الرقمية القائمة على البيانات، ما الذي يمكن أن نتعلمه من العمل عبر القطاع حتى الآن؟ في مؤتمر الحوسبة والمجتمعات المستدامة (كومباس 2018) – 2018 COMPASS Conference– وفي تجمعات المتاحف الرسمية وغير الرسمية الأخرى بعد ذلك، زرعت بذور الحوارات المقدمة في هذا المقال. فهنا يشاركنا خبراء من جميع أنحاء العالم أفكارهم حول الماضي ووجهات نظرهم حول مستقبل الأجهزة المحمولة والرقمية في المتاحف والمعارض.
كلير بيلسبيري
مدير البرامج – ممارسات المتاحف
إكسبلوراتوريوم
سان فرانسيسكو، الولايات المتحدة الأمريكية
Email I Website
لقد كنتِ في طليعة تجريب التكنولوجيا المتنقلة والرقمية في المساحة المتحفية. فكيف تغيرت نُهُج إشراك الزائرين في التكنولوجيا على مرِّ السنين؟
لفترة طويلة جدًّا، كانت معظم معروضات التكنولوجيا الرقمية بالمتاحف تحاكي استعارتين مختلفتين تمامًا: دليل اللعبة أو الدراسة. فكُيف كل من هذين النمطين المعروفين مع محتوى المتحف وكانا مألوفين في بعض النواحي ولكنهما كانا إشكاليين في سياق زيارة المتحف. وغالبًا ما تعزل طريقة اللعب الزائرين في أدوار اللاعب الفردي، وتطلب منهم الشروع في مهمة، وتستخدم المؤثرات الصوتية والمرئية الخيالية، وتتحداهم بالألغاز، ولكنها غالبًا ما تكون غير متصلة بالتجارب التفسيرية المحيطة. بينما يقدم أسلوب دليل الدراسة لمعرض التكنولوجيا الرقمية وفرة من التفاصيل الإضافية والمخططات والاختبارات؛ ومع ذلك، فإن الاقتراح الأساسي المتمثل في الحصول على مزيد من المعلومات ليس مقنعًا كتجربة للزوار.
يتمثل أحد التغيرات الواعدة في طائفة أوسع من الأساليب التجريبية في معارض التكنولوجيا الرقمية. على سبيل المثال، فإن خريطة «أليس في بلاد العجائب» Alice in Wonderland الورقية المتضمنة تقنية تحديد تردد الراديو RFID الخاصة بالمركز الأسترالي للفنون المتحركة ACMI تدعو الزوار لتسجيل الوصول في المحطات في جميع أنحاء المعرض، وقد صُنعت في أربع روايات مختلفة لفئات عمرية وأساليب استكشافية مختلفة. كذلك فإن المعرض الفني الصوتي «طبائع» Scapes لفنان الصوتيات هالزي بورجوند في متنزه النحت ديكوردوبا deCordova يتيح للزوار فرصة الاستماع إلى ملاحظات الآخرين حول المناظر الطبيعية أو الفن وتسجيل ملاحظاتهم واقتراحاتهم الخاصة. وآمل أن نستمر في التوسع في استخدام سرد القصص، والإبداع المشترك، والاكتشاف المفتوح، والأوضاع التجريبية الأخرى في المعروضات القائمة على التكنولوجيا الرقمية. فلا ينبغي للتكنولوجيا أن تفرض نطاقًا محدودًا من أنواع الخبرة مثلما لا يجب أن تحصر اللوحة القماشية في أنماط قليلة من الرسم.
تتراوح نسبة الزوار الذين يستخدمون تطبيقًا مدركًا للمواقع من 7٪ إلى 95٪
لقد استضفت مؤخرًا مؤتمرًا في الإكسبلوراتوريوم أتاح للمشاركين فرصة مشاركة نتائج التجارب باستخدام تقنية إدراك الموضع. فما هي المخرجات الكبرى من المؤتمر؟
كان هناك كثير من المخرجات – وإليك بعضًا من أهمها.
- يستخدم الزوار هواتفهم كجزء من زيارتهم بغض النظر عما إذا كنت تقدم تطبيقًا أو تطالبهم بذلك أم لا. اكتشف ماذا يفعلون بهواتفهم لتوفر المعلومات لتخطيطك.
- تكنولوجيا إدراك المواقع الداخلية تعمل. إنها ليست بالضرورة غير مكلفة أو سهلة، ولكنها تعمل في المتاحف، وهي مشكلة محلولة من منظور الهندسة الكهربائية.
- لا نعرف حتى الآن ما هي أفضل تقنية لجميع الأغراض مدركة للموضع في الأماكن الداخلية باستخدام الهواتف الذكية من فئة المستهلكين. فلا يزال المجال يتطور.
- قد لا تكون ميزة «العثور على الطريق» Wayfinding هي الميزة الأكثر قيمة لهذه التطبيقات! فهناك الكثير الذي يمكنها تقديمه: طرق جديدة لاستكشاف معرض، أو تفاصيل لا تنسى، أو أشياء مسلية للعثور عليها، وحتى أصوات مختلفة تشارك قصصها الخاصة حول الأشياء.
- يمكن أن تعمل التطبيقات المدركة للموقع كأداة مرنة لإتاحة لغة بديلة ولوصول ضعاف البصر عبر قارئات شاشة الإنترنت.
- تكون دورة أجهزتك ونظامك من كونها جديدة إلى آيلة للزوال بشكل عام من 3 إلى 4 سنوات، وهي أسرع بكثير من عمر التفاعلات الميكانيكية التقليدية.
- إن وعي الناس بقضايا الخصوصية الرقمية مرتفع. فيجب التخطيط لحماية الخصوصية في تطبيقات الأجهزة المحمولة من البداية وكتابتها في عقود البيع. فالمتاحف بشكل عام محل ثقة ويجب توخي الحذر حتى لا تفقد سمعتها الجيدة.
- تتراوح نسبة الزوار الذين يستخدمون تطبيقًا مدركًا للموقع من 7٪ إلى 95٪. فيتوقف الأمر على عوامل مثل القيمة المضافة للتطبيق، والتكامل الفعلي للتطبيق مع باقي أجزاء المتحف، وسهولة الاستخدام في بداية الزيارة.
حمِّل وقائع مؤتمر كومباس COMPASS لمزيد من المعلومات حول كل ما ورد أعلاه وأمور بارزة أخرى.
لدى «الواقع المعزز» Augmented Reality (AR) القدرة على أن يكون امتدادًا طبيعيًّا لكيفية
استخدام العلم للنماذج لاكتساب فهم الظاهرة وتصنيفها
ما هي التكنولوجيا الناشئة التي تتوقعين أن يكون لها أكبر تأثير في مستقبل متاحفنا وصالات العرض؟
لا يتمثل التحدي الذي يواجه مهنتنا في العثور على التطبيق «الفتاك» بقدر ما يتمثل في العثور على التطبيق الأكثر تآزرًا لبيئات الاكتشاف المفتوحة وميول زوارنا.
الواقع المعزز مثير للاهتمام للغاية لثلاثة أسباب: الأول هو إمكانات أدوات التأليف التي يمكن الوصول إليها وبأسعار معقولة. إذا تمكن العاملون بالمتحف من تجربة الواقع المعزز بالطريقة نفسها التي قد يجرب بها المرء علامة تجارية جديدة؛ فيصبح إنتاجه أكثر قابلية للتطبيق ويسهل تحريره. ومن المهم أيضًا للتجربة الاجتماعية في المتحف أن عرض الواقع المعزز يمكن عرضه على هاتف ذكي أو جهاز لوحي كنافذة على المشهد بدلاً من إبعاد الزوار باستخدام سماعات الرأس الضخمة. أخيرًا، يمكن للواقع المعزز أن يكون امتدادًا طبيعيًّا لكيفية استخدام العلم للنماذج لفهم الظواهر وتصنيفها. فيمكن تركيب نموذج متحرك على منظر لبرنولي أو تيارات المحيط أو مجال مغناطيسي، ويمكن تركيب مخطط شعاع ضوئي متحرك على المناشير والعدسات، ويمكن لهذا أن يوفر توضيحًا مرئيًّا أسهل.
أرى أيضًا أن أدوات الإبداع المشترك تنطوي على إمكانات كبيرة. فقد أوضحت لنا حركة «علم المواطن» Citizen Science عدد الأفراد الذين يسعدهم المشاركة في المساهمة بالملاحظات وأن يكونوا جزءًا من البحث الحالي. وينبهر الزوار بفرصة أن يكونوا جزءًا من شيء أكبر وأعتقد أن هذا العمل وجهود الإبداع المشترك ذات الصلة يمكن أن تقدم تجارب تشاركية حقيقية للزوار داخل المتحف أو أولئك الذين يتفاعلون عبر الإنترنت.
لا يزال التطوير المتكرر لنماذج العمل مهمًا كما كان في أي وقت مضى
لقد كنتِ أيضًا من الشخصيات الرائدة التي تقود الابتكار باستخدام تقنية الوعي بالموقع المتنقلة. فما الذي تعلمتيه من تجاربك في هذا المجال؟
على مدى السنوات العشر الماضية، نفذ الإكسبلورلتوريوم عمليات اختبار مطولة وجرب أساليب مختلفة لتقنية إدراك المواقع المتنقلة. ومن خلال تجربتنا والتحدث إلى الآخرين، وجدنا أن جميع الأنظمة التي يروج لها في المتاحف كانت بعيدة كل البعد عن «التوصيل والتشغيل». ومع ذلك، كما هو الحال غالبًا في التجارب الممتدة، تعلمنا كثيرًا ونستمر في تجربة الأشياء والبناء على ما اكتشفناه. قد يكون التحدي الأكبر بالنسبة لنا في مجال المتاحف هو مقاومة إغراء الحل التفسيري الرقمي وكأنه «التذكرة الذهبية التي تغير كل شيء»، والذي لا يبدو أنه يتطلب أي اختبار على الإطلاق. فعديد من مشكلات قابلية الاستخدام ومواطن الخلل الفنية تصبح واضحة فقط عندما يختبر مع زوار حقيقيين وعند تجربته في البيئة الحيوية (والمشتتة للغاية) لمراكز العلوم. سواء كنت بصدد تطوير معرض قائم على التكنولوجيا الرقمية أو معرض ميكانيكي تفاعلي، فمن الضروري اختبار المتانة ومعرفة ما إذا كان الزوار يفكرون في أنه جذاب وجدير بالاهتمام. فيظل التطوير المتكرر لنماذج العمل ذا صلة كما كان دائمًا.
سيب تشان
المسئول التنفيذي CXO
المركز الأسترالي للصور المتحركة ACMI
ميلبورن، أستراليا
Website I Twitter
لقد كنت في طليعة عدد من المشروعات التكنولوجية المثيرة والمبتكرة؛ فأين تجد الإلهام من أجل عملك؟
لم أكن أنوي أبدًا العمل في المتاحف؛ فوقعت فيها نوعًا ما من خلال تكنولوجيا المعلومات (التي كانت ما قد تسميه في الوقت الحاضر «احتيال جانبي»). في ذلك الوقت، في مطلع القرن تقريبًا، كنت منخرطًا بشكل كبير في المشهد الموسيقي المحلي، فأدير ملهى ليلي، ومجلة، وعلامة تسجيل مصغرة، وذلك لعملي في العروض الموسيقية المسجلة والمباشرة والراديو العام. فكانت كل الموسيقى التي شاركت فيها مدفوعة بالتكنولوجيا، ولكن ما جعلها تنبض بالحياة هو كيف جمعت المساحات حيث صدحت الناس، مما خلق لحظات مؤقتة مثيرة للاهتمام؛ كل ذلك في مجموعة من الأماكن القانونية وغير القانونية. فظل هذا التفاعل بين الأشخاص والمكان والصوت والحواس والوسائط والتكنولوجيا معي دائمًا، ومع استمرار مشاركتي في هذه الأنواع من المشاهد، فإنه يملي كيف أفكر في التصميم التجريبي، والاستيعاب والتأهيل التكنولوجي، هذا بالإضافة إلى دور المتاحف وصالات العرض والغرض منها. وأنا مهتم بشدة بالسياق: كيف يتغير سلوك الناس اعتمادًا على السياق، وكيف يتغير معنى الأجسام والأشياء مع السياق، وأيضًا، ربما بشكل أكثر قتامة، كيف تحول تحويل السياق إلى سلاح في مشهدنا السياسي المعاصر. بالنسبة لي، توفر المتاحف فرصة فريدة لكل من وضع الأشياء في سياقها وأيضًا إعادة صياغة سياق الجمهور الزائر – هل يمكن أن يكون المتحف مكانًا يكتسب فيه الزوار قوى خارقة؟ من الفهم والفضول والاستكشاف؟
توفر المتاحف فرصة فريدة لكل من وضع الأشياء في سياقها
وأيضًا إعادة صياغة سياق الجمهور الزائر
ما هي التكنولوجيا الناشئة التي تتوقعين أن يكون لها أكبر تأثير في مستقبل متاحفنا وصالات العرض؟
معظم التقنيات الناشئة لها تاريخ عميق وراءها؛ ففعليًّا يعود الواقع المختلط إلى منتصف القرن الماضي مع شاشات العرض الفردية للطيارين المقاتلين. وقد عشت ثلاثة تكرارات لـ«الواقع الافتراضي للمستهلك» حتى الآن. لذا، فأنا متشكك تمامًا في «التقنيات الناشئة» باعتبارها «ناشئة» حقًّا، خاصةً وأننا ما زلنا نتفهم الفرص والإمكانيات الجديدة لمتحف أو معرض متصل بالشبكة بشكل صحيح. نحن حاليًا في وقت فيه تكلفة العرض على مستوى الغرفة منخفضة بما يكفي بحيث يمكن الوصول إليها من قبل مجموعة أكبر من الفنانين والمصممين والمعلنين وصانعي الوسائط، ما أدى إلى بعض التطبيقات الفنية والربحية المثيرة للاهتمام؛ وأعتقد أننا نشهد تشابهًا مع أدوات توليد النص والصور الأساسية مع ما يسمى بالذكاء الاصطناعي AI. لكن بالنسبة لي، تحدث أشياء أكثر إثارة للاهتمام في مساحة المؤثرات البصرية – التي تقود أشكالًا جديدة من إنشاء المحتوى، والتي بدورها ستؤدي إلى تطوير واجهات جديدة ورواية القصص التفاعلية. ولا يوجد كثير من هؤلاء في عالم المستهلك حتى الآن، لكنني أعتقد أنك ستبدأ في رؤية تلميحات تظهر في منصات تطوير المحتوى التي يمكن الوصول إليها مثل «يونيتي» Unity وهذا أمر مثير حقًا.
خلف الكواليس، في الخدمات اللوجستية وعمليات المتاحف والمعارض، بعيدًا تمامًا عن أنظار الجمهور، ستستمر التقنيات في «الرقمنة»، ونتيجة لذلك «تحديد كمية» «العمل التجاري» للمتاحف، وهذا لا يمكن رؤيته خارج نطاق السياق الاجتماعي والاقتصادي الأوسع. إن تحويل مزيد من عمليات صنع القرار إلى «المدفوعة بالبيانات» و«تحسين العمليات» المأخوذة من مجال ربحي يهدد بإضعاف الهدف والقيمة المحددين اللذين تتمتع بهما المتاحف وصالات العرض والمؤسسات الثقافية. فكما كتبت رائدة التكنولوجيا الأسترالية بيا أندروز مؤخرًا عن عملها في القطاع العام: «لدينا واجب الصالح العام الذي لا يتماشى دائمًا مع واجب العمل التجاري، والتدابير التي تحاول حماية حقوق الناس والمجتمعات التي نخدمها وكرامتهم وسلامتهم. نحن مختلفون عن الشركات – ويجب أن نفخر بذلك».
تعمل مساحة المؤثرات البصرية على إيجاد أشكال جديدة من إنشاء المحتوى
ما الأفكار الرئيسية التي اكتشفتها حول الزوار والجمهور الأوسع من خلال تطبيق التكنولوجيا المتنقلة والرقمية؟
أهم فكرة تعلمتها هي أن الناس مرهقون. فيأتي جزء معقول الحجم من زوار موقعك إلى متحفك أو معرضك للراحة من الحياة العصرية. في هذه الحالة، فإن مزيد من الخيارات التكنولوجية، ومزيد من التطبيقات، ومزيد من البدائل، ليس أمرًا مفيدًا ولا مرغوب فيه بالنسبة إلى معظم الناس. ومع ذلك، عند التحدث إلى زوار المتحف، يصبح من الواضح أنهم عندما يكونون في متاحفنا وصالات العرض الخاصة بنا، فهم مستعدون للتعرف على تجارب جديدة، خاصةً إذا كانت مصممة جيدًا ومثيرة للاهتمام بشكل واضح. فهناك سبب لبذل «ديزني» كثير من الجهد لتحسين «تجربة طابور الانتظار» في حدائقها الترفيهية؛ ويمكن للمتاحف أن تتعلم الكثير من الاهتمام بالتفاصيل وفهم الضغوطات السياقية عندما يتعلق الأمر بالزوار.
ما الذي يجب أن تفعله المتاحف وصالات العرض بشكل مختلف في المستقبل عند السعي لنشر تكنولوجيا جديدة؟
لكي تنجح المتاحف وصالات العرض، يجب دمجها في النسيج التشغيلي لتجربة الزائر، ودعمها بالعاملين الحاليين والميزانية. فمطالبة الزائرين بالاتصال بشبكة الواي فاي المجانية الخاصة بالمكان وتذكر تفاصيل تسجيل الدخول إلى «متجر التطبيقات» الخاص بهم، مع عدم تزويدهم بمقعد للجلوس، يعني فقط أن تطبيق المتحف الخاص بك لن يتم تحميله، ناهيك عن التفاعل معه. عندما نعيد الافتتاح، سترى في المركز الأسترالي للصور المتحركة ACMI الجديد أن لدينا سلسلة من التجارب المعززة بالتكنولوجيا والتي تعد أساسية لزيارة المتحف المجانية، ولكنها لا تتطلب منك استخدام هاتفك والشعور بالتناظرية. ففي المركز الأسترالي للصور المتحركة نفكر في استخدام تقنيات جديدة لجذب الزوار في أثناء تواجدهم في المبنى، ومن ثم توسيع نطاق اهتماماتهم بعد مغادرتهم.
ثم يتعين عليهم أن يضيفوا قيمة ويعتنقوها في المتحف باعتبارها وسيلة «مفضلة» للزيارة (وبالتالي تحقيق مهمة المؤسسة).
سكوت بروير
مؤسس مشارك
للمعالجات الفنية
سان فرانسيسكو، الولايات المتحدة، وميلبورن، أستراليا
Website I Twitter
نشأت شركتك «معالجات الفن» Art Processors من العمل الريادي على منصة The O في متحف الفن القديم والجديد «مونا» MONA بهوبارت، تسمانيا. فما المكونات الرئيسية لنجاح هذا العمل؟
باختصار: الرؤية، والدعم، والعمل الجماعي.
فلم تتزعزع أبدًا سواء الرؤية التي قدمها دايفيد والش لما سيصبح عليه «مونا» أو تأثير منصة The O في تجربة الزائر. أخذ دايفيد (مؤسس المتحف ومالكه) شيئًا (جهازًا رقميًا) يُنظر إليه عادةً على أنه إضافة إلى تجربة المعرض وكان مستعدًا للسماح له بأن يصبح مركزًا للتجربة. لم نكن نعرف حقًا كيف سيستجيب الناس لهذا، ولكن تأثير ذلك في جماليات الفضاء هو نتيجة مباشرة للمخاطر التي كان دايفيد على استعداد لتحملها ليشهد رؤيته تتحقق. ليس عليك أن تصدق كلامي فقط؛ فهناك مقابلة ممتازة مع دايفيد على موقع Art Processors يناقش فيها هذا الأمر. كان دايفيد على استعداد لتحمل مخاطر لا يمكن لمديري أو مالكي المتاحف الأخرى تحملها. ويمكن قول هذا بالنسبة إلى متحف «مونا» ككل، فلا يقتصر الأمر على منصة The O. كان الدعم الذي قدمه دايفيد للفريق، من خلال ثقته في النتيجة النهائية والحرية المالية التي أعطاها لنا للتجربة على طول الطريق، لا يتزعزع. لقد رأيت معارض كثيرة تشرع في مشروعات تقنية في السنوات التي مضت منذ أن فتح «مونا» (وشكلنا شركة Art Processors) ولم أجد حتى الآن أي شخص قادر على كسب التأييد لرؤياه بالطريقة التي تمكن بها دايفيد من ذلك، سواء من أجل فكرة «مونا» ككل أو من خلال المنظمة الأوسع للمنتج الرقمي.
وأخيرًا، العمل الجماعي. كان الفريق متماشيًّا للغاية مع نتيجة الصورة الكبيرة بحيث تغلب على التحديات التي نشأت (على أساس يومي تقريبًا) بطريقة أضافت إلى العملية ونادرًا ما طرحت منها. لم يكن ولاء أي شخص للنتيجة موضع تساؤل في أي وقت، وهذا الدعم بعضنا لبعض وفهم الأدوار والمسئوليات سمح لنا بتحقيق شيء لم يكن من السهل تحقيقه أبدًا!
كانت المهمة الأكثر صعوبة هي إنشاء تجربة يحبها الناس؛
واحدة من شأنها أن تزيد وتضيف إلى خبرتهم المادية
ما التحدي الأكبر الذي واجهته على طول الطريق؟ وكيف تغلبت عليه؟
في حين أنه قد لا يكون «التحدي الكبير» الواضح، إلا أن أصعب مهمة هي إيجاد تجربة يحبها الناس، وأن تكون تجربة تزيد وتضيف إلى خبرتهم المادية ولا تفقدهم تركيزهم على الفن الذي يحيط بهم. فكنا هناك لأداء دور الداعم. فإذا أحسنَّا صنعًا، يغادر الناس وهم يحبون «مونا»؛ وإذا أسأنا صنعًا، سنصبح مسئولين عن تجربة محبطة للغاية قد تحول ما كان يمكن أن تكون رحلة ساحرة وخلابة إلى رحلة محبطة إلى مجموعة غريبة الأطوار في قاع الأرض تعقبها رحلة عودة طويلة للمنزل! كان التغلب على هذا التحدي، مع الاعتماد بشكلٍ كبير على العناصر الثلاثة المذكورة أعلاه (الرؤية والدعم والعمل الجماعي)، عبارة عن عملية عمل لحل جميع الأشياء الصغيرة والاهتمام بالتفاصيل التي تشاركها الفريق بأكمله. قام طوني هولزنر (المؤسس المشارك في شركة Art Processors) بعمل رائع في جميع جوانب المشروع، ولكن بشكلٍ خاص في التعرف على نقاط الألم المحتملة وتصميم بنية معمارية لتقديم المحتوى تعني أن الزوار لن يصلوا إلى غرفة (أو، لا قدر الله، داخل المصعد) ولا يتمكنوا من تحميل جزء من المحتوى الذي أرادوا بشدة قراءته. وكان اهتمام نيك وايت (المؤسس المشارك في شركة Art Processors) بواجهة المستخدم والطريقة التي تعكس بها تجربة «مونا» في الموقع أمرًا لا يصدق. لقد جئت متأخرًا إلى المشروع، بعد أن اتخذت بالفعل عديد من هذه القرارات، لذلك كان علي فقط إنشاء تطبيق iOS رائع! فلولا المعايير التي وضعها كل من نيك وطوني (وفي الحقيقة «مونا» ككل) لم تكن تجربة «مونا» ليكون لها التأثير نفسه ولكان التغلب على هذا التحدي أكثر صعوبة!
تقوم حاليًا بتحضير شهادة الدكتوراه عن تأثير التكنولوجيا في التصميم المكاني. هل يمكنك التحدث قليلاً عن موضوع هذا التحقيق؟
لقد مرت تسع سنوات منذ أن بدأت شركة Art Processors، وخلال تلك الفترة تحدثت مع كثيرين (حقًا الكثير) حول ما تعنيه التكنولوجيا بالنسبة لهم وكيف يأملون أن تستخدم في تقديم التجربة التي يريدونها في مساحتهم. في بعض الأحيان ينتهي بك الأمر حيث تتوقع أن يأخذك الطريق وأحيانًا لا تفعل ذلك. لطالما اعتقدت أن هذا هو المكان الذي سأقضي فيه وقتي، ولكنني اعتقدت أن تلك المحادثات ستكون حول التصميم. كما اتضح، ينتهي الأمر بعديد منها إلى محادثات حول مهام العمل وأهدافه. فيحرص الجميع على تصميم النتائج (شاشة تعمل باللمس، أو تطبيق جوال يبيع التذاكر، وما إلى ذلك)، ولكن في كثير من الأحيان تجري هذه المحادثات دون فهم مشترك لما يحاول التصميم تحقيقه (التسويق يريد مزيد من مبيعات التذاكر، بينما يريد المخرج جولة بالأمور البارزة)، وبالتالي فإن جعل الناس يتفقون على ما يجب عمله أمر صعب للغاية. وهذا غالبًا ما يؤدي إلى فوضى التصميم والتنفيذ. وأنا لا أستطيع تحمل الفوضى!
البحث الذي أجريه هو تحقيق فيما إذا كان إطار العمل (في حال وجوده) يمكن أن يسمح للأشخاص بالنظر على وجه التحديد في مكان التكنولوجيا في التصميم المكاني وقدرتها في أن تساعد في أهداف المكان ونتائجه (وغالبًا ما تكون المنظمة ككل). كنت آمل أن أجد وسيلة لخلق فهم تعاطفي لأولويات مشروع يمكن أن يوفر المعلومات لنقاش حول التصميم وما سيتواصل الناس معه في أثناء زيارتهم. فإذا كان بإمكاني التوفيق بين مدير وأمين ومدير تسويق بسرعة وقضاء وقت أقل في الجدل ومزيد من الوقت في التعاون سيكون البحث مفيدًا.
أو على الأقل هذا هدفي.
إدماج التكنولوجيا بطريقة تكون مكملة حقًا للبيئة يكاد يكون
أمرًا مستحيل تحقيقه من خلال التكنولوجيا فقط
ما الأفكار الرئيسية التي كشفت عنها حول الزوار والجمهور الأوسع من خلال تطبيقك للهاتف المحمول والتكنولوجيا الرقمية؟
توقعات الجمهور عالية للغاية وتحملهم لأي نوع من الانحراف عن تلك التوقعات منخفض بشكل لا يصدق. وما يجب ألا يحتاج إلى تعليق هو أنه بشكل عام الناس يريدون فقط قضاء وقت ممتع، لذا فإن أشياء مثل التجارب الخالية من الاحتكاك، والتصميم البسيط، والمحتوى الرائع، كلها أمور تعني لهم أكثر كثيرًا من عمل شيء جديد أو مبهرج. فإذا كنت ستستثمر في شيء جديد ومبهرج، تأكد من أن لديك ما يكفي من المال لجعله سلسًا وخاليًا من الاحتكاك وللدعم المستمر! يكاد يكون من المستحيل تقريبًا دمج التكنولوجيا بطريقة مكملة للبيئة حقًا من خلال التكنولوجيا فقط؛ فستظل بحاجة إلى الاستثمار في أشخاص رائعين للمساعدة. وأعني بذلك أن شخصًا في المقدمة يقول «هل جربت [إدراج الخبرة التقنية هنا]؟» أفضل لك من الإعلانات على موقع الصحيفة المحلية، ووجود شخص قريب يمكنه المساعدة عندما يتوقف شيء عن العمل أيضًا سيكتسب لصفك بعض هؤلاء الزوار الذين قد يتركون مراجعات سلبية.
فتأكد دائمًا من أن التجربة تتوافق مع مهمة واضحة وأن جميع الأطراف المعنية على وفاق منذ البداية؛ فستوفر كثير من الوقت لاحقًا وسيكون من السهل أن تشرح للجمهور سبب وجودها، مما سيقلل من الارتباك لديهم ويجعلهم أكثر سعادة، حتى لو قرروا أنهم لا يريدون المشاركة فيها.
لوسي ويتيكير
مدير الاتصالات العالمية
جاليري العلوم الدولي
دابلن، أيرلندا
Email I Website
هل يمكنك إخبارنا بالدور الذي يؤديه «المحتوى»، وخاصة المحتوى الرقمي، اليوم؟
يعد سرد القصص تجربة إنسانية أساسية؛ فهي الطريقة الأكثر قيمة وأهمية لدينا في تبادل المعارف وتكوين المجتمعات. يعد سرد القصص أمرًا بالغ الأهمية للعلامات التجارية الثقافية، ويساعدنا المحتوى الذي ننشئه في سرد القصص المقنعة التي تؤدي إلى تفاعل عميق ودائم مع جماهيرنا. وبالإضافة إلى التواصل مع الجماهير، فإن القصص التي نرويها تمنحهم أسبابًا للزيارة والتفاعل مع الأفكار الجديدة. ويمكن للقصص أيضًا أن تشرح سبب وجودنا، وأهمية وجودنا هنا، والدور الذي نؤديه في المجتمع ككل. عندما نتحدث إلى الجماهير من حيث الحقائق والأرقام الثابتة، فإننا نناشد الجزء التحليلي من الدماغ؛ ولكن عندما نروي القصص، فإننا نتحدث مباشرةً إلى الجوهر العاطفي. فنحن نبني الثقة، ونوفر المعلومات لاتخاذ القرارات، وندفع إلى العمل. لذلك، ففي حين أن الحقائق والأرقام مهمة، إلا انه من خلال المحتوى والسرد الجذاب، نجعل عروضنا لا تُنسى ومثيرة للذكريات وحقيقية.
توفر لنا المنصات الرقمية والأجهزة الحديثة اليوم فرصة غير مسبوقة لرواية القصص لأعداد هائلة من الناس، قد لا تتاح لبعضهم فرصة زيارة مؤسساتنا فعليًّا. والمحتوى الرقمي الرائع هو مفتاح ذلك بكل تأكيد ولكن هناك تحديات. فالساحة مزدحمة، والإنترنت مساحة صاخبة بشكل متزايد، وبالتالي أصبحت فترات الانتباه أقصر.
كل ما نفعله في الفضاء الرقمي يجب أن يكون الآن
امتدادًا مباشرًا ومكونًا أساسيًّا لمعارضنا المادية
لديك خبرة سنوات عدة في تطوير المحتوى والتجارب الرقمية للأجهزة المحمولة والأنظمة الأساسية. فهل الهاتف المحمول لا يزال مهمًا كما كان دائمًا؟ وكيف تغير أسلوبك في استخدام الأجهزة المحمولة على مرِّ السنين؟
لقد زاد مدى انغماس حياة الناس في العالم الرقمي بسرعة على مدار العقد الماضي أو نحو ذلك. فلم يعد الجمهور يجلس «ليلج إلى الإنترنت» كما كنا نفعل قبل عشر سنوات على أجهزة كمبيوتر مشتركة. فالإنترنت دائمًا موجود، في متناول أيدينا جميعًا؛ ونحن ندخل ونخرج من عالم الإنترنت كما نشاء وبدون تفكير للحظة. بالتالي، فقد أصبح من المهم أكثر فأكثر عدم التفكير في التجارب عبر الإنترنت والجوّال على أنها منفصلة أو مكملة لعروضنا الأساسية. يجب أن يكون كل شيء نفعله في الفضاء الرقمي الآن امتدادًا مباشرًا ومكونًا أساسيًا لمعارضنا المادية. ونحن بحاجة إلى التفكير بجدية في كيفية بث معارضنا ومجموعاتنا على الإنترنت؛ وليس فقط في المتحف أو حيز المعرض بل من لحظة التفكير. فلم تعد النهج المتبعة في المشاركة على الإنترنت أمرًا نفكر فيه فيما بعد؛ فالتكنولوجيا والإنترنت أصبحا الآن حياة حقيقية ويستكشف عملنا في الوقت الحقيقي – سواء كنا جزءًا من تلك المحادثة أم لا.
ما الدور الذي تؤديه البيانات في مساعدتك على فهم احتياجات الزوار والجمهور بشكل أفضل؟
تتيح لنا البيانات قياس ما إذا كنا نحقق الأهداف التي حددناها لأنفسنا. هل ننجح في تحقيق أهدافنا؟ تسمح لنا البيانات باستخدام مواردنا بحكمة، على القنوات التي تضمن أكبر قدر من المشاركة أو تخدم أهدافنا الاستراتيجية على أفضل وجه. ويؤدي نقص القياس إلى تعكير المياه عندما يتعلق الأمر بما نعرفه عن جمهورنا. فتساعدنا البيانات في الكشف عما يحتاج إليه جمهورنا: هل يحتاجون إلى محتوى وظيفي حول زيارتهم، أم يريدون معرفة مزيد عن فنان ما، أم يريدون مشاركة تجربتهم أو آرائهم؟ يسمح لنا تحليل البيانات باستخلاص رؤى حول سلوكهم، وتسمح لنا تقنيات التسويق الرقمي الحديثة بتقسيم المحتوى واستهدافه حتى يسمعوا القصص التي تتحدث عن اهتماماتهم حقًا.
تتغير العناصر والتحف في معارضنا ومجموعاتنا،
وهذا يبدأ في توفير طرق جديدة قوية لنا لإخبار القصص
ما الحدود الرقمية الجديدة التي تستكشفها؟ وما الأساليب التي تتوقع أن يكون لها أكبر تأثير في إشراك الجماهير في المستقبل؟
يعد استكشاف التكنولوجيا الجديدة والناشئة من خلال الفن والمحادثة التحفيزية حول الآثار الأوسع على المجتمع عنصرًا أساسيًّا في نهج جاليري العلوم، كما هو الحال بالنسبة لعديد من المتاحف والمراكز العلمية الأخرى. ونتيجة لذلك، تتغير الأشياء والتحف في معارضنا ومجموعاتنا أيضًا. بدأ هذا التحول، المدفوع بالتكنولوجيا، في تزويدنا بطرق جديدة قوية لرواية القصص. وهناك مثالان حديثان لهذا في جاليري العلوم متمثلان في مشروعي الواقع الافتراضي: «مشروع سوريا» الذي سمح للزوار بتجربة الحياة اليومية في منطقة حرب و«6×9» وهو تجربة واقع افتراضي للحبس الانفرادي.
ماثيو تار
مدير – مهندس معماري رقمي
المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي
مدينة نيويورك، الولايات المتحدة
Email I Website I Twitter
من خلال تجربتك، ما العنصر الأكثر فائدة الذي أتاحته التكنولوجيا لزوار المتحف؟
لقد أحدث ظهور تقنيات عرض رقمية جديدة وأكثر غمسًا فرقًا كبيرًا في نوع التجارب التي نقدمها للزوار. ولكنني لا أقلل من شأن التكنولوجيا الأقل بروزًا، التي مكنت تقديم تجربة زائر أكثر اتساقًا؛ فأكشاك الخدمة الذاتية، والتذاكر الرقمية، والترشيحات الشخصية، ووسائل تحديد الطريق الرقمية كلها تقلل الجهد وتسمح للزائر بأن يتمتع بقدر أكبر من الاستمتاع بالمعارض بصرف النظر عما إذا كانت رقمية أو مادية.
إن التعلم الأكثر تأثيرًا الذي أخذته من «المستكشف» هو قدرته
على تخفيف القلق
لقد أديت دورًا رائدًا في تطوير تطبيق «المستكشف» لإيجاد الطريق، وهو مثير للإعجاب ومبتكر ويساعد الزائرين على استكشاف مساحة المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي الشاسعة. فماذا تعلمت من تلك العملية؟
سيكون من المستحيل تقريبًا المبالغة في تقدير مقدار ما تعلمناه من خلال عملية إنشاء برنامج «المستكشف» وتشغيله. تدور إحدى مناطق التعلم حول الفرق بين صنع مواد إرشادية تناظرية وأدوات تحديد الطريق الرقمية. فما يبدو سهل جدًّا عمله على الخريطة الورقية أو اللافتات المادية يصبح أكثر تعقيدًا بشكل ملحوظ عند إنشاء نظام رقمي ديناميكي بنقطة زرقاء واتجاهات خطوة بخطوة. فما هي «صالة العرض» وما الذي يعد مجرد رواق؟ فليس لكل الغرف أسماء. ولا يفهم كل الناس الخرائط. فما مقدار التفاصيل التي يجب أن تحتويها الخريطة؟ وما مدى دقة الموقع؟ وبأي ثمن؟ كان نظام تحديد الطريق المتنقل الذي أنشأناه صعبًا ولكنه لم يكن مستحيلًا؛ وقد اعتقدت مؤسسات عدة أخرى أن التعقيد لا يمكن التغلب عليه. قد لا يكون نظام مثل نظامنا مناسبًا لجميع الأماكن، ولكن يجب أن يعتمد هذا التحديد على الفائدة التي تعود على الزائر (والمؤسسة) أكثر من التعقيد المتصور للحل.
أقول إن التعلم الأكثر تأثيرًا بالنسبة لي شخصيًّا، الذي أخذته من «المستكشف» هو قدرته على تخفيف القلق؛ فنريد أن يكون التطبيق مفيدًا وجميلًا على الفور. ويمكننا إضافة مزيد من الخصائص الجذابة، ولكن إذا أضافت جهدًا وصرفت الانتباه عن زيارة المتحف الأساسية، فلن تضيف قيمة.
ما الأفكار الرئيسية التي اكتشفتها حول الزوار والجمهور الأوسع من خلال تطبيق التكنولوجيا المتنقلة والرقمية؟
صمم «المستكشف» بهدف إضفاء الطابع الشخصي على الزيارة، ولكن نظرًا لأن معظم زوارنا موجودون هنا للمرة الأولى، فإن احتياجاتهم ليست فريدة كما قد يتوقع المرء. فتعزز التحليلات والتعليقات وأبحاث المستخدم التي تعد جزءًا من برنامج «المستكشف» أيضًا فهمنا بأن زوارنا أقل غموضًا مما قد يتوقعه المرء. سيخبرنا الزوار بسعادة بما ينجح وما لا ينجح إذا أعطيناهم قناة للتواصل معنا. وتوضح لنا استطلاعات الرأي داخل التطبيق ودرجات الرضا ما إذا كان أمرًا ما يعمل أم لا. نحن بحاجة إلى أن نكون على استعداد لكي نسمع.
نحن بحاجة إلى أن نكون على استعداد لكي نسمع
يمكن أن تكلف مشروعات التكنولوجيا الطموحة كثيرًا من المال؛ فهل لديك فكرة عما قد يكون مشهد التمويل للمشروعات التقنية والرقمية واسعة النطاق اليوم؟
إنه في الواقع أكبر من المشروعات الفردية. فكان التحدي تاريخيًّا هو الحصول على تمويل كافٍ لبناء مشروعات تكنولوجية كبيرة، التي أعقبها على الفور مشكلة إضافية تتمثل في تمويل الدعم المستمر للمشروعات بعد إطلاقها. نظرًا لأن مشروعات التكنولوجيا الحديثة لها تأثير عبر رحلة الزائر الإجمالية، فإن التعقيد (وتكلفة البناء والصيانة) يزيد بشكل متناسب مع إمكانية إحداث تغيير إيجابي. آمل أن نجد كقطاع طرقًا لمضاعفة الجهود من خلال العمل عبر المنظمات، وعبر الصوامع المؤسسية، وباستخدام التكنولوجيا لتضخيم جهود المتاحف الحالية بدلاً من بناء منتجات قائمة بذاتها.
داني بيرشال
مدير الرقميات
مجموعة ويلكوم
لندن، المملكة المتحدة
Website I Twitter
أنت مسؤول عن الوجود الرقمي الاستراتيجي لمجموعة ويلكوم؛ فما المكونات الرئيسية لاستراتيجية رقمية فعالة؟
بصفتي محرر المحتوى الرقمي لمجموعة ويلكوم، فأنا مسئول عن جانبين من جوانب المحتوى الخاص بنا: العناصر الوظيفية التي تساعد الأشخاص في العثور على طريقهم إلى مكاننا وعبره، سواء أكان ذلك لحضور فعالية بشراء تذكرة أو لإجراء بحث في المكتبة؛ وبرنامج المحتوى التحريري الذي نطلق عليه «القصص»، وهو صحافة مقالية حول التاريخ والتجربة الإنسانية تستكشف الروابط بين العلم والطب والحياة والفن. بالنسبة إلى المحتوى الوظيفي، يعد فهم جمهورك واحتياجاتهم الفعلية أمرًا أساسيًا. فيعمل زملائي في فريق التصميم عن كثب مع باحثي المستخدمين في عملية تكرارية لتحسين تجربة المستخدم للموقع الإلكتروني. بينما يكتب فريقي المؤلف من الكتّاب والمتخصصين في الاتصال المحتوى مع خبراء الموضوع الداخليين، من أجل إمكانية الوصول ومعلومات الزيارة، وكذلك للفعاليات.
نحن ندرك أن المحتوى الصحفي الخاص بنا لا يهدف إلى الترويج للمكان، ولكن للقيام بذات الوظيفة التي يقوم بها المكان نفسه، من خلال وسيلة الصحافة المقالية. فكما كتبت زميلتي جينيفر ستافز: «يجب أن يقدم المحتوى التحريري الذي ننتجه تجربة مجموعة ويلكوم – تجربة تتمثل في تحدي التفكير والشعور بشكل مختلف بشأن الصحة من خلال النظر في سياقاتها الاجتماعية والثقافية. فنريد الوصول إلى الأشخاص، سواء كانوا قادرين على زيارة مساحتنا المادية أم لا، ورواية القصص التي تتحدث عن هذه الاستراتيجية».
تعد المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي وحتى الفيديو
أكثر من مجرد وسيلة «بث» لإخبار الأشخاص عنك وعما تفعله
لطالما سعى عالم المتاحف إلى استخدام الرقمية للتواصل مع الجماهير وإشراكهم. من خلال تجربتك، ما الذي نجح وما الذي لم يعمل بشكل جيد؟
ما لم ينجح بشكل جيد هو جعل الخدمات الرقمية خاضعة لأولويات طرق الاتصال التقليدية. فعلى الرغم من أن الرقمية لها دور حاسم في جذب الزوار، إلا أن لها منطقها وضروراتها الخاصة. وتعد المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي وحتى الفيديو أكثر من مجرد وسيلة «بث» لإخبار الأشخاص عنك وعما تفعله. ما ينجح بشكل جيد هو الاهتمام بإمكانيات الوسائط الرقمية، والأهم من ذلك بكثير، الاهتمام باحتياجات المستخدمين. فيأتي كل من يأتي إلى موقعك الإلكتروني بشيء يحتاج إلى عمله، أو شيء يحتاج إلى اكتشافه. وكلما فهمت ما يحتاجون إليه بشكل أفضل، قل عدد الحواجز التي تعترض طريقهم. ما قد يعمل بشكلٍ جيد في المستقبل هو استخدام الرقمية لتقديم مهمة المتحف نفسه، بما يتجاوز جذب الإقبال؛ ليس فقط من خلال المهام السردية مثلما تفعل مجموعة ويلكوم، ولكن من خلال الاستخدامات الجديدة والمبتكرة للوسائط التفاعلية والغامرة.
لقد حققت نجاحًا كبيرًا في استخدام الألعاب عبر الإنترنت كنقطة دخول إلى المعارض في مجموعة ويلكوم؛ فكيف ترى تطور هذا النوع من المشاركة الرقمية في المستقبل؟
عندما بدأت مجموعة ويلكوم بتجربة الألعاب كوسيلة للتفاعل، كان العالم مختلفًا تمامًا؛ فكان برنامج فلاش لا يزال ملكًا ولم تكن ألعاب الهاتف المحمول قد سيطرت بالكامل بعد. فوجدنا فجوة في السوق حيث يمكن لألعاب التراث الثقافي الذكية التحدث إلى جماهير كبيرة إذا كانت ذات جودة عالية ومجانية. لقد تغيرت الظروف المادية كثيرًا الآن وأعتقد أنه من الصعب جدًّا على المتاحف الوصول إلى الناس، حتى مع وجود محتوى مقنع، في بيئة تنافسية للغاية عبر الإنترنت. أعتقد أن هناك عددًا قليلاً من السبل التي لا تزال مفتوحة للمتاحف التي ترغب في العمل بمرح ومع صانعي الألعاب. الأول هو دعم العمل التجريبي للفنانين وصانعي القرارات من خلال المهام الصغيرة؛ وقد فعلنا ذلك منذ فترة مع عدد من صانعي ألعاب تواين، بما في ذلك آليس ماز التي قامت بعمل منظور أنثوي. والأهم من ذلك، يمكنك وضع الألعاب والأنشطة المرحة في وضع عدم الاتصال بالإنترنت وفي المكان، كما فعلنا مؤخرًا في فعالية «اللعب مع الغرباء». بالطبع لا يزال بإمكانك نشر محتوى مثير للاهتمام حول الألعاب؛ فنشرنا مؤخرًا سلسلة مقالية من ستة أجزاء لمصمم الألعاب الذي لا يقدر بثمن هولي جرامازيو حول «كيفية اللعب».
من السهل أن تتحمس للطرق الجديدة لفعل الأشياء التي
لا تحتاج بالضرورة إلى تطبيق مفيد للأشخاص الفعليين
ما الأفكار الرئيسية التي كشفت عنها حول الزوار والجمهور الأوسع من خلال تطبيقك المحمول/الرقمي؟
تتغير التكنولوجيا بشكلٍ أسرع من احتياجات الناس؛ فمن السهل أن تتحمس للطرق الجديدة لفعل الأشياء التي لا تحتاج بالضرورة إلى تطبيق مفيد للأشخاص الفعليين (نعني على سبيل المثال blockchain). شخصيًّا، بعد عشرين عامًا من إدارة المؤسسات الرقمية للمؤسسات الثقافية، أجد صعوبة كبيرة في التحمس للتكنولوجيا الجديدة البراقة ولا أعتقد أن هذا نقدًا، ولكنه التوازن. سأستثني تعلم الآلة، الذي أعتقد أنه قادر على تقديم بعض الأشياء المثيرة بشكل لا يصدق للمؤسسات القائمة على المجموعات إذا كان بإمكانهم تعلم كيفية استخدامه بشكل جيد.
يعيش الناس حياتهم على الإنترنت وخارجها على حدٍ سواء؛ فليس هناك «جمهور زائر» و«جمهور رقمي» لمتحفك: هم ذات الأشخاص الذين لديهم ذات الاحتياجات والميول، فقط يعملون بطرق مختلفة. لذلك يجب أن تكون تجاربك الرقمية والمكان جزءًا من المنتج نفسه، ومدفوعة بالمهمة والرؤية نفسها. في مجموعة ويلكوم، نقوم بذلك هذا العام من خلال موسم يدعى «عن السعادة»؛ حيث سيستكشف معرضان، وبرنامج للفعاليات الحية، والإصدارات، والشراكات الإعلامية، وبرنامج واسع النطاق للمحتوى التحريري الرقمي فكرة السعادة من جميع الزوايا، ما ينشئ تجربة متعددة الوسائط لجماهيرنا. فيجب أن يعمل المتحف بأقصى طاقة دائمًا.
زائر لمتحف الفن القديم والجديد MONA يستخدم منصة The O في معرض العملات بصالة العرض.
تصوير: بريت بوردمان
|
|
زائر لمتحف الفن القديم والجديد MONA مع تكوينات من الصمت – زهور فرويدية من عمل جاز كيتسون. تصوير: لمتحف الفن القديم والجديد MONA
|
|
كيف تلعب بين ستيبني جرين والجسر من عمل توماس س.ج فارنيتي.
تصوير: مجموعة ويلكوم
|
لقطة من منظور أنثوي من عمل أليس ماز. تصوير: مجموعة ويلكوم
|
|
قصص مجموعة ويلكوم تصوير: مجموعة ويلكوم
|
مشروع سوريا – سرد قصصي افتراضي عام 2014 من عمل نوني دي لا بينا.
|
|
تطبيق «مستكشف» لمتحف التاريخ الطبيعي الأمريكي للعثور على الطريق.
|
نُشر المقال الأصلي باللغة الإنجليزية في العدد رقم 60 (فبراير، 2020) من مجلة «سبوكس» Spokes الإلكترونية التي تصدرها رابطة مراكز ومتاحف العلوم الأوروبية Ecsite تحت عنوان: «منظورات» Perspectives، ويمكنكم الاشتراك مجانًا في مجلة «سبوكس» من هنا.
قامت رابطة المراكز العلمية بشمال أفريقيا والشرق الأوسط NAMES بترجمة المقال ونشره باللغة العربية بتصريح من رابطة مراكز ومتاحف العلوم الأوروبية ومن المؤلف/المؤلفين، وتتحمل NAMES مسئولية هذه الترجمة.
لا يجوز إعادة إنتاج هذا المحتوى، سواء بالإنجليزية أو العربية، بأي شكل من الأشكال، دون الرجوع إلى رابطة مراكز ومتاحف العلوم الأوروبية Ecsite.