لماذا يتعلم الأطفال اللغة أسرع من البالغين؟


بقلم: إيناس عيسى

عند الحديث عن امتيازات الطفولة في تعلم الأشياء الجديدة بسهولة أكثر وأسرع، فإننا نربط ذلك بمرونة أدمغة الأطفال، ما يسمح لهم بالتعلم هكذا. بالإضافة إلى ذلك، نشير إلى النمو العصبي السريع لديهم، ما يسمح لهم بتعلم اللغات وغيرها من الأمور أسرع، وهي قدرة تقل مع السن ويمكن أن تفسر لماذا لا يستطيع البالغون الحصول على ذات النتائج. كذلك نجد أن البيئة التي ينغمس فيها الأطفال تعد تحديًّا لمهارات الاتصالات لديهم، وهي ميزة إضافية لامتصاص المعلومات واللغات والمهارات الجديدة وما إلى ذلك.

ولكن، هل تلك هي الطريقة المختصرة الوحيدة للتعلم السريع؟

حسنًا، لقد أظهر العلم تفسيرًا آخر لهذه القدرة يفوق الامتيازات العصبية والبيئية.

 

العنصر المفقود

بحث جديد أجراه فريق من الباحثين من جامعتي شيكاجو وكارنيجي ميلون بالولايات المتحدة الأمريكية ونشر في دورية علم النفس سلط الضوء على عنصر محوري في عملية تعلم لغة جديدة لدى الأطفال؛ ألا وهو طريقة تحدث الناس معهم.

«لقد علمنا منذ سنوات أن الآباء يتحدثون مع أطفالهم بطريقة مختلفة عن طريقة حديثهم مع البالغين؛ فعلى سبيل المثال: يبسطون الخطاب، ويكررون الكلمات، ويمطون صوت الحروف المتحركة»، هكذا قال دانييل يوروفسكي المؤلف المشارك للدراسة في بيان صحفي.

سعى الباحثون ليفهموا كيف يضبط الآباء والرعاة لغتهم وتفاعلاتهم بطريقة توافق تطور الخطاب لدى الطفل حتى يتعلم بفاعلية أكبر؛ فكانت نقطة الإنطلاق بالنسبة لهم هذا السؤال: ما مدى دقة ضبط الآباء للغة خطابهم عند التحدث مع أطفالهم حسب المعرفة اللغوية المنفردة لكل طفل؟

فطوروا لعبة للتحقق من هذه النقطة. تراوحت أعمار الأطفال المشاركين في اللعبة بين 15 و23 شهرًا، وساعدهم آبائهم في انتقاء حيوان محدد من بين مجموعة من ثلاثة حيوانات. كان نصف الحيوانات في لعبة التوفيق من الحيوانات التي عادة يتعلمها الأطفال قبل سن الثانية، مثل القطط والأبقار؛ بينما كان النصف الثاني من الحيوانات التي عادة يتعلمها الأطفال في سن أكبر، مثل الطاووس أو الفهد.

من ثم طلب الباحثون من 41 زوجًا من الأطفال وآبائهم أن يلعبوا في أجواء طبيعية، بينما رصد الباحثون الاختلافات في كيفية تحدث الآباء لأبنائهم عن الحيوانات المألوفة لهم مقارنة بحديثهم عن الحيوانات التي ظنوا أن أبنائهم لا يعرفوها، كما قاس الباحثون هذه الاختلافات.

 

 

تحدث ببطء، وبسط، وكرر

بينما رصد الباحثون الطريقة التي استخدمها الآباء في الحديث مع آبنائهم عن الحيوانات غير المألوفة لهم، لاحظوا أن الآباء يعطون توصيفات إضافية يمكن للأطفال فهمها بسهولة، كما عدلوا طريقة توصيلهم استجابة لمستوى الفهم الذي أظهره الأطفال. كذلك تحدثوا ببطء، ورفعوا نبرة أصواتهم، وكرروا الكلمات، واستخدموا بنيات لغوية مبسطة.

«وجدنا أن الآباء لم يستخدموا ما يعرفونه بالفعل عن المعرفة اللغوية لأبنائهم قبل الدراسة فحسب، بل كذلك إذا وجدوا أنهم مخطئين – طفلهم لم يعرف «الفهد» على سبيل المثال – فإنهم غيروا طريقة حديثهم عن هذا الحيوان في المرة التالية»، هكذا صرح يوروفسكي.

كذلك أضاف أن «الآباء لديهم معرف دقيقة بشكل مذهل للغة أطفالهم لأنهم شاهدوهم ينمون ويتعلمون... وتلك النتائج تظهر أن الأباء يستفيدون من معرفتهم بالتطور اللغوي لأطفالهم لضبط المعلومات اللغوية التي يوفروها لهم بشكل أدق».

ما هو أبعد

تلك النتائج ليست مفيدة للآباء فقط، فيقدر الباحثون أن عملهم سيساعد العلماء العاملين على لوغاريتمات تعلم الآلة على الوصول إلى نتائج أفضل. «حاليًا، ندرب نماذج اللغة بإعطائهم كل بيانات اللغة التي يمكننا الحصول عليها. ولكننا قد نؤدي بشكل أفضل لو أننا أعطيناهم البيانات الصحيحة في الوقت المناسب، مع الحفاظ على المستوى المناسب للتعقيد الذي يكونون مستعدين له». هكذا أكمل يوروفسكي.

 

 

المراجع

journals.sagepub.com

cmu.edu

developingchild.harvard.edu