بقلم: إيناس عيسى
إن التعرف على تعبيرات وجه الآخرين التي تكشف عما يريدون قوله أو ما يشعرون به أمر ضروري في التواصل. ونظرًا لأن اضطراب طيف التوحد له عديد من الأعراض المرتبطة بصعوبة تفسير رسائل الآخرين بشكل صحيح، فإن المصابين بالتوحد يعانون من قراءة وتفسير تعبيرات وجه الآخرين والتواصل معهم بشكل فعال. فكشف باحثون في جامعة توهوكو عن أدلة جديدة حول سبب معاناة المصابين بالتوحد من هذه الصعوبة من خلال نموذج الشبكات العصبية المتكررة Recurrent Neural Networks (RNN) الذي يعيد إنتاج الدماغ على جهاز حاسوب لدراسة اتصال الخلايا العصبية المشاركة في العملية.
نظرية المعالجة التنبؤية
«يتعرف البشر على المشاعر المختلفة، مثل الحزن والغضب، من خلال النظر إلى تعبيرات الوجه. ومع ذلك، لا يُعرف إلا قليلًا عن كيفية التعرف على المشاعر المختلفة بناءً على المعلومات المرئية لتعبيرات الوجه»، هكذا قالت المؤلفة المشاركة في البحث يوتا تاكاهاشي. وأضافت: «ليس واضحًا أيضًا التغيرات التي تحدث في هذه العملية، والتي تؤدي إلى معاناة الأشخاص المصابين باضطراب طيف التوحد في قراءة تعبيرات الوجه».
اقترحت الدراسة الجديدة شرحًا على المستوى النظامي لفهم عملية التعرف على عاطفة الوجه وكيف تتغير في اضطراب طيف التوحد من منظور نظرية المعالجة التنبؤية. وفقًا لهذه النظرية، يقوم الدماغ باستمرار بتوليد وتحديث نموذج عقلي للبيئة للتنبؤ بالأخطاء ثم التكيف عندما يكون التنبؤ خاطئًا. لذلك، تساعد المعلومات الحسية مثل تعبيرات الوجه في تقليل أخطاء التنبؤ.
التجربة
لاستكشاف كيفية عمل هذه العملية العقلية المعقدة، شملت الشبكات العصبية المتكررة المستخدمة في هذه التجربة نظرية المعالجة التنبؤية. فدربت على التنبؤ بالتغيرات الديناميكية لمقاطع فيديو لتعبيرات الوجه للعواطف الأساسية، دون تسميات واضحة لكل عاطفة، كعملية تعلم تنموية. وقيمت من خلال أداء التعرف على تعبيرات الوجه غير المرئية لمرحلة الاختبار.
بعد هذه العملية، نظمت مجموعة العواطف ذاتيًّا في منطقة الخلايا العصبية ذات المستوى الأعلى للنموذج دون أن يعرف النموذج المشاعر التي يتوافق معها تعبير الوجه في الفيديو. فتمكن النموذج من التعرف بنجاح على تعبيرات الوجه غير المعروفة عن طريق إعادة إنتاج حركات أجزاء الوجه وتقليل أخطاء التنبؤ. بعد ذلك، حقق الباحثون في تأثير التشوهات في أنشطة الخلايا العصبية على تطور التعلم والوظيفة المعرفية من خلال إحداث تشوهات في أنشطة الخلايا العصبية.
في النموذج حيث طبق تقدير الدقة المفرط للتفاصيل الصاخبة، انخفضت قدرة التعميم. نظرًا لأن تكوين المجموعات العاطفية في الخلايا العصبية عالية المستوى كان مقيدًا، فقد أدى ذلك إلى الفشل في تحديد مشاعر تعبيرات الوجه غير المعروفة. هذه أعراض مشابهة لاضطراب طيف التوحد؛ فتدعم هذه النتائج فكرة أنه يمكن تفسير ضعف التعرف على مشاعر الوجه في اضطراب طيف التوحد من خلال المعالجة التنبؤية المعدلة.
وخلصت تاكاهاشي إلى أن: «الدراسة ستساعد على تطوير أساليب التدخل المناسبة للأشخاص الذين يجدون صعوبة في التعرف على المشاعر».
المراجع
nature.com
ibm.com/recurrent-neural-networks