كيف يؤثر ما وراء المعرفة في صنع القرار لدينا؟


بقلم: إيناس عيسى

إن اتخاذ القرارات وتحديد أهدافنا في الحياة عمليات أساسية لأدمغتنا؛ فنقوم بها بانتظام دون تفكير كثير فيما يحدث بالفعل داخل أدمغتنا في أثناء قيامنا بذلك. قد نعتقد أن أنشطة أدمغتنا تتوقف عند اتخاذ هذه القرارات؛ إلا أن الدماغ يقيم عمله أيضًا في عملية تسمى «ما وراء المعرفة».

 

 

ما المقصود بما وراء المعرفة؟

إنه إدراك عمليات التفكير الخاصة بالفرد وفهم الأنماط الكامنة وراءها. بعبارة أخرى، هي الطريقة التي ينظر بها الدماغ إلى نفسه، ويفكر في تفكيره ويقيمه. يؤثر هذا المفهوم الواسع في كل سلوكنا تقريبًا، سواء كان ذلك يتعلق بأهداف الحياة طويلة المدى، أو الحكم على أحاسيسنا، وغيرها؛ ويتطور خلال الطفولة والمراهقة.

يتيح لنا ما وراء المعرفة الشعور بثقة أكبر أو أقل في قراراتنا، والتصرف بشكل حاسم عندما نكون واثقين من أننا على صواب والحذر عندما نشعر أن قرارنا ليس صحيحًا تمامًا. مع ذلك، نظرًا لأن بعضًا منا يقع في فخ الثقة المفرطة، في حين يشعر بعض الآخر بعدم الثقة، فنحن لسنا دائمًا جيدين في ما وراء المعرفة.

 

اتخاذ القرارات والثقة

في دراسة حديثة، درس الباحثون ما وراء المعرفة في أبسط أشكاله: القدرة على الحكم على أحاسيسنا.

في إحدى التجارب، أظهروا للمشاركين صورة لخط عمودي تقريبًا وطلبوا منهم اتخاذ قرار بسيط بشأن ما رأوه وما إذا كان يميل إلى اليسار أو اليمين. بعد ذلك، طُلب من المشاركين تقييم مدى ثقتهم في أنهم اتخذوا الخيار الصحيح.

من خلال اتخاذ الخيار الصحيح، يجب أن يشعر المشارك بالثقة دون الحاجة إلى إعادة النظر في الخط للتحقق، وهو مفهوم يسمى دليل القرار؛ حيث يقرر الدماغ أنه اتخذ القرار الصحيح. من ناحية أخرى، تظهر ثقة أقل عند تصور عدم اتخاذ القرار الصحيح.

 

 

فصل الثقة عن دليل القرار

لدراسة ما يحدث في الدماغ عندما يشعر الناس بثقة أقل، احتاج الباحثون إلى فصل نشاط الدماغ المرتبط بعملية الحكم على ميل الخط من نشاط الدماغ المرتبط بالشعور بالثقة في الحكم.

في التجربة، قاس الباحثون نشاط دماغ المشاركين في أثناء اتخاذهم قرارات بشأن سلسلة كاملة من الصور تظهر واحدة تلو الأخرى؛ لمعرفة ما يحدث في الدماغ عندما شاهد المشاركون الصور واتخذوا قرارهم. في بعض الأحيان، اتخذ المشاركون قرارهم قبل عرض جميع الصور؛ في هذه الحالة، لاحظ الباحثون توقف النشاط المتعلق باتخاذ القرار، ولكن استمر بعض النشاط. حدث ذلك حيث استمر المشاركون في التحقق من الصور المتبقية لتقييم ثقتهم، حتى بعد اتخاذ قرارهم.

أشارت نتائج هذه التجربة إلى أنه لا يزال هناك نشاط متعلق بالثقة في مناطق الدماغ التي ترتبط أيضًا بالسلوك القائم على الهدف. الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن نمط نشاط الدماغ المرتبط بالثقة قد تطور حتى قبل أن يتخذ المشاركون قراراتهم. وهذا يسلط الضوء على الدور المهم لما وراء المعرفة في تعديل السلوك المستقبلي.

تسلط هذه النتائج الضوء على أن أفعالنا تتأثر بمدى ثقتنا في قراراتنا وأفكارنا ومشاعرنا في المقام الأول، ويتم استخدام الثقة المنخفضة للتعلم والتحسين.

 

المراجع

elifesciences.org

nature.com