بقلم: إيناس عيسى
غني عن القول أن الخبرة السابقة تشكل المواقف المستقبلية. فإذا سألت شخصًا تعرض لهجوم سابق من قبل كلب عن آرائه عن الكلاب، فإنه سيعبر عن القلق والانزعاج تجاهها، أو ربما تجاه الحيوانات الأليفة الأخرى أيضًا. وينطبق الشيء نفسه على التجارب الأخرى، سواء كانت جيدة أو سيئة. فكلما كان الكائن أو الحيوان بعيدًا ولا يمكن الوصول إليه، زاد الخطر المتوقع منه؛ حيث يصبح من الصعب التواصل معه لتغيير آرائنا إزائه.
أسماك القرش مخلوقات ارتبطت في الغالب بالخطر؛ فهي تلتهم الكائنات البشرية والبحرية. نرى ذلك دائمًا في الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي. يمكن أن يؤدي هذا بالتأكيد إلى تعميق فكرة خطرها والتأثير في مواقفنا تجاهها. ماذا سيحدث إذا كان ما قدم لنا عن هذه المخلوقات إيجابيًّا؟ هل يمكن أن يغير هذا وجهة نظرنا عنها؟ تقدم دراسة جديدة نتائج مثيرة للاهتمام حول هذه النقطة.
الموضوعات ذات الصلة: كيف يمكن للتنوع الحيوي أن يساعد في تقليل مخاطر الانقراض في الطيور؟
يمكن لمقاطع الفيديو الإيجابية تعديل وجهة نظرنا حول أسماك القرش
حققت الدراسة الجديدة من جامعة ولاية كارولينا الشمالية في هذه النقطة وأظهرت نتائج إيجابية فيما يتعلق بإمكانية أن تساعد مشاهدة مقاطع فيديو إيجابية عن أسماك القرش في تغيير مواقفنا لصالح الحيوانات المفترسة. وهذا لن يغير فقط وجهات نظرنا؛ بل ومواقفنا أيضًا، مما سيعمل لصالح الحفاظ على أسماك القرش وصون التنوع الحيوي.
بحثت دراسة سابقة نُشرت في مجلة «نايتشر» Nature في 27 يناير 2021 في الانخفاض العالمي في أعداد أسماك القرش المحيطية؛ فكشفت عن انخفاضها بنسبة 71٪ منذ عام 1970، ويرجع ذلك أساسًا إلى الصيد الجائر. يقول المؤلف الرئيسي للدراسة جاستن بيل، وهو طالب دراسات عليا في ولاية نورث كارولاينا: فكر في فيلم «الفك المفترس»Jaws، على سبيل المثال. نحن بحاجة إلى استكشاف طرق لتعزيز التسامح البشري مع أسماك القرش، وهو عنصر أساسي في الحفاظ عليها».
بينما أظهرت الأبحاث السابقة أن مقاطع الفيديو عبر الإنترنت يمكن أن تساعد في بناء الدعم للذئاب، فإن الأمر ليس كذلك مع أسماك القرش. على الرغم من معاناة الذئاب أيضًا لفترة طويلة، إلا أن عديدين حول العالم يدعمون حمايتها، وفقًا للمؤلف المشارك في الدراسة لينكولن لارسون، الأستاذ المشارك في إدارة الحدائق والاستجمام والسياحة في ولاية نورث كارولاينا. وذلك لأن هذا النوع ذو شخصية جذابة ولطيفة ولا يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه تهديد كبير للبشر. ومع ذلك، يُنظر إلى أسماك القرش على أنها خطر حقيقي.
كيف يمكن أن تؤثر مشاهدة مقاطع الفيديو في موقفنا؟
في الدراسة الأخيرة، حقق فريق البحث في كيفية تأثير مقاطع الفيديو في قبول الناس ونواياهم للمساعدة على صون القروش. فاستطلعوا آراء 335 شخصًا قبل وبعد مشاهدة سلسلة من مقاطع الفيديو الإيجابية أو السلبية على موقع يوتيوب YouTube.
من ناحية، أظهرت مقاطع الفيديو الإيجابية إما سلوك القرش غير العدواني أو مقاطع تكشف بعض المعلومات العلمية عنها. ومن ناحية أخرى، تضمنت مقاطع الفيديو السلبية مقاطع لعضات القروش أو هجماتها . طُلب من المشاركين الإجابة عن أسئلة حول مواقفهم تجاه القروش، بما في ذلك القبول والنوايا، قبل وبعد مشاهدة مقاطع الفيديو.
أظهرت النتائج أنه بعد مشاهدة مقاطع الفيديو السلبية لأسماك القرش التي كشفت عن سلوكها العنيف، كان لدى المشاركين في الدراسة مواقف سلبية تجاه القروش في المتوسط. فانخفض قبولهم بنسبة 18٪ وقالوا إنهم أكثر عرضة لمعارضة جهود استعادة أسماك القرش بنسبة 3٪.
على الجانب الآخر، سجل المشاركون الذين شاهدوا مقاطع فيديو إيجابية لأسماك القرش مواقف أكثر إيجابية بنسبة 70٪، وقبولًا أكبر بنسبة 130٪، وسجلت نواياهم لدعم صون القروش 46٪. بشكل عام، كانت مقاطع الفيديو الإيجابية أقوى من تلك السلبية، كما أظهرت زيادة المشاركين في متوسط المواقف والقبول ونوايا الحفظ.
التحدي الأكبر الذي أشار إليه المؤلفون هو أنه على الرغم من الفوائد المحتملة لمقاطع الفيديو الإيجابية، فإن عديد من مقاطع الفيديو «السلبية» تحظى بمزيد من المشاهدات، مما يؤثر بشكل كبير في مواقف الناس. يمكن أن يكون الحل الرئيسي هو المساعدة على نشر المحتوى المرئي الإيجابي من خلال الأحداث العالمية المختلفة، مثل «أسبوع القرش» والأحداث والمناسبات العلمية والعامة الأخرى.
مراجع