بقلم: إيناس عيسى
كانت هناك خدعة قديمة منتشرة على نطاق واسع حول طريقة أفضل لاسترداد المعلومات المهمة التي يصعب تذكرها في أثناء الاختبارات: تبديل مكان خاتم ترتديه عادةً لإصبع آخر؛ ففي أثناء الامتحان، عندما تجد أن مكانه قد تغير، ستتذكر قطعة المعلومات التي شفرتها. هناك طريقة أخرى يمكننا من خلالها خداع عقولنا وتحقيق أداء أفضل في الاختبارات، وهي تطبيق المفاجأة في أثناء تشفير جزء من المعلومات، وذلك حسب ما أظهرته دراسة جديدة أجراها علماء الأعصاب في جامعة مانشستر. إذًا، كيف يمكن أن تسهل المفاجأة التعلم أو استرجاع الذاكرة؟
انتهاك التوقعات يعزز الذاكرة
إن التشفير والاسترجاع هما الطريقتان اللتان تعالج بهما أدمغتنا المعلومات. أولاً، نقوم بترميز المعلومات بطرق مختلفة، مثل القراءة، أو المشاهدة، أو الاستماع، إلخ. ثم يأتي بعد ذلك استعادة المعلومات التي حصلنا عليها بالفعل وشفَّرناها في أدمغتنا. هذا يعني أن الدماغ يعالج المعلومات عن طريق التبديل بين التشفير والاسترجاع.
أشارت الأبحاث السابقة إلى أن المفاجأة تعمل على تشغيل وضع التعلم في الدماغ عن طريق تشغيل آلية تشفير تكيفية من شأنها أن تؤدي إلى ذاكرة أفضل للأحداث غير المتوقعة. بينما بحثت الدراسة الحالية في كيفية استخدام الدماغ للآلية عندما نحاول استرجاع المعلومات.
في الدراسة الأخيرة، عُرض على المشاركين صور لأشياء إما طبيعية، مثل الفاكهة والأشجار والأزهار؛ أو من صنع الإنسان، مثل فأرة الكمبيوتر والهاتف. بعد ذلك، تم تدريبهم على توقع أشياء من صنع الإنسان أو طبيعية باستخدام إشارات، مثل مثلث أو مربع، بينما استخدم الباحثون فحصًا وظيفيًّا بالرنين المغناطيسي للكشف عن مناطق الدماغ التي استخدمت لتعلم المعلومات واستردادها.
المفاجأة تعزز الذاكرة
أظهرت النتائج أنه عندما يحدث أمر غير متوقع –مثل مثلث يسبق كائن طبيعي– تُعزز ذاكرة المشاركين. وأظهر التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي التنشيط في الحُصين في الدماغ، وهو مركز الذاكرة، وفي مناطق الدماغ المتوسط التي تفرز الدوبامين والقشرة القذالية، وهي مركز الرؤية. من ناحية أخرى، عندما حدثت سلسلة من حدثين غير متوقعين، لم يحدث أي تحسن في أداء الذاكرة.
«نحن نعلم بالفعل أنه في حالة انتهاك التوقعات قبل أو في أثناء التعلم، فإن ذلك يطلق آلية تكيفية، مما ينتج عنه ذاكرة أفضل للأحداث غير المتوقعة. وتوضح هذه التجربة كيف تتأثر الآلية أيضًا عندما نحاول استرجاع المعلومات»، هكذا تقول المؤلفة الرئيسية د. داريا فرانك، عالمة الأعصاب الإدراكية في جامعة مانشستر.
يمكن تفسير هذه النتائج على النحو التالي: يقوم الحُصين بترميز الذكريات واستعادتها، وتظل الآليتان متعارضتين مع كمية محدودة من الموارد لتخصيصها لأي منهما. يعزز عنصر المفاجأة ذاكرتنا لأنه عندما يحدث شيء غير متوقع، يركز دماغنا في البيئة الخارجية حتى يتمكن من تعلم شيء جديد، وهو شيء لم يتوقعه في البداية.
أضافت د. فرانك: «على الرغم من أن دراستنا لم تقيِِّم تأثير هذه النتائج في مراجعة الاختبار وأدائه، فمن المنطقي أن نرى آثارها. لذلك، عندما يكون الهدف استرداد المعلومات، فإن مواجهة أحداث مفاجئة مثل المراجعة في مقهى أو بيئة محيطة أخرى غير مألوفة ستشغل آلية تشفير قد تعزز الذاكرة لامتحان مستقبلي. ولكن العكس صحيح أيضًا: عند محاولة تذكر شيء ما تم تعلمه بالفعل في أثناء الاختبار نفسه، يمكن أن تكون البيئة المألوفة والمتوقعة مفيدة، وتدعم استرداد المعلومات من الذاكرة».
مراجع