بقلم: نهى رحال
احتل الذكاء الاصطناعي AI مكانة كبيرة خلال العامين الماضيين وكان على رأس قائمة اهتمامات المتابعين على قنوات التواصل الاجتماعي. بشكل يومي، يتصدر الذكاء الاصطناعي عناوين الأخبار في جميع أنحاء العالم؛ لتسليط الضوء في بعض الأحيان على الاختراعات والتطبيقات المبتكرة التي يُفترض أنها مصممة لجعل حياتنا أسهل، ولكن في بعض الأحيان الأخرى تتسم بعض العناوين الرئيسية بالذعر والتشاؤم. إذا كنت من متابعي أخبار التكنولوجيا، فربما تكون قد سمعت عن المحامين الأمريكيين الذين تعرضوا لمشكلة عند استخدامهم لتطبيق ChatGPT لكتابة مذكرات بعض الدعاوى القضائية، ناهيك عن السيناريوهات الأكثر كآبة التي تدور حول تسبب الذكاء الاصطناعي في نهاية العالم.
لا تزال هناك تساؤلات قائمة حول ما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيزيد من عمر الإنسان أم لا. وعلى الرغم من المناقشات الجارية حول الجانب المظلم للذكاء الاصطناعي وكيف يمكن أن يؤدي إلى انقراض البشرية، هناك، من ناحية أخرى، بصيص من الأمل مع الدراسات التي تظهر أنه يمكن أن يساعد على إطالة العمر.
ما المقصود بالشيخوخة؟
قبل استعراض المساهمات المحتملة للذكاء الاصطناعي فيما يتعلق بإطالة متوسط العمر المتوقع للإنسان، يتعين علينا أن نفهم أولاً المقصود بمصطلح الشيخوخة. إذا فكرت في مصطلح الشيخوخة وما يعنيه بالنسبة لك، فمن المحتمل أن أول شئ قد يجول بخاطرك هو الشعر الرمادي وتجاعيد الوجه وهشاشة العظام. ومع ذلك، تعتبر الشيخوخة مفهومًا علميًّا أعمق من ذلك.
وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن التقدم في السن أو الشيخوخة يحدث «نتيجة تراكم طائفة واسعة من أوجه التلف في الجزيئات والخلايا مع مرور الزمن. وهذا ما يؤدي إلى تراجع تدريجي في القدرات البدنية والعقلية، وتزايد احتمال الإصابة بالأمراض والوفاة في النهاية. وهذه التغيرات ليست خطية وﻻ متسقة، وتكاد ﻻ ترتبط بعمر الشخص بحساب السنوات».
«في عام 2020، تجاوز عدد الأشخاص البالغين من العمر 60 سنة فأكثر عدد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات. فقد أصبحت وتيرة تقدم السكان في السن أسرع من ذي قبل.» –منظمة الصحة العالمية. وبالتالي، ينبغي لنا أن نتساءل الآن: كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد على إبطاء عملية الشيخوخة التي لا مفر منها، وبالتالي تعزيز متوسط العمر المتوقع للإنسان.
التآلف بين الناس في زمن الكورونا
في عام 2020، بعد تفشي فيروس كورونا (كوفيد-19) مباشرةً، اضطر العالم إلى فرض إغلاق تام لإبطاء معدل انتشار الفيروس الجديد. وعلى الرغم من أن الغرض الأساسي لعملية الإغلاق التام كان التخفيف من حدة الانتشار، إلا أنه تسبب في حدوث ضغط عصبي شديد على الجماهير الغفيرة مما أدى إلى عديد من المشكلات المتعلقة بالصحة العقلية. هنا، أصبحت قوة التكنولوجيا أداة لا غنى عنها للحفاظ على الصحة العقلية والجسدية خلال تلك الأوقات العصيبة.
ومنذ ذلك الحين، تزايد عدد تطبيقات التكنولوجيا الرقمية، مثل خدمات الدردشة المرئية وغيرها من الوسائل الرقمية لربط الناس بعضهم ببعض. في ذلك الوقت، شهدنا ظهور تطبيقات مختلفة ومتعددة، مثل زووم، وكلوب هاوس، وغيرهما. علاوة على ذلك، اتجهت بعض الحكومات نحو الابتكارات التكنولوجية للتخفيف من مخاطر الوباء. فمن خلال الهواتف الذكية، تمكنت المؤسسات الصحية من تتبع حركة الحالات من حاملي كوفيد-19 والأشخاص اللذين التقوا بهم، بالإضافة تتبع سجلات التطعيم وتاريخ الإصابة بأي أمراض أو فيروسات أخرى.
الذكاء الاصطناعي: أكثر من مجرد أداة وقائية
وفقاً للدكتورة مليحة هاشمي، المديرة التنفيذية لقطاع مستقبل الصحة والرفاهية والتقنية الحيوية في شركة نيوم، ستُمكن أجهزة الاستشعار المتقدمة والبيانات الصحية وخوارزميات الذكاء الاصطناعي متخصصي الرعاية الصحية من تطوير وسائل جديدة للتشخيصات الدقيقة ومن ثم تخصيص رحلة العلاج وفقًا لحالة المريض وظروفه، وتقديم خدمات صحية مخصصة ومتابعة فعالة، كل ذلك دون زيارة المستشفى. «سوف تأتي المستشفى إلى بابك؛ وستصبح الرعاية متاحة في كل مكان.»
يبدو ذلك عظيمًا، أليس كذلك؟ ولكن، هل يعزز الذكاء الاصطناعي متوسط عمر الإنسان بهذه الطريقة؟ لقد وُجِد أن مثل هذه الأساليب العلاجية لا تطيل العمر بشكل ملحوظ. وفي الولايات المتحدة، تشير الإحصائيات إلى أن القضاء التام على مرض مميت من شأنه أن يؤدي إلى زيادة في متوسط العمر المتوقع عند الولادة بنحو عامين أو ثلاثة أعوام فقط. وبالتالي، كيف سيثبت الذكاء الاصطناعي أنه أداة حاسمة وفعالة لتعزيز متوسط العمر المتوقع؟
عصر تكنولوجيا التقدم في السن
يناقش أندرو سكوت، أستاذ الاقتصاد بكلية لندن للأعمال، نوعًا جديدًا من التكنولوجيا يتمحور حول احتياجات كبار السن ورغباتهم. ويهدف هذا النوع إلى تقديم الخدمات لكبار السن ومساعدتهم على تلقي الرعاية اللازمة والحفاظ على نشاطهم والبقاء على تواصل مع غيرهم. يُعرَف هذا النوع من التكنولوجيا باسم Age-Tech أو تكنولوجيا التقدم في السن، وهي تعزز القدرة على القيام بأعمال مختلفة لفترة أطول؛ حيث تقوم الروبوتات برفع الأحمال الثقيلة بينما يقدم الذكاء الاصطناعي الدعم المعرفي.
لقد تزايدت أهمية خدمة رعاية المسنين، ولكن عدد مقدمي خدمة الرعاية الصحية المهرة لا يتزايد. فتعتمد خدمة رعاية المسنين بشكل كبير على خبرة مقدمي الخدمة وحدسهم. وهنا تتضح أهمية دور الروبوتات وتكنولوجيا المراقبة لأنه يمكن من خلالهما أن يتم تقليص معدلات إساءة معاملة كبار السن، بالإضافة إلى توفير رؤى أفضل حول صحتهم. ومع ذلك، ووفقًا لبيجي هيكس، مديرة قسم المشاركة المواضيعية والإجراءات الخاصة والحق في التنمية في مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان OHCHR، فإننا بحاجة إلى ضمان تصميم التقنيات ونشرها بأمان، الأمر الذي يتطلب مشاركة فعالة من كبار السن خلال عملية التطوير.
المراجع