حوارات أجرتها:
جولي بيكر
مدير الاتصالات والفعاليات
رابطة مراكز ومتاحف العلوم الأوروبية «إكسايت»
Ecsite
بروكسل، بلجيكا
Email | Twitter | LinkedIn
|
حوارات أجرتها:
فاني تريفيليف
متدربة اتصالات وفعاليات
رابطة مراكز ومتاحف العلوم الأوروبية «إكسايت»
Ecsite
بروكسل، بلجيكا
Email | Twitter | LinkedIn
|
وجهات نظر
العروض العلمية: أكثر من مجرد كرات نار
يجزم الزملاء الذين حاورناهم بأن المجال في حالة تطور
| الوقت التقريبي للقراءة: 35 دقيقة (5–9 دقائق لكل حوار)
هذه المقالة منشورة في مجموعة مقالات سبوكس Spokes بعنوان «وجهًا لوجه» Face to face
في إحدى المراجعات النادرة عن موضوع العروض العلمية، يجزم كل من شاني أوستن وميريام ساليفان بأن مولد العروض العلمية يعود إلى بدايات القرن الثامن عشر الميلادي [1]. وربما قام مايكل فارادي بالمساهمة في تطوير مفهوم تلك العروض عندما «بدأ في إلقاء محاضرات عامة في المعهد الملكي في لندن في عام 1824... وذلك لجعل العلوم نوعًا من الترفيه اللطيف الذي يستلزم نفس حالة تعليق عدم التصديق المرتبطة بالمسرح» [2]. لاحظ المؤلفان بعد أكثر من مائتي عام على ذلك أن «تلك العروض العلمية أو الأداءات العلمية التي تستخدم تقنيات ووسائل توضيح مسرحية لتوصيل العلوم إلى الجماهير بطريقة مثيرة للاهتمام... وهو أمر معتاد في الممارسات غير الرسمية لتعليم العلوم» [3]. هو أمر معتاد بالفعل، ولكنه لم يدرس بشكل كافٍ، ولم يتم وضع قواعده، وفي بعض الأحيان لا يعتد به بين ممتهني توصيل العلوم.
وبصفتنا محاوريكم المتواضعين، لابد أن نعترف بأننا لم نكن نعلم سوى القليل حول العروض العلمية قبل أن نبدأ العمل على هذا المقال؛ ولنكن صادقين، كنا نتحامل ضدها كثيرًا. فكانت بأذهاننا تلك الصورة المبتذلة لمقدم (رجل) يتحدث بحماس مفرط ويرتدي معطف معمل فضفاض بشكل مثير للإزعاج. ورأيناه في مسارحنا الداخلية يؤدي ساخرًا من العلوم على خشبة المسرح، محدثًا سلسلة من الفرقعات والانفجارات الصارخة الناتجة عن استخدام سوائل ملونة مثيرة للريبة؛ فنشيح بنظرنا بعيدًا في تكبر، رافضين رؤية مثل هذا العرض الترفيهي الزائف للعلوم.
ولكن، وكما تبين لنا من خلال هذه الحوارات، تختلف العروض العلمية تمامًا عن تلك الصورة التي شكلناها لها بأذهاننا. وبينما من المتوقع أن تقع أعيننا في بعض الأحيان على عروض تم التسويق لها بشكل خاطئ على أنها «تفاعلية» في حين أنها ليست سوى سلسلة من التجارب المنفصلة التي لا تحتوي كثيرًا من الفكر فيما يخص التعليم والمشاركة، إلا أن هذا المجال في طور التطوير. فقد أثبتت لنا الحوارات الخمسة التالية خطأنا؛ فتبين لنا ذلك من خلال إدراكنا لحدود التنسيق فيما يتعلق بإشراك الجمهور في إطار نشاط بمثل هذا الحجم، من حيث الحوار أو التعلم القائم على التساؤل، وكذلك الاستعداد لكسر النمطية والتقييم بشكل أكثر تفصيلًا.
فقد غيَّرت مجموعتان من الأفكار نظرتنا للعروض العلمية. أولًا، هناك جدال يصب في صالح الكرات النارية والانفجارات؛ فعندما يطبقا بشكل احترافي، يشقا طريقًا مباشرًا لقلوب الناس، منتجين عاطفة إيجابية قوية نحو العلوم في عقولهم للأبد. فعلى سبيل المثال، أصبح اثنان من الأشخاص الذين حاورناهم مؤديين للعروض العلمية لأنهما شاهدا عروضًا علمية كانت بمثابة لحظة استيعابية بالنسبة إليهما؛ فوضعت بأذهانهما فكرة أن الأشخاص الذين يشعرون عادةً بالخجل تجاه العلوم أو المشاركة يكونون أكثر ارتياحًا للمشاركة في تلك العروض. وكما يسيقها أوستين وساليفان: «على الرغم من أن المنتجين ومصممي المتاحف قد يشعرون بوجود توتر بين الأهداف التعليمية وأهداف الجذب (بيليج وبارام-تساباري، 2017)، إلا أن زوار المتاحف ومراكز العلوم لا يرون مثل هذا النزاع وينظرون إليها كخبرات تكميلية (فولك، وستوركسديك، وديركينج، 2007). فيربط عديد من زوار العروض العلمية بوضوح استمتاعهم بتلك التجربة بدقة المعلومات المقدمة في العرض وجودتها (باوم وهيوز، 2001) [4].
المجموعة الثانية من الأفكار تخبرنا أن العروض العلمية تتغير. فمن ناحية، يخبرنا من حاورناهم أن هناك تطورًا إيجابيًا في نوعية العروض «التقليدية»، ومن ناحية أخرى، هناك طليعية مزدهرة من المؤدين الذين يعيدون ابتكار العروض التي تتخطى الترفيه البحت. فيستكشفون قيمة سرد القصص، ويختبرون تفاعل أكبر للجمهور، ويقدمون نهايات مفتوحة في عروضهم، ويخربون الصور النمطية. ولإدراكهم أنها ممارسة لم تتم دراستها بشكل كافي، فهم أيضًا يولون التقييم اهتمامًا أكبر.
فندعوكم للتعرف على هاري مونتونين، والذي يعد بمثابة نجم روك آند رول العروض العلمية؛ وديدييه لافال الذي يحارب الابتذال ويثير التساؤلات حول المسارات المهنية للمؤدين؛ وجوزيف روش الباحث الذي انتهى به المطاف على المسرح رغمًا عنه؛ وآنا جونارسون التي تؤمن بالسرد القصصي؛ وميها كوس الذي يدرب أفواجًا من المؤدين لتقديم «مغامرات علمية» ذات نهايات مفتوحة.
[1] شاني أوستن وميريام ساليفان (2019): كيف نؤدي؟ أدلة على أهمية العروض العلمية، الدورية الدولية لتعليم العلوم، الجزء الثاني، 9:1، 1-12، DOI: 10.1080/21548455.2018.1532620.
[2] فرانك جيمس (2000). «لا تتحدثوا عن العلم، أعرضوه لهم: قاعة محاضرات المعهد الملكي». مراجعات العلوم متعددة التخصصات، 27(3)، صفحة 277، كما أوردها شاني أوستن وميريام ساليفان (2009)، صفحة 1.
[3] المرجع السابق، صفحة 1.
[4] المرجع السابق، صفحة 2.
هاري «هيكو» مونتونين
كبير ملهمين
مركز العلوم الفنلندي – هيوريكا
فانتا، فنلندا
البريد الإلكتروني
هيكو، لقد حازت عروضك شهرة كبيرة في مجال العروض العلمية، حتى أنك حصلت على جائزتين دوليتين. كيف دخلت مجال تطوير العروض العلمية وأدائها؟
أول مرة شاهدت فيها عرضًا علميًّا كان في هيوريكا في عام 1990، وما زالت أذكر أين جلست، وما تم عرضه. فكرت وقتها: «رائع! هذا شيء أريد أن أجربه». لم أكن قد رأيت «عرضًا» علميًّا من قبل – ولا أعتقد أنه كان يوجد مثل تلك العروض في فنلندا في ذلك الوقت – فلم يكن هناك سوى شروح علمية. وبالطبع، بصفتي موسيقي روك، رأيت كثيرًا من الإمكانيات على الفور. وما زلت استخدم تلك التجربة في عروضي حتى الآن!
لقد مرَّت العروض العلمية في هيوريكا بكثير من مراحل التطور والنمو. في البداية، كنا نقوم بتقديم مجموعة من التجارب في وسط صالة المعرض باستخدام طاولة فقط. ثم مررنا بمرحلة أُطلق عليها «مرحلة التعلم»؛ حيث استخدمنا طاولتين وأصبح للتجارب التي نعرضها موضوع يربطها ببعض. من ثم قمنا بوضع بعض الحوائط حول الطاولات، واستخدمنا بعض الإضاءات البسيطة والشرائح التقديمية – كثير من الشرائح في الحقيقة، أكثر من اللازم. في عام 1995، اعتقدت أنني قد رأيت كل شيء، وكنت مستعدًا للمغادرة؛ ولكنني حصلت على عرض لم يكن بوسعي رفضه: «ستبني هيوريكا مسرحًا علميًّا حقيقيًّا، وستكون أنت المسئول عنه».
المهمة هي إشراك الجمهور كي يحصل على كلٍ من: المحتوى العلمي والإبهار!
أصبح بإمكان جانب موسيقى الروك آند رول داخلي التعبير عن نفسه بالكامل، فبدأت في إضافة كل ما أعرفه عن أداء العروض: الإضاءة، الموسيقى، إلخ. لقد قمت بتحويل الشروح العلمية إلى عروض علمية حقيقية باستخدام الترفيه، ودفع الجمهور إلى المشاركة كي يحصلوا على كلٍ من المحتوى العلمي والانبهار! وما زلت أؤدي العروض يوميًّا.
ما مكونات العروض العلمية التي تقدمها هيوريكا؟
لا نبدأ أبدًا بالشرح؛ دائمًا نبدأ بالتجربة. ونستخدم أدوات علمية حقيقية في تجاربنا، كما نعرض التجارب التي تنجح 100٪ طوال الوقت، والتي نتدرب عليها بشكل مستمر. كذلك نحب أن ننهي العروض بالموسيقى، ونستخدم الإضاءة، بالإضافة إلى إشراك الجمهور في العروض؛ فدائمًا ما يكون هناك على الأقل تجربة واحدة يشارك فيها الجمهور بشكل فاعل.
ونستفيد من كل الأفكار الرائعة من مختلف مجالات الترفيه: فندرس على سبيل المثال كيف يتعامل السحرة مع أدواتهم، وكيف يلعب الممثلون الكوميديون مع جمهورهم في العروض المنفردة، وكيف يستخدم الممثلون الصامتون لغة الجسد، وما إلى ذلك.
يقوم كل الملهمين في هيوريكا – هذا هو المسمى الذي نطلقه على الشارحين – بتأدية العروض، ونترك لهم مساحة لكي يقدموا تنويعاتهم الشخصية لكل عرض. فعندما نؤدي على المسرح نستخدم ما نطلق عليه «الشخصية الطبيعية» الخاصة بنا، وذلك يعني تقديم أفضل صورة عن أنفسنا؛ فتعتمد تلك الصورة على قوة شخصية القائم بالعرض: صوته، لغة جسده، طريقته في الكلام، وما إلى ذلك. ليس هناك أي فائدة من اختراع شخصية مسرحية لذلك الغرض؛ فالعرض في النهاية خاص بالشخص الذي يؤديه، وإن لم يكن على طبيعته سيلاحظ الجمهور على الفور. ولكننا بالطبع نراعي قواعد الدراما الأساسية أيضًا؛ فعلى سبيل المثال، كان عليّ أن أتعلم أن أتكلم بشكل أبطأ وأن أتوقف عن الكلام أحيانُا. حتى أننا أقمنا عرضًا باستخدام النيران ولم يكن هناك أي كلام على الإطلاق؛ فقط الموسيقى. علمني هذا العرض الكثير عن التمثيل الإيحائي الصامت ولغة الجسد. أظن أنه بإمكان الجميع تعلم أساسيات أداء العروض: كيفية التعامل مع الأدوات المسرحية، وكيفية تغيير طاقة الحضور على المسرح؛ يمكنني القول أن أهم ما في الأمر هو أن يكون الشخص طبيعيًّا. على المؤدي أن يعرض شيئَا يجده مثيرًا للاهتمام، وأن يكون متحمسًا، وأن يظهر اهتمامه الشخصي بما يعرضه وأنه ليس هناك من أجل الراتب فحسب.
عادة ما نوفر عرضين مختلفين؛ أحيانًا يكون لهما علاقة بالمعرض المؤقت عندنا، وأحيانًا لا يكون لهما أية علاقة. وأحيانًا نؤدي عروض تجريبية مفاجئة أثناء المعارض المختلفة، ولدينا برنامج كامل خاص بالتواصل الخارجي.
ونتعامل بحذر شديد مع عروضنا كي لا تصبح عروضًا روتينية؛ فنتمسك دائمًا بشعارنا: «الأداء الجيد عدو الإبداع»، لذا دائمًا نتشكك في عروضنا بصفة مستمرة كي نجعلها أفضل.
هل يمكن لتلك المكونات أن تنجح في أي عرض في أي مكان في العالم؟
لا يمكن تقديم العروض كلها بنفس الطريقة في جميع أنحاء العالم؛ لا بد من معرفة كيفية تغيير العروض لكي تلائم الجمهور في الأماكن المختلفة. على سبيل المثال، في الولايات المتحدة الأمريكية، يتقدم المتطوعون من الجمهور بلا أي تردد، حتى كبار السن؛ ولكن في بعض أجزاء من أوروبا، كان عليّ أن أنتظر بعض الوقت قبل أن يتجرأ أحد على التطوع.
وفي أحد العروض في الصين، لم أتمكن من التواصل مع الجمهور على الإطلاق؛ فأخبرني المترجم لاحقًا أن النكات التي كنت أستخدمها لم تكن مفهومة، والسخرية التي استخدمتها عندما تحدثت مثلًا عن كون «فنلندا بلد كبير للغاية يقطنه 5 مليون فرد» أظهرتني كأحمق. كان عليّ أن أفهم العادات المحلية الخاصة بالعروض الأدائية؛ فذهبت إلى سيرك في شانغهاي لكي أدرس كيفية تأدية تلك العروض، ونجحت في نهاية الأمر في الوصول إلى الجمهور الصيني في العرض التالي.
في رأيك، ما هي نقطة القوة الرئيسية في العروض العلمية كأحد أدوات دفع الجمهور إلى الاهتمام بالعلوم؟
العروض العلمية وسيط سريع يسمح بجذب انتباه الجمهور في وقت قصير؛ فهي مساحة تسمح للجمهور بالاسترخاء، والجلوس في المقاعد لوقت قصير أثناء تجربتهم المكثفة في المركز العلمي، وترك أنفسهم لتلك التجربة المبهرة.
نحن لا نقدم قائمة طويلة من الحقائق والنظريات،
ولكن طريقة تعامل مختلفة مع الظواهر العلمية.
تتيح العروض بيئة محكمة، وتجربة «مكثفة»؛ فنعرض فقط الأجزاء الجيدة، وليس القصة الطويلة التي أدت إلى اكتشاف الظاهرة أو النظرية. أؤمن أن العروض لا بد أن تكون كبيرة، وصارخة، ومثيرة بأكبر قدر ممكن؛ فما تقدمه ليس قوائم طويلة من الحقائق والنظريات، ولكن طريقة تعامل مختلفة مع الظواهر العلمية، نقدمها كأمور يمكن أن تكون مثيرة للغاية. فالعروض تلك مساحة ممتازة للأشخاص الذين يصيبهم التوتر بسبب افتقادهم للمعرفة العلمية لكي يسترخوا؛ وهذا أمر مهم للغاية.
إلا أن بعض المنتقدين يقولون إن العروض غالبًا ما تكون سطحية للغاية...
عادة ما يساوى «المحتوى» بالشرح والكلام، إلا أن ذلك اختزال زائد. فيقلق بعض المؤديين بشأن المحتوى وما إذا يتكلموا بالشكل الكافي؛ ولكن أعتقد أننا لا بد أن نقلق أقل بشأن الكلام، وأن نهتم أكثر بما يتم تقديمه. بالنسبة لي، المحتوي هو كل ما يحدث على المسرح؛ فالناس تجيد المشاهدة أكثر بكثير من الاستماع بشكل عام. ودائمًا أقول: «تعلم مائة حقيقة عن الموضوع الذي تعرضه، ولكن قدم أربعة فقط؛ تلك التي تجدها مثيرة». إذا كنت تعرف جيدًا ما تتحدث عنه، فالجمهور سيفهم أنك تعرف أكثر، وأن هناك كثير مما يمكن استكشافه في ذلك الموضوع.
فهدفنا ليس أن نعلم الجمهور، بل أن نبهره ونلهمه. في دراسة قام بها السيرك العلمي المتجول الخاص بنا – وهو عرض ومعرض علمي – على مجموعة من الطلبة، تمت دراسة ما تعلمه الطلبة ودرجة حماسهم للعلوم قبل رؤيتهم لأحد العروض ومباشرة بعد ذلك وبعد عدة أشهر من العرض؛ فاتضح أن حماس هؤلاء الطلبة لتعلم العلوم ومعرفتهم بالظواهر العلمية المقدمة قد زاد.
ما الذي تراه على أفق مستقبل تلك العروض العلمية؟
لا بد أن نكون على استعداد للتعلم من مختلف طرق الأداء: عروض السحر، والكوميديا، كل شيء، وأن نبقى على وعي بكل المواضيع المنتشرة والساخنة في مجال العلوم؛ مثل: الواقع الافتراضي والواقع المعزز، والذكاء الاصطناعي، والروبوتيات... فنحاول أن ندمج تلك الموضوعات في عروضنا، ولهذا السبب حصلنا على روبوت ونستخدمه كوسيط جديد؛ فأتحكم فيه من جانب المسرح لكي يجيب على الأسئلة أو يقوم بتقديم الناس، إلخ. هكذا نظهر الإمكانيات التي تتيحها تلك الروبوتات؛ فنكاد نتكهن بما ستتمكن التكنولوجيا من القيام به خلال سنتين أو ثلاثة.
كذلك أود القيام بعرض عن الذكاء الاصطناعي؛ فمؤخرًا في فنلندا، عرضت إحدى الحملات الدعائية صورة لإنسان مكتوب تحتها «أنا لست إنسانًا بشريًّا»، وكانت تلك الصورة بالكامل من صنع الذكاء الاصطناعي [5]. أظن أن الطلب سيزداد لكي نغطي ذلك الموضوع في عروضنا، وما يطرحه من مخاطر؛ فالعروض العلمية من الممكن أن تكون المكان المناسب للحديث عن الأسئلة الأخلاقية الكبرى، فمثلًا، نذكر التغير المناخي حين نعرض تجارب باستخدام الغازات.
[5] الورقة العلمية التي تشرح العملية مع فيديو توضيحي.
ديديه لافال
مساعد شئون المشاركة العامة
جامعة بريستول
تجارب المشاركة والمشروعات الدولية
شركة الثقافة المتغيرة
بريستول، المملكة المتحدة
Twitter | LinkedIn | Email
ديديه، ما هي قصتك مع العروض العلمية؟
عندما شاهدت عرضًا علميًا لأول مرة في قصر الاستكشاف Palais de la Découverte في باريس، كانت تجربة قوية للغاية حتى أنني قررت أن هذا بالتحديد هو ما أريد أن أفعله! كانت لدي خبرة مسرحية مهنية، وكنت بالفعل قد عملت في مراكز علمية، إلا أن هذا العرض بالتحديد لمس داخلي وترًا؛ فأضحيت أرى نفسي في ذلك الدور. هكذا كانت بداية انضمامي لفريق قصر الاستكشاف في 2009، وقد عملت هناك لمدة ثلاث سنوات، تعلمت خلالها من مؤديين رائعين الكثير عن العروض التقليدية والشروح.
والآن بما أني أعمل بشكل أساسي كمستشار ومدرب في مجال توصيل العلوم، فإن تأدية العروض يشغل جزءًا صغيرًا من عملي؛ ولكنني ما زلت أشارك في بعض المهرجانات، بالإضافة إلى كوني مرشدًا في برنامج «إنسباير (إلهام)» INSPIRE الدولي لتدريب موصلي العلوم، ويُقيمه كل عام تابع بيت التجارب في مدينة ليوبيانا. كذلك فأنني أدرب أطقم العمل في مراكز أوروبية مختلفة على العروض العلمية، أو أساليب أخرى لمشاركة العلوم؛ مثل: الأسلوب التشاركي أو الإبداع الشراكي، إلخ.
سأشارك هذا العام بأحد العروض في مهرجان العلوم «ساينستيفال» Sciencetival في ليوبيانا؛ حيث ستشاركني العرض ابنتي ذات الثماني سنوات، والتي ساعدتني في عرض العام الماضي وتريد الآن أن يكون لها دور حقيقي! أتوقع أن علاقتنا ستصبح تصادمية على المسرح؛ حيث سنتبارى بالتجارب...
من أنت على المسرح؟
ليس لدي شخصية معينة أؤديها على المسرح، إلا أن شخصيتي المسرحية مختلقة بعض الشيء عن شخصيتي الحقيقية؛ فأختار أن أكون شخصية مزعجة ومحرضة أثناء تأديتي العروض، على عكس شخصية المؤدي التقليدية اللطيفة والودودة. أحب أن أكون نوعًا ما أشبه بشخصية «باستر كيتون (كوميديان أمريكي) العروض العلمية»؛ فغالبًا ما أؤدي عروضي أمام جمهور من مختلف الجنسيات، وألعب بشكل مبالغ فيه دور العالم الفرنسي المغرور الذي يشعر بالإهانة إذا فشلت تجاربه ويصبح عدواني إذا تحداه الجمهور (وأحرص على دفع الجمهور لفعل ذلك). تلك هي طريقتي في حث تفاعل الجمهور الذي يصبح متحمسًا جدُا ليتحداني.
فعلى عكس العروض العلمية التقليدية التي تقدم كثيرًا من التجارب في تتابع مستمر، فأنا أتحدث وأتفاعل أكثر، ولكني في المقابل أعرض عددًا أقل من التجارب مقارنة بزملائي. على سبيل المثال، أقضى من 20 إلى 30 دقيقة مع جمهوري في متابعة كيفية تدفق الماء إلى داخل زجاجة وخارجها، مما يمنح الجمهور وقتًا لاستخدام مهارات الملاحظة بشكل حقيقي، ويستثير فضولهم؛ وبالطبع أتأكد من أنهم يضحكون طوال الوقت.
أحاول أن أجعل العرض العلمي تجربة قوية، تجربة ستبقى في ذهن الجمهور طوال حياتهم – مثل تجربتي في قصر الاستكشاف التي ألهمتني العمل في هذا المجال. فإذا كان هناك صوت أو صمت أو حوار لا بد أن يكون الأفضل، أمر غير تقليدي بحق، كما أحب تضمين عناصر من تاريخ العلوم أو من أي مجال آخر في حكاياتي؛ فالعروض العلمية لا يجب أن تكون عن المعرفة العلمية فحسب، ولكن أيضًا عن الكيفية التي تطور بها العلم تاريخيًّا وسياسيًّا وثقافيًّا، شخصيتي المسرحية الفرنسية تستاء بشدة حين تحكي قصص الصراعات العلمية بين علماء بريطانيا وفرنسا وألمانيا.
وأخيرًا، أهتم جدًا بالبالغين من الجمهور؛ فأتأكد من أنهم يحضرون عرضًا مثيرًا ومعدًا بحرفية أكبر مما يتوقعون عادة.
نعرف أن مشاركة الجمهور أمر شديد الأهمية بالنسبة لك؛ هل لك أن تشاركنا أفكارك وتقنياتك؟
ليس هناك أسلوب محدد لحث الجمهور على المشاركة؛ فحين عملت في قصر الاستكشاف تعلمت القيام بذلك بطريقة تقليدية، وهي طرح الأسئلة وانتظار الإجابات؛ ولكن الآن، فأبحث عن طرق واتجاهات أخرى مختلفة.
أحب أن أبدأ العرض كما لو أنني على وشك إلقاء خطبة أو محاضرة؛ فأبدأ بمنتهى الجدية، ثم سرعان ما تقع «حادثة»، مثل أن يتم رش الجمهور بالماء. يوصل لهم ذلك أن حضور العرض ربما يكون أمرًا خطرًا، وأن أي شيء يمكن أن يحدث في أي لحظة، وأن عليهم الانتباه، لمصلحتهم.
أحاول حاليًا أن أتجنب هذا السؤال التقليدي: «حسنًا، لماذا في اعتقادكم حدث ذلك؟»؛ ففي تلك الحالة سيتطوع بعض الذين يعرفون الإجابة من الجمهور بقولها، مما سيجعل الآخرين ممن لا يعرفون الإجابة غير راغبين في المشاركة. استلهامًا من منهج التعلم القائم على البحث، أريد من الجمهور التحقق بأنفسهم، ولذلك أدعوهم أن يطرحوا الأسئلة؛ فأريد أن أمنحهم القدرة على دفع العرض بعيدًا عن مساره من خلال أسئلتهم، وربما تغيير اتجاهه والخروج بنتائج مختلفة.
على سبيل المثال، منذ سنتين «سرقت» تجربة من أحد المؤديين، وبعد تأديتي لها أخبرني ذلك المؤدي أن الشرح الذي قدمه في عرضه الأصلي كان في الوقع شرحًا خاطئًا علميًا؛ فقررت أن أبني عرضًا كاملًا حول تلك القصة: أجريت التجربة وعرضت الشرح الأول الذي أخذته من العرض الأصلي، ثم أخبرت الجمهور أن ذلك الشرح الذي أخبرتهم به للتو في الواقع شرحًا خاطئًا، وسألتهم: يا تُرى ما هو الشرح الصحيح؟ فبدأنا معًا، أنا والجمهور، باختبار الفرضيات وتوصلنا إلى احتمالات ممكنة دون أن نتمكن من «الوصول إلى الإجابة الصحيحة» أثناء العرض. يسمح ذلك بإعطاء «واجب منزلي» للجمهور؛ فيغادر الجمهور العرض بكل الاحتمالات التي يمكن أن يستكملوا استكشافها في المنزل.
هناك محاولة أخرى قمت بها، واستمتعت بها للغاية، وهي أن أجعل العرض تشاركيًا بأكبر قدر ممكن؛ حيث أجريت التجارب بمشاركة كل الجمهور، وسمحت لبعض الأفراد بالاختيار من بين بعض القرارات أثناء العرض، وإدارة العرض من خلال حوار مستمر عن طريق طلب المساعدة من أجل استخدام اللغة المحلية.
في رأيك، ما هي مواطن قوة العروض العلمية وماهي نقاط ضعفها كوسيط لمشاركة العلوم؟ هل تعتقد أن النقد الذي تتلقاه تلك العروض بأنها «سطحية» عادلًا؟
أحد مواطن القوة هي الحكاية؛ فالعرض يتكشف تدريجيًّا بشكل خطي، مما يجعل السرد مباشر ينتقل من نقطة إلى التي تليها، على عكس تجارب الاستكشاف الذاتية مثل التجول في المعارض. إحدى الخصائص الأخرى لتلك العروض، هي منح الجمهور إمكانية عدم المشاركة إذا كانت تلك طريقتهم في التعلم أو لأنهم ليسوا في مزاج جيد في ذلك اليوم؛ فلا يرغب الجميع بالضرورة في المشاركة الفاعلة في كل الوقت، ولا بد أن نحترم ذلك.
العروض العلمية كنقطة دخول تمكينية إلى العلوم
يمكن للعروض العلمية أن تزيد من ثقة الجمهور في تعامله مع الموضوعات العلمية؛ فدائمًا ما يأتي لي الناس بعد العروض لتحيتي بابتسامة كبيرة، معلقين: «رائع، لقد فهمت كل شيء!». أستشعر وقتها إحساسهم بالتمكن؛ فهؤلاء غالبًا لم يشعروا من قبل بأي علاقة مع العلوم في المدارس، وربما لم يتخيلوا أنفسهم قط كأشخاص لديهم معرفة علمية. لذلك، فإن خوضهم لتلك التجربة الممتعة حيث يقضون ساعة كاملة يستمعون إلى شرح علمي يمكنهم فهمه يغير الطريقة التي يرون بها أنفسهم.
في الدائرة التي أتعامل معها، يمكنني أن أرى مجموعة من الجمهور «المعتاد» تتشكل خلال السنوات في الجمهور الذي يحضر عروضي في مهرجان العلوم في ليوبيانا. تتكون تلك المجموعة من عائلات أصبح حضورها لتلك العروض جزءًا من ثقافتها؛ فنحن نصنع ثقافة علمية تحتاج إلى تقييم!
فيما يخص نقاط الضعف في العروض العلمية، فهي المجهود الذي يتطلبه دمج بعض طرق التعليم المحددة فيها؛ مثل التعلم القائم على التساؤل. ويعتمد نجاح تلك العروض بشكل كبير على إيقاع ما يتم عرضه على المسرح؛ فيصعب التوقف لوقت طويل، أو السماح الكامل بالتردد أو الاستكشاف. ولكن صعوبة تلك الأمور لا تعني استحالتها؛ فعديد من المؤديين يحاولون العمل على دمج عناصر من مناهج التعلم القائم على التساؤل أو التعليم التشاركي في عروضهم، وما زال المجال في تطور.
أما سمعة تلك العروض التي يصفها البعض بأنها «سطحية»، فيمكنني الاعتراف أنه انتقاد حقيقي يمكن توجيهه لبعض العروض؛ ولكن يوجد كثير من المؤديين الذين لا يشعرون بالرضا حيال ذلك التوصيف للعروض العلمية والذين يجربون طرق جديدة، ويسعون إلى تحدي الطرق «المريحة» التي تتم بها تلك العروض. فنستلهم أفكارًا من مجالات مختلفة لنجعل العروض العلمية أكثر تنوعًا، وقوة، وأكثر عمقًا.
أخبرنا أكثر عن هذا الجيل الجديد من المؤديين في العروض العلمية...
أولًا، لا بد أن أقول أن العروض العلمية التقليدية ما زالت موجودة، ولكنني أرى تحسنًا فيها خلال السنوات الأخيرة، كما أن معاييرها صارت أعلى.
وفيما يخص استكشاف طرق عرض جديدة، فأنا شخصيًا أجد إلهامًا كبيرًا في المجالات غير العلمية؛ مثل: الفنون، والأنشطة التوعوية، والعروض الكوميدية. فالنشطاء، على سبيل المثال، يقومون بعمل جيد جدًا من أجل خلق الحميمية والثقة المطلوبين لمناقشة الموضوعات الصعبة في مجموعة؛ وأود أن أصل إلى النقطة التي أصبح فيها عاطفيًّا ومقنعًا وحاثًا على الاندماج مثل هؤلاء الذين يديرون اجتماعات النشطاء.
كذلك أجد كثيرًا من الإلهام في مجموعة «نحن الفضوليون»، وهي مجموعة في المركز العلمي في بريستول حيث أعيش الآن؛ فهو أكثر من مجرد مركز علمي، وهو الآن في طور تحويل نفسه إلى مركز للفضول. وبفضل قيادة آنا ستاركي يتم تشجيع الجمهور وتمكينه بشكل رئيسي لكي يطرحوا الأسئلة؛ فتعلم كيفية طرح الأسئلة أمر مهمل، وهو أمر في غاية الصعوبة لأنه يتطلب مهارة ولغة علمية.
يمكنني أيضًا أن أرى كتيبة مؤديين جدد قادمين من أوروبا الشرقية يجلبون مجموعة عروض جديدة ومنعشة بطرق وتجارب مبتكرة.
في السابق، كانت العروض العلمية أحادية المجال؛ ولكن اليوم، نحن ننسج سرديات جديدة من مجالات مختلفة في عروضنا بينما نعرض موضوعات تتطلب تلك البينية بين المجالات مثل موضوع التغير المناخي. فأصبح بإمكاننا تضمين زوايا مختلفة وحتى التفاعل مع بعض القضايا السياسية، كما أصبحت العروض العلمية مكانًا مناسبًا لمناقشة القضايا الاجتماعية مثل التصويت والمساواة.
أي نوع من التطور المهني ينتظر المؤديين في العروض العلمية؟
أحب أن أنهى كلامي بنداء إلى العاملين في المجال: أظن أن فحص أعمال المؤديين السابقة وتاريخهم المهني يستحق المجهود المطلوب. أي نوع من التطور المهني تقدمه المنظمات العاملة في دمج العلوم لمؤديي العروض العلمية؟ إذا كانوا يرغبون في التقدم في المجال، هل سيضطرون في النهاية إلى ترك تأدية العروض لأنها تعتبر في أسفل السلم المهني؟ في ظل سرعة الدورة الوظيفية، ولكون معظم العاملين من الشباب الصغير، يصعب تجنب إعادة اختراع العجلة والرجوع فجأة إلى وضعية «ضبط المصنع». ولكن، إذا كنا فعلًا نريد عروضًا أكثر عمقًا وأثرًا، فنحن بحاجة إلى عاملين أكثر خبرة، وأكثر معرفة بالمجال، ولديهم سنوات خبرة في معرفة الكيفية التي تتم بها الأمور، ولديهم الاستعداد لتخصيص بعض السنوات لدراسة هذا المجال وتطويره.
جوزيف روش
أستاذ مساعد تعليم العلوم
كلية التعليم وجاليري العلوم
ترنيتي كولج
دبلن، أيرلندا
Twitter | LinkedIn | Email
جوزيف، مجال تخصصك هو الفيزياء الفضائية، كما أنك محاضر في مجال تعليم العلوم، ولست رجل عروض. كذلك عرفنا أنك كنت أحد المنتقدين للعروض العلمية؛ فكيف انتهى بك الأمر إلى إعداد أحد العروض وتأديته في 2015؟
لم أكن من محبي العروض العلمية في صغري؛ فكنت أشعر أنها تعتمد بشكل أساسي على الترفيه، وتستخدم التجارب العلمية بنفس الطريقة التي يستخدم بها السحرة خدع الخفة من أجل إدهاش الحشود بدون أي تركيز حقيقي على شرح النظريات العلمية. وعندما أصبحت عالمًا، لم أظن أن الوضع قد تحسن؛ فكنت غاضبًا بشدة على حال العروض العلمية في أيرلندا، والتي لم تبدو على نفس مستوى تقدم أمثالها في الدول الأخرى. فأعطت معظم العروض شعورًا بأنها مجرد طريقة إملائية أخرى لتوصيل العلوم، حتى وإن كان يؤديها أشخاص متحمسون للغاية. أعتقد أنني كنت صريحًا في انتقادي أكثر مما ينبغي، وعندما دعي جاليري العلوم في دبلن ليعد عرضًا علميًّا كجزء من فعالية عامة كبيرة، قام الجاليري بترشيحي للتطوع كي أعمل على إعداد العرض. وقد قبلت تحدي القيام بالأمور على نحو مختلف على مضض...
ما الذي أقنعك بخوض مغامرة عرض «روني وجو» العلمي، وهو عرض مدته 20 دقيقة أديته بمشاركة صديقك رونان كالين على مسرح معرض «بي تي - التكنولوجيا وشباب العلماء 2015» لعدة أيام؟
تعد العروض العلمية في الغالب مجرد نوع آخر من الترفيه، إلا أنها في الواقع منصة فريدة؛ حيث يمكنها أن تكون ترفيهية، وجذابة، وتعليمية للغاية في ذات الوقت. كان العرض الذي طُلب منا إعداده جزءًا من معرض «بي تي - التكنولوجيا وشباب العلماء 2015»، وهو مسابقة علمية سنوية في دبلن؛ حيث يزور المعرض حوالي 60 ألف شخص على مدار ثلاثة أيام. تدفع تلك العروض العلمية عددًا من صغار السن إلى الانخراط في العلوم في وقت حرج من حياتهم؛ حيث يمكن أن تؤثر على اختياراتهم المهنية، ولأني على دراية بمدى تأثير تلك العروض، شعرت بالتزام نحو المحاولة والقيام بالأمور على نحو أفضل؛ فأردنا أن نستغل الفرصة لكي نتحدث على العمل «الحقيقي» الذي يقوم به العلماء. أردنا أن نتحدى أنفسنا لنكون مسليين وفي نفس الوقت نعطي لمحة واقعية عما يعنيه أن تكون عالمًا.
إذًا، كيف كان شكل العرض العلمي؟ بدون انفجارات أو معاطف بيضاء؟
في الواقع، قمنا باستخدام كثير من عناصر العروض «التقليدية» مثل الانفجارات، والنتروجين المسال، وكرات النار، لأننا أردنا معرفة ما إذا كان بإمكاننا تقويض توقعات الجمهور.
لنأخذ كرات النار كمثال، في الحقيقة، رونان كالين (روني في العرض) عالم كيمياء وأحد أقرب أصدقائي، وليداعبني حين كنت أقضي بعض الوقت في معمله كان يقوم بإشعال الحرائق (تحت سيطرته بالطبع) من حين لآخر. فتقوم المواد الكيميائية المختلفة بإنتاج لهب مختلف الألوان، وكنت أعرف تلك المعلومة بحكم ارتباطها بمجال عملي في الفيزياء الفضائية؛ حيث أن ألوان النجوم تدل على أعمارها ودرجة حرارتها. هكذا قمنا بأخذ عنصر من العروض التقليدية مثل النار وأبقينا علي تأثيره المبهر، وربطناه بحياتنا الخاصة في المعمل.
عالمان حقيقيان على المسرح لتحدي الصور النمطية
حاولنا بالفعل أن نتحدى بعض الصور النمطية، مثل الصورة المغلوطة عن العلماء الذين يرتدون أردية المعامل البيضاء طوال الوقت؛ ففي العرض كنا نرتدي تلك الأردية فقط حين تكون هناك حاجة إلى ذلك (عند التعامل مع المواد الكيميائية)، ولكن بالتأكيد لم نرتديها في فقرة كرات النار، فارتداؤها مع كرات النار مخاطرة حقيقية.
إحدى الصور النمطية التي فشلنا في كسرها هي التمييز الجنسي؛ فأحد الانتقادات كانت وجود رجلين على المسرح وعدم وجود امرأة، مما قد يجعل الارتباط بصورة العلماء الذين نمثلهم أصعب على الفتيات الصغيرات. فحين قام منتج تليفزيوني بدعوتنا بعد ذلك للقيام باختبار شاشة لعرض علمي جديد للأطفال رفضنا العرض، ولكننا رشحنا مديرتنا سارة-لويز بول، وهي العقل المدبر الحقيقي وراء ذلك العرض؛ فأصبحت مقدمة ومنتجة تليفزيون فيما بعد، وربما بتلك الطريقة، ساهم عرضنا بشكل غير مباشر في إتاحة الفرصة لجمهور أكبر لكي يرى كم هي عالمة مدهشة.
في المقال الذي كتبته لتشارك تجربتك مع العروض العلمية [6] قمت بإعداد قائمة بمساوئ العروض التقليدية، ومن بين تلك المساوئ أنها تقدم تجربة «تفاعلية» لمجموعة صغيرة من الجمهور هم الذين يصعدون على المسرح كمتطوعين؛ فكيف تغلبت على تلك المشكلة؟
يتم الترويج لكثير من العروض العلمية باعتبارها «تجربة تفاعلية»، واستخدام هذا المصطلح المثير يتحول في النهاية إلى مجموعة من الأطفال على المسرح يقومون بصب المواد الكيميائية بينما باقي الجمهور يشاهد بشكل سلبي. ولكن ليكون العرض تفاعليٌّا فعلًا لا بد من توفير آليات لذلك؛ فإذا كنت تريد تسهيل مشاركة الجمهور، يمكن استخدام أنظمة حصر رأي الجمهور مثل أجهزة التصويت المباشر، فكل ما في الأمر توفير أجهزة ذكية (وهو ما يحمله الناس عادة في جيوبهم)، وبعض البرمجيات البسيطة، وشاشة عرض. ومن شأن المشاركة المحجوبة بذلك الشكل تشجيع الأشخاص الذين يجدون صعوبة في التحدث أمام جمهور؛ فقررنا في عرضنا الذي حضره حوالي 1900 شخص أن نستخدم أنظمة حصر رأي الجمهور ليصوت الجمهور على نتائج التجارب العلمية، وكذلك لتسجيل الآراء حول العرض بشكل عام. سألنا الجمهور ما إذا كانت لديهم فكرة واضحة عن «الكيفية التي تكون عليها حياة العلماء»، وقد تغيرت النتيجة من 34٪ من الجمهور قبل العرض إلى 71٪ بعد العرض من الذين أجابوا بأن لديهم فكرة واضحة عن حياة العلماء في بداية العرض. يمكننا أن نرى من خلال تلك التجربة أننا على الطريق الصحيح على الأرجح، ولكن ما يزال أمامنا كثير من العمل.
هل لا بد للعروض العلمية أن تكون تفاعلية؟ ربما من الأفضل أن تتمحور أكثر حول الإلهام، والحكاية، والارتباط العاطفي؟
وربما لا؛ ولكن إذا لم تكن تلك العروض تجارب «تفاعلية» بالفعل، فلا بد أن نتوقف عن استخدام ذلك المصطلح في الدعاية لها. سيكون من الرائع إذا تمكنت جميع العروض من الوصول إلى إمكانية خلق تجربة تعليمية، وارتباط عاطفي قوي؛ ولكن يبدو أن كثيرًا منها يُقدم كسلسلة غير مترابطة من التجارب والانفجارات بلا أي تعليم حقيقي أو ارتباط عاطفي.
كتبت في نفس المقال أنه «ما يزال التقييم الشامل عائقًا في مجال إنتاج العروض العملية»؛ فهل لك أن تشرح؟
فيما يخص التقييم، تم إحراز بعض التقدم، ولكن دائمًا ما يكون هناك مجال لمزيد من التطوير. أحد التحديات الواضحة هو اعتماد العروض العلمية على الدعم المادي الموجه؛ فربما تقام بعض العروض لمرة أو مرتين في مهرجانات مختلقة ثم تختفي تمامًا، مما يجعل إجراء تقييم مهمة صعبة.
التقييم: متسع للتطوير
أنا لستُ مؤدي عروض بطبيعتي؛ فقد كنتُ دائمًا أكثر ارتياحًا كباحث، ولهذا السبب قررت أن أقوم بتقييمي الشخصي لتجربة عرض «روني وجو» العلمي، كما أنني اشتركت في تقييم عروض علمية أخرى منذ تلك التجربة [7]. ليس من الصعب تقييم عرض بمجرد أن تحصل على موافقة أفراد الجمهور لكي تسألهم بعض الأسئلة في بداية العرض ونهايته – أقترح استخدام أنظمة التصويت المباشر من أجل ذلك الغرض [8]؛ فتلك الأنظمة تتيح لنا معرفة ما إذا حدث أي تطور تعليمي أم لا. أستخدم نفس نظام التصويت المباشر في كل محاضراتي، ويجد طلابي هذا العنصر التفاعلي ممتعًا (على الأقل هذا ما يقولونه في تعليقاتهم).
إحدى أهم سمات عرضك هي أنك أنت وروني عالمان حقيقيان؛ فهل تعتقد أن ذلك العنصر لا غنى عنه في أي عرض علمي جيد؟
يعتقد الجانب المثالي من شخصيتي أن هناك متسع على المسرح للمتخصصين في توصيل العلوم والعلماء على حد سواء؛ فبإمكان العلماء الاستفادة من الخروج من منطقة الراحة الخاصة بهم واغتنام الفرصة ليشاركوا فيما يحدث حولهم، بينما يمكن للمتخصصين في توصيل العلوم الاستفادة من خبرة العلماء ونصائحهم بخصوص المحتوى. وإذا تمكن الطرفان من الوصول إلى نتيجة مرضية لكليهما، فلا شك أن النتيجة ستكون عرضًا جذابًا ذا محتوى علمي قوي؛ كما يمكن تقوية ذلك أكثر عن طريق دمج الفنون الاستعراضية. ليس بالضرورة أن تكون مؤدي حاصل على جائزة في التمثيل وعالم حاصل على جائزة نوبل ومعلم متميز في الوقت ذاته لتقوم بالأمر؛ فالتعاون البيني هو الطريق إلى الأمام، فمن المثير دائمًا أن يتعاون الأشخاص من المجالات الثلاثة. أظن أن تلك هي الطريقة الواضحة التي تتيح تطور مجال العروض العلمية.
أنصح بذلك كتجربة تعليمية لأي عالم، وبالأخص شباب العلماء في بداية حياتهم المهنية. ولا أعني أنه على الجميع أن يكون على المسرح؛ فبإمكان العلماء المساعدة وراء الكواليس. فيمكن لدفع الجمهور إلى التفاعل مع العلوم من خلال العروض العلمية أن يكون مثالًا قيمًا على تفاعل العلم والمجتمع.
[6] جوزيف روش، رونان كالين، سارة-لويس بول (2016) الفرص التعليمية في العروض العلمية الحديثة. الدورية الدولية للعلوم في المجتمع، 8(3)، 21-30. DOI: https://doi.org/10.18848/1836-6236/CGP/v08i03/21-30
[7] جوزيف روش، جيسيكا ستانلي، نيكولوس ديفيس (2016). التفاعل مع الفيزياء بين جماهير المهرجانات العلمية المختلفة. مجلة تعليم الفيزياء، 51(4)، 1-6. DOI: http://dx.doi.org/10.1088/0031-9120/51/4/045007 .
[8] هيرب شون، لوري سميث (2011). مراجعة لنظام تفاعل الجمهور Poll Everywhere دورية التكنولوجيا في خدمة البشرية، 29(3)، 236-245. DOI: https://doi.org/10.1080/15228835.2011.616475
آنا جانارسون
معلم ومدير مشروعات
مركز نافيت للعلوم
بوروس، السويد
البريد الإلكتروني
آنا، لقد أصبح من الصعب فصلك عن التنين بيرتا، الدمية التي تستخدمينها في عروضك؛ ما الذي دفعكِ لأداء العروض العلمية؟
لقد بدأت العمل في نافيت عام 2003، وكان رد فعل الجمهور هو ما جذبني إلى العروض العلمية: إمكانية التواصل معهم بتلك الطريقة؛ فأنا لا أحب العروض العلمية التي لا تحث الجمهور على التفاعل. هناك طرق عدة لدفع الناس إلى إبداء رد فعل؛ فإذا لم تنجح طريقة ما لا يجب التردد في تغييرها أو تطويرها، وذلك هو السبب الذي يجعل معرفة رأي الجمهور أمرًا قيمًا.
تشكل العروض جزءًا أساسيًّا من تجربة الزيارة التي يوفرها نافيت. أخبرينا أكثر عن ذلك!
أولًا، لا بد أن تعرف أننا خلال الأسبوع نستقبل المجموعات المدرسية فقط؛ فنقدم لهم تجربة متكاملة تستمر عادة لنحو 90 دقيقة، وتشكل العروض جزءًا من تلك الرحلة. تكون تلك العروض قصيرة، مدتها تتراوح من 10 إلى 20 دقيقة من الأداء الدرامي في أماكن مخصصة داخل كل معرض من معارضنا.
تجهز العروض العلمية الأجواء لمجموعات عمل حل المشكلات
يمثل العرض مقدمة لتجربة زيارة المعرض الأكبر، ويجهز الأجواء لمجموعات عمل تقوم بحل المشكلات، وغالبًا ما تنتهي ورش العمل تلك بعرض ملخص للنتائج في المكان المخصص للعروض وبمشاركة المؤديين.
كما أن لدينا مسرحًا كبيرًا للجمهور من الأسر خلال عطلات نهاية الأسبوع والعطلات الرسمية؛ حيث يعتلي المتطوعون الصغار خشبة المسرح.
عروضنا العلمية ليست عروض «انفجارات وإثارة»، إلا إذا كان لتلك الانفجارات والإثارة غرضًا محددًا.
يشارك كامل طاقم العمل هنا في تطوير العروض، وفي تسع حالات من كل عشرة يقود العروض مؤدون متنكرون تمامًا في أزياء شخصيات ويتفاعلون مع الجمهور. وفي بعض الأحيان نستخدم الدمى أيضًا، مثل التنين بيرتا أو الخفاش توندا؛ فتسمح لنا كل شخصية بالحديث عن موضوع مختلف: توندا من أجل الحديث عن الفيزياء، والسيدة أوك من أجل الاستدامة، وهكذا. والدور المهم الذي نعطيه للأزياء والشخصيات مرتبط بصناعة النسيج القوية في مدينتنا؛ فلدينا مصمم الأنسجة الخاص بنا. حاليًا، لدينا عرض عن صوفيا كوفالفسكايا، سيدة الرياضيات الأولى في العالم؛ فنستعرض فيه الصعوبات التي واجهتها كامرأة في مجال الرياضيات. وتتغير عروضنا العلمية باستمرار، إلا أنها دائمًا ما ترتبط بالمعارض التي نقيمها.
ونغذي ممارستنا من خلال مراقبة ما تقوم به مختلف المعارض والمجالات الأخرى.
يعتبر الحكي أمرًا مركزيًا في عروضك: كيف ولماذا؟
عندما نتخيل عرضًا نبدأ من الموضوعات التي نريد تغطيها، وعادة ما تتراوح من ثلاثة إلى خمسة موضوعات؛ فنسأل أنفسنا كيف نضع تلك الموضوعات في صورة حكاية. بعد ذلك فقط نبدأ في التفكير في التجارب العلمية؛ فإيجاد الخيط الذي يربط تجاربنا المختلفة أمر مركزي بالنسبة لنا.
وبطبيعة الحال، فإن الحكايات والشخصيات التاريخية تجعل من العرض عرضًا بينيًّا؛ وهو أمر مهم بالنسبة لنا، لأن أحد أهدافنا هو جذب المعلمين الذين لا يشعرون بالراحة في تناول المواد العلمية. فمن الممكن أن ينجذب هؤلاء المعلمين إلى برامجنا لأنها ترتبط بشكل آخر بالمناهج الدراسية، كما نأمل أن يلهم المؤدون لدينا هؤلاء المعلمين ويحثوهم على مناقشة الموضوعات العلمية من زاوية تشعرهم بالارتياح.
الحكي يفتح المجال للحوار
نجلب من وقت لأخر مقدمين متخصصين في الدراما لكي يقترحوا بعض التحسينات على الشخصيات والأزياء، ولكن يظل مهمًا بالنسبة لنا ألا يصبح المؤدون لدينا ممثلين محترفين؛ لأننا نريد أن يتمكن المعلمون من الشعور بالألفة تجاه المؤدين.
فالحكي أمر ضروري لفتح قنوات الحوار وحث المشاركين على التفكير بأنفسهم. أحد عروضنا، على سبيل المثال، عن عالم الرياضيات الخوارزمي، والذي نصوره في لحظة اكتشافه لنظام الأعداد العربية؛ فينجح ذلك العرض مع الأطفال جدًا، لأن في تلك اللحظة يكون الأطفال على علم بأمر تجهله الشخصية، فيصيحون ليساعدوه قائلين: «ينقصك الصفر!» وحين نسألهم «ما الذي يمكن عمله باستخدام الأرقام؟» يردون بحماس؛ فقد أصبح عرضهم.
بشكل عام، يكون الأطفال بين سن الثالثة عشر والرابعة عشر عامًا سعداء جدًا بالانغماس والتفاعل مع الشخصية، ولكن عندما يصبحون أكبر سنًا لا بد من تغيير استراتيجيتنا، فنقوم بمخاطبتهم أولًا في الممرات بشخصياتنا الحقيقية بينما نحمل أزياء العرض في أيدينا قبل تقمص الشخصية. فالتعامل باللعب يجعل الوضع أقل جدية، ولكنه يحافظ على تركيزهم في ذات الوقت، ونخطط أحيانًا دورًا للمعلمين كي يشاركوا في العرض، وهو ما يلقى رواجًا كبيرًا.
في رأيك، ما هي مواطن قوة العروض العلمية ونقاط ضعفها كأداة للإشراك في العلوم؟
تعد العروض، وبالأخص تلك التي تستخدم الحكي والشخصيات، طريقة جيدة للتواصل مع الجمهور على مستوى شخصي، خاصة صغار السن؛ فهي تساعد على خلق لحظة سحرية يمكنها إنتاج تواصل كبير مع المشاركين، وتصبح تجربة محفورة في الذاكرة. على سبيل المثال، أؤدي عروضي مع التنين بيرتا منذ عام 2003، وبعض المراهقين الذين يزورون نافيت هذه الأيام قد قابلوا بيرتا قبل سنوات في أحد العروض. فيجيئون الآن مع صفوفهم لحضور ورش عمل مخصصة لطلاب المدارس الأكبر سنًا والتي لا نستخدم فيها الدمى، ولكن إذا رأوني بمصاحبة بيرتا في أحد العروض فإنهم يجيئون لكي يربتوا عليها، دون أن يشعروا بالإحراج؛ فهم ما زالوا يتذكرون تلك اللحظة من طفولتهم وكيف كانت لحظة ممتعة.
إحدى القيود في تلك العروض هي الأعداد؛ فعادة يحضر ما لا يزيد عن 30 طالب وأقصى ما يمكن استيعابه هو 40 طالب. ويصبح الوضع أصعب كلما زاد عدد الجمهور، لأن العدد الكبير يحكم العرض، ويصبح لا بد من تخطيط كل ثانية، كما يصبح التفاعل أصعب. في عطلات نهاية الأسبوع والعطلات الرسمية، نعرض أحيانًا أمام مائة شخص؛ فينتهي بنا الأمر بأداء التجارب بتفاعل أقل بكثير.
ما الاتجاهات الرائجة في المجال حسب ما تعتقدين؟
حين نتبادل الآراء مع الزملاء من متاحف ومراكز علمية أخرى، نرى أن استخدام الحكي في تزايد، وتتزايد أعداد العاملين في المجال الذين يبحثون عن خيوط تربط التجارب التي يقدمونها في عروضهم.
كما تقدم الوسائط الرقمية إمكانيات جديدة؛ مثل: إمكانيات لخلفيات العروض، والألوان المتحركة، أو عروض الأشكال المتحركة، بالإضافة إلى كونها طريقة جديدة للتفاعل مع الجمهور عن طريق التصويت المباشر مثلًا، والذي يجعل جمع الأفكار والآراء حول موضوع معين ممكنًا.
ميها كوس
مؤسس ومدير
بيت التجارب - Hiša eksperimentov
ليوبيانا، سلوفينيا
Twitter | LinkedIn | Email
ميها، كيف بدأت مشاركتك في العروض العلمية؟
بدأت القصة قبل أكثر من 50 سنة؛ فقد وُلدت في أسرة مهتمة بتوصيل العلوم. كان أبي رسام كاريكاتير وكاتبًا ساخرًا شهيرًا في سلوفينيا، وقد درس الفيزياء وكان يرسم كثيرًا. بمرور الوقت، بدأت دراسته تقل ورسمه يزيد، وكان حبه لتوصيل العلوم في نمو. في منزلنا، بدلًا من الاستماع إلى قصص الأطفال، كنا نجري التجارب العلمية؛ لقد بدأ حبي للعروض العلمية من المهد على الأرجح. وفي المرحلة الابتدائية، قمت بإلقاء كثير من الخطابات أثناء التجمعات المدرسية. أخبرني والدي أنه عليّ تخيل نفسي متحدثًا إلى حقل كرنب كي أتغلب على خوفي من الجمهور؛ وهي نصيحة مفيدة جدًا بالفعل، فذلك يعطي شعورًا جيدًا. أن تسألني إذا كنت ما زلت أؤدي العروض العلمية يشبه أن تسألني إذا كنت ما أزال أتنفس؛ فأنا دائم الكتابة، والبحث عن طرق جديدة وفلسفات جديدة أضيفها إلى العروض.
أي نوع من العروض يؤديها فريقك في بيت التجارب؟
يوجد أكثر من 20 عرض نقدمها بشكل منتظم؛ وجميعها تقوم على سيناريوهات إرشادية محكمة، كما أن جميع المؤدين مدربون بشكل ملائم، ويعرفون تلك السيناريوهات عن ظهر قلب حتى يتمكنوا من الارتجال بشكل جيد. فنحن لا نقدم مسرحًا علميًّا؛ وشعارنا هو إتباع فضول الزوار. لذلك، فإن عروضنا ذات نهايات مفتوحة؛ فنطلق عليها «مغامرات علمية». فنمنح أنفسنا ما يكفي من الحرية في العرض لكي نتبع خطوات الجمهور.
تتبع خطوات الجمهور: مغامرات علمية مفتوحة النهايات
يعد المؤدون تجارب أكثر من تلك التي يتم عرضها بالفعل؛ فيجعلهم ذلك مستعدون للتعامل إذا ما دفعهم الحوار مع الجمهور في اتجاه ما. إن العروض العلمية تجارب حية، وأحيانًا لا تسير الأمور كما خططنا لها، ولكن لا مشكلة في ذلك؛ فهذا يعطينا فرصة لمناقشة أسباب هذا «الفشل» مع الجمهور. نحن جميعًا نتعلم عن طريق الوقوع في أخطاء.
بالنسبة لنا، تمثل العروض العلمية الطريقة التي يجب أن يكون عليها التعليم الرسمي. فغالبًا ما يلتزم المعلمون في المدارس بالمنهج الدراسي دون أن يمنحوا وقتًا كافيًا لتشجيع الفضول والإبداع؛ لذلك، نريد تفعيل التفكير النقدي من خلال مغامراتنا العلمية تلك.
في ظل مفهوم النهاية المفتوحة، كيف تتأكد من احتفاظ جميع العروض بنفس الحمض النووي؟
نأخذ تدريب المؤدين لدينا على محمل الجدية؛ فبعد امتحان أمام لجنة يحصلون على شهادة تمكنهم من الأداء في عروض معينة، ويتم تجديد تلك الشهادة بشكل دوري. بفضل منهج النهايات المفتوحة الذي نتبعه، فإن المؤدين لدينا هم المبدعون الحقيقيون وراء تلك العروض العلمية الفريدة. لذلك، لا بد أن يكون لديهم نظرة شاملة على مختلف المجالات العلمية، على الرغم من أنهم ليسوا متخصصين؛ فيسمح لهم ذلك بالوصول إلى أي نتيجة في تلك العروض مفتوحة النهاية. فينتظرون ومضة فضول ويستغلونها على الفور؛ فيشجعون الفضول والنقاش، ويجربون اقتراحات الجمهور المختلفة.
وفي بعض الأحيان، يكون المؤدي على علم بالإجابة الصحيحة، لكنه لا يعطيها. يساعد ذلك في تغذية فضول الجمهور ورغبتهم في إيجاد الحل بأنفسهم. المؤدون هنا لكي يستمعوا أكثر من أن يتكلموا؛ فلا يقومون بتعليم الجمهور، بل بتمكينهم.
ما الذي تريد تحقيقه من خلال عروضك؟ وما الذي تتمنى أن يحصل عليه الجمهور من خلالها؟
أجد جملة «العلم مرح» غبية؛ فأنا لا أريد أن أمكن الجمهور من التفكير في العلوم كأمر مرح، بل أريدهم أن يفكروا في التعليم كأمر مرح. أريد أن أجعل التعليم أمرًا لا يمكن للناس العيش بدونه، مثل الطعام، وفلسفة مشاركة الجمهور التي نتبعها تقوم على حث الجمهور على المشاركة بأكبر قدر ممكن من خلال الفضول. ففي كثير من الأحيان في بيئتنا، حين يسأل أحدهم طالبًا معرفة المزيد، فإنه يعرض نفسه للسخرية، مثل أن يقال «غبي» أو «جاهل»؛ ولكننا نريد لعروضنا أن تحث على الفضول، لا أن تقتله. بالنسبة لي، العرض العلمي الجيد هو الذي يترك أثرًا في عقول الناس بعد أن يعودوا إلى بيوتهم، ولا أظن أن الانفجارات تترك ذلك الأثر؛ فالانفجارات أمر سطحي، ونحن نعتمد في جوهر عروضنا على النقاش. لدينا رؤية، وهي أن ندفع الناس إلى التفكير النقدي، ووضع فرضياتهم الخاصة، واختبارها بأنفسهم عن طريق عملية من المحاولة والفشل بدلًا من الاعتقاد الأعمى في صحة تلك الفرضيات.
أنت أيضًا تقوم بإدارة صف دراسي دولي للمؤديين؛ فأخبرنا عن تلك التجربة.
في الوقت الراهن، ندير الدورة السابعة من ورشة العمل الدولية «إنسباير (إلهم)» INSPIRE والتي تركز على كيفية صنع وإدارة عرض علمي؛ والآن، يأتي المشاركون من 15 دولة، وهم مزيج من المؤدين المتنوعين ذوي الخبرات الطويلة والمستجدين على المجال. لا تقوم فكرة ذلك الصف على تعليمهم منهجية للقيام بالعروض العلمية من الأعلى إلى الأسفل، ولكن على عرض الطريقة التي نقوم بها بالأمر وتركهم يكتشفون أساليبهم وطريقتهم الشخصية والثقافية الخاصة. يستمر الصف لمدة أسبوع، ويشتمل على عدد من جلسات ورش العمل التي تفحص العروض العلمية من كل الزوايا الممكنة، بدءًا من أساسيات التمثيل إلى التقييم. وبالتوازي مع تلك الجلسات، يتم تدريب المشاركين طوال الأسبوع، والعمل كفريق لصنع عروضهم العلمية الخاصة التي يقومون بتأديتها في نهاية التدريب في مهرجان العلوم الذي نقيمه في ليوبيانا كل عام. ويمكن لعروضهم أن تحدث في أي مكان: على جسر، أو مقهى، أو ممشى... فالتحدي الذي تطرحه العروض في الأماكن المفتوحة هو جذب انتباه المارة الذين يذهبون ويجيئون.
كيف تقيم عروضك؟
هناك كثير من الطرق التي يمكن استخدامها في تقييم العروض العلمية. على سبيل المثال، خلال مهرجان العلوم، نقوم بقياس مدى جاذبية العروض عن طريق حصر أعداد الجمهور قبل وأثناء وبعد العرض؛ فيسمح لنا ذلك بمعرفة من يجيء ويبقي ومن يغادر، إلخ. نقوم بتقييم أنفسنا داخل بيت التجارب؛ فدائمًا يكون هناك كاميرا في كل عرض تركز على المؤدي وتسجل ما يقوم به، والغرض من ذلك، وهو إعطاء المؤدي إمكانية أن يرى كيف كان أداؤه أو أداؤها من وجهة نظر الجمهور.
كيف تصف عروضك العلمية وسط كل ما يقدمه بيت التجارب؟
بالنسبة لي، المعارض هي العمود الفقري للمراكز العلمية، أو هذا ما نؤمن به هنا على الأقل، في حين أن العروض العلمية هي المادة الدسمة: القلب. فنبذل كثيرًا من المجهود من أجل تدريب القائمين على تلك العروض، ولكنها بالفعل موطن قوة هذا المركز. وتتطور عروضنا بشكل دائم؛ فجودة تلك العروض هو ما يميزنا.
المعارض هي العمود الفقري للمراكز العلمية، أما العروض العلمية فهي قلبها
تصبح العروض العلمية ضعيفة حين تقوم فقط باتباع سيناريوهات محددة؛ ولكن إذا قمت بالتطوير اللازم وتحكمت في الجودة، فليس هناك ما يدعو للقلق من بعض الارتجال.
عرض الحيلة الكهربائية المفاجئ لهيوريكا © Heureka |
من حين لآخر، حتى موصلو العلوم ينبهرون! نادرًا ما تتخطى المسافة التي تفصل بين عمود مولد فان دي جراف والحلقة 50 سم؛ ولكن الحلقة ظلت ترتفع وترتفع. © Heureka |
عرض ديديه لافال في مهرجان العلوم Sciencetival في عام 2017 في ليوبيانا © Domen Pal |
التنين بيرتا © NAVET Science Centre |
آنا جانارسون في دور السيدة أوك © NAVET Science Centre |
ميها كوس مؤديًّا عرض «بوزولوجي» Busology في مهرجان العلوم Sciencetival في عام 2016 © Branko Ceak |
عروض الأماكن المفتوحة ضمن فعاليات مهرجان العلوم Sciencetival في ليوبيانا © Branko Ceak |
|
نُشر المقال الأصلي باللغة الإنجليزية في العدد رقم 51 (أبريل، 2019) من مجلة «سبوكس» Spokes الإلكترونية التي تصدرها رابطة مراكز ومتاحف العلوم الأوروبية Ecsite تحت عنوان: «أكثر من مجرد كرات نار» More than Fireballs، ويمكنكم الاشتراك مجانًا في مجلة «سبوكس» من هنا.
قامت رابطة المراكز العلمية بشمال أفريقيا والشرق الأوسط NAMES بترجمة المقال ونشره باللغة العربية بتصريح من رابطة مراكز ومتاحف العلوم الأوروبية ومن المؤلف/المؤلفين، وتتحمل NAMES مسئولية هذه الترجمة.
لا يجوز إعادة إنتاج هذا المحتوى، سواء بالإنجليزية أو العربية، بأي شكل من الأشكال، دون الرجوع إلى رابطة مراكز ومتاحف العلوم الأوروبية Ecsite.