حوارات أجرتها:
جولي بيكر
مدير الاتصالات والفعاليات
رابطة مراكز ومتاحف العلوم الأوروبية «إكسايت»
Ecsite
بروكسل، بلجيكا
@museoju
وجهات نظر
اذهب حيث يكون الأشخاص
الانخراط في العلوم في مراكز التسوق: في واقع الأمر، لا يتمحور كل شيء حول المال.
| الوقت التقريبي للقراءة: 15 دقايقة (3-4 دقائق لكل حوار)
هذه المقالة منشورة في مجموعات مقالات سبوكس Spokes بعنوان «المشاركة والابتكار المشترك» - «المساواة والإدماج»
Participation and co-creation - Equity and inclusion
للوهلة الأولى، قد يبدو هذان عالمان متناقضان تمامًا: من ناحية، الانخراط في العلوم المرتكز على التعليم والمدفوع بمهمة؛ ومن الناحية الأخرى، العمل التجاري لمركز التسوق المدفوع بالربح. إلا أن مراكز التسوق والمشاركة العلمية قد بدأت مؤخرًا في التقارب من خلال طيفها المشترك: الترفيه التعليمي.
فالتسوق عبر الإنترنت قد أصبح يهدد مراكز التسوق، مما يدفعها إلى إعادة صياغة نفسها؛ فهي بحاجة لتوفير تجربة دفعك إلى ترك أريكتك المريحة والذهاب إليها فعليًّا. وتتشارك مراكز التسوق المقصودة في كثير من الصفات مع الأماكن غير الربحية المستقبلة للجمهور، ومنها المتاحف والمراكز العلمية؛ فيتعلق الأمر كله بفترة البقاء والتجارب الشاملة (المزيد عن آخر صيحات المركز التجارية هنا). وانجذاب الأشخاص نحو المراكز التجارية يؤثر مباشرة على الأرباح؛ فكلما بقوا فيها فترة أطول، وإن كان بعض هذا الوقت ليس مخصص للتبضع، كلما ازدادت احتماليات الإنفاق، وذلك يعني فرض رسوم أعلى على مستأجري المحلات بالمراكز التجارية إن كنت تدير إحداها. وليس بالضرورة أن يكون كل نشاط في مركزك التجاري هادفًا لربح كثير من المال؛ فجذب الأشخاص للداخل هو أيضًا عملة مرغوب فيها. هنا يأتي دور الرعاية الصحية، والمجتمع، وربما حتى المراكز العلمية.
فيما يتعلق بالانخراط بالعلوم، هناك اتجاهان يحركان نقطة تلاقيها مع الترفيه التعليمي وبالتالي المراكز التجارية. الأول هو المنافسة؛ فسواءً كانت تستهدف الربح أم لا، تسعى جميع العروض الترفيهية في نهاية المطاف للاستحواذ على وقت الفراغ نفسه في جداول أعمال الناس المزدحمة. لذلك، عوضًا عن التنافس مع الآخرين، لم لا نشكل تحالفًا؟ والثاني هو الإدماج والتواصل الاجتماعي: فإذا كنت جادًا بشأن الوصول إلى جماهير متنوعة، لا يمكنك انتظارهم لطرق بابك، بل يجب عليك الذهاب والبحث عنهم في المكان الذي يكونون فيه بالفعل (لاحظ أن المراهقين الذين نعاني كثيرًا لجذبهم هم رواد شائعون للمراكز التجارية).
اسمع قصص أربعة تعاونات بين المراكز التجارية أو المتاجر ومؤسسات الانخراط في العلوم: أما ماريكا فتستكشف المقاييس الصحيحة للعلاقة بين المركز العلمي والمركز التجاري؛ وأما سفين أنديرس فأدار فرعًا لمركز علمي قصير الأمد في أحد المراكز التجارية النرويجية؛ وأما هايدرون وريك فقد أطلقا متاجر علمية مؤقتة في مساحات تجارية خالية. جميعهم لديهم نفس الحافز: الوصول إلى جماهير جديدة.
شكرًا لتابيو كويفو، المدير التنفيذي لمركز العلوم الفنلندي – هيوريكا، لإلهامنا كتابة هذا المقال.
ماريكا أولارانتا
مدير مشروع
هيوريكا أوفرسيز برودكشنز
فانتا، فنلندا
Email | LinkedIn
ماريكا، ماهو دور هيوريكا أوفرسيز برودكشنز، وهي الفرع التجاري لمركزكم العلمي؟
هدفنا في إنتاجات هيوريكا الخارجية هو جلب خبرات وإنتاجات مركز علوم هيوريكا لوضعها في سياقات أخرى. وتتجسد روح هيوريكا في التعلم بطريقة مرحة ونشر فرحة الاكتشاف، وهناك مجال لهذا النوع من التعلم ذي طابع أقل رسمية يتجه نحو الترفيه التعليمي في بلاد أخرى؛ ولكن ربما أيضًا لبيئات أخرى خارج المكان المادي لمركزنا العلمي.
لقد انضممت إلى الشركة منذ عام وفوجئت لرؤية كم ما تتشاركه مراكز العلوم، مقارنةً بالقطاعات الأخرى الأكثر «تكتمًا»؛ كما فاجأني معرفة مدى تعقيد عملية تطوير المعارض وتخصصها، وكم هي مكلفة.
إنك تراقبين مجال الترفيه التعليمي وقد فكرتي في فتح فرع في مركزٍ تجاري؛ فأخبرينا مزيدًا حول هذا الأمر.
انتشرت الحدائق الداخلية والترفيه الداخلي هذه الأيام في فنلندا، وتشمل كل أنواع الأنشطة الرياضية والألعاب.
والعلامة التجارية الخاصة بهيوريكا قوية جدًا عندما يتعلق الأمر بالترفيه الأسري، ولكننا نعلم أننا نتنافس مع بعض تلك الأماكن للاستحواذ على وقت الفراغ المحدود للأشخاص؛ فنجد أنه من المهم أن نحدد المؤشرات الأساسية وأن نتبع التطورات في مجال الترفيه التعليمي.
كجزء من هذا العمل، نستكشف المشروعات المحتملة، مثل التعاون مع مراكز التسوق؛ فلدينا بالفعل متجرين لهيوريكا بالمراكز التجارية، ولكن ليس لدينا فروع هناك. وقد أُتيحت لنا الفرصة مؤخرًا لدراسة فكرة إطلاق نشاط ذا طابع علمي في مركز تجاري ما.
دعوني أخبركم مزيدًا عن السياق: تواجه المراكز التجارية منافسة التسوق عبر الإنترنت، ولضمان استمراريتها، تبحث عن أسباب جديدة تدفع الناس إلى الحضور إلى أماكنها الفعلية، وقضاء أطول وقت ممكن بها؛ حيث يوجد رابط بين فترة البقاء فيها والإنفاق.
ينتقل لاعبون جدد، خاصة من قطاع الخدمات، إلى المراكز التجارية؛ على سبيل المثال، مراكز الرعاية الصحية؛ فهل يمكن أن توجد استمرارية منطقية للمراكز العلمية لتفتح فروعًا في مراكز التسوق أيضًا؟ وهل يمكن لهذا أن يشكل فرصة تسويق مشتركة ذات منفعة متبادلة؟
من وجهة نظرك، ما هي شروط النجاح لفرع مركز علمي في مركز تجاري؟
عليك إيجاد نموذج العمل الصحيح والشركاء المناسبون للعمل معهم؛ فيجب النظر لعديد من المقاييس: من يجلب المحتوى العلمي، ومن يحمل المخاطرة المالية، ومن يدير المكان، وما عدد العملاء الذين هم على استعداد للدفع مقابل التجربة، إلخ. وبعض المقاييس تعتمد على البلد؛ فعلى سبيل المثال، الجماهير الآسيويون على الأرجح مستعدون لإنفاق المزيد على تجارب تعليمية حتى وإن كانت في وقت فراغ العائلة.
أنت بحاجة إلى نموذج العمل الصحيح – وأن تضع نصب عينيك سبب قيامك به
ختامًا، دعونا نعود إلى «لماذا»: من وجهة نظري، يجب أن يكون حافزك الأول جذب جماهير جديدة، والوصول إلى الناس في أماكنهم، وجلب العلوم إلى الأماكن التي يقضون فيها أوقاتهم بالفعل. ويجب التفكير مليًّّا في الرابط مع مكانك المادي؛: فلا يمكنكما التنافس ضد بعضكما. فيمكن لفرع المركز العلمي في المركز التجاري أن يعمل بمثابة خطاف يجذب الأشخاص لمكانك الأساسي، أو كمساحة لمناقشة موضوعات محددة لا تقدمها هناك؛ ولكنني أظن أنه لا يجب أن تكرر التجارب.
سفين أنديرس داهل
مدير فيلفيت
VilVite
بيرجن، النرويج
Email
سفين أنديرس، لقد أطلق مركزك العلمي فرعًا في مركز تجاري يُدعى فيلفيت سوترا؛ فكيف تطور المشروع؟
بدأ الأمر برمته في مركز تسوق يُدعى سارتور يقع في جزيرة غرب بيرغن، وهي موطن لمجتمع يتكون من نحو 40.000 نسمة؛ والأعمال الأساسية على الجزيرة هي البترول، والغاز، والصيد، والزراعة. ونتعامل مع هذا المركز التجاري منذ عدة سنوات؛ فبدأنا بالتعامل معه في عام 2010 تقريبًا، وكنا ندير أنشطة التواصل في أروقة المركز أيام السبت.
وفي عام 2012، بدأت خطط لتوسعة المركز التجاري كجزء من مشروع أكبر لتحويل المنطقة من كونها ريفية إلى حضرية؛ فكان دور المركز التجاري أن يكن نقطة الالتقاء لهذا الحي الموسع، وكان هناك حاجة لمزيد من الخدمات «لإشعال الحماس» بشأن المكان. وقد قبلنا المحاولة؛ فإلى جانب السينما كنا جزءًا من العرض الثقافي والترفيهي في المركز التجاري.
هل يمكنك وصف الخطوط العريضة لعلاقتك التعاقدية مع المركز التجاري؟
لم تستثمر فيلفيت أموالها الخاصة في هذا المشروع الذي كانت تكلفته اثنين مليون يورو؛ فعملنا بصفتنا مستشارين. وقد وقعنا عقدين مع المركز التجاري؛ أحدهما لتطوير وبناء معرض تفاعلي تبلغ مساحته 900 مترًا مربعًا، والآخر لإدارته بفريقنا للتفسير والصيانة. فسمحنا باستخدام علامتنا التجارية «فيلفيت سوترا» طالما بقينا في نطاق العمل؛ كما اتفقنا على مدونة لقواعد السلوك.
وعملنا مع شركة برونز الهولندية لتطوير المعرض وإنتاجه، وقد أشركنا في هذه العملية السكان المحليين من خلال المدارس، والأعمال، والخدمات العامة، إلخ؛ فكانت المعارض التفاعلية متأصلة في موضوعات محلية ذات صلة، مثل: الصيد، والطبيعة، واستخراج البترول والغاز. كان الافتتاح في الثاني والعشرين من مايو عام 2015.
وماذا استفاد المركز التجاري؟
كانت رسوم الدخول حوالي 10 يورو للساعة الواحدة، وهو سعر معقول بالنسبة للنرويج. وقد علم المركز التجاري (مثلما أخبرناهم منذ البداية) ألا يتوقعوا الربح المالي من هذا المشروع؛ فاعتمدوا على المكسب غير مباشر، لأن مشروع فيلفيت سوترا جعل مركزهم التجاريّ أكثر جذبًا.
وماذا عنكم؟
كان حافزنا الأساسي هو توسيع واجهتنا للعامة؛ فمع أخذ عاصمة العلوم بالاعتبار فكرنا أنه بإمكاننا الوصول لجماهير جدد في مركز تسوق في منطقة تحضرت حديثًا. كان المعرض الذي ابتكرناه أقرب إلى النهاية الترفيهية للمشهد منه إلى النهاية التعليمية؛ فعلى سبيل المثال، لم نركز على الروابط مع المنهج التعليمي، وهو الشيء الذي نفعله في مكاننا الأساسي.
فيلفيت سوترا لم يعد موجودًا بعد الآن؛ فلماذا؟
ما بين إطلاق المشروع واكتماله انخفض ثمن البترول إلى النصف، وهو ما كان له أثرًا مباشرًا على المجتمع وعلى النرويج بشكل كلي؛ فتعرض المستثمرون المحليون الذين شاركوا في المشروع لضربة عنيفة، واحتاجت عمليتهم للخضوع إلى إعادة تمويل. فأصبح التركيز على تخفيض التكلفة وتوليد النقد، وهكذا لم يعد بإمكان فيلفيت سوترا العمل بنفس الطريقة بعد ذلك.
فاتفقنا على وقف التعاون في نهاية عام 2016؛ ولكن المعرض استمر، وهو ما سمح به التعاقد الأصلي، ومن ثم قامت شركة إدارة متنزهات ألعاب بإعادة افتتاح المكان تحت مسمى جديد بعد بضعة أشهر، وذلك بعد إعادة تصميم الديكور وإضافة مزيد من الأنشطة المدرة للنقد.
لقد افترقنا بطريقة ودودة؛ فكان هذا قرارًا عقلانيًا من المركز التجاري وأمكننا تفهمه.
عندما تنظر للوراء، كيف ترى المشروع؟
في المجمل، كانت تلك تجربة إيجابية بالنسبة لنا. فبالنسبة لفريقي، كانت تلك فرصة تطوير مهني رائعة، لأنك تتعلم الكثير بالعمل على مشروعات الآخرين. وحيث أننا عملنا كمستشارين، فقد جنينا المال من هذا المشروع.
الروابط مع المجتمع المحلي، والدعاية والإعلان، والتطوير المهني: تجربة إيجابية
الأهم من هذا أننا حصلنا على ردود أفعال دافئة من المجتمع المحلي، كما لاقى المشروع الانتباه والدعاية في وسائل الإعلام.
كان هناك بعض اللبس لدى زوارنا المنتظمين؛ فبعضهم استاء لعدم استطاعتهم استخدام البطاقة السنوية الخاصة بدخول فيلفيت لدخول فيلفيت سوترا. إلا أن افتتاح فرع جديد لم يقلل من زوار مركزنا الرئيسي؛ فاستمر عدد الزوار في الارتفاع خلال هذا الوقت.
ما هي نصيحتك لمراكز العلوم الراغبة في خوض تجربة مماثلة؟
في رأيي، من الأساسي أن تضع مشروعك كعامل جذب للمركز التجاري؛ فأنت (أو إدارة المركز التجاري) لا يمكنكم توقع جني المال مباشرة من ورائه.
لا يمكنك توقع جني المال مباشرة
في مرحلة ما اقترحنا على المركز التجاري جعل دخول فيلفيت سوترا مجاني؛ حيث أن مبيعات التذاكر كانت في كل الأحوال تغطي جزءًا فقط من التكاليف. فيجب أن يدرك شركاؤك التجاريون أن هذا التعاون مختلف تمام الاختلاف عن فرض رسوم إيجار على متجر ما.
والنقطة المهمة الأخرى هي الموقع؛ ففي حالتنا كان موقعنا في أعلى طابق، فكان يبعد قليلًا عن التدفق الأساسي للزوار، وهو ما لم يساعدنا.
هايدرون شولز
مدير مشروع
شبكة مراكز العلوم
فيينا، النمسا
Email | LinkedIn
هايدرون، مع مشروع غرفة المعرفة، قمتِ بإطلاق مساحات مؤقتة للانخراط في العلم في المتاجر الخالية؛ لماذا؟
كما قد تعرفون، فإن شبكة مراكز العلوم هي شبكة نمساوية تركز على المشاركة التفاعلية مع العلوم والتكنولوجيا؛ فلا ندير مكانًا ماديًا، وإنما نعمل بصفتنا مركز رئيسي لمائة وستين شريك في الدولة بأكملها.
أحد التحديات التي أردنا التطرق إليها هو الإدماج المجتمعي، وبفضل عمل أشخاص مثل إميلي داوسون بتنا نعرف أن إزالة عوائق مراكز العلوم أو المتاحف «فقط» لا تكفي؛ فهو يتعلق أيضًا بمفهوم الجماهير عن مؤسستك وعن الذي يحدث هناك، وعما إذا كان هذا منفتحًا ومرحبًا وذا صلة بهم أم لا.
في فيينا، تقع عديد من مؤسساتنا الثقافية والعلمية في مبانٍ ذات طراز كلاسيكي جديد مخيفة نوعا ما. وعندما ننظر إلى الحضور في أماكن الانخراط في العلوم، كان علينا الاعتراف أننا ظللنا نجذب جماهير لديهم نفس الخلفيات التعليمية والاجتماعية والثقافية، على الرغم من أن سكان فيينا متعددو الثقافات. لذلك، أردنا اختبار شيء آخر.
وُلدت فكرة غرفة المعرفة أثناء محادثة أجرتها باربرا سترايكر (مديرتنا التنفيذية) مع خبير العروض العلمية إيان راسل: لنذهب إلى الأماكن التي يذهب إليها الناس في حياتهم اليومية، ولنستخدم المساحات المهملة في مدننا من أجل أنشطتنا للتواصل التفاعلي.
باختصار، غرفة المعرفة هي مساحة مؤقتة للانخراط في العلوم في المتاجر الخالية. وقد أطلقنا أول دورة من تلك الفعاليات في عام 2013؛ حيث اختصينا باستهداف مناطق فيينا الفقيرة ذات الكتلات السكانية متعددة الثقافات، وبالتحديد المهاجرين. فأطلقنا تلك المساحات المؤقتة في ثماني مواقع مختلفة منذ ذلك الوقت؛ كل منها ينفرد بتجارب تعليمية جديدة – للزوار ولنا.
ولماذا المتاجر بالتحديد؟
لأن المناطق المحرومة في فيينا التي اخترناها بها عدد من المتاجر الخالية، وغالبًا ما تكون متوفرة بسعر بخس. كذلك فإن المتاجر لها نوافذ كبيرة وغالبًا ما تقع في مناطق مزدحمة، وهي ليست مخيفة لمعظم الأشخاص. فقمنا في الأغلب باستخدام المتاجر، بما في ذلك الدور الأرضي لمركز تسوق تجاري سابق، ولكن أيضًا استخدمنا مطعمًا، وفرع بنك، وكشك في السوق.
للمتاجر نوافذ كبيرة في مناطق مزدحمة، وهي ليست مخيفة بالنسبة لمعظم الأشخاص .
بما أنك مهتمة بالمراكز التجارية تحديدًا، أعتقد أنها تلعب أدوارًا مختلفة في البلاد المختلفة. فدعينا لإطلاق مساحة مؤقتة ليومٍ واحد في مرسين بتركيا؛ حيث قضينا هناك أحد أيام السبت، وشعرت أن الناس كانوا يتعاملون مع المكان على أنه وجهة لقضاء أوقات الفراغ وقضاء ساعات طويلة هناك، وأن يكونوا منفتحين على جميع أنواع الترفيه، بما في ذلك الأنشطة العلمية، وهو شيء غير متعارف عليه في النمسا.
لربما بدا مشروعك غريبًا بالنسبة إلى المارة؛ كيف قمت بجذبهم للدخول؟
على الرغم من أن دخول متجر ما قد يبدو أمرًا طبيعيًّا لأغلب الناس، إلا أننا استثمرنا كثير من الجهد لجعل تلك العتبة صغيرة قدر الإمكان. والأطفال بارعون في فتح الأبواب؛ فهم فضوليون ولديهم وقت أكثر، فكانوا غالبًا من يقودون أعضاء المجتمع الآخرين للداخل. لذا، كان موقعنا بالقرب من ساحة لعب، أو مدرسة، أو مركزًا للشباب مفتاحًا النجاح.
وقد جهزنا لوصولنا لكل حي مع المنظمات غير الحكومية؛ فبالطبع وضعنا صورًا وملصقات ودودة على النوافذ، ودعونا ميسرينا للعمل بانتظام في الشارع خارج المتجر. كذلك قمنا بتوظيف ميسرين ممن اختبروا الهجرة بأنفسهم ويستطيعون التحدث بلغات بعض المجتمعات التي أردنا الوصول إليها؛ فعلى الرغم من أن الأطفال الذين جذبناهم عادة ما كانوا يتحدثون الألمانية، إلا أن الأمر بالنسبة لهم ظل إشارة رمزية مهمة أن يرون شخصًا من مجتمعهم يعمل في غرفة المعرفة.
أدركنا سريعًا أننا يجب أن نكون «صبورين» فيما يتعلق بالعلم؛ فكثير من الأشخاص كان اهتمامهم الأول والأساسي الدردشة اللطيفة. من ثم، بعد أن أصبح كثير منهم زوار منتظمون، أضحى بمقدرتنا جذب اهتمامهم للأنشطة العلمية أكثر وأكثر خلال الأسابيع التالية.
لقد قدمت دخولًا مجانيًا؛ فكيف مولت المشروع؟
في السنة الأولى، حصلنا على دعمٍ قوي من مدينة فيينا، إلى جانب %50 من الرعاية المجانية. ونحاول الحفاظ على هذا التوازن التمويلي العام والخاص، ولكننا أيضًا نستكشف نماذج تمويلية جديدة للارتقاء بالمشروع.
أثار اهتمامي كثيرًا رؤية أيكيا على قائمة رعاتكم: متجر يرعى برنامج في متاجر خالية...
قدمت أيكيا في الغالب رعاية عينية؛ فزودتنا بالأثاث والنقل. فالإدماج المجتمعي جزء من سياسة مسئوليتهم الاجتماعية التجارية، كما كانوا مهتمين بجعل علامتهم التجارية معروفة للجماهير الذين كنا نسعى للوصل إليها. لقد شهدت زوارًا لغرفة المعرفة ممن ظنوا أن باستطاعتهم شراء الأثاث الذي رأوه من النافذة.
أحد شركائنا من مدينة جراتز أخذ التعاون مع أيكيا لخطوة أبعد؛ فقاموا بالفعل بإدارة أنشطة مؤقتة داخل أحد متاجرهم أيام السبت.
بطبيعتها، فإن الأفعال المؤقتة سريعة الزوال؛ فما هو إرث مبادرتك؟
نراها كنقطة دخول أولية إلى التعلم العلمي غير الرسمي، وكجسر للمؤسسات العلمية القائمة؛ فجاءت عديد من معارضنا من شركاء لشبكتنا، وقد تم الترويج لأماكن الانخراط في العلوم تلك داخل غرف المعرفة على أمل دعوة الزائرين لإكمال استكشافاتهم هناك.
ثق بأن تلك الأماكن مفتوحة «لهم» أيضًا
والمثير للاهتمام أن غرف المعرفة نفسها حازت على جمهور متكرر؛ فمزيد ومزيد من الزوار من نسخ مماثلة مبكرة جاؤوا لمواقع أُنشئت حديثًا في مقاطعات أخرى. أعتقد أن الأمر يتعلق بالحصول على المتعة من خلال العلوم، ولكنه أيضًا يتعلق بالثقة: الثقة في أنفسهم، والثقة في أنهم يستطيعون أن يكونوا «أشخاص علميين»، والثقة بأن تلك الأماكن مفتوحة «لهم» أيضًا.
ماذا بعد بالنسبة لغرفة المعرفة؟
نحن مشغولون الآن بتخطيط نسخة جديدة لهذا الربيع. ولكن هذه المرة سنكتفي بغرفة معرفة مؤقتة إلى جانب مساحة للتدريب المفتوح للطلبة ومعلمي العلوم من المدارس، وهو ما نسميه «معمل الدفعة» Impulse Lab للتواصل العلمي التفاعلي. وسيكون هذا بمثابة نقطة إنطلاق لمعمل دفعة دائم يهدف إلى ترويج التبادل والتعاون بين تعلم العلوم الرسمي وغير الرسمي.
ريك هول
مؤسس ومشارك
Ignite!
نوتنجهام، بالمملكة المتحدة
Twitter | Email
ريك، أخبرنا عن «3-2-1 إجنايت (أشعل)»، هذا المتجر العلمي المؤقت الذي افتتحته بمركز تسوق نوتنجهام في عام 2012.
إجنايت، ذلك العمل الخيري الذي أنشأته، يهدف إلى تطوير المواهب لدى صغار السن وترويج العلوم كمادة إبداعية. بإيجاز، لدينا نوعان من الأنشطة: التعاونات مع المدارس، والمبادرات الموجهة إلى المواطنين، والتي تضع ملكية العلوم بين أيديهم؛ وكجزء من النوع الثاني، فأنا مقتنع أننا بحاجة لأخذ العلوم إلى حيث يكون الناس.
يستضيف مركز برودمارش الذي أطلقنا فيه مساحتنا المؤقتة محطة تدريب نوتنجهام، كما يشكل أحد المداخل الرئيسية لمحطة السكة الحديد ومركز المدينة. وهو مكان عليه إقبال عالي ويحتوي متاجر تستهدف المستهلكين من ذوي الدخل المتوسط. في عام 2012، وفي ذروة الكساد، كانت 40٪ فقط من المتاجر مشغولة بالمركز التجاري.
استمر متجرنا المؤقت في العمل لمدة أربعة أسابيع؛ حيث جذب 3500 زائر. وقد عملنا على عرض واجهة شائق مع طلبة التصميم المسرحي المحليين لجذب فضول المارة والتأكد من أن بعض الأنشطة – مثل الغناء العلمي في الشارع – تمتد إلى حيز المرور؛ كما كانت جميع الأنشطة مجانية.
وافق المركز على تحصيل إيجار مخفض منا، والذي دفعه أحد شركائنا؛ كما ساعد المجلس المحلي فيما يتعلق بالمرافق العامة، وقد تعاونَّا مع 25 شريكًا مختلفًا لوضع برنامج الفعاليات سويّّا. وقد كانت الميزانية الكلية للعملية حوالي 11.000 يورو.
ما هو إرث المشروع؟
نوتينجهام واحدة من ست «مدن علوم» إنجليزية؛ الخمسة الأخريات لديها إما مهرجان علوم ضخم أو مركز للاكتشافات، إلا أن نوتينجهام لم يكن لديها أي من هذا عام 2012. فكان متجر العلوم المؤقت أحد الأنشطة التي ساهمت في ظهور مشهد أكبر وأكثر تفصيلًا للانخراط في العلوم في المدينة.
المتاجر العلمية المؤقتة كمحفز لمشهد الانخراط في العلوم المحلي
هكذا عمل بمثابة دليل ومحفز لتجربة أنواع مختلفة من المشاركات العامة؛ فمنذ ذلك الحين أطلقنا مهرجانًا سنويًّا للعلوم، بالإضافة إلى معامل للفضول المجتمعي في المكتبات والمراكز المجتمعية، كما أخذنا المتجر المؤقت إلى أماكن عامة أخرى مثل المؤتمرات والمهرجانات.
الواقع أننا سنعود إلى المركز التجاري كل عام بمهرجان للعلوم الخاص بنا، وسنقوم بإدارة أنشطة المشاركة العامة من قسم علم الأمراض في كلية الطب التابعة لجامعة نوتينجهام، وكذلك من قسمي الفيزياء والفيزياء الفلكية في جامعة نوتنجهام ترنت، كما أن لدينا قبة سماوية جوالة وأنشطة علمية متجولة أخرى.
ما النصائح التي يمكنك مشاركتها فيما يتعلق بإطلاق مساحة مؤقتة للانخراط في العلوم في مركزٍ للتسوق؟
افعلها! فالشراكات التي ستنشئها ستدوم طويلًا بعد أن تنتهي فترة المساحة المؤقتة.
الشراكات ستدوم طويلًا بعد أن تنتهي فترة المساحة المؤقتة
هذا سياق رائع للتفاعل مع الجماهير التي قد لا تخطو داخل أبواب أماكن الانخراط في العلوم «التقليدية»، كما أنه مكان جيد لأن يبدأ منه العلماء الذين قد يترددون قليلًا بشأن المشاركات العامة.
وهو مشروع منخفض التكلفة نسبيًّا يسهل إقناع الممولين بدعمه لأحد السببين الرئيسيين للمشاركات العلمية العامة: الشق المتعلق بوجهة النظر الوظيفية الاقتصادية في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، والشق المتعلق بالجدال الديموقراطي المتمثل في «العلوم بصفتها أمرًا مستحقًا».
عندما يتعلق الأمر بإقناع مديري المركز التجاري، فهم يعلمون أن الإيجار الذي يمكنهم فرضه على المتاجر مرتبط بجاذبية مركز التسوق كوجهة لقضاء وقت الفراغ والترفيه.
يمكنك العثور على مزيد من النصائح ودراسات الحالة المتعلقة بالأنشطة العلمية المؤقتة، وهو دليل عملي لتحويل المتاجر الخالية إلى أماكن إبداعية للانخراط في العلوم كتبته إيلين دويل عام 2017.
غرفة معرفة مؤقتة في كشك بأحد أسواق فيينا. تصوير ماركو كوفيتش، شبكة مراكز العلوم.
|
داخل غرفة معرفة مؤقتة في فيينا. تصوير شبكة مراكز العلوم. |
كان موقع فيلفيت سوترا بالطابق الأخير في مركز تسوق سارتور التجاري. تصوير فيلفيت.
|
داخل غرفة معرفة مؤقتة في فيينا. تصوير ماركو كوفيتش، شبكة مراكز العلوم. |
فيلفيت سوترا، فرع فيلفيت السابق في مركز تسوق تجاري. تصوير فيلفيت. |
فيلفيت سوترا، فرع فيلفيت السابق في مركز تسوق تجاري. تصوير فيلفيت.
|
الزحام بمتجر علوم «3-2-1 إجنايت (اشعل)» المؤقت بنوتنجهام، 2012. تصوير إجنايت.
|
ترويج متجر علوم «3-2-1 إجنايت (اشعل)» المؤقت بنوتنجهام، 2012. تصوير إجنايت.
|
زوار متجر علوم 3-2-1 اشعال المنثق بنوتنجهام، 2012 إجنايت.
|
|
نُشر المقال الأصلي باللغة الإنجليزية في العدد رقم 38 (فبراير، 2018) من مجلة «سبوكس» Spokes الإلكترونية التي تصدرها رابطة مراكز ومتاحف العلوم الأوروبية Ecsite تحت عنوان: «استكشافات» Explorations، ويمكنكم الاشتراك مجانًا في مجلة «سبوكس» من هنا.
قامت رابطة المراكز العلمية بشمال أفريقيا والشرق الأوسط NAMES بترجمة المقال ونشره باللغة العربية بتصريح من رابطة مراكز ومتاحف العلوم الأوروبية ومن المؤلف/المؤلفين، وتتحمل NAMES مسئولية هذه الترجمة.
لا يجوز إعادة إنتاج هذا المحتوى، سواء بالإنجليزية أو العربية، بأي شكل من الأشكال، دون الرجوع إلى رابطة مراكز ومتاحف العلوم الأوروبية Ecsite.