بينما يبدأ العالم رحلته نحو «الوضع الطبيعي الجديد»، يجب أن تتجه إدارة الأماكن المزدحمة إلى تغيير طريقة عملها بشكل جذري. فكيف يمكننا الحفاظ على مستوى معين من الحياة الطبيعية بينما نبدأ في التفاعل مع العالم بأسره؟ قد تكون إحدى الطرق المساعدة على إدارة التباعد الاجتماعي وتطبيقه بين مجموعات أكبر من الناس من خلال «المجموعات الفقاعية». فبتنظيم تدفق الناس بناءً على المجموعات عوضًا عن الأفراد قد تؤمن إدارة الأماكن – مثل المكاتب، والمتاحف، والمسارح – مستوى من الخدمة يسمح لها بتأدية وظيفتها.
لمزيد من الفاعلية، يمكن تطبيق المجموعات الفقاعية مع مفهوم «الطبل-العزل-الحبل Drum-Buffer-Rope»؛ وهي فكرة معروفة في التصنيع الخفيف، وتساعد على استخدام موارد عنق الزجاجة لأقصى استفادة، وبالتالي زيادة سعة الأماكن والخدمات. والفكرة الأساسية وراء هذا المفهوم هي ضمان استخدام مورد عنق الزجاجة لأقصى درجة بتحديد حيز صغير للاصطفاف قبله كما هو موضح في العرض التالي.
محتوى الفيديو: يقدم العرض نموذجين متحركين متوازيين؛ حيث يظهر كل منهما عمليتين متلاحقتين أثناء دخول الزوار مكان ما – على سبيل المثال، قياس الحرارة والفحص الأمني. والنموذجان متماثلان تمامًا إلا أن في النموذج السفلي يوجد مكان صغير للاصطفاف قبل عملية عنق الزجاجة. وبفضل مكان الاصطفاف هذا قلما تبطئ موارد عنق الزجاجة؛ حيث تستغل سعتها إلى أقصى درجة. فبالمقارنة مع النموذج العلوي يمكن خدمة عدد أكبر من الزوار عن طريق منطقة الاصطفاف الصغيرة السابقة لمورد عنق الزجاجة.
في الوقت ذاته تعمل المجموعات الفقاعية بتقسيم الجماهير في مجموعات والحفاظ على التباعد الاجتماعي بين تلك المجموعات، بينما يمكن للأفراد داخل نفس المجموعة الفقاعية الاقتراب من بعض لمسافة تقل عن مترين. هكذا، تمكننا المجموعات الفقاعية من التفاعل الاجتماعي في الأماكن التي نحب زيارتها مع الأسرة والأصدقاء بينما نحافظ على التباعد الاجتماعي مع الآخرين. فينظم الناس في مجموعات تعتمد على طبيعة المكان؛ على سبيل المثال، في المتحف قد تتكون المجموعة الفقاعية من هؤلاء الذين يعيشون سويًّا، مثل الأسر أو الأصدقاء الذين يزورون المتحف معًا، وفي مطبخ أحد المطاعم قد تتكون مجموعتك الفقاعية من زملائك في الوردية. الأمر المهم أخذه في الاعتبار هو أن تظل المجموعة الفقاعية صغيرة؛ أي أقل من عشر أفراد.
وبإعادة تنظيم الأفراد في مجموعات فقاعية في الأماكن العامة المعاد فتحها يمكن للإدارة تحسين سعة الخدمة للموارد العامة، وبالتالي مستوى الخدمة بالنسبة للجمهور المستخدم لتلك الأماكن.
في الأمثلة التالية يمكننا تصوير كيف يبدو ذلك في أطر عامة مختلفة:
المتاحف والمواقع الثقافية: مثلما ذكرنا سابقًا، تساعد المجموعات الفقاعية في المتاحف على زيادة سعة الزوار دون تعريضهم للخطر. في هذه الحالة تعرف كل أسرة أو مجموعة من الأصدقاء تزور المتحف باستخدام بطاقات تعريف خاصة بتلك المجموعة (قد تعرف المجموعات بالأرقام أو الألوان أو التصميمات)، ويعطى لكل فرد من المجموعة رقم (1 من 4، 2 من 4، إلخ). وأثناء زيارتها للمتحف، تتحرك كل مجموعة من الأفراد سويًّا بحيث تحافظ المجموعة على مسافة لا تقل عن مترين من المجموعات الأخرى. هكذا، يمكن للمتاحف تطبيق التباعد الاجتماعي بين الزائرين بسهولة أكثر بينما تزيد أعداد الزائرين الذين يمكنهم دخول المتحف. يصور الفيديو التالي كيف يزيد ذلك سعة الزيارة لمعروضة مهمة.
محتوى الفيديو: يقدم هذا العرض المتحرك مشاهدة معروضة ما في متحف؛ حيث تمثل الدوائر الصغيرة الزوار. في الحالة الأولى يطبق التباعد الاجتماعي على الأفراد، بينما في الحالة الثانية تتشكل المجموعات من أسر أو أشخاص جاؤوا لزيارة المتحف معًا؛ فيطبق التباعد الاجتماعي في هذه الحالة على المجموعات وليس الأفراد. وبطبيعة الحال فإن السماح للمجموعات بمشاهدة المعروضة معًا يزيد من عدد الزوار في الساعة الواحدة.
المسارح والسينمات، وقاعات الحفلات، والاحتفاليات: في هذه الحالة قد تسمح المجموعات الفقاعية بإقامة فعاليات عرضة للإلغاء التام أو للتحويل إلى لقاء عبر شبكة الإنترنت. ومثل المتاحف، تدخل المجموعات وتمر على الأمن أو فحص الأمتعة سويًّا؛ من ثم يجلس أفراد المجموعة الواحدة معًا، بينما تجلس المجموعات الأخرى على مسافات لا تقل عن مترين بين كل مجموعة والأخرى.
المطاعم والمقاهي: في هذه الحالة يمكن تطبيق مجموعة الفقاعة مباشرة على العاملين؛ فيعد الطاقم الذي يعمل في نفس الوردية مجموعة فقاعية واحدة. وعلى الرغم من استمرارهم في اتباع قواعد النظافة التي تحددها السلطات الطبية، على المجموعة نفسها الاستمرار في العمل معًا في نفس الورديات (بدون تباعد اجتماعي) ويتم اختبارهم معًا، مما يسمح بالكشف المبكر وسهولة التتبع والتعقب في حالة إصابة أحد أفراد المجموعة. من شأن تنظيم الورديات حسب المجموعات توفير بيئات عمل أكثر أمنًا، وذلك لأن الإدارة ستتمكن من معرفة المخالطين لأي حالة إصابة مباشرة، عوضًا عن البحث في جدول العمل بالكامل لمعرفة من عمل مع المصاب.
المكاتب: العاملين بمكاتب ويستلزم عملهم معًا على مقربة من بعض نتيجة لطبيعة العمل يمكن اعتبارهم ضمن المجموعة الفقاعية نفسها. يكون على كل مجموعة فقاعية الوصول في التوقيت نفسه واستخدام المصعد نفسه؛ ويمكن السماح للمجموعات بدخول المكتب بالتناوب في حالة أن يكون المكان لا يسمح بوجود أكثر من مجموعة واحدة للعمل معًا في اليوم.
المصانع والمخازن: مثلما ذكرنا سابقًا، يمكن تصنيف العاملين على مقربة من بعض أثناء أداء المهام في مجموعة فقاعية واحدة. ويكون على أفراد تلك المجموعة أخذ قسط من الراحة كمجموعة فقاعية واحدة، والمحافظة على التباعد الاجتماعي مع المجموعات الفقاعية الأخرى التي تكون في راحة في الوقت نفسه. ولمزيد من الأمان، يفضل تناوب فترات الراحة للمجموعات الفقاعية المختلفة للحد من الاختلاط بين المجموعات في الأماكن المخصصة للراحة.
لا شك أن الجائحة الحالية سوف تعيد تشكيل طرق تفاعلنا في الأماكن العامة على مدار الشهور القادمة؛ ويمكن أن تساعد المجموعات الفقاعية على عودة الحياة الطبيعية تدريجيًّا في مختلف الأماكن، مثل تلك المذكورة أعلاه. ولا تقتصر المجموعات الفقاعية على تنظيم تدفق الزوار، فقد تصبح أساسًا للأعمال التي تتطلع إلى الحفاظ على صحة عامليها داخل المكاتب، ومطابخ المطاعم، والمصانع. ففي مثل تلك الأطر تحديدًا قد تؤدي المجموعات الفقاعية دورًا مهمًا في الحفاظ على الأمن الصحي للعاملين بتحديد عدد الأشخاص الذين يتحتم عليهم التعامل معهم بشكل يومي. ومن شأن ذلك أيضًا تسهيل مجهودات تتبع الاتصال والمخالطة في حالة إصابة أحد العاملين. باستخدام المجموعات الفقاعية بشكل منهجي يمكن للإدارة الحفاظ على الأمن الصحي بينما تفتح الأبواب للجمهور. فبينما يشرع العالم في فتح أبوابه، من الضروري التخطيط بشكل فعال لضمان الأمن الصحي للجميع، الزوار والعاملين على حدٍ سواء. وبإعادة التنظيم باستخدام المجموعات الفقاعية وكذلك مفهوم الطبل-العازل-الحبل قد يمكننا اختبار الأماكن العامة التي نحبها من جديد دون تعريض الآخرين إلى الخطر.
تعرف على آخر المستجدات من خلال مدونة KCG، وطالع مدونتنا السابقة أيضًا للتعرف على خطة أكثر عمومية عن كيفية التعامل مع الازدحام في المتاحف.
© 2018 Kiran Consulting Group, Inc. | جميع الحقوق محفوظة
The original article is developed and published by Ali S. Kiran, Kiran Consulting Group; the article has been translated into Arabic with permission from the owner to disseminate NOT FOR PROFIT, free to use by all NAMES organizations