بقلم: بيث ميرفي
نُشر المقال الأصلي باللغة الإنجليزية تحت عنوان Partnering with Education في عدد نوفمبر-ديسمبر 2019 من مجلة «دايمنشنز» Dimensions التي تصدرها جمعية مراكز العلوم والتكنولوجيا ASTC. قامت رابطة المراكز العلمية بشمال أفريقيا والشرق الأوسط NAMES بترجمة المقال ونشره باللغة العربية بتصريح من جمعية مراكز العلوم والتكنولوجيا ومن المؤلف/المؤلفين، وتتحمل NAMES مسئولية هذه الترجمة.
لا يجوز إعادة إنتاج هذا المحتوى، سواء بالإنجليزية أو العربية، بأي شكل من الأشكال، دون إذن كتابي صريح من جمعية مراكز العلوم والتكنولوجيا ASTC.
المعلمون المشاركون في أكاديمية باكين للمُعلمين يفكرون في كيفية استخدام مصادر تاريخ العلوم الأولية في فصولهم الدراسية.
نُشرت الصورة بموافقة متحف باكين
في أثناء معظم مسيرتي المهنية في مجال العلوم وتعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، عملت في الوساطة بين المتاحف أو غيرها من المؤسسات التعليمية والمدارس؛ لإيجاد أوجه لتضافر جهودها بهدف تحسين تجارب تعليم العلوم للأطفال ومُدرسيهم. فعندما تعمل المؤسسات معًا، يمكنها البناء على قوى بعضها بعضًا، ومشاركة المصادر، وتخطي العقبات، وسد الفجوات؛ حقًا، إن الكلَّ أفضل من مجموع أجزائه.
ومن الممكن أن يكون شكل التعاون بسيطًا: شخصان من مؤسستين مختلفتين (على سبيل المثال، متحف ومدرسة) يعملان معًا لتصميم برنامج ما، أو تقديمه، أو تحسينه. ويمكن أيضًا أن يكون معقدًا، مثل اجتماع عدة مؤسسات معًا لمعالجة مشكلة يعاني منها المجتمع، أو العمل نحو تحقيق هدف نظامي.
ولقد وجدت أن مبادئ «التأثير الجماعي» (Kania & Kramer, 2011) — وهو إطار عمل مبني على البحث ومصُمم لمعالجة مشكلات مجتمعية معقدة ومحددة — مفيدة في تنفيذ نطاق واسع من العمل التعاوني؛ ذلك رغم أن جميع المبادئ ليست قابلة للتطبيق أو مناسبة للجهود الأبسط أو ذات النطاق الأصغر. ولكني وجدت بعض تلك المبادئ مرشدًا مفيدًا في كل تعاون كنت جزءًا منه.
لنعرض مثالين على التعاون من خلال عدسة التأثير الجماعي: أكاديمية باكين للمُعلمين: «تعلم العلوم من أعمال العلماء»، وهو برنامج للمُدرسين ذو تصميم وتيسير مشترك بين معلم متحفي وآخر مدرسي من المرحلة الإعدادية (Murphy et al., 2017)، وSTEM Pathways أو «مسارات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات»، وهو تعاون أكثر تعقيدًا بين خمس مؤسسات غير ربحية ومنطقة تعليمية (Walvig et al., 2016).
الشرط الأول لتحقيق التأثير الجماعي:
جدول الأعمال المشترك
لدى جميع المشاركين رؤية مشتركة للتغيير، تتضمن فهم مشترك للمشكلة ومنهج مشترك لحلها من خلال إجراءات متفق عليها.
أكاديمية المُعلمين: في عام 2010، اعتمدت ولاية مينيسوتا معايير أساسية موحدة خاصة بالولاية لآداب اللغة الإنجليزية، ومحو الأمية في التاريخ والدراسات الاجتماعية، والعلوم، والمواد التقنية. وتعني تلك المعايير أنه أصبح من المتوقع أن يُعلِّم مُدرسي العلوم بمدارس مينيسوتا الإعدادية والثانوية طلابهم القراءة والكتابة مثل العلماء. وفي هذا الوقت كنت أعمل بمتحف باكين في مينيابولس، وهو متحف يركز على الابتكار مع مجموعة عالمية من الكتب العلمية والتاريخية والنصوص الأخرى، بما في ذلك الأعمال الأولى من تاريخ العلوم. وقد أدرك قسم العلوم بإدارة المنطقة التعليمية للمدارس العامة المحلية أنه بحاجة إلى فعل شيء ما لتحضير مدرسيه لمخاطبة تلك المعايير؛ فكانت مهتمة باستخدام المصادر، أي كتابات العلماء الحقيقيين. وكان المتحف بمجموعته المكتبية، وخبراء تاريخ العلوم، ومُعلميه الذين اعتادوا دمج التجارب التاريخية والقصص في برامجهم، جميعًا متلهفين لإشراك مزيد من الطلاب والمدرسين في تاريخ العلوم بطرق مجدية. وهكذا، تشكلت مشاركة تآزرية لإنشاء برنامج تطوير مهني عن ممارسات تعليمية خاصة بالعلوم لتعليم القراءة ولتوفير أمثلة عن المصادر الأولية لفصول العلوم الدراسية. نتيجة لذلك، عمل معلم متحفي (أنا) مع مُدرس علوم ذي خبرة من المدرسة الإعدادية لوضع هذا البرنامج الجديد للتطوير المهني وتيسيره.
مسارات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات: في عام 2012، أكملت مؤسسة وايلدر للبحوث دراسة متابعة لستاربيس مينيسوتا — ممول للتعليم غير الرسمي للعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في منطقة توين سيتيز بولاية مينيسوتا — وذلك لمعرفة التأثيرات طويلة المدى لبرنامجها في الطلاب المشاركين، واقتراح فرص لزيادتها (مور وميولر، 2012). وأدت استنتاجات تلك الدراسة إلى تواصل ستاربيس مينيسوتا مع منظمات أخرى تخدم ذات الشريحة من الطلاب من خلال الرحلات الميدانية والبرامج داخل المدرسة. نتيجة لذلك، انضم كل من متحف باكين، ومتحف بيل (متحف ولاية مينيسوتا للتاريخ الطبيعي)، وحديقة حيوان مينيسوتا، ومتحف ووركس إلى ستاربيس مينيسوتا؛ لبدء تعاون مدته ثلاث سنوات بهدف تطوير مسار متصل لتجارب العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات لطلاب الصف الرابع والخامس الإبتدائي، واختباره في ست مدارس تابعة ذات المنطقة التعليمية. وقد أثار هذا الجهد التعاوني أيضًا اهتمام خبراء العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في المنطقة التعليمية، الذين كانوا متلهفين للعمل مع شركاء المجتمع كوحدة واحدة عوضًا عن العمل بشكل منفرد؛ دعمًا لأهداف تعلم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات بالمنطقة التعليمية وتسريعها.
ومن خلال إجراء متكرر، وصل الشركاء للتوصيف الآتي: «مسارات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات» هي تعاون صُمم لزيادة الولوج، والحماس، والإنجاز الأكاديمي لدى الشباب في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وتحضيرهم لوظائف مستقبلية في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. ويهدف إلى توفير مسار مدروس، ومترابط، ومتصل لتجارب تعليمية مجدية، والمساهمة في النظام البيئي لتعلم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في منطقة توين سيتيز. إن الغرض من شراكة «مسارات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات» هو تطوير نموذج برنامج لتحقيق تلك الأهداف، وتطبيقه واختباره.
في اتجاه عقارب الساعة من أعلى اليسار:
يتعلم طلاب الصف الخامس عناصر النظام البيئي وتوقع تأثير التغيير في حديقة حيوان مينيسوتا.
يتعلم طلاب الصف الرابع والخامس محتويات علمية ذات صلة، ويستخدمون مهارات الهندسة والرياضيات للتخطيط لرحلة إلى المريخ.
في متحف بيل، يتحقق طلاب الصف الخامس من العلاقة بين الملقحات والطعام، ويتعرفون على عمل الباحثين المعنيين بالنحل.
يعيد طلاب الصف الرابع بمتحف باكين اختراع البطارية، ويصممون طواحين الهواء لتوليد الكهرباء.
في متحف ووركس، يستخدم طلاب الصف الرابع العملية الهندسية لتصميم لعبهم الخاصة؛ ليأخذوها معهم إلى منازلهم.
نُشرت الصور بموافقة حديقة الحيوان بمينيسوتا، وستاربيس مينيسوتا، ومتحف بيل، ومتحف باكين، ومتحف ووركس تباعًا.
مدرسو العلوم للمرحلة الثانوية يتدربون على استراتيجيات تعليمية لتعليم الطلاب كيفية القراءة مثل العلماء باستخدام المصادر الأولية.
نُشرت الصورة بموافقة متحف باكين
الشرط الثالث لتحقيق التأثير الجماعي:
الأنشطة الداعمة بعضها لبعض
يجب أن تتمايز أنشطة المشاركين مع المحافظة على تناسقها في الوقت نفسه من خلال خطة إجراءات متبادلة الدعم.
أكاديمية المُعلمين: مثل عديد من معلمي العلوم غير الرسميين، فأنا لست مُدرسة معتمدة ولم أعمل يومًا بأية مدرسة. لذلك، كان الحصول على شريك ذي سنوات من الخبرة في تدريس العلوم بالمرحلة الإعدادية على دراية تامة بما يعنيه أن تكون مدرسًا — وقد أقرته منطقتة التعليمية مُدرسًا قائدًا — قد أحاطني بكثير من المصداقية. إذ أكمل ذلك ما استطعت تقديمه: خبرة تدريسية للمرحلة الجامعية، وخبرة في العمل مع متعلمين راشدين، ومعرفة بمحتوى فيزياء وتاريخ العلوم، وخبرة بصفتي عالمة متمرسة – بالإضافة إلى خبرة في كتابة المنح وتقييم البرامج. وقد استفدنا من نقاط قوانا، معوضين الفجوات الفردية بطريقة سمحت لنا بتصميم وتقديم برنامج تطوير مهني ذي جودة عالية، يعج بالتحديات، وملائم، ويتسم بالأصالة.
مسارات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات: بدأت المنظمات المشاركة برؤية نفسها تعمل معًا لتحقيق أهداف مشتركة عوضًا عن التنافس على الجمهور نفسه. وقد ميزت كل منها المساهمات الفريدة للشركاء الآخرين وكيف أن عملها معًا يمكنها من تعظيم التعلم، وعمل صلات للطلاب، وزيادة قيمة المدارس. بالإضافة إلى هذا، أحضرت كل منظمة متخصصين تربويين وخبراء محتوى، ما سمح للمعلمين من المنظمات الشريكة ومن المنطقة التعليمية بالتعلم بعضهم من بعض. وتعلَّم المعلمون غير الرسميين أن المُدرسين يقدرون بشكل خاص العلاقات بأشخاص خارج الإطار المدرسي، يستطيعون إحضارهم للطلاب؛ كما تعلموا أيضًا كيفية تحسين اتصالات برامجهم بمناهج العلوم المدرسية ومعاييرها بطرق أكثر عمقًا.
الشرط الرابع لتحقيق التأثير الجماعي:
التواصل المستمر
التواصل المستمر والمفتوح هو ما يحتاجه اللاعبون المتعددون لبناء الثقة، وضمان الأهداف المشتركة، وإيجاد حافز مشترك.
أكاديمية المُعلمين: تطلبت المشاركة في تطوير برنامج للمُدرسين تواصلًا مستمرًا لتوضيح العمل وتقسيمه بهدف تحقيق الكفاءة. عملت أنا وشريكي بشكلٍ وثيق لتطوير جداول أعمال ورش العمل ومواد العرض، واتخاذ القرارات، وتوكيل أحدنا الآخر مهام بناءً على اهتماماتنا، وخبراتنا، والوقت المتوفر لكلٍ منا.
مسارات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات: إشراك القادة والمعلمين من جميع مؤسسات العلوم غير الرسمية وأيضًا من المنطقة التعليمية، كان ضروريًّا لإنشاء نظام اتصال كفء وفعَّال. وقد استخدمنا أداة إلكترونية لإدارة المشروعات مع فرق مختلفة كُلفت بمشروعات مختلفة، يوفر نظامًا لتنسيق الرسائل ومشاركة المواد بين الأفراد العاملين على المشروعات الفرعية. وعقدت الاجتماعات المباشرة بشكل منتظم — للقادة، والمعلمين، أو للجميع — لأغراض متنوعة: البناء والتخطيط رفيع المستوى بالإجماع، والتعلم المشترك وبناء القدرات، وتحليل نتائج تقييم البرامج، وتحديد الإجراءات المستقبلية في ظل تلك النتائج.
الشرط الخامس لتحقيق التأثير الجماعي:
الدعم الأساسي
يتطلب تحقيق تأثير جماعي وإدارته منظمة منفصلة لها طاقم عمل ومجموعة محددة من المهارات؛ لتكون بمثابة العمود الفقري للمبادرة بأسرها، ولتنسيق المنظمات والوكالات المشاركة.
مسارات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات: على الرغم من أن «مسارات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات» لم تتضمن منظمة دعم أساسية خارجية، إلا أنها استبدلت مدير مشروع مستقل بها على سبيل المقاربة، عُين لينوب عن المجموعة. وعلى عكس مبادرات التأثير الجماعي الأصيلة، فهذا النموذج تطلب أن تقع مسؤولية إدارة للمنح والميزانية، وتقديم تقارير للمنتفعين؛ على أحد الشركاء بدلًا من إحدى المنظمات الخارجية. ولكن مثل تلك الترتيبات تجازف بحدوث اختلالات متصورة أو فعلية في التحكم، أو النفوذ، أو المساءلة بين المنظمات، وهذا سبب آخر وراء الأهمية الشديدة للتواصل الفعّال.
معلم متحفي ومدرس ذو خبرة يكمل كل منهما نقاط قوى الآخر وخبراته في أكاديمية المُعلمين بمتحف باكين. نُشرت الصورة بموافقة متحف باكين
حدد المجيبون على استطلاع الرأي (أربعة قادة وسبعة معلمين من المنظمات الشريكة) درجة اتفاقهم مع البيان أعلاه.
أفكار ختامية
أكاديمية المُعلمين: ليس لدي أدنى شك أن «تعلم العلوم من أعمال العلماء» كان برنامجًا للتطوير المهني أعلى جودةً وأكثر تأثيرًا بفضل مستوى المشاركة من كل من المعلم المتحفي والمدرس في التصميم، والتطوير، والتطبيق.
مسارات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات: في استطلاع رأي أجري بعد مرور عام على انتهاء التعاون لفهم الأثر الدائم على الصعيدين البرنامجي والتنظيمي، أفاد القادة والمعلمون أن المشاركة في «مسارات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات» قد نتج عنها تغيرًا ذا معنى بمنظماتهم، الذي استمر في التأثير في طريقة عملهم مع منظمات أخرى وفي تصميم البرامج، وكيفية التفكير في هوية العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات والتوعية المهنية، وكيفية تطبيق تقييم البرامج. ويتضح الإبلاغ الذاتي عن التغيرات في الشكل الموضوع أعلاه.
لسوء الحظ، ورغم وجود الرغبة في الاستمرار في المشروع، إلا أن «مسارات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات» لم يستمر بعد الفترة التجريبية التي استمرت لثلاث سنوات. فإن التعاون على هذا المستوى أمر شاق؛ إذ يتطلب موارد مثل الوقت، وطاقم العمل، والتمويل — هذا بالإضافة إلى العمليات المنتظمة للمنظمة التي لا يمكن تحقيقها ببساطة بإعادة تخصيص الموارد. فيتطلب التعاون الناجح والمستمر نقلة نوعية في التفكير من جانب المنظمات الفردية ومموليها ومنتفعيها.
المراجع
Kania, J., & Kramer, M. (2011). “Collective Impact.” Stanford Social Innovation Review, 9(1), 36–41. Retrieved from ssir.org/articles/entry/collective_impact.
Mohr, C., & Mueller, D. (2012). “STARBASE Minnesota long-term follow-up study: Overall results.” Retrieved from https://www.wilder.org/sites/default/files/imports/StarbaseIII_7-12sum.pdf.
Murphy, B., Hedwall, M., Dirks, A., & Stretch, E. (2017). “Short-form science: A ‘close-reading’ unit on the history of the atom.” وقد ساعد البحث Science Teacher, 84(1), 34–41. Retrieved from http://www.jstor.org/stable/44160045.
Walvig, S., Murphy, B., Peters, M., & Moore, A. (2016). “STEM Pathways: Building a STEM learning ecosystem.” Connected Science Learning. 1(1). Retrieved from csl.nsta.org/2016/03/stem-pathways
بيث ميرفي (bethmurphyconsulting@gmail.com) مستشارة تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، والمحرر الميداني لمجلة التعلم العلمي للرابطة الوطنية لتعليم العلوم. وعملت مديرة للمشروع في كل من أكاديمية باكين للمُعلمين و«مسارات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات».