بقلم: نور هاني
تخيل أن تحيا بزمن يكون نقل الدم فيه أكبر مخاوفك بالعالم!
في ستينيات القرن الماضي، كان نقل الدم أشبه بالقمار؛ فكان الناس أكثر عرضة للإصابة بالتهاب الكبد الذي يسببه مرض غامض من الدم المنقول إليهم. ففي ذاك الوقت، لم يكن التهاب الكبد الوبائي ج مرضًا معروفًا، ولم يكتشف التهاب الكبد الوبائي أ والتهاب الكبد الوبائي ب قبل منتصف الستينيات.
ولكن في عام 1972، اكتشف البروفيسور هارفي ألتر أن أيًّا منهما لم يكن السبب في إصابة المرضى الذين تلقوا الدم بالتهاب الكبد، وأن مرضًا غامضًا آخر هو الذي يسبب الالتهاب. وبعد نقل دماء المصابين بالمرض لقردة الشمبانزي، بدأت القردة بتطوير المرض؛ ولاحقًا، عرف هذا المرض الغامض باسم «غير التهاب الكبد أ والتهاب الكبد ب»، وبدأ العلماء في وضع خطة لاكتشاف طبيعة هذا المرض.
في ذاك الوقت، كان لدى العلماء موارد وأدوات محدودة، ما جعل استراتيجياتهم للبحث عن الفيروس غاية في الصعوبة. وبعد سبع سنوات وأكثر من 30 أو 40 منظورًا منهجيًّا مختلفًا، نجح أحد تلك النُهج أخيرًا، ليُكتشف التهاب الكبد الوبائي ج.
مُنحت جائزة نوبل للطب أو الفسيولوجيا 2020 للعلماء الثلاث الذين اكتشفوا الفيروس المسبب لمرض التهاب الكبد الوبائي ج؛ وهم: العالم البريطاني مايكل هوجتن، والباحثان الأمريكيان هارفي ألتر وتشارلز رايس. وقد ساهم اكتشافهم في إنقاذ ملايين الأرواح؛ إذ بات من الممكن تحديد المرض في الدم، ومنع ملايين الأشخاص من الإصابة بالعدوى، ونشر الوعي بالمرض حول العالم. ولولا اكتشافهم، لم نكن لنكتشف علاجًا للفيروس، وكان ليظل أحد أكثر الأمراض ترويعًا بالعالم.
وعلى الرغم من أنه الآن مرضًا قابلًا للشفاء، إلا أن 70 مليون شخص لا يزالون يعيشون بالفيروس الذي يقتل نحو 400.000 شخص سنويًّا.
المراجع