بقلم: نور هاني
في حياتنا اليومية، نتعامل مع كمية مهولة من الكيماويات؛ بعضها مؤذٍ مثل السموم والملوثات، وبعضٌ آخر غير مؤذٍ مثل الماء أو الهواء. ولكي نفهم كيف تؤثر الكيماويات السامة في صحتنا، أطلق العلماء «قاعدة بيانات علم الجينوم السُمِّي المقارن»، في جهد منهم لفهم تلك العلاقة المهمة.
فيما سبق، اعتاد الباحثون إجراء دراساتهم بتحليل منخفض الإنتاجية، ما يعني أنهم ركزوا فقط على جين واحد لفهم تأثير التعرض للمواد الكيميائية في صحتنا. ومع ذلك، في دراسة حديثة أجراها عالم صحة بيئية بجامعة ماساتشوستس أمهيرست، اتُبع نهج جديد لمعالجة هذه المشكلة من منظور مختلف تمامًا.
فوُجهت الدراسة نحو فهم التفاعل بين المواد الكيميائية، والملوثات، والمستحضرات الصيدلانية، وكيفية تأثيرها في صحة الإنسان، ودورها في التعبير الجيني. وقال ألكسندر سوفوروف، مؤلف الدراسة الرئيسي والأستاذ المشارك بكلية الصحة العامة وعلوم الصحة، بجامعة ماساتشوستس أمهيرست: «عندما حددنا جميع الجينات الحساسة، وصُدمنا لنجد أن تقريبًا كل مسار جزيئي معروف حساس للمواد الكيميائية إلى حدٍّ ما.«
جمع سوفوروف وفريق يتكون من خمسة طلاب – فيكتوريا ساليم، وجوزيف مكجاون، ومنا تيفيرا، وأنطوني بوليانوف، وسايرا أمير – بيانات تتعلق بتفاعلات المواد الكيميائية والجينية، بما في ذلك جينات البشر والجرذان والفئران من قاعدة بيانات علم الجينوم السُمِّي المقارن. وأجريت الدراسة باستخدام التحليل الجيني عالي الإنتاجية؛ حيث «أنشأوا قاعدة بيانات تضم 591.084 تفاعلًا كيميائيًّا جينيًّا وردت في 2.169 دراسة.«
ويعني التحليل الجيني عالي الإنتاجية أنهم نظروا إلى جينات متعددة بدلًا من التركيز على الدراسات المتعلقة بجينٍ واحد كما كان يحدث سابقًا. وقال سوفوروف: «في الماضي القريب، كان كل شيء نعرفه عن الآليات الجزيئية المتأثرة بالمواد الكيميائية يأتي من تجارب منخفضة الإنتاجية.«
النهج
جمع الباحثون المشاركون في هذه الدراسة تفاعلات حللت 2391 مادة كيميائية فريدة وشملت 33817 جينًا فريدًا. وقد قسموا قاعدة بيانات المواد الكيميائية الخاصة بهم إلى جزأين: الجزء الأول هو المواد الكيميائية الصيدلانية؛ وهي مصممة للبحث عن السلاسل التعاقبية الجزيئية المعروفة، والجزء الثاني يشمل موادًا كيميائية أخرى؛ مثل: مستحضرات التجميل، والمواد الزراعية، والملوثات، والمواد الصناعية.
النتائج
شملت الدراسة المقارنة بين حساسية الجينات والمسارات الجزيئية للمواد الكيميائية النشطة حيويًّا وغير النشطة حيويًّا ؛ لتحديد ما إذا كان تعريف الباحثين للآليات الجزيئية الحساسة تجاه التعرض للمواد الكيميائية قد يصبح مشوشًا إذا ضموا مواد كيميائية «مصممة عمدًا لاستهداف مسارات جزيئية محددة في خلايا الثدييات». وبعد مقارنة «عدد التفاعلات الكيميائية الجينية لكل جين في المجموعتين الفرعيتين BA وNBA من قاعدة البيانات» أكدت النتيجة أن قيم التفاعلات الكيميائية الجينية كانت متشابهة في كلٍ من المجموعتين الفرعيتين.
أبرزت النتائج الجديدة لهذه الدراسة المسارات التي تتضمن التمثيل الغذائي للدهون، وأمراض المناعة الذاتية، والسرطان، والتقدم في السن، وكذلك حساسيتها الشديدة تجاه التعرض إلى المواد الكيميائية؛ ما يضع احتمالية وجود دور للتعرض إلى المواد الكيميائية في ظهور حالات مثل مرض الكبد الدهني، والذئبة الحمراء، والتهاب المفاصل الروماتويدي، والسكري، وغيرها كثير. وجدير بالذكر أن المسارات المسؤولة عن الضغط والتلف هي أيضًا مسارات حساسة للغاية تجاه التعرض إلى المواد الكيميائية. فيقول سوفوروف: «تمثل تلك الدراسة خطوة غاية في الأهمية إلى الأمام فيما يتعلق باستخدام البيانات الجينومية لتحسين السياسات والقرارات الخاصة بالصحة العامة. وسوف ينتفع قطاع الصحة العامة من تركيز مستقبلي على الأبحاث المتعلقة بالسمية على تلك الآليات الحساسة التي تم التعرف عليها.«
المراجع