أتحتاج إلى رعاة لنشاط المشاركة العلمية الذي تنظمه؟
إليك الطريقة...


بقلم: نهى رحال

 

إذا كنت تطالع هذا المقال، فمن المرجح أنك تعمل في مجال إدارة الفعاليات والمعارض العلمية. لا يخفى على أحد أنه في ظل الكساد العالمي نتيجة لجائحة كوفيد-19 واندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، إلى جانب المحن الأخرى التي تساهم بدورها في ظاهرة التضخم المستمر، اضطرت معظم الشركات والمؤسسات حول العالم إلى خفض ميزانيات الحملات التسويقية. بالطبع، إذا كان عملك في مجال تنظيم المعارض العلمية والفعاليات، فقد تكون أمام معضلة أكبر؛ لأن الأنشطة التي تنظمها لا تحقق بالضرورة أرباحًا طائلة.

باعتبارك منظم للفعاليات والمعارض العلمية، فإن اتخاذ قرار بالمضي قدمًا في تنظيم فعالية ذات ميزانية متواضعة قد يكون محفوفًا بالمخاطر، خاصة مع احتمال التغاضي عن مستوى الجودة المتوقع. ولكن ماذا لو علمت أنه بإمكانك عقد شراكة مع جهات أخرى يمكنها ضخ بعض الأموال الإضافية لمساعدتك على تنفيذ برنامجك حسبما تخطط؟ في المقابل، سيتعين عليك رد الجميل من خلال تقديم بعض المزايا الخاصة لتلك الجهات ليعم النفع على جميع الأطراف المعنية. نعم، هذا هو بالضبط ما يعنيه مصطلح «رعاية» الفعاليات.

 

أولًا: ما المقصود بالضبط بمصطلح «رعاية» الفعاليات؟

الرعاية بمنتهى البساطة هي إحدى صور الشراكات. لنفترض أنك تعمل على تنظيم معرض علمي مقرر إقامته الشهر المقبل؛ فقد تتواصل معك إحدى المؤسسات أو الشركات لمساندتك ماديًّا في مقابل الترويج لعلامتها التجارية، وهو ما سيتم مناقشته بالتفصيل لاحقًا. هل يبدو هذا أمرًا غير قابل للتصديق؟ ليس بالضبط؛ فعلى الرغم من أن عملية رعاية الفعاليات تبدو سهلة للغاية، إلا أن هناك بعض التفاصيل المنهجية وكثير من المهام التي يجب على جميع الأفراد تنفيذها والالتزام بها للتأكد أن معرضك العلمي يحقق أهدافه المرجوة، وضمان التعاون المثمر والقدرة على الدخول في شراكة طويلة الأمد مع الرعاة.

 

إذا كانت الأمر يستغرق وقتًا طويلًا، فلماذا نولي الرعاية كل هذا القدر من الاهتمام؟

كما ذكرنا من قبل، فإن وجود مصادر متنوعة للتمويل قد يكون مفيدًا لك في ظل الميزانيات المحدودة للفعاليات. ومع ذلك، هناك بعض الأسباب التي قد تشجعك أكثر على البحث عن شركاء محتملين، أو «رعاة». فيمكن للدعاية المشتركة التي تأتي عند الشراكة مع كيان آخر أن تساعدك على المدى الطويل. فقد تضمن لك الحصول على رعاية مستقبلية للفعاليات والمعارض القادمة، أو حتى قد تجتذب جمهورًا أكبر نتيجة للتواجد أمام عدد أكبر من الناس.

يتعلق هذا بالمنافع التي ستعود عليك، ولكن، ماذا عن الفائدة التي ستعم على الأعمال التجارية؟ من المهم أن تفهم دوافع الشريك الآخر؛ حيث سيساعدك ذلك على صقل مهاراتك عند البحث عن راعٍ محتمل لنشاط المشاركة العلمية القادم. فللجهات الراعية مجموعة متنوعة من الدوافع فيما يتعلق بأسباب اختيارها للاستثمار في الفعاليات التي تنظمها. وتختلف تلك الدوافع، بداية من تعزيز مصداقية العلامة التجارية، والوصول إلى جماهير محددة، و/أو حتى نشر الوعي عن العلامة التجارية.

 

 

الآن وقد عرفت «الأسباب»، إليك «طريقة» اختيار الرعاة...

بما أنك استوعبت الآن القيمة المحتملة التي يضيفها رعاة الفعاليات، يتعين عليك إعداد قائمة بالكيانات، سواء كانت شركات أو مؤسسات أو جامعات أو مدارس أوغيرها، التي تهتم بذات القضايا التي تعمل على نشر الوعي عنها أو تجتذب ذات الفئات التي تستهدفها.

لنفترض أن معرضك العلمي القادم يستهدف الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 أعوام و14 عامًا، فقد ترغب في البحث عن كيانات تستهدف ذات الفئة العمرية في مدينتك، مع التركيز بشكل أساسي على العلوم أو التعليم. ولهذا السبب قد تكون المدارس والمراكز التعليمية/ الثقافية والأندية الرياضية من الكيانات التي يمكن أن تتعاون معك.

يعد استهداف ذات الجمهور أمرًا أساسيًّا عند إعداد قائمة مختصرة للرعاة المحتملين؛ ومع ذلك، قد ترغب في التحقق من الشركات أو المؤسسات التي تُقدّر وتستوعب هذا النوع من التسويق. فقد يكون لديها بالفعل تواجد ملموس في مجتمعها، من خلال أنشطة تسويقية فعالة. ربما قامت هذه المؤسسات برعاية فعاليات مماثلة من قبل، أو لديها جدول للفعاليات/البرامج التي تتوافق مع أهدافك. ولهذا السبب فمن شأن البحث المتعمق عن تلك الكيانات أن يساعدك للعثور على الشركاء المناسبين.

 

استمر في المحادثة…

ستساعدك القائمة المختصرة للرعاة المحتملين على الاقتراب من هدفك المتمثل في الحصول على راعٍ لنشاط المشاركة العلمية. كل ما عليك فعله الآن بدء المحادثة. ابحث عن الأفراد الذين يمكن أن تتواصل معهم من خلال المواقع الإلكترونية الرسمية لتلك الجهات، أو ابحث عن المسئولين لديهم على منصات التواصل الاجتماعي مثل موقع لينكد-إن، أو تواصل كتابيًّا من خلال إرسال رسالة و/أو بريد إلكتروني إلى الشخص المعني واطلب عقد اجتماع لمناقشة التفاصيل.

كن موجزًا وواضحًا بشأن هويتك، والمؤسسة التي تمثلها، وسبب تواصلك معه، بالإضافة إلى تناول بعض التفاصيل حول الفعاليات المزمع تنظيمها، مع ذكر أنك مهتم ببناء شراكات طويلة الأمد. واحرص على استخدام لهجة ودية ولكن احترافية. فيعد هذا التواصل بمثابة الانطباع الأول الذي يحصل عليه الرعاة عنك وعن المؤسسة التي تمثلها. وبالتالي، عليك أن تتحلى بالمهنية. قم بالمتابعة من خلال مكالمة هاتفية أو حتى برسالة إذا لم تحصل على أي رد خلال 48 ساعة عمل.

 

أخبار سارة! لقد جذبت الانتباه؛ فكيف ستقوم بعرض تقديمي لبرنامج الرعاية؟

  • كن مستعدًا. وتتضمن هذه الخطوة الحصول على جميع المعلومات التي تعتقد أنها قد تكون مفيدة للرعاة المحتملين. ويتضمن ذلك معلومات حول المؤسسة التي تمثلها، ومعلومات حول الفعاليات المزمع عقدها (الأهداف، وجدول الأعمال، والمتحدثين، والعارضين، والعدد المتوقع للجمهور/الزوار، ولماذا تعتبر الفعاليات فريدة من نوعها وتستحق الدعم المالي، وما إلى ذلك).
  • تذكر أن تستعرض سجلك الحافل في تنظيم فعاليات مماثلة في الماضي. اعرض الصور والتعليقات الإيجابية للزوار والمشاركين والتغطية الصحفية وقائمة كبار الزوار السابقين والمتحدثين والضيوف والعارضين المميزين وعدد الزوار.
  • ابذل بعض الجهد. اقرأ معلومات عن الراعي المحتمل لمساعدتك بشكل أفضل في توقع أفكاره. تخيل كيف سيشعر الطرف الآخر إذا حضرت اجتماعًا معه دون معرفة المعلومات الأساسية حول عمله أو الخدمات/المنتجات التي يقدمها أو حتى الأنشطة التسويقية. زر الموقع الإلكتروني للراعي المحتمل بالإضافة إلى صفحاته على منصات التواصل الاجتماعي، وحاول أيضًا أن تجد شخصًا قد تعرفه داخل المؤسسة لمساعدتك على فهم توجهات الإدارة.
  • لا تنسَ أن تستعرض شرائح الرعاية في نقاط مختصرة: السعر المطلوب لكل شريحة، والمزايا التي سيحصل عليها الرعاة قبل الفعاليات وفي أثناءها وبعدها.
  • استخدم مواد بصرية جذابة. وقد يكون ذلك في صورة كتيبات أو حتى عرض تقديمي على برنامج الباوربوينت يصمم بعناية، ومن ثم يرسل قبل الاجتماع لمنح الطرف الآخر فرصة للإطلاع عليه وإعداد الأسئلة، إن أمكن.
  • الحضور في الموعد المحدد. سواء كان اجتماعك بشكل شخصي أو افتراضي، تذكر أن الالتزام بالمواعيد سيحدد معايير التعاون بينك وبين الطرف الآخر. فحضورك في الموعد المحدد دون تأخير يظهر امتنانك وتقديرك لوقت الشخص الآخر. ويعد مؤشرًا لالتزامك وتفانيك؛ وهما صفتان ضروريتان لضمان نجاح حملة أو فعالية ما.

 

هنا يأتي دور باقة الرعاية…

إذا كنت قد وصلت إلى هذه المرحلة، تهانينا! إنك لم تجذب انتباه الجهات الراعية وأثرت اهتمامها فيما قد تصبح شراكة طويلة الأمد فحسب، ولكن يمكنك الآن عرض الأسباب المذهلة التي قد تدفع أي مؤسسة لأن تصبح راعية لك. وهنا يأتي الدور المهم لباقة الرعاية.

تحتوي باقة الرعاية على ما تقدمه للرعاة فيما يخص:

  • المساحة الفعلية في أثناء إقامة معرضك (كشك، منضدة، مساحة...، إلخ.)
  • التغطية الإعلامية: هل لديك حضور قوي على وسائل التواصل الاجتماعي مع آلاف المتابعين؟ هل ستنشر بيانًا صحفيًّا يحمل أسماء الرعاة؟ هل تعمل على إطلاق حملة إعلانات رقمية أو مطبوعة؟ هل ستدرج شعارات الجهات الراعية في تلك الإعلانات؟ من الشخصيات الإعلامية التي ستغطي الفعاليات نفسها؟ إذا كانت لديك خطة إعلامية للمعرض أو الفعالية العلمية، فهذا هو الوقت المناسب لمشاركتها مع الرعاة.
  • إتاحة شرائح مختلفة للرعاية، مع عرض مجموعة متنوعة من الخيارات المتعلقة بتكلفة كل شريحة بالإضافة إلى المزايا التي يمكنك تقديمها لكل شريحة.
  • قدّم هدايا مجانية للرعاة: على سبيل المثال، إذا كنت تستضيف معرضًا علميًّا للأطفال، فيمكنك تقديم عدد من التذاكر المجانية لتكون تحت تصرف الراعي. ويمكنك أيضًا تقديم أكواد خصم مخصصة للجهة الراعية والعاملين بها.

 

 

مرحلة ما بعد الرعاية: هل انتهى عملك بعد؟

أخيرًا وليس آخرًا، تحتاج إلى إبقاء التواصل مفتوحًا مع الجهات الراعية طوال العملية برمتها. عليك أن تفكر في الرعاية وكأنها صفقة بيع. هل أنت على دراية بخدمة ما بعد البيع؟ اطلب من الرعاة ملاحظاتهم وآرائهم، وشارك معهم نتائج من الفعاليات، وكن صريحًا بشأن ما كان يمكن عمله بشكل أفضل وكيف تهدف إلى تلافيه في الفعاليات القادمة. كن ممتناً لحصولك على هذه الفرصة، وشارك خططك المستقبلية مع الرعاة، في حال رغبوا في العمل معك في مزيد من الفعاليات.

 


المصادر