مفتاح محتمل للتعلم في البشر والذكاء الاصطناعي


بقلم: نور هاني

 

اكتشف باحثون في دراسة حديثة أن تنوع خلايا الدماغ قد يحسن أداء الدماغ ويسرع عملية التعلم لدى كل من البشر والذكاء الاصطناعي.

 

     
  قبل أن ندخل في صلب الدراسة، دعونا أولاً نتعرف على مصطلح مهم: الخلايا العصبية، وهي مليارات الخلايا التي تعد وحدات أساسية في الجهاز العصبي والدماغ. هذه الخلايا مسؤولة عن إرسال الأوامر الحركية إلى عضلاتنا، وتلقي المدخلات الحسية من العالم الخارجي، وتحويل الإشارات الكهربائية وترحيلها في كل خطوة بين هذا وذاك. تربط شبكات عصبية واسعة هذه الخلايا وتسمح لنا بالتعلم. من بعيد، تبدو الخلايا العصبية متشابهة، ولكن إذا نظرنا عن كثب بما فيه الكفاية، فلن نجد خليتين عصبيتين متشابهتين تمامًا، مما يمنحهم أجواء تتشابه مع ندفة الثلج!  
     
 

في الذكاء الاصطناعي، كل خلية في الشبكة العصبية الاصطناعية (أساس تقنية الذكاء الاصطناعي) متطابقة؛ إلا أن اتصالها يختلف. بقدر ما يتضح مدى تقدم هذه التكنولوجيا وذكائها، إلا أنها لم تصل تمامًا إلى مستوى ذكاء دماغ بشري حقيقي. فهي لا تتعلم بالسرعة أو الدقة التي يتعلم بها البشر، مما جعل الباحثين يتكهنون بأن هذا يرجع إلى افتقارها إلى التباين الخلوي.

 

يقول المؤلف الرئيسي د. دان جودمان، قسم الهندسة الكهربائية والإلكترونية في إمبريال كوليدج: «لقد أعطانا التطور وظائف دماغية لا تصدق، معظمها بدأنا للتو في فهمه. وبحثنا يشير إلى أنه يمكننا تعلم دروس حيوية من علم الأحياء الخاص بنا لجعل الذكاء الاصطناعي يعمل بشكل أفضل بالنسبة إلينا».

 

 

وجدت الدراسة أنه عند تعديل الخصائص الكهربائية للخلايا الفردية في محاكات شبكات الدماغ، تعلمت هذه الشبكات بشكل أسرع من عمليات المحاكات باستخدام الخلايا المتطابقة. وعلاوة على ذلك، احتاجت الشبكات إلى عدد أقل من هذه الخلايا الفردية المعدلة للحصول على النتائج ذاتها. أيضًا، كانت الطريقة أقل استهلاكًا للطاقة، بينما في حالة الخلايا المتطابقة، كانت العكس.

يقول المؤلف الأول نيكولاس بيريز، طالب الدكتوراه في قسم الهندسة الكهربائية والإلكترونية في إمبريال كوليدج لندن: «يحتاج الدماغ إلى أن يكون موفرًا للطاقة بينما يظل قادرًا على التفوق في حل المهام المعقدة. ويشير عملنا إلى أن وجود مجموعة متنوعة من الخلايا العصبية في كل من العقول وأنظمة الذكاء الاصطناعي يفي بهذه المتطلبات ويمكن أن يعزز التعلم».

في الدراسة، ركز الباحثون بشكل أساسي على تعديل «ثابت الوقت»، وهو «مدى السرعة التي تقرر بها كل خلية ما تريد القيام به بناءً على ما تفعله الخلايا المتصلة بها». – المصدر ScienceDaily. فستنظر بعض هذه الخلايا فقط في ما فعلته الخلايا المتصلة للتو ثم تقرر ما تريد القيام به بسرعة كبيرة. ويمكن أن يكون تفاعل بعض الخلايا الأخرى أبطأ، لأن قرارها يعتمد على ما كانت تفعله الخلايا الأخرى لفترة من الوقت.

بعد تنوع الثوابت الزمنية للخلايا، كلف الباحثون الشبكة بأداء بعض مهام التعلم الآلي المعيارية: التعرف على الإيماءات البشرية، وتحديد الأرقام والأوامر المنطوقة، وتصنيف صور الملابس والأرقام المكتوبة بخط اليد.

عندما ظهرت النتائج، أظهرت أن الشبكة كانت أكثر قدرة على حل المهام في إعدادات أكثر واقعية ومعقدة عند السماح لها بدمج المعلومات البطيئة والسريعة. وعندما غيّر الباحثون مقدار التباين في شبكات المحاكاة، وجدوا أن تلك التي تحقق أفضل أداء تتطابق مع مقدار التباين الملحوظ في الدماغ. تشير هذه النتيجة إلى أن دماغنا البشري ربما تطور ليشمل المقدار الصحيح من التباين اللازم للتعلم الأمثل.

 

 

يمكن أن تعلمنا نتائج هذه الدراسة حول الأسباب الكامنة وراء مدى جودة أدمغتنا في التعلم. وقد تساعدنا أيضًا في بناء أنظمة ذكاء اصطناعي أفضل؛ حيث يمكن للمساعدين الرقميين التعرف على الوجوه والأصوات، أو يمكننا تطوير تقنية السيارة ذاتية القيادة. أضاف نيكولاس: «لقد أظهرنا أنه يمكن تقريب الذكاء الاصطناعي من كيفية عمل أدمغتنا من خلال محاكاة بعض خصائص الدماغ. ومع ذلك، فإن أنظمة الذكاء الاصطناعي الحالية بعيدة كل البعد عن تحقيق مستوى كفاءة الطاقة الذي نجده في الأنظمة البيولوجية. بعد ذلك، سننظر في كيفية تقليل استهلاك الطاقة لهذه الشبكات لتقريب شبكات الذكاء الاصطناعي من الأداء بكفاءة مثل الدماغ».

 

المراجع

www.sciencedaily.com

qbi.uq.edu.au