هل الذكاء الاصطناعي سيقتل الإبداع لدى الطلاب؟


بقلم: سهام الشريف

 

مع استمرار تقدم الذكاء الاصطناعي ودخوله في كثير من جوانب الحياة ومنها التعليم، يجدر بنا الاهتمام بمعرفة أثره في إبداع الطلاب. إذ أن الإبداع مهم لتعزيز مهارات التفكير النقدي والابتكار والقدرة على حل المشكلات والتعبير عن الذات. ولكن توجد بعض المخاوف من أن يحد الذكاء الاصطناعي من القدرات الإبداعية لدى الطلاب.

المؤيدون للذكاء الاصطناعي يرون أنه سيزيد من إبداع الطلاب لأنه يقدم لهم أدوات جديدة تساعدهم على الاستكشاف واستلهام الأفكار، مثل توليد الأفكار والحلول الجديدة للمشكلات المختلفة. بالإضافة إلى أنه سيتيح لهم أتمتة المهام التكرارية، مما سيوفر لهم وقتًا أكبر يمكن استغلاله في التفكير الإبداعي. ولكن يرى المعارضون، أنه إذا اعتمد الطالب اعتمادًا كليًا على الذكاء الاصطناعي؛ فيمكن أن يفقد قدرته على الإبداع والتفكير النقدي وإيجاد الأفكار الجديدة.

 

ما الذكاء الاصطناعي؟

يشير مصطلح الذكاء الاصطناعي إلى عملية محاكاة أنظمة الكمبيوتر للذكاء البشري، ويعد الذكاء الاصطناعي التوليدي من أهم أشكاله؛ إذ لديه القدرة على إنتاج النصوص والصور والموسيقى وغيرها. وتكمن أهمية الذكاء الاصطناعي في استخدامه في عديد من التطبيقات مثل أتمتة المهام وإنجاز المهام التكرارية بدقة مثل تحليل البيانات. وأصبح الآن الذكاء الاصطناعي جزءًا أساسيًا في كثير من الشركات العالمية.

ويستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي في مجال الصحة لتحليل البيانات الطبية بما ينعكس على تشخيص الأمراض بدقة وكفاءة. وفي مجال السيارات، تعتمد السيارات ذاتية القيادة على الذكاء الاصطناعي للسير في الطرق بأمان. وفي التعليم، يستخدم في تصحيح الاختبارات وإجراء التقييمات آليًا بهدف توفير وقت المعلم، كما يمكن استغلال النماذج اللغوية المختلفة مثل «تشات جي بي تي» Chat GPT و«بارد» Bard في إعداد المواد التعليمية المختلفة.

 

 

تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم

كما أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم له مميزاته التي تعود على المعلم والطالب، فإن له بعض العيوب، مثل أنه لا يستطيع أن يحل محل الإنسان في مشاعره وعواطفه اللازمة في عملية التعليم. بالإضافة إلى مشكلات التحيز والخصوصية وحماية البيانات. لذا يجب التعامل بحرص مع الذكاء الاصطناعي.

ومن أشهر أمثلة التطبيقات الذكاء الاصطناعي التعليمية:

  • التعلم الشخصي

من المعلوم أن لكل طالب نمطه الخاص للتعلم، ودرجة مختلفة من التحصيل؛ فكل طالب يحتاج إلى خطة درس مفصلة تناسب طريقة تعلمه ونمطه في التعلم. ولكن إذا أعد المعلم خطة درس لكل طالب فذلك صعب الحدوث لأنه سيتطلب منه وقتًا كبيرًا.

يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي تحديد نمط تعلم الطالب ومتابعة مستواه وتقديم اقتراحات تناسب كل طالب. كذلك يمكن التنبؤ بالنتائج، ومن ثم يعرف المعلم مدى نجاح خطته التعليمية، كما أنها تساعد على إعداد خطط الدروس والمواد المختلفة.

هذا ويمكن برمجة روبوتات للدردشة للرد على استفسارات الطلاب، وهذا ما نفذته جامعتا جورجيا تك وستافورد شاير.

  • التعلم التكيفي

وهو مناسب للتعلم عبر الإنترنت، ولديه القدرة على اختيار المصادر والأنشطة المناسبة تبعًا لاحتياج كل طالب وذلك عن طريق تحليل البيانات الخاصة بالأداء ووتيرة التعلم. فيتم تخصيص المواد المناسبة من أجل تحسين عملية التعلم وتوفير الوقت عن طريق عدم إضاعته في تكرار معلومات معروفة ولكن بالتركيز على الأجزاء الصعبة. ومثال على ذلك ما تفعله منصة «ديلونجو» Duolingo التي تتيح تعلم أكثر من 40 لغة.

  • التصحيح الآلي

تصحيح الاختبارات والمقالات والواجبات مع إعطاء الملاحظات بكل دقة. وهذا يوفر وقت المعلم ويضمن صحة النتائج، ويعطي تقييمًا للمعلم والطالب. ووفقًا لبحث علمي منشور، فإن مدرسة من كل أربع مدارس في الصين تستخدم منصة للتصحيح أو التقييم الآلي.

  • أنظمة التدريس الذكي

وهي أنظمة تجمع بين التعلم الشخصي والتعلم التكيفي، وتساعد الطالب على التعلم بالوتيرة التي يريدها. ومن التطبيقات التعليمية الأخرى إنتاج المحتوى التعليمي مثل الخطط الدراسية والمساعد الافتراضي وتحليل البيانات لتتبع مستوى أداء الطلاب.

 

 

أهمية الإبداع

الإبداع ضروري للتطوير الذاتي وتنمية شخصية الطالب؛ فهو ينمي استقلالية الفكر وحب التعلم والاستكشاف. كذلك يجعل العقل نشيطًا ومنفتحًا ومرونًا بحيث يغير من طرق التفكير ويستطيع اتخاذ قرارات بديلة. وكما يساعد الإبداع الطالب على النظر إلى الأمور نظرة مختلفة عند حل المشكلات، ويزيد من ثقته في النفس.

 

ضجة «تشات جي بي تي» Chat GPT

فور صدور «تشات جي بي تي» من شركة openAI في أواخر عام 2022، عُرف أن البرنامج يكتب مقالات رصينة من آلاف الكلمات في أي موضوع كان مجانًا. واتخذت بعض الولايات الأمريكية والأسترالية على إثره قرارًا بحجب موقع openAI من شبكات الإنترنت في المدارس، وحذرت بعض المؤسسات من استخدام الطلاب للبرنامج في الغش.

ولكن بعد ذلك، اتضح أن البرنامج يساعد المعلمين ويطور العملية التعليمية، وأن مشكلة الغش ليست من المعضلات الصعبة، بل يمكن تفاديها. وينصح التربويون بأن يغير المعلمون من طرق تقييمهم للطلاب، وأن يعلموهم كيفية تقييم ما تنتجه الآلة، وهذا يقوي لديهم مهارة التفكير النقدي.

يعد استخدام برامج الذكاء الاصطناعي مفيد في بدء حوارات مثمرة مع الطلاب عن طريق اعطائهم نماذج نصية مولدة ثم مناقشتهم في المعلومات المغلوطة والتحيز في بعض الأفكار.

 

 

برامج الذكاء الاصطناعي والإبداع

السؤال الذي يطرح نفسه: هل ما تنتجه برامج الذكاء الاصطناعي فيه شيء من الإبداع؟ وهل ستزيد من الإبداع البشري وبالأخص إبداع الطلاب أم ستحد منه؟

والإجابة هي أن ما تنتجه برامج الذكاء الاصطناعي –رغم أنها تلهم الإنسان بالكثير من الأفكار– مبني في الأساس على بيانات قديمة، وليس ى شيء جديد. لذلك إذا اعتمد الإنسان على برامج الذكاء الاصطناعي اعتمادًا كليًّا، ستتأثر قدرته على الإبداع. لذا يجب أن يبدأ الإنسان بفكرة جديدة ثم يستخدم الآلة، وكذلك يختبر ما تنتجه الآلة ويحسنه.

في النهاية، يتضح أن التعامل مع أي تقنية جديدة بالمنع أو الحجب ليس بالتعامل الصحيح. ولكن ما علينا فعله هو تطوير أنفسنا وتغيير طريقة تفكيرنا بما يسمح بتطويع الآلة لمصلحة رفاهية الإنسان.

 


المراجع