المنهج العلمي لكتاب «عادات ذرية»


بقلم: نهى رحال

إذا كنت تعتبر نفسك من مريدي «التنمية الذاتية»، فهناك احتمال كبير أنك سمعت عن كتاب «عادات ذرية» الذي صدر عام 2018 للأمريكي جيمس كلير. وإذا لم يكن الأمر كذلك، وكنت ترغب في بدء سنة جديدة بقرارات وخطط طموحة للمستقبل، فقد تحتاج إلى الاطلاع على هذا الكتاب الذي تصدّر قائمة نيويورك تايمز لأكثر الكتب مبيعًا، وترجم إلى أكثر من 50 لغة.

من المعروف عن معظم كتب التنمية الذاتية أنها تعتمد بشكل أساسي على التفكير الرغبوي أو خطابة مدربي التنمية البشرية؛ إلا أن الأمر يختلف في كتاب «عادات ذرية» الذي بيع منه أكثر من 50 مليون نسخة حول العالم. إذًا، ما الذي يجعل ذلك الكتاب مختلفًا بشكل كبير عن غيره من الكتب التي تتناول موضوعات مشابهة؟ أو قد نتساءل عن السبب وراء هذه الضجة. يدّعي المؤلف، جيمس كلير، أنه يستمد أفكاره الخاصة بتغيير السلوك من علم الأحياء، وعلم النفس، وعلم الأعصاب؛ هذا ويعتمد المؤلف بشكل كبير في كتابه على دراسات حالة من قصص واقعية وتجارب علمية مثبتة.

ببساطة، وبدون أي حرق للتفاصيل، يدور كتاب «عادات ذرية» حول كيفية إجراء تعديلات صغيرة على سلوكنا اليومي لتحقيق نتائج إيجابية دائمة. من خلال أربعة قوانين بسيطة لبناء العادات: اجعلها ظاهرة، واجعلها جذابة، واجعلها سهلة، واجعلها مُرضية، يعد كتاب «عادات ذرية» بمثابة دليل إرشادي للروتين اليومي الذي من شأنه أن يغير مسار حياة الفرد إلى الأفضل. ومع ذلك، فإن الكتاب لا يملي قوانينه فحسب، ولكن المؤلف يسترسل ليتعمق في مفاهيم أخرى مثيرة للاهتمام؛ مثل: أهمية قاعدة الواحد بالمائة، وكيف يمكن لبناء الأنظمة المناسبة أن يكون أفضل بكثير من خطوة تحديد الأهداف، وضرورة تغيير الهوية الشخصية بدلًا من التركيز على النتائج.

قاعدة الواحد بالمائة

هنا تأتي قوة العادات المركبة، والتي يمكن أن تسير في كلا الاتجاهين الإيجابي أو السلبي. فيزعم كلير أنه إذا تمكننا من تطوير ذاتنا بنسبة 1٪ بشكل يومي، فسوف ينتهي بنا الأمر إلى أن نكون أفضل بمقدار 37 مرة بانتهاء مدة التطوير الذاتي. ومع ذلك، إذا تدهور الوضع بنسبة 1٪ كل يوم، فستسوء حياتنا وذاتنا بنسبة كبيرة لتقارب الصفر. هذا ويتابع كلير قائلًا: «العادات هي العائد المركب لفوائد تطوير الذات». بقدر ما يبدو الأمر بسيطًا، إلا أن الالتزام اليومي بتطوير الذات قد يكون شاقًا للغاية؛ لأن العادات لا تُحدث بالضرورة فرقًا كبيرًا في أي يوم، بل تستغرق شهورًا أو حتى سنوات حتى تشعر بتأثير حقيقي. وبما أننا كبشر معتادون على النتائج السريعة والإشباع الفوري للاحتياجات، فإن تعهدنا اليومي بأن نكون أفضل قد يكون أمرًا مرهقًا.

انسَ الأهداف وركّز على الأنظمة

وفقًا لكلير، فإن الفائزين والخاسرين لديهم الأهداف نفسها، والتي تكون في الأساس تغييرًا لحظيًّا ومؤقتًا. على سبيل المثال، يمكنك الإقلاع عن التدخين لمدة يوم واحد، وهو هدف في حد ذاته، ولكن إذا عاودت مرة أخرى إلى عادة التدخين القديمة والمستمرة، فسوف ينتهي بك الأمر حيثما بدأت. إن تغيير العادة للحظة يؤدي إلى نتيجة مؤقتة؛ ولهذا السبب يعد تغيير النظام عاملًا أساسيًّا لتحقيق النتائج طويلة المدى. ويقول كلير: «إن الغرض من تحديد الأهداف هو الفوز باللعبة في النهاية. ولكن، الغرض من بناء الأنظمة ووضعها هو المواظبة على اللعب».

تغيير الهوية هو الرهان الفائز

تتناول هذه الفكرة الطبقات الثلاث لتغيير السلوك: الهوية والعمليات والنتائج. ووفقًا لكلير، فإن معظمنا يقع في فخ محاولة تغيير النتائج دون تأمل جوهر تغيير السلوك؛ أي الهوية. فيقول: «يتبلور الشكل النهائي للدوافع الجوهرية عندما تصبح العادة جزءًا من هويتنا». هنا، يشير ببساطة إلى أنه عندما نركز على النتائج، فإننا نسعى للوصول إلى حل مؤقت، ولكن عندما نركز على الهوية، فإننا نسعى وراء النظام. على سبيل المثال، إذا ركزت على فقدان الوزن، فمن المحتمل أنك ستتبع أنظمة غذائية عشوائية بشكل متقطع خلال رحلة طويلة لتجربة عديد من البدع المنتشرة لفقدان الوزن. ومع ذلك، إذا كنت ترى نفسك شخصًا حريصًا على الخيارات الصحية، فمن المحتمل أنك ستنتبه باستمرار إلى جميع القرارات الصغيرة التي تتخذها كل يوم. فمن الطبيعي حينئذٍ أن تتجنب الأطعمة السكرية، أو تدخن عددًا أقل من السجائر، أو تقلع عن عادة التدخين من الأساس، أو تشترك في صفوف التمارين الرياضية، وما إلى ذلك.

أربعة قوانين لبناء العادات

كما ذكرنا أعلاه، فإن كتاب «عادات ذرية» معروف على نطاق واسع بقوانينه الأربعة لبناء عادات مستدامة وصحية. وهي مصممة حول أربع مراحل: الإشارة والرغبة والاستجابة والمكافأة. في كتابه، يقدم كلير مثالًا عاديًا للغاية عن الشعور بالجوع (الإشارة) وكيف له أن يثير رغبتك في تناول نوع معين من الطعام، مما سيقودك إلى الاستجابة المتمثلة في طلب وجبة من مطعم معين وهو ما يؤدي بدوره إلى الإحساس النهائي بالمكافأة وإشباع الحاجة.

 


المراجع