كنزنا المجهول: الدموع!


بقلم: نور هاني

كم منَّا يعتبر الدموع أمرًا مسلمًا به؟ فنحن نذرف قطرات من المياه المالحة من عينينا بين حين وآخر، ولكن هل فكرنا من قبل حقًّا في دلالة تلك القطرات؟ في الواقع، بينما تقرأ هذا المقال الآن، تحتوي كلٌّ من عينيك على سبعة ميكرو-لترات من الدموع، أي ما يعادل عُشر قطرة مياه. والمياه المالحة التي لدينا تعمل عمل الدم المُصفى؛ فتوصل الأكسجين والعناصر الغذائية للعيون، وتشفي الجروح، وتزيل الفضلات، وتخدم كخط الدفاع الأول ضد الأمراض.

 

اختبار الدموع

يمكننا العثور على مختلف أنواع من الكيماويات الموجودة في الدم في الدموع أيضًا، وتعمل بعض تلك الكيماويات بمثابة علامات على وجود بعض الأمراض؛ على سبيل المثال: الإنزيمات التي تخبرنا باحتمال وجود مرض بالكبد، أو الجلوكوز الذي يشير إلى مرض السكري. تلك الأمراض وغيرها هي ما يدفع الأطباء إلى طلب إجراء اختبار دم؛ ولكن إذا كانت مؤشرات تلك الأمراض موجودة في الدموع بالفعل، فهذا يعني أنه في المستقبل القريب، سيتمكن الأطباء وكذلك الأفراد، في العثور على مؤشرات تلك الأمراض في الدموع بأنفسهم.

 

وداعًا للماموجرام

يمكننا العثور على مؤشرات كثير من الأمراض الأكثر شيوعًا وتدميرًا في الدموع، وتتضمن تلك الأمراض: مرض باركنسون، وداء السكري، والسرطان، والتليف الكيسي، والتصلب المتعدد. كذلك يعمل العلماء حاليًّا على إيجاد وسيلة لاستخدام تلك المؤشرات لتشخيص مرض الزهايمر.

عندما يتعلق الأمر بالأمراض المدمرة، يأتي سرطان الثدي في المقدمة؛ فعلى الرغم من كونه مرضًا قابلًا للشفاء إذا تم تشخيصه مبكرًا، يظل مصدر رعب لعديدين، خاصةً في أثناء عملية إجراء الفحوصات التشخيصية. ومؤخرًا، طُورت تكنولوجيا تدعى «تيرإكسو TearExo» للكشف عن سرطان الثدي باستخدام دموع المرضى، التي يجمعوها بأنفسهم. وهذا يسمح بالكشف المبكر عن الأورام الخبيثة بطريقة أفضل بكثير من تصوير الثدي بالأشعة السينية؛ كما يقلل أيضًا من تكلفة الفحوصاتٍ بشكلٍ كبير، فلا يحتاج المرضى إلا إلى تجميع دموعهم وتحديد أمراضهم ببساطة، سواءً بأنفسهم أو بمساعدة الطبيب.

من الممكن أيضًا أن يكون لاختبار الدموع تأثير على جائحة كوفيد-19؛ فيجرى هذا الاختبار عادةً عن طريق الدم، ولكن عثر على الحمض النووي الريبي لفيروس كورونا المستجد في الدموع أيضًا. يمكننا كذلك قياس الأجسام المضادة في الدموع، ما يعني أنه بإمكان أي شخص إجراء الفحص بالمنزل بنفسه؛ حيث لا يتضمن أي تدخل بالإبر.

ما تلك إلا البداية فقط في عالم واسع من الاحتمالات التي تقدمها لنا دموعنا.

 

المراجع

www.scientificamerican.com